أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الهلالي - مفهوم المخزن السياسي والاقتصادي














المزيد.....

مفهوم المخزن السياسي والاقتصادي


محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)


الحوار المتمدن-العدد: 3544 - 2011 / 11 / 12 - 17:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الأصل، وحسب المعنى الاشتقاقي، تدل كلمة المخزن على مكان خاص يستعمل لحفظ المواد الغذائية الناتجة عن الضرائب والإتاوات والزكاة ومختلف أشكال الادخار، ثم تحولت هذه الكلمة البسيطة المعبرة عن كيفيات تنظيم ومواجهة إعادة إنتاج الحياة إلى مفهوم، أي تحولت إلى مصطلح مكثف ترتبط به حياة بلد بأكمله.
وحسب الخيال الشعبي، على المرء ألا يثق في شيئين خطيرين يهددان حياته وهما: "البحر والمخزن". وإذا كان الخوف من البحر ناتجا عن الجهل بقوانينه وبقلة التجهيزات الضرورية لخوض غماره فما سبب الخوف من المخزن؟
أصبح المخزن اليوم مشكلة المشكلات وأزمة الأزمات، ومبتدأ الحديث وخبر السهرات. فلا أحد يمكنه الإفلات من "تأثيرات وإشعاعات" هذا الكائن الأخطبوطي الذي لا يتربع فقط على هرم النظام السياسي بدولته ورموزه، بل يمتد إلى أوصال العائلات وأحشاء الأفراد، بل والأخطر من ذلك هو تجذره في بنيات اللغات المستعملة من أمازيغية ودراجات عربية ولغة الضاد سلبا وإيجابا.
فهل حقا يمتلك المخزن هذا الكم الهائل من القدرات والسلطات والنفوذ؟ يرى "جيرار ميري" أن المخزن يتكون من قمة هرمية تتحكم في قمم صغرى، وكلما اقترب الفرد من القمة الكبرى كلما توهم أن باستطاعته التحكم في من هو أدنى منه في سلم التراتبية، فيخضع الواحد منهم لمن هو أعلى منه، ويخضع له من هو أسفل منه درجة. ويتماهى الكل مع قمة الهرم، لكن المتحكمين في حقيقة الأمر متحكم فيهم والمسيطرين مسيطر عليهم والقادة هم في نفس الوقت عبيد، لأن الأمر يعود في آخر المطاف للرغبة المطلقة للسلطة العليا. وحسب هذا التعريف فإن الخاصية الأساسية للمخزن كنظام هي "العبودية والتبعية" واستحالة وجود أية منظومة لتقنين الحكم أو للتقييم الجدي لآثار قرارات الرغبة المطلقة التي تسبح في فضاء "حرية إرادة مطلقة" تتعدى المجال الخاص لتطال حياة شعب بأكمله.
إذن هناك معنى لغوي ثانوي للمخزن وهو المكان الحصين للتخزين، ومنه أتت الكلمة الفرنسية "ماغازان"، وهناك أيضا معنى إجرائي يتعلق بالقوات المساعدة، لكن المعنى الأساسي للمفهوم هو معنى مركب وموضع جدال وسجال.
فحسب علماء الاجتماع والسياسة يمكن النظر إلى مفهوم المخزن من عدة زوايا، وهي التي توضح، في آخر المطاف، أسباب تعدد استعمالاته واختلافها.
فبالنسبة لابن خلدون، للمخزن علاقة وثيقة بالنظام القبلي، أي أنه أساسا سلطة قبلية أو سلطة قبائل متحدة فيما بينها تستهدف فرض نوع خاص من النظام والضبط والهيمنة انطلاقا من التناقض الأساسي الذي كان سائدا آنذاك وهو الصراع بين الرحل والمستقرين أو البدو والحضر، أو بلاد السيبة وبلاد المخزن.
إن احتكار العنف من طرف قبيلة أو من طرف تجمع قبلي هو ما كان يفسر وجود "قوة مخزنية" تفرض نفسها لوضح حد لبعض الصراعات من منظورها. لكن هذا البعد القبلي لا ينفصل عن البعد الإقطاعي للمخزن والمتمثل في التوسع واحتلال مناطق جديدة وضمها لسيطرته والاستفادة المادية منها. وهكذا سوف يحارب المخزن الإقطاعي "استقلالية القبيلة" وسوف يمهد لتدمير بناها التنظيمية والاقتصادية.
وبما أن احتكار استعمال العنف المادي لا يمكن أن يكون منعزلا عن تبريره الإيديولوجي، فلقد استعمل المخزن غطاء دينيا وبالتالي يمكن الحديث عن مخزن ديني يستهدف اكتساب الشرعية. ثم يتحول المخزن من ذلك الكائن التقليدي العتيق الممثل للماضي برجعيته وسلطويته ليتحمل، حسب الأستاذ عبد الله العروي، إلى القيام بدور مهم ألا وهو انبثاق الدولة وذلك بوضع الأساس لتحقيق هذه الغاية والمتمثل في الإدارة.
للمخزن عدة طقوس تكرس شرعيته وتغذي صورته في الخيال الشعبي وكذا في ثقافة النخبة، كرمز للوحدة وممثل للدين ومركز احتكار كل شرعية حتى لا تنهض قبيلة أو جماعة لتطالب بشرعية حكمها للشعب أو لجزء منه، أي عدم ترك أي سبيل للانفصال. ومن بين هذه الطقوس الرمزية الزي، تقاليد تقبيل اليد والانحناء للتحية، ترأس الأحداث الدينية الكبرى، ذبح أضحية العيد، رئاسة الفتوى، أبوة الأمة، الرضا والغضب، العطف والعفو.
نجد في ممارسة المخزن للسلطة جميع مقومات السلطة المهيمنة غير الديمقراطية: السلطة المطلقة للعاهل، الارتكاز على الجيش، استعمال جميع الموروثات الداعمة للسيطرة مثل الشرفاء والأولياء والأضرحة وفئة الفقهاء العلماء منهم والقراء...
لكن هل لازال المخزن اليوم في جوهره تقليديا؟ هل لازال يعمل على إعادة إنتاج المجتمع الماضوي؟ ألم تتشكل فئات سياسية أكثر رجعية وأكثر ماضوية من المخزن؟ وقبل تشكل هذه الفئات السياسية الدينية المحافظة، ألم يجد المخزن شرعية تقليدانية في تقليدانية معظم مكونات الشعب؟
قد يكون من المفاجئ اليوم اكتشاف أن المخزن الاقتصادي قد عرف تحولا عميقا في منظوراته السياسية والدينية تحت ضغط المصالح الاقتصادية وتأثيرات الامبريالية التي توجت عولة، وأن وظيفته الأساسية هي الحفاظ على توازنات اجتماعية هشة ما بين فئات تتصارع على المستوى الرمزي وعلى المستوى السياسي الانتخابي الباهت لفشلها في استقطاب قوى شعبية حول مشروع تاريخي يتماهى الناس مع أهدافه ويقبلون التضحية من أجله.
لهذا السبب، يبدو اليوم أن النخبة السياسية الحاكمة إلى جانب ملك البلاد لا تستطيع أن تنافسه في دينامكيته، هذه الديناميكية التي تدل من جهة على عجز وأزمة الطبقة السياسية الحديثة، وتدل من جهة أخرى على الإخلال بالديمقراطية التي تتطلب تطبيق قاعدة "الملك يسود ولا يحكم".



#محمد_الهلالي (هاشتاغ)       Mohamed_El_Hilali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الممنوع والمباح
- انحطاط المفاهيم أو الخصوصية القاتلة للكونية
- سنة مهداة للشمس
- الإيديولوجية الدينية والديمقراطية وحقوق الإنسان
- الحداثة
- العقلانية
- الفلسفة والنساء
- العلمانية والإسلام


المزيد.....




- فيديو يُظهر ما يبدو آثار انفجارات بقاعدة الحشد الشعبي المدعو ...
- من استهداف إسرائيل لدعم حماس.. نص بيان مجموعة السبع حول إيرا ...
- استهداف مقر للحشد الشعبي في بابل وواشنطن تنفي شن هجمات جوية ...
- جهاز العمل السري في أوكرانيا يؤكد تدمير مستودعات للدرونات ال ...
- HMD تستعد لإطلاق هاتفها المنافس الجديد
- الذكاء الاصطناعي يصل إلى تطبيقات -واتس آب-
- -أطفال أوزيمبيك-.. هل يمكن لعقار السكري الشهير أن يزيد من فر ...
- أطعمة تسبب التهابات المفاصل
- ماذا تعني عبارة -أمريكا أولا- التي أطلقها الرئيس السابق دونا ...
- لماذا تعزز كييف دفاعها عن نيكولاييف وأوديسا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الهلالي - مفهوم المخزن السياسي والاقتصادي