أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الهلالي - الفلسفة للجميع 1 - ميلاد الفلسفة: متى وأين ولماذا؟















المزيد.....

الفلسفة للجميع 1 - ميلاد الفلسفة: متى وأين ولماذا؟


محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)


الحوار المتمدن-العدد: 3657 - 2012 / 3 / 4 - 22:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يمكن الحديث عن فجر للفلسفة امتد طيلة قرنين من الزمن، القرن السادس والخامس قبل الميلاد، وذلك من طاليس (حوالي 625 – 547 ق.م) إلى سقراط (حوالي 470 – 399 ق.م). لم يكن الفلاسفة الأوائل مجرد فلاسفة، بل كانوا فلاسفة ومفكرين وشعراء وزعماء طوائف في نفس الوقت، وكان السؤال الذي أرقهم وحاولوا الإجابة عنه هو السؤال التالي: ما هو أصل الأشياء؟ (ومن ثمة ما هي طبيعتها وما سبب التغير وهل يوجد عنصر أو مبدأ أصلي ثابت هو أصل كل متغير؟).
لم يتبق لنا من نصوص هؤلاء الفلاسفة أي شيء تقريبا، فما تبقى لا يتعدى بعض المقاطع المتناثرة (بالنسبة لـ "أنكسيمندر" مثلا لا نتوفر إلا على أربعة اسطر تقريبا تعرف بـ"كلام أنكسيمندر"). والسبب الأساسي هو أن مؤلفات هؤلاء الفلاسفة الأوائل الذين عاشوا قبل سقراط – القبل سقراطيون أو القبسقراطيون- دمرت في الحرائق المتتالية التي شبت في مكتبة الإسكندرية التي كانت تضم الغالبية العظمى من المعارف القديمة.
ورغم قلة ما وصلنا عنهم، فإننا نعرف أن فلاسفة الطبيعة الإغريقيون هؤلاء قد وجهوا تفكيرهم واهتمامهم نحو موضوع أساسي هو الطبيعة. لقد واجهوا مسالة التغير التي بدت لهم مسالة محيرة. فالتغير يحيل على التعدد وعلى مسألة الثبات ولذلك توصلوا إلى الفكرة التالية: لا بد من وجود شيء ما (عنصر، مبدأ) يعتبر أصل جميع الأشياء المتعددة والمتغيرة، أي الأصل الواحد للظواهر المتعددة، الواحد الذي هو أصل المتعدد. لقد ركزت هذه الفلسفة على وجود "شيء ما" وجودا أزليا، نبعت منه بقية الأشياء الأخرى. ولم يهتموا بمصدر هذا "الشيء الأزلي" الأول وهل هو ناتج عن العدم مثلا، وإنما انصب التفكير على كيفية صدور الأشياء عن "شيء واحد أول".
قدم هؤلاء الفلاسفة كيفية وطريقة في التفكير كما قدموا أيضا مضامين وأجوبة. وبالرغم من تقديمهم لأجوبة عن أسئلتهم فإن أجوبتهم ليست بنفس أهمية أسئلتهم، فالأسئلة متجددة أما الأجوبة فهي رهينة تاريخها.
ظهرت الفلسفة في "أيونيا" على شاطئ آسيا الصغرى في القرن السادس قبل الميلاد. وكانت هذه المنطقة على اتصال وثيق بثقافات الشرق، كما كان سكانها يتقنون فنون ركوب البحر. وتعتبر "أيونيا" موطن ميلاد هوميروس الذي تنسب غليه كتابة ملحمتي الإلياذة والأوديسة. ثم تطورت الفلسفة في صقلية قبل أن تصل على أوجها في أثينا.
لكن لماذا ظهرت الفلسفة عند اليونان ولم تظهر عند غيرهم من الشعوب؟
لقد توفرت عدت شروط جعلت ميلاد الفلسفة ممكنا عند اليونان في القرن السادس قبل الميلاد بالتحديد. والحديث عن الميلاد يعني أن الفلسفة تفكير جديد وطريقة جديدة في التفكير. ومن بين ابرز تلك الشروط ما يلي:
- ظهور الكتابة: فالكلام الشفوي يعاني من التغير والتردد والحيرة والتأثير العاطفي، بينما يتميز النص المكتوب، بالمقابل، بالدقة والصرامة، وبوجود قار أو نهائي وبالنسقية (ورغم أن سقراط اشتهر بكونه فيلسوفا محاورا فإننا لا نعرف إلا سقراط الذي تقدمه محاورات أفلاطون).
- التقسيم الاجتماعي للعمل الذي مكّن "المواطنين الأحرار" من ممارسة التأمل والتفكير لأن فئة أخرى (العبيد) تقوم بالأعمال اليدوية.
- ظهور العلم الذي يشكل قاعدة للتفلسف.
- التفاعل مع ثقافات الشرق الأخرى (حضارة مصر وما بين النهرين). فلقد ظهرت أول مدرسة فلسفية في "ملطية"، وهي مدينة توجد خارج بلاد اليونان الأصلية، أي توجد على هوامش اليونان، وكانت مجرد مستعمرة تقع حاليا على ساحل تركيا: توجد قبرص وفينيقيا في جنوبها الشرقي، ويوجد بحر إيجة والبحر الأسود في شمالها، وتوجد اليونان الأصلية وجزيرة كريت في غربها. وهكذا يُلاحظ أن ملطية من الناحية الجغرافية تقع في منطقة تفاعلات خصبة.
- الرغبة في البحث عن "النظام والحدود" ورفض العشوائية التي تبهر العين في الظاهر، ولهذا ارتبط ظهور الفلسفة بالثنائيات: الحقيقة/الخطأ، الخير/الشر، الانسجام/التنافر، المظهر/العمق، العقل/المادة، الحرية/الضرورة، الوحدة/الكثرة، الفوضى/النظام، النهائي/اللانهائي.
- ارتباط ميلاد الفلسفة بمفهوم أساسي هو "اللوغوس" (العقل والخطاب في نفس الآن).
- توفر الشجاعة الفكرية للمغامرة عبر التساؤلات وعوالم اللغة.
- التحرر (ابتداء من القرن السادس قبل الميلاد) من تأثيرات المعتقدات الدينية والأسطورية.
- التحرر من التسلط السياسي، الشيء الذي تجسد في إشراك جزء هام من السكان (المواطنون الأحرار) في تسيير ومراقبة الشأن العام.
إذا كانت الفلسفة من اختراع اليونان، فإن ذلك تم في قلب الأساطير ولتفسيرات الميثولوجية. لقد ووجهت الأساطير بالشك والنقد بل وبالرفض من طرف الفلاسفة الأوائل. ومن نتائج ذلك استعادة الإنسان التحكم في زمام مبادراته لأنه كان مجرد "لعبة" تسيرها آلهة الأساطير، رغم أن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال القضاء على الأساطير.
قام هوميروس وهوزيود في القرن الثامن قبل الميلاد بتدوين مجموعة من الأساطير الإغريقية وهو ما جعل هذه الأخيرة خاضعة للمساءلة والتفكير، فالأساطير تم سجنها في الكتابة بعدما كانت تسبح في عالم الشفوي. (ومن الأوائل الذين انتقدوا الأساطير "كزينوفان" الذي لاحظ أن آلهة الأساطير تشبه البشر).
إن تضافر عدة تحولات ثقافية وتطور اقتصادي وتفاعل حضاري واهتمام جماعي بالشأن العام (السياسة) يشكل مجموعة الأسباب التي أدت على ميلاد هذا النوع الجديد من التفكير الذي هو الفلسفة (وإذا كان كل الفلاسفة رجالا في البداية فغن ذلك يعود لإقصاء المرأة وهو الأمر الذي سيتغير في القرن العشرين). وبالرغم من أهمية تأثير الثقافات الشرقية على اليونان، وبالرغم من تضمن تراث الأمم الشرقية لأفكار فلسفية، فإن هذه الأفكار ظلت منعزلة عن بعضها البعض كما ظلت حبيسة التفكير السحري والأسطوري والديني كما أنها لم تتمكن من التشكل في نسق. وخلافا لفكرة "المعجزة اليونانية" التي يدافع عنها إرنست رينان، لتفسير ظهور الفلسفة فجأة عند اليونان دون غيرهم من الشعوب، تقدم فكرة تضافر العوامل المختلفة تفسيرا عقلانيا لهذا الميلاد المتميز. فالتأثر الإغريقي بالآخر لا يلغي فكرة العبقرية اليونانية.



