أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - -انهيار المادة على نفسها- في معناه -الفيزيائي الفلسفي-!















المزيد.....

-انهيار المادة على نفسها- في معناه -الفيزيائي الفلسفي-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3689 - 2012 / 4 / 5 - 10:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من حادِث فيزيائي، يسمَّى "انهيار المادة على نفسها"، يَنْتُج "الثقب الأسود" Black hole؛ وهذا "الجسم (أو الظاهرة الكونية)" يكتنفه، أو يكتنف "فرضيته"، أو "فكرته"، كثيرٌ من الغموض، الذي يلفُّ، على وجه الخصوص، ماهيته وخواصه الفيزيائية الجوهرية.

ويُنْظَر إلى "الثقب الأسود"، المتأتِّي من انهيار مادة نجمٍ ضخم الكتلة على نفسها بعد، وبسبب، نفاد وقوده النووي، على أنَّه أبعد ما يمكن أنْ تَصِل إليه المادة (أو الكتلة) في انهيارها على نفسها؛ مع أنَّ مادة الكون كله، وبحسب فرضية "الانسحاق العظيم" Big crunch، يمكن أنْ تَصِل في انهيارها على نفسها إلى ذلك الشيء (الذي ليس كمثله شيء من الوجهة الفيزيائية، والمسمَّى "البيضة الكونية" التي منها وُلِد الكون على يديِّ "الانفجار العظيم" Big bang) الذي لا يَعْدِل، بماهيته وخواصه، "الثقب الأسود".

إنَّ "الثقب الأسود" هو "نهاية" مسار هذا الانهيار؛ وبنشوئه، ولنشوئه، تنهار الصِّلة الفيزيائية التي نَعْرِف بين ثلاثة أشياء هي "الكتلة" و"الحجم" و"الكثافة"؛ فهذا "الجسم"، وبحسب فرضيته، هو "المادة في كثافتها المُطْلَقَة"؛ وهذه "الكثافة (المُطْلَقَة)" تتأتَّى من "مادةٍ احتفظت بكتلتها، وانعدم حجمها"؛ وأحسبُ أنَّ خاصِّية "الكثافة المُطْلَقة" هي الخلل الأعظم في فرضية، أو نظرية، أو مفهوم، "الثقب الأسود"؛ وهذا الجسم ليس من دليل حاسم، نهائي، قاطع، حنى الآن، على وجوده، أو على وجوده بما يُوافِق فكرته الشائعة.

"المادة" يمكن أنْ تنهار على نفسها، ويجب أنْ تنهار ما أنْ تتهيَّأ لها، أو للكتلة، الشروط الفيزيائية لهذا الانهيار؛ لكنَّ هذا "الحادِث الفيزيائي"، أيْ حادِث انهيار المادة على نفسها، لم يُفْهَم، ولم يُفسَّر، بما يقيه شرور المنطق الميتافيزيقي في الفهم والتفسير.

إنَّ "الانهيار"، أو "حادِث الانهيار"، لا يمكن فهمه إلاَّ بما يُوافِق قانون "وحدة وصراع الضدَّين"؛ فـ "الانهيار" في وحدة لا انفصام فيها مع نقيضه؛ والطرفان في صراعٍ لا يتوقَّف. وهو، أيْ "الانهيار"، لا يَحْدُث، ولا يتأتَّى، إلاَّ من طريق التغلُّب على "نقيضه"، في الصراع، وبالصراع؛ فإنَّ قوى مضادة (مقاوِمة) للانهيار يجب أنْ تُغْلَب، وتُقْهَر، قبل، ومن أجل، حدوث الانهيار؛ فإذا حَدَثَ فينبغي لنا أنْ نفهم حدوثه على أنَّه احتفاظٌ، في الوقت نفسه، بهذه القوى؛ فليس من انهيار للمادة على نفسها لا يُنْتِج، ولا يُولِّد، في الوقت نفسه، قوى تقاوِمه، وتكبحه، وتَضاده.

وإذا أردتم دليلاً على صواب وجهة النظر الفلسفية هذه، فَلْتَنْظروا بعيون فيزيائية إلى مسار انهيار المادة على نفسها في نجمٍ ضخم الكتلة.

هذا الانهيار نراه في قَلْب (نواة) النجم على هيئة انكماش (أو تَقَلُّص) يعتريه؛ وهذا الانكماش يُفْهَم ويُفسَّر، فيزيائياً، على أنَّه عملٌ تؤدِّيه الجاذبية في مركز النجم.

