أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - بضاعة الأمل














المزيد.....

بضاعة الأمل


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1081 - 2005 / 1 / 17 - 11:04
المحور: الادب والفن
    


بضاعة الأمل
العدمية كموقف فردي(فلسفي وأخلاقي) تنطوي على تناقضات عدّة,ما يعنيني منها في هذا الرأي, المشترك مع أخلاق التضحية, هذه الخلطة السحرية التي ألقت بظلالها الثقيلة على كافّة أشكال الحياة وثقافة الحياة, في بلادنا الكئيبة, واستبدلتها بالتعميم والبلاغة والقفز البهلواني على التفاصيل والحدث والتسمية. العيش بالحدّ الأدنى في بلادنا,يتطلب الكثير من المهارة والجرأة وصلابة الشخصية والمخادعة ودرجات عليا في المقدرة على التكيف, فكيف بالتفكير والإبداع, ذلك يحتاج إلى معجزات انتهى زمانها.
المشكلة في العدمي السوري والعربي, أن اللاجدوى التي يبشّر بها وتبخيس قيمة كل فعل أو فكرة فيما يخص الغير فقط, فهذا العدمي الذي يعبث بحياة ومصير جميع من هم خارج دائرته الشخصية,تراه على النقيض فيما يخصّه, شديد الانتباه,محاسب, بخيل وبنفس الوقت مهووس بالاستحواز حتى على الفتات والقشور. أكثرنا جرأة ووضوحا ونزاهة من يعرف ويعترف بعدميته, لكنه سرعان ما يحول معرفته واعترافه إلى طرق ووسائل جديدة لتلميع الذات(بشكل طفالي دوما), ولا يتوقف عن التبجح والادعاء بأنه فوق الغايات والمآرب الشخصية, في الوقت الذي يقلقه أبسط اضطراب صحي أو معيشي ولا يملّ من مطالبة الآخر بسلوك البطولة والإنجاز المستحيل.

*

خارج التسمية والحدث والحالة المحددة, يتشابك السلوك مع الرغبة مع الفعل مع الوهم, في مزيج سحري وخلطات عجائبية يتعذر فهمها, وتفضي إلى نتيجة واحدة , شيوع البؤس وتعميمه, مع بقاء نمط من العرافة والعارفين, سلاحهم عبارة جوفاء تختصر الفكر والإبداع العربيين: لماذا لا تقول ما يفهم, وتطبق الإجابة القاطعة: لماذا لا تفهم ما يقال. وتتكرر ثنائية أبو تمام والبدوي الجاهل.
بالأمس القريب مات ممدوح عدوان وأنطون مقدسي وهشام شرابي, وسيموت غيرهم كما سنموت جميعا. بسرعة فظيعة يستبدل النتاج الفكري والأدبي بالاسم والعناوين, ويموت ذلك الجهد قبل موت أصحابه, ونكرر بخفّة تامة: العرب لا يقرؤون وإذا قرؤوا ينسون سريعا, والكاتب والقارئ أو المتكلم والمستمع بالطبع مستثنون فقط. هل يتحقق احترام الكاتب في ورقة صفراء, عليها تعداد فضائله وعناوين مؤلفاته؟ وختامها المؤبد: قضاها بالتقوى والصلاح.
في الجمر والرماد لهشام شرابي قرأت ما كنت بحاجة إليه, تغيّرت بعد قراءتي للكتاب, وصدمتني عودته إلى ثورية الخمسينات في كتاباته المتأخرة في جريدة الحياة وغيرها. أعجبتني كذلك المعالجة الإبداعية لأسطورة الزير سالم لممدوح عدوان, وتوجهه ولو المتأخر إلى ثقافة الحياة. أنطون مقدسي لا أعرف عنه سوى الاحترام الذي يجمع أغلب السوريين حوله, ورفضه كذلك لمخطوط " أشباه العزلة" في وزارة الثقافة حين كان الكل بالكل.
احترام ذكراهم سلوك ثقافي وأخلاقي لا اعتراض عليه, لكن ذلك لا يكفي بالأخص, عندما يتحول إلى بديل عن نشاطهم العام الثقافي.