#محمد_الهلالي (هاشتاغ)       Mohamed_El_Hilali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجوبة عن أسئلة ملف:أفاق المرأة و الحركة النسوية بعد الثورات ...
- حول مفهوم الثورة، كيف نعيد لمفهوم الثورة حدته وعنفوانه؟ جورج ...
- أنا لستُ القدر وأنتِ لستِ الصُّدَف
- حول مفهوم الثورة (كيف نعيد لمفهوم الثورة حدته وعنفوانه؟) جور ...
- سَفْرُ العَزاء
- دماء الغرباء
- تلعثم بين اليدين
- حلم تائه
- لا تسجل أنا عربي
- لامبالاة القلق
- صحو الصبح
- دعاء العاشق
- قبلة العاشق
- دماء الربيع
- يا خالق القتل كفانا قتلى
- نَفَسُ من انتظر
- الأجوبة على أسئلة
- الإسلام السياسي المعتدل: من المسجد إلى الحكومة أو مفارقات ال ...
- الليبرالية والليبراليون العرب
- الفيلسوف طوني نيغري: رسالة إلى صديق تونسي حول ثورة تونس


المزيد.....




- ما هي القاذفة الأمريكية الشبح -بي-2- التي تعول عليها إسرائيل ...
- رئيس الأركان الإسرائيلي: دمرنا نصف منصات إطلاق الصواريخ الإي ...
- تحمل اسم -باقري-.. العثور على حطام مُسيّرة إيرانية في جنوب ...
- إسرائيل.. حريق هائل وإصابات في استهداف صاروخي إيراني لمدينة ...
- فيديوهات الذكاء الاصطناعي تتنبأ بحرب عالمية ثالثة بطريقة ساخ ...
- إسرائيليون يفرون من القصف إلى الخارج عبر الأراضي المصرية
- الإعلامي السوري موسى العمر يعلن عن استثمارات ضخمة في جبل قاس ...
- حسّون في بلا قيود: إسرائيل من أقوى الدول النووية لكنها دولة ...
- خبير عسكري: إيران تستخدم صواريخ نوعية ومتطورة يصعب اعتراضها ...
- تمارين القوة.. سلاح ذكي لوقف زيادة الوزن المصاحبة لانقطاع ال ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الهلالي - الفلسفة للجميع 1 - ميلاد الفلسفة: متى وأين ولماذا؟