أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - دستور سنة 23 وموقف الليبراليين المصريين















المزيد.....

دستور سنة 23 وموقف الليبراليين المصريين


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3680 - 2012 / 3 / 27 - 08:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



تضمّن دستور1923العديد من المواد المُدعّمة للدولة الحديثة مثل المادة رقم (1) التى نصّتْ على ((مصردولة ذات سيادة وهى حرة مستقلة)) والمادة رقم (3) التى نصّتْ على ((المصريون لدى القانون سواء. وهم متساوون فى التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة. لاتمييزبينهم فى ذلك بسبب الأصل أواللغة أوالدين)) والمادة رقم (4) ونصّتْ على ((الحرية الشخصية مكفولة)) والمادة رقم (12) ونصّتْ على ((حرية الاعتقاد مطلقة)) والمادة رقم (15) ونصّتْ على ((الصحافة حرة فى حدود القانون . والرقابة على الصحف محظورة . وإنذارالصحف أووقفها أوإلغاؤها بالطريق الإدارى محظور)) والمادة رقم (20) ونصّتْ على ((للمصريين حق الاجتماع فى هدوء وسكينة غيرحاملين سلاحًا . وليس لأحد من رجال البوليس أنْ يحضراجتماعهم ولاحاجة بهم إلى إشعاره)) والمادة رقم (22) ونصّتْ على ((جميع السلطات مصدرها الأمة)) (عبدالرحمن الرافعى- فى أعقاب الثورة المصرية- مكتبة النهضة المصرية- عام 1947- من ص310- 327)
رغم هذه المواد الصريحة المُدعّمة لترسيخ دعائم دولة عصرية ، وتواكب التطورالدستورى والسياسى فى الأنظمة الليبرالية ، فإنّ الليبراليين المصريين انتقدوا الدستور((لما فيه من عيوب ونقص وتناقض)) وركزوا هجومهم على المادة رقم (149) التى نصّتْ على ((الإسلام دين الدولة)) ومع ملاحظة أنّ تلك المادة جاءتْ فى ذيل مواد الدستورالمكون من 169مادة .
المادة رقم (149) فرضها التيارالأصولى المُعادى للعصرنة. ولم يستسلم التيارالليبرالى ، إذْ بينما كانت مواد الدستورمجرد (مشروع) أى قبل أنْ يُعتمد الدستوررسميًا للعمل بمقتضاه ، كتب محمود عزمى مقالافى صحيفة (الاستقلال- عدد 22/9/1922) بعنوان (العقيدة الدينية فى لجنة الدستور) قال فيه ((إنّ ذلك النص المُقرّرللدولة دينًا رسميًا هوذلك الذى يُريد أنْ يستغله أصحاب الآراء العتيقة. وهوالذى سيجرعلى البلاد ارتباكـًا قد ينقلب إلى شرمستطير)) وطالب البعض أمثال الشيخ (شاكر) نتيجة ذلك النص بضرورة اشتمال مواد الدستوربما يجعل أحكام الدين هى المُتفوّقة على كل تشريع فكتب محمود عزمى ((وبالتالى سيأتى وقت على سكان مصرفى هذا القرن العشرين فتـُقطع الأيدى والأرجل من خلاف والرجم بالحجارة ويكون السن بالسن والعين بالعين. نحن نـُلفت النظروسنستمرعلى لفت النظرإلى الخطرالمُحدق الذى يجيىء عن طريق ذلك النص)) وبعد أنْ صدرالدستورواصل محمود عزمى (ذلك المفكرالمصرى الشجاع) دفاعه عن الأمة المصرية التى يجب أنْ تكون ليبرالية الفكروالسياسة ، فكتب أنّ الدستورجاء هجينـًا يجمع بين الشىء ونقيضه. فالأمة مصدرالسلطات ، والملك له الحق مع المجلس النيابى فى التشريع ، ويُوازن بين سلطة الملك الأوتوقراطية وبين سلطة الأمة ذات المضمون الديمقراطى . وينص على أنّ حرية الاعتقاد مُطلقة وفى نفس الوقت ينص على أنّ الإسلام هوالدين الرسمى للدولة. وهكذا أصبحتْ البلاد فى مفترق الطرق. وأصبح الدستورفضفاضًا ويسهل تأويله على أوجه عدة.
