أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - بريد الرئيس!














المزيد.....

بريد الرئيس!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3670 - 2012 / 3 / 17 - 15:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الكذب، كل الكذب، لـ "الشعب"؛ والحقيقة، كل الحقيقة، لـ "الرئيس"؛ فهذا ما شَدَّ انتباهي إذ اطَّلَعْتُ على جزءٍ من الرسائل المتبادلة بين الرئيس السوري بشار الأسد وبعض المُقَرَّبين له، والتي "سُرِّبَت" من بريده الإلكتروني (الشخصي، والذي لا يُراسله عبره إلاَّ مجموعة صغيرة من المُقَرَّبين له) إلى وسائل إعلام غربية وعربية، بعد مرورها (ربَّما) بأجهزة أمنية (أجنبية).

هؤلاء المُقَرَّبون للرئيس بشار هُمْ من الأشخاص الأكثر تأثيراً بعقل الرئيس وتفكيره، وبحاستيِّ السمع والبصر لديه، فَهُمْ نافذته (مع نوافذ أخرى) إلى العالَم الخارجي، أيْ العالَم الذي يَقَع في خارج مكتبه.

يَنْقُلون إليه، في استمرار، وسريعاً، كل معلومة وقَفوا عليها، واستشعروا أهميتها، واعتقدوا بصدقيتها، ولو أحسَّ متلقِّيها، أيْ الرئيس، بمرارة مذاقها، ولم تَقَع من نفسه موقعاً حسناً؛ فضرورات الحُكْم، والتي منها، وفي مقدَّمها، "المعلومة" التي تَتَّسِع لـ "الحقائق الموضوعية" مهما كانت "معادية"، تبيح المحظورات؛ وعلى كل هؤلاء المتوفِّرين على "إعلام" الرئيس، بما يجعله "عليماً"، أنْ يحرصوا كل الحرص على "الموضوعية (والنزاهة)" في عملهم "الإعلامي" هذا، والذي لن يكون مفيداً للرئيس، وبصفة كونه "صانع القرار"، إلاَّ إذا كان نقيضاً للإعلام الرسمي الذي يخاطِب الشعب، مُحْدِقاً بأبصار وأسماع وعقول المواطنين.

الرئيس، ولجهة صلته بـ "الحقيقة"، أو بـ "المعلومة الصادقة"، يُمثِّل تناقُضاً، أحد طرفيه هو "العداء لها (أي للحقيقة والمعلومة الصادقة)"، والآخر هو التصالُح والتحالف معها؛ فالحُكم، الذي هو في أصله ثمرة اغتصاب للسلطة ممَّن يحقُّ لها مزاولتها، وهو "الشعب"، لا تقوم له قائمة، ولا يستمر، ويتوطَّد، إلاَّ بمدِّ "الرئيس" بالحقيقة الموضوعية، والمعلومة الصادقة، وبحجب هذه وتلك، في الوقت نفسه، عن "الشعب"، الذي "يحقُّ له" الإطِّلاع، عبر وسائل الإعلام الرسمية، على ما لـ "الرئيس" مصلحة في إطْلاعه عليه من أُمور؛ وهذا "الإطْلاع" هو، على وجه العموم، حَمْلَة إعلامية مدروسة ومنظَّمة لـ "احتلال" عقول وأبصار وأسماع المواطنين بالمعلومة المغشوشة والكاذبة والمضلِّلة؛ فـ "النَّقْد الحقيقي"، والذي هو كناية عن "المعلومة الصادقة"، لـ "الرئيس"، "صانع القرار"؛ و"النَّقْد المزوَّر"، والذي هو كناية عن "المعلومة المغشوشة"، لـ "الشعب"، الممتَثِل لـ "القرار".

والرئيس "العليم" يجب أنْ يبدو، في الوقت نفسه، صاحب رأيٍ، يُحْسِن فَهْم الأمور، وتفسيرها، مُدْرِكٌ خباياها وخفاياها، ويستطيع تَصوُّر وطَرْح "الحلول"، على ألاَّ يتبادر إلى أذهان مستمعيه من شركائه في الحكم، في أثناء الاجتماعات التي يعقدها معهم للتداول في ما يجب عمله وفعله وتقريره، أنَّ ما يُدْلي به "الرئيس" من آراء ووجهات نظر ومقترحات وحلول.. ليس من عنده؛ فـ "الرئيس" يجب أنْ يبدو، حتى لأقرب المُقَرَّبين له، "العليم" و"المُعلِّم" معاً.

