سرعان ما اصبح الربيع العربي خريفا

محمود فنون

الحوار المتمدن-العدد: 3686 - 2012 / 4 / 2 - 02:23
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

لقد عاصر من هم بعمري ثورات منتصرة واكاد اذكر انتصار ثورة كوبا على باتيستا ,وثورة الجزائر على الاستعمار الاستيطاني الفرنسي ,واتذكر الانقلابات العسكرية ضد الحكام الرجعيين في البلاد العربية ,ثم اتذكر جيدا جدا هزيمة 1967 م وفي ذات السنة وبعد اشهر انتصرت ثورة جنوب اليمن المحتل ضد الانجليز حيث تمكنت الثورة من طردهم شر طردة ,واتذكر انتصار حزب أليندي في تشيلي حيث قيل عن الانتقال السلمي للاشتراكية ثم انتصار ثورة فيتنام وتوحيد شطريها وانتصار الثورات التحررية في جنوب شرق اسيا ...
ان الجامع بينهما جميعا هو ان البلاد كانت تنتقل من حالة الى حالة, انتقال جذريا يقطع مع المرحلة السابقة وتبدأ في البلاد حياة اقتصادية اجتماعية جديدة وتحقق الجماهير المنتصرة مكاسب ملموسة عما كان في الوضع السابق .
القيادة الجديدة جديدة فعلا:

ان من اهم الميزات البارزة للعيان في هذه الثورات انها كانت تسحق المجموعات الحاكمة القديمة والطبقات الحاكمة القد يمة ولم تكن تكتفي بتغيير الوجوه والاشخاص بل تتغير الملامح الطبقية للقيادة وتظهر قيادات من مواقع طبقية وسياسية جديدة تقود البلاد نحو التغيير والتقدم

تغيرت الوجوه فقط للقيادة في البلاد العربية :

بينما في البلاد العربية : تغيرت الوجوه فقط ,تغير الممثلون السياسيون لذات الطبقات الحاكمة وبقيت الطبقات الحاكمة كما هي كما في مصر وتونس وليبيا ,وتعمق الاتجاه الرجعي المحافظ ليعمق التوجهات الرجعية والمحافظة على غير ما استهدفت الجماهير الثائرة التي عانت من التخلف والظلم السياسي والاضطهاد الطبقي والاستغلال بكل اشكاله.وفي اليمن وبعد هذه الثورة الجماهيرية العارمة والشجاعة تمكنوا من الاوول الى التسليم السلمي للسلطة من خلال نائب الرئيس ووضعوا عملية التغيير على السكة التي تحمي مصالحهم
اما في سوريا فالمقصود تغيير الطبقات الحاكمة بطبقات رجعية مرتبطة بالامبريالية والغرب الاستعماري وذبح سوريا من الوريد الى الوريد وتسليمها جاهزة للنفوذ الاستعماري الذي بدوره يسلمها مقاولة لأدوات حكم تضمن له مصالحه كما هو الحاصل في مصر حاليا .

امريكا تفوز :

سبق وان صرح قادة امريكا بشكل متكرر انهم قد تمكنوا من السيطرة على الربيع العربي.فهم فعلا ومن خلال الجيش التونسي والعديد من الشخصيات قد تمكنوا من حصر الحركة والتحكم بسقفها وبعملية التغيير ,وحصلوا على نفس النتيجة من خلال الجيش المصري الذي انقلب على مبارك وسيطر على اتجاه الحركة وساهم في اخماد الثورة وهم وراء تشكيل المجلس الوطني في ليبيا والذي تمكن من الاستيلاء على قيادة الثورة وتحويلها تحويلا رجعيا ووضع مصير الدولة الليبية موضع استفهام ,وفي اليمن نجحوا في تسليم السلطة لنائب الرئيس ,وهم وراء تشكيل المجلس الوطني السوري .

لقد اندلعت الثورات بهدف القضاء على الديكتاتوريات وانتفاضا على الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية المزرية وانتصارا للكرامة المستباحة ومن اجل الديموقراطية ,وعلى هذا نزلت الجماهير في الشوارع وتحملت اشكال القمع والفتك والضحايا من شهداء وجرحى .
ولكن الثورات كانت يتيمة قياديا مما سهل على امريكا ومن خلال الدول الرجعية المتعاونة معها وخاصة قطر وتركيا ان تتعاون مع الرجعيات المحلية وتنصب قيادات على مقاسها وتتلاعب بمصير الثورات ومصير الجماهير الثائرة وبأهدافها وشعاراتها بعد ان تماهت معها ثم ادارت لها ظهرها .
ان الحراك الشعبي الآن في معظم البلدان العربية تحت سيطرة قيادات غير امينة على اهداف الجماهير

لقد تعاونت الدول الرجعية العربية مع الطبقات الرجعية ومع العملاء بقيادة وتوجيه الامريكان ,وتمكنوا من خلال التفاهمات مع التيارات الدينية بعد ان دجنوا قياداتها ,تمكنوا من السيطرة على مسار الربيع العربي و تدجينه بحيث اصبح تحت السيطرة ليس من خلال الجماهير الثائرة بل من خلال الحكام العرب والقيادات الرجعية المحلية والاعوان من كل شاكلة وطراز في ظل غياب قيادات صلبة على مستوى الحراك الشعبي الذي انطلق من عقاله .ومن خلال اللعب الانتخابية المدعومة بالبترودولار ,يتم تصنيع الاطر القيادية الجديدة
لتدخل البلاد العربية في مرحلة اشد رجعية مما كان واخطر كثيرا مما كان .ان الاخطر هو استسلام القيادات الجديدة لواقع السيطرة الاستعمارية وواقع احتلال فلسطين

#محمود_فنون (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل