أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الهلالي - الإسلام السياسي المعتدل: من المسجد إلى الحكومة أو مفارقات الإسلام الاجتماعي المحافظ















المزيد.....

الإسلام السياسي المعتدل: من المسجد إلى الحكومة أو مفارقات الإسلام الاجتماعي المحافظ


محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)


الحوار المتمدن-العدد: 3562 - 2011 / 11 / 30 - 00:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من هم الإسلاميون السياسيون في المجتمعات العربة الإسلامية؟ هل يمكن تقديم تعريف طبقي أو إيديولوجي سياسي لهم؟ أم أن الأمر لا يتعلق إلا بمتجمعات أساسها الإحباط وأزمات الهوية المفترضة؟ هل يمكن حصرهم في هذه الفئة النشيطة التي اختارت التوحد على أساس أخلاقي ديني محافظ في تنظيم يمنحها القوة ويمكنها من الانتقال من الوعظ إلى الحكم، ومن الأخلاق إلى القرارات؟ أم أن الإسلاميون السياسيون هم هؤلاء الملايين الصامتة سياسيا والفاعلة بشكل عشوائي متناقض والذين لا يعرفون ولا يعترفون إلا بثقافة بسيطة متوسطة بدون إشكالات فكرية أو فلسفية، ثقافة تقوم على التحليل والتحريف، وترتكز في أسسها ومظاهرتها على ما تبصره الأعين من انحراف؟ هؤلاء الذين استقوا معارفهم من أمكنة متناقضة ومتنوعة وبدون منهج ولا تصور، الذين يدافعون عن إسلام متخيل ومعاش في آن واحد، عبارة عن خلط غريب بين آيات القرآن وآلاف الأحاديث وما لا يحصى من الحواشي المكتوبة والمنقولة، دين شعبي متعدد المصادر تحول مع مرور الزمن إلى تراث شعبي مسيطر، وتداول طقوسي لمضامينه؟
يطرح وجود الإسلام السياسي أكثر من مشكل سياسية ومعرفية. وإذا كانت القضايا المعرفية والفكرية يمكن إرجاعها لمسألة الحقيقية ومناهج البحث عنها وطرق إقامة البحث التاريخي وفق شروط علمية، فإن المسائل السياسية هي أكثر تعقيدا.
فالإسلام النصي والشعبي، ذلك الذي تتضمنه الكتب وذلك الذي يعيش في الخيال والأساطير، يتضمن تصورات عن السياسية تحت عناوين تختزل تلك التصورات وتدل عليها (مثل: الخلافة، العدل، تطبيق الحدود، دار الإسلام ودار الحرب، قيام العدل على أكتاف الرجل الخليفة، الطاعة لولي الأمر، غياب المؤسسات، التسليم بأحقية الإمام والخليفة والقائد أسوة بصاحب الدعوة نفسه، تقديس السلف من صحابة وتابعين وتابعي التابعين وتكفير من يشكك فيما قالوه...)
إن وجود الإسلاميين السياسيين يرتكز على أزمة الفعالين الآخرين وأزمة خطاباتهم. فمادامت دعوتهم في آخر المطاف تختصر وتختزل في "اتباع رجل" الذي هو الزعيم الذي يكرس رمزية المؤسس، فلا شرعية اجتماعية لها، لأنها لا تقدم مشروعا اجتماعيا يعبر عن مصالح موضوعية تتعارض مع مصالح موضوعية أخرى.
إن الإسلام السياسي لا يُحمَل على أكتاف طبقة منسجمة، أو فئة لها موقع في الإنتاج، وإنما يُحمل على أكتاف أفراد ينتمون للطبقات الوسطى والكادحة تعبيرا عن سخطهم وتذمرهم أخلاقيا واجتماعيا. إن الإسلام السياسي هو إيديولوجية بدون طبقة، وحزب بمؤيدين مؤقتين مختلفي المشارب والمطامح والأهداف والتوقعات...
لا يمكن الحديث عن مشروع سياسي لدى الإسلام السياسي الذي هو إسلام اجتماعي محافظ، فبرنامجه ملفق ومرقع يتضمن قضايا أخلاقية ودعائية ومزايدات، واقتباسات، لذلك فالعدو الأساسي للإسلاميين السياسيين هو ممارسة الحكم واتخاذ القرارات، لأن ذلك يفرض عليهم كشف هويتهم وترجمة غموضهم وشعاراتهم إلى وقائع ملموسة تقاس بالأرقام. إن أبطال الشعارات يصبحون أقزاما في مجال الأرقام.
لماذا يشكل الإسلام السياسي إسلاما اجتماعيا محافظا؟ لأن مواقفه كلها محافظة تستمد مرجعيتها ومعطياتها من الماضي المؤسس للدعوة الإسلامية، ولأنه يطمح لتحسين الأوضاع كنتيجة لانتمائه الاجتماعي. كما يتميز الإسلام السياسي بالجدال الإيديولوجي حول مواضيع عامة تعتبر مواضيع مفضلة لدى الشرائح الشعبية.
كما أن اليمين الاجتماعي المحافظ، أي الإسلام السياسي، هو التعبير عن أزمة وفشل اليمين الليبرالي مشوه التكوين المعبر عن مصالح الطبقات السائدة في معظم المجتمعات العربية الإسلامية. فهو البديل المؤقت للفاشلين من اليمين واليسار، أي أنه يعبر عن مرحلة انتقالية غامضة ومتأزمة قد تسمح للخصمين اللدودين، الليبراليون الرجعيون الفاشلون مشوهو التكوين والاشتراكيون، بشحذ أسلحتهما استعدادا للانقضاض على الساحة السياسية من جديد.