هذا الانكماش (في مركز النجم) هو ما يهيِّئ الشروط الفيزيائية للاندماج النووي (لاندماج نوى ذرَّات الهيدروجين على وجه الخصوص) في باطن النجم؛ لكن هل يمكن أنْ نرى هذا الانكماش، مع عاقبته وهي الاندماج النووي، من غير أنْ نرى، في الوقت نفسه، قوى الضغط المضاد تَنْشَط وتَفْعَل فعلها، والذي هو كَبْح هذا الانكماش، ووقفه عند الحدِّ الذي بلغه، مع دَفْع النجم إلى "التمدُّد"، حتى إذا تمدَّد تهيِّأت الشروط الفيزيائية لاستئناف الانكماش في مركز النجم.

إنَّ "الانكماش" لحجم المادة في باطن النجم لا يمكن فهمه إلاَّ بصفة كونه المُنْتِج لأسباب "تمدُّد" النجم؛ وهذا "التمدُّد" لا يمكن فهمه هو أيضاً إلاَّ بصفة كونه المُنْتِج لأسباب "انكماش جديد".

وفي مسار انهيار مادة، أو كتلة، النجم على نفسها، بعد، وبسبب، نفاد الوقود الهيدروجيني أو النووي، في باطن النجم، نرى، وينبغي لنا أنْ نرى، ولادة "قوَّة جديدة مضادة للانهيار" هي القوَّة الكامنة في "المادة النيوترونية" المتأتية من اندماج مادتين هما "الإلكترونات" و"البروتونات"؛ وهذه المادة (النيوترونية) تَكْثُر وتتكاثر في قَلْب النجم حتى تَجْعَله (أيْ قَلْب النجم) نيوترونيِّ تماماً.

وثمَّة صلة سببية بين "كتلة" النجم و"ماهية (أو نوع)" الجسم الجديدة المنبثق من انهيار مادة النجم على نفسها؛ فالنجم ضخم الكتلة يأتي من طريق انهياره بـ "نجم نيوتروني"، أصغر حجماً، وأعظم كثافةً؛ أمَّا النجم الأعظم كتلةً فيأتي من طريق انهياره بـ "ثقب أسود"، أيْ بجسمٍ "عديم الحجم"، "مُطْلَق الكثافة"، على ما يزعم بعض القائلين بفرضيته أو نظريته.

و"الانهيار الأقصى" لمادة النجم (الأضخم كتلةً) على نفسها، والذي منه ينبثق "ثقب أسود" إنَّما يركِّز الجزء الأعظم من هذه المادة (أو من هذه الكتلة) في حيِّز (أو في حجم) هو الأصغر؛ و"الحجم الأصغر" لا يعني، ويجب ألاَّ يعني، "انعدام الحجم"، أو "انعدام أبعاد المكان الثلاثة".

وهذا "التركُّز الأعظم"، والمتأتِّي من "انهيار المادة (النجمية)" على نفسها، بعد، وبسبب، السيادة شبه المُطْلَقَة لجاذبية النجم، هو ما يُعلِّل ويُفسِّر ظاهرة تبخُّر "الثقب الأسود" بـ "إشعاع هاوكينج"؛ فـ "الثقب الأسود"، وبصفة كونه "التركُّز الأعظم" للمادة، هو الطريق إلى "تشتُّتها"؛ وإلاَّ ما معنى أنْ يَخْتَص "الثقب الأسود" فحسب بالعمل الذي من طريقه يتحوَّل "جسيم افتراضي" إلى "جسيم حقيقي"؟!

لقد افْتَرَض هاوكينج أنَّ جسيماً من جسيمين متضادين افتراضيين، ينبثقان من "الفراغ" Vacuum، على مقربة من "ثقب أسود"، أو في جواره، يسقط في هذه "البئر العميقة (أو التي لا نهاية لها عُمْقاً)"، فيَنْتَقِل نَزْرٌ من الطاقة من "الثقب الأسود" إلى الجسيم الافتراضي الآخر (المضاد) والذي بقي "منتظِراً" في خارج "أُفْق الحَدَث"، فيتحوَّل، من ثمَّ، إلى جسيم حقيقي (أي إلى جسيم له كتلة).

