أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد الهلالي - حول مفهوم الثورة (كيف نعيد لمفهوم الثورة حدته وعنفوانه؟) جورج لابيكا الجزء الأول















المزيد.....


حول مفهوم الثورة (كيف نعيد لمفهوم الثورة حدته وعنفوانه؟) جورج لابيكا الجزء الأول


محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)


الحوار المتمدن-العدد: 3599 - 2012 / 1 / 6 - 15:27
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تقديم المترجم:

يكتسي مفهوم الثورة أهمية قصوى نظرية وعملية في الفكر الاحتجاجي عموما وفي الفكر الماركسي خصوصا، لأنه ليس مجرد كلمة وصفية ولا مجموعة أحاسيس تختلط فيها الرغبة في العدالة والعمل من أجل التغيير... ولكنه مفهوم نظري يكثف لحظات تاريخية محددة وينبني على معرفة موضوعية قدر الإمكان بواقع معين، ويرمز إلى عملية تحويل جذرية لوضع معين، ويحيل على تجارب ثورية مختلفة مثل الثورة الفرنسية والثورة البلشفية والثورة الأمريكية وحركات التحرير الثورية... ولقد جعل الفيلسوف الفرنسي جورج لابيكا (1930-2009) مفهوم الثورة مفهوما مركزيا في إنتاجه الفلسفي وممارسته النظرية. اهتم بالفكر العربي عبر الاهتمام بابن خلدون (أنجز أطرحة تحت إشراف مكسيم رودنسون حول موضوع: السياسة والدين عند ابن خلدون، دراسة في الإيديولوجية الإسلامية") كما قدم تقديما جديدا لكتاب ابن طفيل ("قصة حي ابن يقظان أو الفيلسوف المتوحد"). وأنجز أطروحة سنة 1976 حول موضوع "الوضع الماركسي للفلسفة" وساهم في تأليف كتاب مرجعي عن الماركسية تحت عنوان "القاموس النقدي للماركسية". وكان له موقف شجاع من قضية الشعب الفلسطيني بدفاعه عن حقه في استعمال العنف في نضاله التحريري وهو الموقف الذي أدى به على قطع علاقته مع صديقه الفيلسوف الفرنسي إيتيان باليبار. كما انتقد أطروحة فوكوياما القائلة "بنهاية التاريخ" وأطروحة هنتنجتون القائلة "بصدام الحضارات" معتبرا أن هاتين الأطروحتين تشكلان مناورة تهدف إلى منع ثلثي سكان الكرة الأرضية من العيش كما تعيش شعوب العالم المتقدم. ولقد ألف كتابا تحت عنوان "الديمقراطية والثورة" سنة 2002، بين فيه الترابط الوثيق بين المفهومين.

نص جورج لابيكا:

تقديم: الأطروحة

1- تظل مسألة الثورة مطروحة دوما، وهذا يعني أن الأمر يتعلق براهنيتها. فسواء تم حجبها بحجاب محتشم أو تم إغفال الكلام عنها بشكل تام، فإن حضورها يزداد عنادا وهو حضور يضرب جذوره في القدم ويفرض نفسه في الحاضر في نفس الوقت، مثلها في ذلك مثل القمع. ولا يتعلق الأمر بطوبى (يوطوبيا. إن فكرة الثورة ليست أكثر بعدا عن التحقق مما كانت عليه زمن ماركس. بل على العكس من ذلك، من المناسب الاستفادة من أوهام ماركس. فماركس كان يعتقد بقرب انهيار الرأسمالية، ولقد كان اعتقاده هذا، والذي شاركه فيه أنجلز سنة 1848 خاطئا، واعترفا بذلك.
أما نحن اليوم، وعلى خلاف ماركس وأنجلز، فإننا نملك معرفة بعدة ثورات، ونعرف ما كانا يجهلانه وهو أن بإمكان الثورات أن تكون: حمراء ووردية وبيضاء أو سوداء. وتجنبنا هذه المعرفة، الذي تشكل تجربة مهمة تتكون من عدة تيارات وتيارات مضادة أي من عدة تناقضات وتحديدات تضافرية، تجنبنا اللجوء لأي دليل مُوجِه كيفما كان.(1)
2- كان حكم ماركس وأنجلز عن قرب قيام الثورة سابقا لأوانه شيئا ما، وكان بالنسبة لعصره حكما متفائلا بدون شك إلى حد ما. فلقد كان الأمر يتعلق بالصمود. أما اليوم، فيبدو لي أن هذا الحكم جد ملائم للوضع القائم، وهذه هي الأطروحة التي أود عرضها هنا.

