حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 3699 - 2012 / 4 / 15 - 23:04
المحور:
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
الذكورية المتطرفة تفقد المرأة روح التحدى والصمود والثقة في النفس !
المرأة كائن بشري زرع فيه الله الحنان والمودة والرقة والكثير من الصفات الوراثية التي تستطيع من خلال تغير العالم. ــ فهي تتمتع بدهاء خلقي رباني وتعرف ماذا تريد وكيف تصل إلي ما تريد وتستخدم مواهبها في الحفاظ على أسرتها مقدمة مصلحتها على شؤونها الشخصية بإيثار شديد، وهذه هي بالضبط، الصفات هي التي يحتاجها اي سياسي ماهر- والتي للأسف، لا اعرف الكثير من بين سياسيينا العرب والمغاربة، ممن يتمتع بهذه الصفات لأنهم في مجمل تسرفاتهم يكررون نفس الأخطاء ولا يعرفون ماذا يريدون وفي النهاية لا يستخدمون مواهبهم إلا في الحفاظ علي مناصبهم ومصالحهم الشخصية- ومع ذلك لا ندمن إلا حكايات بيع المرأة لجسدها، ونتفنن في سرد قصص خطاياها وعلى رأسها جرم تسببها في طرد أب البشرية من جنة عدن، ولا نتذكر مع الأسف، الجرائم البشعة للرجال الذين يبيعون ضمائرهم وأقلامهم وأصواتهم لمن يدفع أكثر، وهى فى رأي العقلاء دعارة فكرية وفساد أخلاقى أشد اثرا وهدما للمجتمع من دعارة الجسد التي تلجأ إليها بعض المضطرات لإطعام صبيةٍ جوعهم تطرف دعاة التخلف والردة الاجتماعية, وأفقرهم غالو نظريات اللبرالية والعلمانية ، التي لا تعترف بأن وضع المرأة هو ميزان تقدم الشعوب والأمم والحضارات, وترفض استخدام النساء لعقولهن، وتحرم عليهن حرصهن على أن يكون لهن صوت ودور في شأن أمتهن داخل وخارج البيت، ولا تسمع لحجهن الدامغة، أو تعتبر بتظلمها العادلة، طالما هي مخالفة لظلمهم الذكوري المعتاد وساديتهم الامتلاكية الاستحواذية المقبولة ثقافيا، والتي قد لا يهم الكثير منهم منها النفع المادي بقدر ما يستهويهم امتلاك النساء والهيمنة عليهن فحسب، لكونهن مختلفات في ضعف أجسادهن ووجودهن للمتعة فقط، حسب ما ترسخ في التربية والذهنية الذكورية التي إذا لم يتحقق لها ذلك بالفرص الطبيعية العادلة فإنهم يسعون لتحقيقها من خلال ابتزازِها قسرًا منهن، ولو كانت مخالفة لما أباحه الشرع، مستغلين في ذلك قدراتهم الخارقة على لي أعناق النَصِوص الدينية المُتسامِحة، و إخضاع الأحكام والتشريعات، لتَفسيراتهم البَشَرية المتخلفة التي يركبون عليها بالحيلة في العبادات والمعاملات وَفقاِ للمَفاهيمِ المجتمعية المُعمّدة بالدِماء وَصَمتِ المؤسسات الرَسميّة، وَضبابيّة المواقِف القانونية وتخاذل التفسيرات التي لا يريد بها الذين لا يفكرون سوى فى أعضائهم التناسلية إلا تعكير حياة مجتمعنا والإخلال بقيم وموازين مجتمع القرن الحادى والعشرين والتي تشيع جرائم التربص الشرس بالنساء، ويجعلها تمضي بفي هُدوءٍ ومِن غيرِ جَلَبة، وحسب رغبة المفسرين الذكور وكأننا نعيش أزمة تفسير ديني واحتكاره ؟ أو أن الدين ما نزل إلا ليفسره الرجل لتعمل به المرأة في ظروف مشبعة بالجلافة والتربص الشرس بالذي يستحيل معه التعايش بين طرفين يخشي أحدهما الآخر، والمفارقة هي أن الطرق الأقوى المتمثل في الرجل-كما يعتقد الذكور- هو من يخاف الطرف الأضعف والناقص عقل ودين، والممثل بالنثى، من أن تسحب البساط من تحت اقدامه ، وتسلبه سلاح القوامة التى يتحكم به فى الكثير من دوي العقول الشاذة والآفاق الضيقة، باسم اسطورة "الذكورة الكاذبة" التي تُذَكِرُنا بِعُمقِ الجانِب المظلِمِ الذي رافَقَ الإنسان في مشوار التحول من الوثنيّة الجاهِليّة الهَمَجيّة الى السماويّة التنويريّة المَدَنيّة، والذي كان ولا زال يحرم فيه المرأة من أن يكون لها نصيب من التغيرات المحدودة التي تطرأت على المجتمعات، والتي ليسَ مُتوَقَعاً أن تتلاشى كمُمارَسة رَجعية أو أن تختفي من المجتمعات العَربية، سواء على المدى القريب ولا حتى على المدى المتوسط، لأنها