وهذا إنَّما يعني أنَّ "التشتُّت الأعظم" للمادة هو النهاية الحتمية لهذا "التركُّز الأعظم"، وكأنَّ "الثقب الأسود" لا يمكن فهمه وتفسيره إلاَّ على أنَّه الجسم الذي ينطوي، حتماً، على قوى مضادة لمبدأ وجوده؛ فـ "التركُّز الأعظم" للمادة فيه، و"الانحناء الأعظم" لـ "زمكانه"، إنَّما يتَّحِدان اتِّحاداً لا انفصام فيه، وفي ذاته، مع قوى مضادة لهما.

والمادة في انهيارها على نفسها لا بدَّ لها من أنْ تختلف بُنْيَةً وتكويناً ونوعاً وخواصَّ؛ ومع هذا الاختلاف تَظْهَر وتنشط قوى جديدة (في داخل الجسم المنهار) تقاوِم وتَكبح وتَضاد الانهيار؛ وعلى سبيل المثال أقول إنَّ انهيار مادة نجم ضخم الكتلة على نفسها لا بدَّ له من أنْ "يُكْرِه" الإلكترونات والبروتونات على الاندماج، فيتكوَّن مزيدٌ من النيوترونات؛ وفي آخر المطاف، تتحوَّل نواة النجم إلى مادة نيوترونية خالصة، فتَظْهَر وتَنْشَط، من ثمَّ، قوَّة جديدة تَكبح وتُوْقِف هذا الانهيار.

إنَّ "الانهيار" لا يأتي، ولا يَقَع، إلاَّ من طريق الصراع بين القوى الدافعة إليه والقوى التي تَدْفَع في الاتِّجاه المعاكِس والمضادة، أي في اتِّجاه تماسُك الجسم وتمدُّده؛ ولا يأتي، ولا يقع، إلاَّ بعد، وبفضل، تمخُّض هذا الصراع (الدائم) عن تَغلُّب "قوى الانهيار" على "القوى المضادة (لها)".

وينبغي لنا أنْ نفهم هذا "التغلُّب" على أنَّه ثنائية "النفي ـ الاحتفاظ"، فالقوى المضادة للانهيار، والتي غُلِبَت، أي ْ نُفِيَت، لا تزول، ولا تفنى، بالمعنى المُطْلَق، أو الميتافيزيقي؛ ذلك لأنَّ "الانهيار المتحقِّق"، أو "حادث الانهيار"، احتفظ بها، وحافظ عليها؛ فلا وجود البتَّة لأحد الضدين من دون الآخر. وهذا الذي غُلِبَ، ونُفي، واحْتُفِظ به في الوقت نفسه، هو الآن أقوى من ذي قبل، واشد بأساً؛ ولا يمكن التغلُّب عليه، مرَّة أخرى، إلاَّ بقوى أعظم من ذي قبل (ولعلَّ خير مثالٍ على ذلك هو أنَّ جسيماً كالإلكترون كلَّما سرَّعْتُه (أيْ زِدتَّ سرعته) اشتدت وعَظُمت صعوبة تسريعه (أي جَعْلِه أسرع).

وانهيار المادة على نفسها، ومهما عَظُم وتعاظم وتسارع، لن يبلغ أبداً "الخالِص" منه، أيْ "الانهيار الذي لا تشوبه، ولا تخالطه، أبداً قوى مضادة له"، في داخل الجسم المنهار نفسه؛ فإنَّ الانهيار الأعظم للمادة على نفسها، والذي يمثِّله "الثقب الأسود"، لا يخلو أبداً، وليس ممكناً أنْ يخلو، من ضديده؛ ولو خلا منه لَمَا "تبخَّر" أيُّ "ثقب أسود"؛ فهذا الجسم الذي تركَّزت فيه المادة أعظم تركُّز يظلُّ منطوياً على القوى المضادة لهذا التركُّز، والتي تَدْفع، في استمرار، في اتِّجاه تَشتُّت مادته، أي "تبخُّرها" عبر "إشعاع هاوكينج".

انهيار المادة على نفسها إنَّما هو "الجاذبية في اشتدادها وتعاظمها"؛ وهذه "الجاذبية" إنَّما هي "النتيجة الحتمية لانحناء (ولاشتداد انحناء) المكان (في الجسم، وحول الجسم، المنهار على نفسه)".