إن وصول الإسلام السياسي للحكم هو تعبير عن غموض وعن أزمة وعن انتقال متوتر من مراحل الدكتاتورية السياسية والاستبداد الاقتصادي إلى مرحلة جديدة قد تكون هي مرحلة ما قبل الديمقراطية. ولا يمكن للإسلام السياسي أن يتخلى عن مرجعيته رغم كل المناورات التي يلجأ إليها. ورغم المخاطر التي تحف بوصوله للحكم، فإنه لا يمكنه أن يعتمد طويلا على قاعدته التقليدية التي أوصلته للحكم، لأنها لا تقبل عدم استفادتها اقتصاديا واجتماعيا من الوضع وتحاكمه آنذاك على أساس المنجزات الملموسة وليس على أساس الوعظ والإرشاد. لذلك لا يعتبر ووصول الإسلاميين للحكم عن طريق انتخابات شكلية أمرا خطيرا، لأن الخطر الفعلي يكمن في انقلابهم على الانتخابات الشكلية وتغيير أساس الحكم بالقوة، وهو الأمر الذي لم يعد سهلا في ظل عولمة التدخلات الهادفة لتغيير الأنظمة المعادية للغرب.
إذن، فالإسلام السياسي، الذي هو يمين اجتماعي محافظ، يقتات على الأزمة ومنها ويستغل الديمقراطية كتقنية وكأسلوب للوصول للحكم مستغلا في نفس الوقت غياب المواطنَة والمواطِن وثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان، كما يستغل أيضا النتائج الكارثية للحكم الاستبدادي منذ الاستقلال الشكلي في البلدان العربية الإسلامية، لأن الديمقراطية لا يمكن أن تُبنى بدون ديمقراطيين. ولا يمكن للإسلاميين السياسيين أن يتناقضوا مع مرجعياتهم التي تطالب بالشورى الفوقية الانتقائية، لذلك فتيار الإسلام السياسي مجبر على أن يكون تيارا انتهازيا واعيا ومخططا له. ولا قوة له إلا بضعف التيار الليبرالي الفاشل مشوه التكوين والاشتراكي.
ويمكن مجابهة الإسلام السياسي بالقضايا المحورية في فكره المرجعي ليبرز تردده وتلعثمه وتخليه عن الشعرات المستعارة التي زين بها ممارساته ليظهر تطرفه ورجعيته، ومن بين هذه القضايا المحورية:
- المرأة والحجاب والمساواة مع الرجل في الإرث والشهادة
- الملكية الخاصة والعمل المأجور والاستغلال والفوارق الطبقية
- حقوق الإنسان وتعارضها التام مع الحدود التي ترتكز على القتل والتعذيب والتشويه والقصاص
- حرية الاعتقاد والرأي في كل المجالات
- الموقف من غير المسلمين من أهل الكتاب ومن غيرهم
- موقع الدين في التعليم
- مكانة القرآن والحديث في نظام المعرفة التي سيعتمدها المجتمع في التربية والتعليم والبحث
- مكانة الشريعة في سن وتطبيق القوانين المدنية والجنائية والتجارية
لقد ساهمت الأنظمة الاستبدادية بتفقيرها للمجتمع ونهبها لثرواته ومحاربتها للمعارضين التقدميين والاشتراكيين والثوريين وسجنهم وتعذيبهم والتنكيل بهم بل وقتلهم أحيانا في تعبيد الطريق لانتصار الإسلاميين السياسيين انتخابيا، لأن الانتخابات هي في الأصل غير شرعية نظرا لأنها لا ترتكز على ضمانات فعلية تاريخيا وتقنيا.
وإذا نظرنا إلى عدد المصوتين بالمقارنة مع عدد المقاطعين عن وعي أو عن تذمر وسخط وجهل، وإلى الظرفية التي انتصر فيها الإسلاميون السياسيون المعتدلون في تونس والمغرب ومصر وهي ظرفية عدم استقرار واحتجاجات الجماهير وتصديها للاستبداد، فسوف يتبين أن الإسلاميين السياسيين هم الوريث الشرعي للأنظمة الاستبدادية، أخافت بهم الغرب لمدة طويلة، واكتسبت شرعية من الغرب بتنصيب نفسها حامية له ضد الإرهاب والظلامية، وفضلتهم في الحكم على التقدميين والاشتراكيين لأن الإسلاميين السياسيين سيدافعون عن الرأسمالية والاستغلال وعن استبداد الحاكم لكون الاستبداد جزء لا يتجزأ من حكم الخليفة الذي يسود فيه الحاكم الأوحد، ولأن التقدميين والاشتراكيين يرفضون توحش النظام الرأسمالي واستبداد العولمة.
إن المسافة شاسعة بين علماني تقدمي يدعو للمواطنة وحقوق الإنسان، وإسلامي سياسي نقل المسجد إلى الساحة السياسية واحتمى بالله ورسله وملائكته وكتبه. كما أن المسافة شاسعة ما بين عدل شخص مثل عمر بن عبد العزيز، يرتبط العدل بمزاجه وبحياته وقناعاته الخاصة، والعدل الذي تضمنه الديمقراطية كقوانين وكمؤسسات، ومن خلال هذين المثالين يبدو الفرق شاسعا بين أعداء الديمقراطية والمناضلين من اجل بناء الديمقراطية.