أما عميد الثقافة المصرية (طاها حسين) فبالرغم من وعيه بأنّ الأصوليين مُتربصون له ، خصوصًا بعد معركة كتابه (فى الشعرالجاهلى) عام 26فإنه امتلك شجاعة الكتابة فى مجلة الحديث عدد أمشير/ فبراير27فقال ((لستُ أرضى عن هذا الدستورالرضا كله. ففيه نقص وفيه تشويه وفيه نصوص لابد من تغييرها)) ثم هاجم الذين صاغوا مواد الدستورهجومًا عنيفـًا بسبب المادة التى نصّتْ على أنّ الإسلام دين الدولة. وببصيرته الرحبة انتقد ذاك النص . ومن يقرأ مقاله (اليوم) يُُدرك أنّ طاها حسين كان يستشرف المستقبل المُتردى الذى نعيشه الآن ، إذْ ذهب إلى أنّ النص فى الدستورعلى أنّ الإسلام دين الدولة ، مصدرفرقة. لانقول بين المسلمين وغير المسلمين (فقط) وإنما نقول إنه مصدرفرقة بين المسلمين أنفسهم ، فهم لم يفهموه (أى الإسلام) على وجه واحد. وأنّ النصّ على دين للدولة يتناقض مع حرية الاعتقاد ، لأنّ معنى ذلك أنّ الدولة مُكلفة أنْ تمحوحرية الرأى محوًا من شأنه أنْ يمس الإسلام من قريب أومن بعيد سواء أصدرذلك عن مسلم أوعن غيرمسلم ، ومعنى ذلك أنّ الدولة مُكلفة بحكم الدستورأنْ تسمع مايقوله الشيوخ فى هذا الباب. فإذا أعلن أحدٌ رأيًا أوألف كتابًا أونشرفصلا أواتخذ زيًا ، ورأى الشيوخ فى هذا مخالفة للدين ونبّهوا الحكومة إلى ذلك ، فعلى الحكومة بحكم الدستورأنْ تسمع لهم وتعاقب من يخالف الدين أويمسه. وفى هجومه على الأصوليين ذكرأنهم ((كتبوا يطلبون ألاّيصدرالدستور، لأنّ المسلمين ليسوا فى حاجة إلى دستوروضعى ومعهم كتاب الله وسنة رسوله. وذهب بعضهم إلى أنْ طلب من لجنة الدستورأنْ تنص على أنّ المسلم لايُكلف بالقيام بالواجبات الوطنية ، إذا كانت هذه الواجبات معارضة للإسلام ، وفسّروا ذلك بأنّ المسلم يجب أنْ يكون فى حلٍ من رفض الخدمة العسكرية حين يُُكلف بالوقوف فى وجه أمة مسلمة كالأمة التركية مثلا)) (أعاد طاها حسين نشرهذا المقال فى كتابه "من بعيد" الشركة العربية للطباعة والنشر- نوفمبر58)
إنّ النقد الذى وجّهه الليبراليون المصريون ضد دستور23إنما هوجزء من المشروع الثقافى لهؤلاء المثقفين الذين امتلكوا شجاعة الإعلان عن آرائهم بوضوح ، تلك الآراء التى يُمكن تلخيصها فى جملة واحدة : إنه لايمكن خروج مصرمن ثقافة وآليات عصورالظلام إلاّبعد تأسيس دعائم الدولة العصرية. وأول هذه الدعائم ضرورة فصل الدين عن الدولة (وليس عن المجتمع) وبتعبيرأدق فصل المؤسسات الدينية عن المؤسسات السياسية ، وأنّ المحك الطبيعى والمدخل الحقيقى لذلك هوإعداد دستور(عالمانى) يخلومن النص على دين معين للدولة ، كماهوفى الأنظمة الليبرالية التى تـُكرّس دساتيرها لترسيخ حق المواطنة (بالفعل وليس بمواد متضاربة ومتناقضة) وتـُعلى تلك الأنظمة من شأنْ هذا الحق (= المواطنة) الذى يتجسّد فى منظومة أنّ الولاء للوطن سابق على أى ولاء (عقيدى أومذهبى أوفلسفى) وتتأسس فلسفة هذه الدساتيرعلى أنّ الدولة State شخصية اعتبارية وفق المصطلح القانونى الذى يدرسه طلاب كليات الحقوق فى كل دول العالم