ويمكن تشبيه عمل الجاذبية في داخل النجم ضخم الكتلة بقوَّة تُواظِب على "تجفيف مصادِر المقاوَمة والقوى المضادة لها"؛ فهي ما أنْ تشتد حتى تأتي بما يقاومها، فتَفْتِك به، فتشتدُّ أكثر، فتأتي بمقاوِم جديد (لها) أقوى من القديم، فتَفْتِك به؛ وتستمر في عملها هذا حتى تسود سيادة شبه مُطْلَقة (وأقول "شبه مُطْلَقة"، ولا أقول "مُطْلَقة"؛ لأنَّ "رحمها" لا يخلو أبداً من "ضديدها").

و"الجاذبية" لا بدَّ لها من أنْ تتأثَّر هي نفسها بشَرِّ عملها، أي بـ "الانهيار" الذي أنْتَجَتْه ونَمَّتْهُ؛ وهذا التأثُّر الحتمي إنَّما هو ثنائية "الثابت ـ المتغيِّر"؛ و"الثابت" هو "الجاذبية الكتلية"، أيْ "تَناسُب الجاذبية والكتلة".

وفي مثال توضيحي نقول لو أنَّ مادة، أو كتلة، الشمس انهارت على نفسها، فتحوَّل هذا النجم (على استحالة حدوث هذا الأمر من وجهة نظر فيزيائية) إلى "ثقب أسود"، فإنَّ "حقل الجاذبية الشمسية" لن يتأثَّر؛ لأنَّه يَتْبَع "كتلة" الشمس، والتي لم تَزِدْ، ولم تَنْقُص، ولا يَتْبَع "كثافتها"؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ كوكب الأرض، مثلاً، يظل يدور حول "الشمس التي تحوَّلت إلى ثقب أسود" في المدار نفسه؛ لكن المسافة بين هذا المدار وبين "سطح الشمس التي تحوَّلت إلى ثقب أسود" تتَّسِع، وتتَّسِع كثيراً؛ ذلك لأنَّ نصف قطر الجسم الجديد، أيْ "الثقب الأسود"، لن يزيد (طولاً) عن 3 كم؛ فمعظم نصف قطر الشمس تحوَّل إلى "فضاء (أو فراغ) إضافي"، فزاد، من ثمَّ، بُعْد كوكب الأرض عن "الشمس التي تحوَّلت إلى ثقب أسود".

لكنَّ "الجاذبية السطحية الجديدة"، أيْ الجاذبية عند "سطح" هذا "الثقب الأسود"، أو عند الحدِّ المسمَّى "أُفْق الحدث"، هي التي تتغيَّر؛ لأنَّها تَتْبَع "الكثافة"، ولا تَتْبَع "الكتلة".

إنَّكَ تستطيع أنْ تَسْقُط سقوطاً حُرَّاً (متسارِعاً) نحو هذا "السطح"؛ فإذا تعدَّيته إلى "المركز" فلن تتمكَّن أبداً من العودة، أو المغادَرة؛ لأنَّ سرعة الإفلات من قبضة جاذبيته تزيد عن سرعة الضوء؛ فإذا سَقَطَّتَ في جوفه فإنَّ كتلة جسمكَ لن تُحْدِث أي تغيير في ماهية وخواص "الثقب الأسود"؛ لكنَّها، ومن الوجهة النظرية الصرف، تَجْعَل هذا الجسم أكبر حجماً، أيْ تَزيد (ولو زيادة لا تُذْكَر) طول نصف قطره، وتُبْطئ (ولو إبطاءً لا يُذْكَر) تبخُّره (بإشعاع هاوكينج).

كتلتك تظل هي نفسها؛ لكنَّ مادة جسمك تتغيَّر في جوف "الثقب الأسود"؛ فإنَّ جزيئات وذرَّات وبروتونات ونيوترونات وإلكترونات وكواركات.. جسدك تٌسْحَق؛ فلا وجود لهذه الأنواع من المادة في داخل "الثقب الأسود".

لِتَتَخَيَّل أنَّك الآن ضِمْن حقل الجاذبية لـ "ثقب أسود" ضخم، أي طويل نصف القطر. إنَّك، في هذه الحال، ضِمْن فضاء يشبه المُنْحَدَر الحاد، تَسْقُط فيه سقوطاً حُرَّاً (وتزداد سرعة سقوطك، من ثمَّ، كل ثانية).

أنتَ الآن أصبحت على مقربة من "الحدِّ الخارجي (أُفْق الحدث)" لهذا "الثقب"؛ فَلْتَفْتَرِض أنَّ قدميكَ هما الأقرب إلى هذا "الحدِّ" من رأسكَ.