#محمد_الهلالي (هاشتاغ)       Mohamed_El_Hilali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبرالية والليبراليون العرب
- الفيلسوف طوني نيغري: رسالة إلى صديق تونسي حول ثورة تونس
- نافذة على الديمقراطية والسياسة والعقل والتسامح
- غياب
- التطرف الديني وحجب المرأة
- تجدد الميلاد
- سيوف الفتوى ودماؤها
- فجر الفقدان
- مفهوم المخزن السياسي والاقتصادي
- الممنوع والمباح
- انحطاط المفاهيم أو الخصوصية القاتلة للكونية
- سنة مهداة للشمس
- الإيديولوجية الدينية والديمقراطية وحقوق الإنسان
- الحداثة
- العقلانية
- الفلسفة والنساء
- العلمانية والإسلام


المزيد.....




- سيارة تقتحم حشدًا من محتجين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة أمري ...
- ما هي -البيوفيليا- التي يجب أن تحظى باهتمامك عندما تقضي عطلت ...
- بينهم بيلوسي وكيري.. بايدن يكرم شخصيات ديمقراطية في حفل خيم ...
- لندن تفرض عقوبات على مستوطنين بسبب أعمال عنف في الضفة الغربي ...
- السلطات الكندية تلقي القبض على 3 هنود بتهمة قتل -زعيم سيخي- ...
- هبوط اضطراري لطائرة ألمانية بعد إصابة العشرات على متنها بحال ...
- وسائل إعلام تقدم تفسيرا لـ-اختفاء- وزير الدفاع الأوكراني
- اكتشاف رهيب في مقر هتلر الرئيسي في بولندا
- بلينكن: -العقبة الوحيدة- بين سكان غزة ووقف إطلاق النار هي -ح ...
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق شبه جزيرة ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الهلالي - الإسلام السياسي المعتدل: من المسجد إلى الحكومة أو مفارقات الإسلام الاجتماعي المحافظ