*

من المسؤول عن الاحتقار الفعلي للأحياء واجتهاداتهم؟ أظن احترام الأموات بالصيغة الشائعة, نوع من الاحتقار المعمم والمنطلق دوما من التحقير الذاتي.
سأشرب الآن نخب الثلاثة, وفي المقدمة نخب هشام شرابي الذي تعلمت منه الكثير, ولو كان بمقدوري لجمعت أعماله وطبعتها بالشكل اللائق الذي تستحقه.
عودة ميت واحد
تكفي لصحوة الجميع.
لحسن الحظ أو لسوءه, لم يعد أحد ولن يعود.
خارج الحياة التي نعيشها ونختبرها ونحبها أو نكرهها لا شئ, وهنا جذر الإبداع, حين يتخلّى فرد وبإرادته عن الأوهام المشتركة والتوافقات التي تمنح أصحابها قوة واحتراما و منعة, وذلك ما فعله(كما أظن) هشام شرابي في أواخر أيامه, افهم ضعفه الإنساني وأتفهمه, وسأحبه مع ظني أنه كان أكبر من نفسه, كما أظهر الشاعر السوري ممدوح عدوان أثناء جهاده الأكبر, والذي لا أعرف له في الشعر سوى عبارة: تلويحة الأيدي المتعبة.
أما أنطون مقدسي" جدّ جميع السوريين اليوم" فسأقدم لذكراه, ما كتبته في صديقي رالف رزق الله, الذي لم يجد لا في بلادنا ولا فينا ما يستحقّ الحب:

رالف
( كل لحظة موت تكرر البشرية تاريخها كلّه)


كسول, بلا رجاء
أبدد وهم جسدي
لا أعرف حياة أخرى
كأنني بعصاة يدي
أنكت الجليد القمري
لأحظى بفسحة من السأم
باب ودرج بلا إغراء

***

بيت, تتآلف أيامه وتنحسر
تتلاطم فيه رغبات شتى
يسمّيه الغريب كوخا
البيت المرتفع في الذاكرة
وطن الطفولة السعيدة, حجر
أنفث ضغائني إليه
بالونات ملّونة
في قلب المأساة أتساءل
هل هذا كل الوقت..........!

***

الباب مفتوح على مصراعيه
مع الحضرة الكبرى
تحت الشمس
كأننا قطعة من الأبد
الضوء, والورقة الخضراء
ماذا كنت أيضا سأقول
للذي ملأ كفّي بالرماد.....

***

بعد شهر يزهر اللوز
وتغيب في طريقها الغامض
حائرة بالذي لا تريده
كثافة أشدّ, وانتباه مؤلم
من خبر المتاهة ونجى.......!
يحيك سواد أيامه بسواد عينيه
عاكفا على دنّ من الخمر
من كنته أنا, إذ بنيت للموت سفينتي
وكم كان كلّ شئ ملكي إلا يداي

اللاذقية- حسين عجيب



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كرامة الوطن وتحقير المواطن
- 3 العدميون في بلادنا
- العدميون في بلادنا ظاهرة ياسين الحاج صالح
- الجسر
- كذبة بيضاء
- الأبلهان
- مطر في اللاذقية
- أزمة منتصف العمر_3
- أزمة منتصف العمر_2
- قمر طرطوس
- العدميون في بلادنا
- تساؤلات مفتوحة
- في سوريا السعيدة
- خوف
- حول تجربة التجمع الليبرالي في سوريا
- كي لا ندفن فكرة وتجربة - التجمع الليبرالي في سورية - مرتين !
- بيتنا
- الموءودون
- لا صوت يعلو
- الوقف الليبرالي السوري


المزيد.....




- تداول أنباء عن زواج فنانة لبنانية من ممثل مصري (فيديو)
- طهران تحقق مع طاقم فيلم إيراني مشارك في مهرجان كان
- مع ماشا والدب والنمر الوردي استقبل تردد قناة سبيس تون الجديد ...
- قصيدة(حياة الموت)الشاعر مدحت سبيع.مصر.
- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - بضاعة الأمل