قدماكَ تُشَدَّان إلى "الثقب"، ورأسكَ أيضاً؛ لكن قدميكَ تُشدَّان بقوَّة أعظم، فيستطيل نصفكَ الأسفل أكثر من نصفكَ الأعلى.

في أثناء سقوطكَ نحو "الحدِّ الخارجي"، يظل الزمن عندكَ، ومن وجهة نظرك أنت، يسير سيراً عادياً؛ أمَّا الذي يراقبكَ من الأعلى، أو من على سطح كوكب الأرض مثلاً، فيرى سَيْر الزمن عندكَ يتباطأ؛ فكلَّما اقتربتَ من هذا "الحد" عَظُم بطء الزمن لديك (من وجهة نظر هذا المراقب). المراقِب نفسه يرى أيضاً أنَّ سرعة سقوطكَ تتضاءل مع اقترابكَ من هذا "الحد".

أنتَ الآن توشِك أنْ تجتاز هذا "الحد" نحو "المركز" من "الثقب الأسود"؛ وهذا المشهد الذي يراه المراقب الخارجي هو المشهد الأخير؛ لأنَّ الزمن عندكَ، ومن وجهة نظره، "يتجمَّد"؛ وهذا إنَّما يعني، نظرياً، أنَّ هذا المراقب يظل يرى هذا المشهد زمناً لا نهاية له؛ مع أنَّكَ اجْتَزْتَ هذا "الحد"، وسقطتَ في جوف "الثقب الأسود"، في بضع ثوانٍ، بحسب ساعتكَ أنت.

ولو قرَّرت العودة إلى كوكب الأرض قبيل اجتيازك هذا "الحد"، أيْ قبيل سقوطكَ في قلب "الثقب الأسود"، فإنَّك ترى الأرض، عند عودتكَ إليها، وقد مرَّ عليها زمن طويل جداً (مئات الملايين من السنين مثلاً). أمَّا عُمْرك أنتَ فَلَمْ يَزِدْ في هذه الرحلة كلها إلاَّ بضع سنوات مثلاً.

المادة، أو الأجسام، في مَيْلها (الدائم والطبيعي) إلى الانهيار على نفسها تشبه كُراتٍ موضوعة على سطحٍ أملس ناعم، كلَّما أَمَلْتَهُ، أيْ جَعَلْتَه مائلاً، اشتدَّ مَيْل الكرات جميعاً إلى السقوط؛ لكنَّ كل كُرَةٍ من هذه الكُرات مربوطة بخيط تُشدُّ به في الاتِّجاه المعاكِس، أيْ إلى أعلى؛ وجَعْلُ هذا السطح مائلاً أكثر إنَّما هو كناية عن اشتداد انحناء المكان أو الفضاء.

إنَّ مَيْل المادة إلى الانهيار على نفسها (وإلى أنْ تتركَّز في حيِّزٍ أصغر وأصغر وأصغر..) لا ينفصل أبداً عن ميلها الآخر المضاد، ألا وهو ميْلها إلى الانتشار والتشتُّت والتبعثُر.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا تغدو -الديمقراطية- نفياً ل -الوجود القومي العربي-!
- الثورة المأزوم عليها.. و-الفوضى الخنَّاقة-!
- -الإخوان- الديمقراطيون!
- -إخوان- مصر ولعبة -الشَّاطِر-!
- يوم الأرض والقدس في مناخ -الربيع العربي-!
- -النَّظرية- من وجهة نَظَر جدلية
- Arab Idol
- الحكيم لافروف!
- في أيِّ مسارٍ تُسيَّر -قضية الهاشمي-؟!
- ظاهرة -مَنْ يَرْميني بالثَّلْج أرْميه بالنار-!
- -الإعلام- و-الصراع في سورية-!
- بريد الرئيس!
- سفَّاح الشَّام!
- في فِقْه -المؤامَرة-!
- -يوم المرأة العالمي- في -عالَم الرَّجُل-!
- نشكر أوباما.. ونهنِّئ الشعب السوري!
- -الربيع العربي- يَطْلُب مزيداً من -الرُّوح القومية-!
- هل يَثِق نتنياهو ب -تَعَهُّد- أوباما؟
- مصر التي طُعِنَت في كرامتها!
- نيوتن في -استنتاجه الخاطئ-!


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - -انهيار المادة على نفسها- في معناه -الفيزيائي الفلسفي-!