مجتمعات المتمسكة بها بَطيئة في مُراجَعة النفس ولا تؤمن بشيء اسمه النَقدِ الذاتي، ويهون عليها تحميل غيرها مسؤوليات أخطائها، لأنه كما يقولون، ليس هناك أسهل من إلقاء المسؤولية على الآخرين ولومهم على أخطائنا، بخلاف غيرِنا من الأمم المتحضرة التي تخلصت من جهلها وتخلفها وأنانيتها، ووضعت لعالمها الواسع شروطا تصون كرامة الإنسان وتقر بالمساواة في القيم الإنسانية الأجدى من النظرة الدونية التعسفية للمرأة ودورها في الحياة، والأعدل من الممارسات الجائرة بحقها وحق مجتمعاتها المطأطئة الرؤؤس لأبشع اعراف جرائم الشرف البغيضة، ورأت أن العلاقة بين طرفي القضية "المرأة والرجل" سواء في الزواج أو خارجه، هي مؤسسة بين طرفين متساويين يضع كل منهما كافة إمكانياته لتطوير الحياة المشتركة بينهما ودعمها بالمال والوقت والاهتمام والرعاية والاحترام والعمل على تقدمها، لأن نجاح أحدهما يصبح بذلك لصالح المؤسسة، ويبني لها وللمجتمع الإنساني المجد والاستقرار والاستمرارية.. ويمكن الكثير من الإناث الغربيات من منافسة الذكور في مختلف الميادين ، ومختلف الوظائف والمهن، كالتدريس والطب والهندسة والتجارة والطيران والصحافة وغيرها، في الوقت الذي تعيش فيه الأنثى الشرقية، الجهل والعاطلة والخمول المفروض عنوة عليها، حيث لا عمل لها سوى طهي الطعام وتنظيف البيت والثرثرة والشجار مع الجارات والأطفال ، بدعوى أنها ربة بيت ، وما هي كذلك ، إذ هي وأمثالها مدمرات للبيوت ، لأنهن يربين أبناءهن على البلاهة والسذاجة والخرافة والجهل التي يسَلّحن به ابناءهن الذُكور بِكُلِ مَخالِبِ القَمعِ وأدواتِ التَسَلُّط من تفضيلٍ وتسهيلٍ وَتدليلٍ، وَيزرَعن في ارواحِ بناتِهن انكساراتِ الإمَاء وَهوانَ الجواري وَخُضوعَ العبيد، وَيلَقِنهُنَّ قاموساً سَميكاً من مُفردات الذُلّ والعُبودية والخضوع الذي يكرس قيم البداوة والهوس الجنسى فى أذهان الأطفال، رجال المستقبل ونسائه، إلى درجة تجعلهم ينفصلون عن العالم الحقيقي ويصبح همهم الأول والأخير هو ممارسة الجنس، الذي يكرس بدوره أمراضا فى عقول الرجال والنساء معا بسبب الفصل بين الجنسين وتحجيب المرأة وتغطيتها والحد من حريتها، كما قال الشاعر أحمد شوقي:
وإذا النساء نشأن في أمية .... رضع الرجال جهالة وخمولا.
الشيء الذي يجلب الكثير من جرائِمَ الشَرَفِ، بِعلنيتِها الفَظّة وَعربَدة احتفاليتها الَدموية التي ترافِقها كجُزءٍ مِنْ طَقس "غَسلِ العار" الذي بلغ فيه السخف الذكوري إلى الاستعانة بالملائكة الأخيار لتقليمِ انيابِ المرأة بلعنها طوال الليل، إذا هي اعتذرت عن تلبية حاجة زوجها الجنسية والذي، مع الأسف، تبنّت نفس المرأة وجهة نَظَرِ الرجال الذكورية المقيتة التي تبرهِنُ على مدى تَمسُكِها هي ذاتها بقوانين وشرائِع الغاب، وتقرها دون أن يخطر على بالها أن تتسائل عن موقف الملائكة الكرام من رفض الرجل تلبية رغبتها هي كزوجة، والتي لم يوضحه الحديث النبوي الذي يستشهدون به على توريط الملائكة الأجلاء في هذا الفعل الذي هو اشد وقعا من اعتذارها هي عن اشباع شبقية زوجها بتمكينه من نفسها لعلة من العلل.. وخاصة أنه يحل للرجل أن يملك نساء وجواري أخريات غيرها، أما هي فلا يسمح لها إلا به وحده ولا يحق لها معاشرة غيره، وإلا عد زنا يعاقب عليه الشرع بالرجم لأنها محصنة.
وفي الختام أضع تسُاءلا ملحا جدا هو: هل يا تُرى كانتْ "ثيميس" حاملةَ ميزان العدل الإغريقيةُ ضَريرةً حَقاً؟ وَهل كانتْ رَكيكةً الى َدَرَجة اعتبار هذا النوع من الجريمة -في مجتعاتنا المتخلفة طبعا- لَصيق بالإناث دونَ الذُكور يُستَهدَفُ فيها "جِنسٌ" بِعينِهِ ويُستثنى الآخر ، وتُكالُ فيها التُهَمُ جِزافاً على أساسِ الشَكْ الراجح والظُنون الغالِبة، وشهوة الامتلاك والاستحواذ والزعامة والنفوذ التي ترقى لحد الغرائزية..
حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