المحترمة. والشخصية الاعتبارية مثل الشركة والهيئة والوزارة إلخ فمن باب أولى أنْ ينطبق المصطلح على (الدولة) وإذا كانت الشخصية الاعتبارية ليس لها دين ولاتتعامل بالدين فإنّ خلوالدستورمن النص على دين معين للدولة، يعنى أنّ تلك الدولة حريصة على (الحياد) تجاه كافة المواطنين بغض النظرعن معتقداتهم الدينية. وأنّ ذاك الحياد هوالضمانة الحقيقة والعزم الأكيد على تطبيق قواعد العدالة والمساواة التامة بين كل أبناء الوطن . وفى ضوء هذا الفهم العلمى لمعنى الدساتير، فإنّ الليبراليين المصريين كانوا فى عشرينات القرن العشرين يدقون أجراس الخطرمن خطورة النص فى الدستورعلى دين معين للدولة. بل إنّ كثيرين منهم طالبوا بإلغاء خانة الديانة من كافة المحررات الرسمية. ولأنّ دستور23نص على دين للدولة ، فإنّ الزعيم الوطنى الهندى جواهرلال نهرولم يكن مغاليًا عندما وصفه- بعد تضحيات شعبنا فى ثورة برمهات / مارس 19بأنه ((لايُشبهه دستورآخرفى الرجعية)) وفى حين استسلمتْ لجنة دستور23 لضغط الأصوليين ، فإنّ أعضاء الحزب الوطنى الذى أسسه العرابيون عام 1881 كانوا على وعى بخطورة خلط الدين بالسياسة ، وهوما تجسّد فى البند الخامس من البرنامج إذْ نصّ على ((الحزب الوطنى حزب سياسى لادينى ، فإنه مؤلف من رجال مختلفى الاعتقاد والمذاهب)) (مذكرات الزعيم أحمد عرابى – كتاب الهلال- يونيو89- ص 113)
إننى لن أكف عن الحلم بيوم تأتى فيه على مصرطليعة روحية مثل التى كانت قبل أنْ يستولى العسكرعلى الحكم فى أبيب / يوليو52طليعة من التنويريين الذين وصفتهم د. لطيفة الزيات قائلة ((وأنا أشيّع جنازة طه حسين شعرتُ أننى أشيّع عصرًا لارجلا ، عصرالعلمانيين الذين جرؤوا على مساءلة كل شىء . عصرالمفكرين الذين عاشوا مايقولون ، وأملوا إرادة الإنسان حرة على إرادة كل ألوان القهر)) (حملة تفتيش فى أوراق شخصية- كتاب الهلال – أكتوبر92ومكتبة الأسرة2004ص100) هذه الطليعة الروحية كانت تؤمن بمصرقبل أى شىء ، وكان من بينهم الراحل الجليل أ. خالد محمد خالد الذى صدق فى قوله الحكيم (( وُجد الوطن فى التاريخ قبل الدين . وكل ولاء للدين لايسبقه ولاء للوطن فهو ولاء زائف)) (روزاليوسف 30/10/51)
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة (بعد صلاة الجمعة) والفكر الأصولى
- إبراهيم أصلان والكتابة بلغة فن الهمس
- محجوب عمر والترانسفير الصهيونى
- نداء الحرية فى مواجهة بطش العسكر
- العلاقة بين التدين والإبداع الشعبى
- الروائى الأيرلندى جيمس جويس واليهود
- الصحافة المصرية وحجب المعلومات
- الدبلوماسية المصرية بعد يوليو52
- الآثاروالسياحة واللغة المصرية القديمة
- بورتريه لإنسان لا أعرفه
- أخناتون بين التوحيد والتفريط فى حدود الوطن
- فتاة صينية (مشهد واقعى)
- روبابيكيا ( مشهد من الحياة)
- الشروط الموضوعية لتحدى الإدارة الأمريكية
- عادل وحلم الطيران- قصة للأطفال
- صديقان - قصة للأطفال
- من يفتح الباب - قصة للأطفال
- السياسة والإبداع
- تاريخ مصرمن ساويرس إلى عبدالعزيزجمال
- هديل الحمام - قصة للأطفال


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - دستور سنة 23 وموقف الليبراليين المصريين