ولا بدَّ لـ "مراسليه (من مُخْتَلَف الاختصاصات والاهتمامات)"، من ثمَّ، من أنْ يُشيروا عليه، ويرشدوه، وينصحوه، ويزوِّده أفكاراً وحلولاً ومقترحات..؛ وفي سبيل ذلك، يُضحِّي "الرئيس" بشيءٍ من كبريائه، فيسمح لهم بأنْ يخاطبوه قائلين: "افْعَلْ هذا، ولا تَفْعَلْ ذاك"؛ كما يسمح لهم (ما دامت تأدية المهمَّة على خير وجه تقتضي ذلك) بأنْ يتطاولوا (في رسائلهم) على شركائه الرسميين في الحُكْم، كنائبه الذي نَعَتَتْهُ إحداهُنَّ بـ "المهزوم".

ولَكَمْ دُهِشْتُ عندما رأيْتُ اقتراحاً لأحد مراسلي "الرئيس" يتحوَّل، سريعاً، إلى "قرار رسمي (رئاسي، أو غير رئاسي)"، ويشقُّ طريقه إلى التنفيذ سريعاً أيضاً؛ فأنتَ يكفي أنْ تحظى بالثِّقة الشخصية لـ "الرئيس"، وتَعْرِف كيف تؤثِّر بسمعه وبصره وتفكيره، حتى تغدو صانعاً للأحداث من وراء ستار، أيْ عَبْر الرئيس وقراره.

لكنَّ "الرئيس"، ومهما عَظُم شأنه وسلطانه، لا يستطيع تجاهُل شركائه الكبار في السلطة، فيشاورهم في الأمر؛ لأنَّ أمرهم شورى بينهم؛ وبعدما يتواضعون على الأمر، الذي فيه تتموضع وتكمن مصالحهم هُمْ أوَّلاً، يُشْرِكون (أو قد يُشْرِكون) فيه إشراكاً شكلياً صرفاً هيئات الحُكْم الرسمية كالحكومة ومجلس "ممثِّلي الشعب"، فـ "الشرعية (ولو كانت شكلية)" يحتاج إليها حتى ألد أعدائها.

أمَّا ما أدْهَشَني وحيَّرني أكثر فهو "الرداءة"؛ فإنَّ هؤلاء "المراسلين"، و"المُشيرين"، و"الناصحين"، و"المقترِحين"، والقائلين "افْعَلْ، ولا تَفْعَلْ"، هُمْ مِمَّن يُعانون نقصاً في الذكاء، وضآلةً في الثقافة والوعي، وركاكةً في لغة الرسالة، وضَعْفاً في أسلوبها الفَنِّي؛ فَقُلْ لي مَنْ هَمْ مستشاروك، أقُلْ لكَ مَنْ أنتَ"!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سفَّاح الشَّام!
- في فِقْه -المؤامَرة-!
- -يوم المرأة العالمي- في -عالَم الرَّجُل-!
- نشكر أوباما.. ونهنِّئ الشعب السوري!
- -الربيع العربي- يَطْلُب مزيداً من -الرُّوح القومية-!
- هل يَثِق نتنياهو ب -تَعَهُّد- أوباما؟
- مصر التي طُعِنَت في كرامتها!
- نيوتن في -استنتاجه الخاطئ-!
- هذا الخلل المنطقي في مفهوم -النقطة الكونية-!
- هذا -الثقب- في مجرَّتنا!
- من وحي -دستور بشَّار-!
- رسالة -تونس-!
- سؤالٌ تثيره نظرية -الثقب الأسود-!
- شيءٌ من الجدل!
- لماذا غابت -فلسطين- عن إعلام -الربيع العربي-؟
- -الفاسِد- فولف!
- -النسبي- و-المُطْلَق- في -النسبية-
- -التمويل الأجنبي- مَصْدَر إفساد ل -الربيع العربي-!
- خصوصية الصراع في سورية!
- منعطف مصر التاريخي!


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - بريد الرئيس!