عالم مليء بالعنف:

3- يتميز القرن الذي انتهى مؤخرا بمفارقة لا مثيل لها. فهو يتصف من جهة بتقدم يتمثل في تراكم الاكتشافات والاختراعات والثورات العلمية والتقنية في جميع ميادين البحث وبشكل لم يسبق له نظير، وهو من جهة أخرى يعتبر قرن البربرية في أوج اكتمالها، حيث شهد الموت الجماعي بسبب الحروب والتصفيات الإثنية والسياسية وجميع أشكال المعاناة الجماعية، سواء تعلق الأمر بتعميم التعذيب والتنقيل التعسفي للسكان أو الجماعات المنظمة. ولا حاجة للجوء إلى تدقيقات جدلية لفهم أن المظهرين مرتبطان ببعضيهما البعض ارتباطا وثيقا. فمن يستطيع أن يزعم أن تصنيع القتل لم يكن لصالح العلماء الطيبين والمعالجين الطبيين وحماية البيئة؟ يتم غزو الفضاء وفي نفس الوقت يتم تدمير التربة. كما إن نفس البلد الذي يستثمر الملايير في صناعة حاملة طائرات نووية يعاني من تفاقم نسب البطالة ونسب الفقر.(2) ولا يمكن تكرار المديح لحقوق الإنسان في الوقت الذي يُجبر فيه آلاف الأطفال على العمل وأحيانا يجبرون على البغاء. يتم فتح مطاعم للكلاب علما أنه توجد في إفريقيا مجموعات سكانية بأسرها ترزح تحت مرض السيدا. كل هذه الأمور معروفة وتم وصفها مائة مرة بدون شك، ولكن إذا كانت الحقيقة تتوارى عن الأذهان فإن المفارقة التالية هي أقل تواريا من الحقيقة: معرفة أن الإنسانية بلغت في الأخير مرحلة من التطور تخول لها التخلص من الندرة التي شكلت قدرها على امتداد قرون عديدة. فمراكمة الثورات من كل الأنواع، ابتداء بإنتاج الخضر الطرية وحتى الصحة والتعليم والسكن المريح، يمكنها أن تضمن إشباع الحاجات الحيوية وتخلق شروط حياة خالية من المجاعات والأوبئة والقمع والقهر: هذا من الناحية المبدئية.
4- يبدو أن القرن الجديد لا يختلف في شيء عن سابقه. بل إنه يتهيأ لتعميق تلك المضار. ولنأخذ فقط خاصية واحدة مميزة لحداثته وهي الآتية: يقال أن انعدام الأمن يسود في كل مكان ويقال هذا لما توفرت في الأخير شروط حضارة سلمية ومسالمة: وهذا دائما من الناحية المبدئية. إن الخطاب حول انعدام الأمن والذي يتم تكراره باستمرار من طرف القوى الغربية يؤدي وظيفتين تتمثلان في تسجيل ظاهرة العنف والزيادة فيها بشكل أكيد: انحراف في المدن والمدارس ووسائل النقل العمومية وإخفاء الأصل الاجتماعي للعنف، وتمكين السلطة، تحت مبرر صعود اليمين المتطرف، من تدعيم وتقوية الأجهزة القمعية (الزيادة في أعداد الشرطة والدرك، فتح مراكز اعتقال جديدة...) والتضييق على الحريات (المراقبة "البوليسية الإلكترونية" للمواطنين، تشديد إجراءات المراقبة) وإغلاق الحدود (مطاردة المهاجرين وطردهم بشكل عنيف) وتجريم المقصيين (الذين لا يملكون أوراق الإقامة، العاطلون عن العمل، الفقراء). كما لم تمكن الزيادة في عدد السجون، ولا تفويتها للخواص لإدارتها (في بعض البلدان) من حل مشكل اكتظاظ السجناء. كما أن الاعتقال الانتقائي اجتماعيا والقائم على أساس عرقي بشكل علني (في الولايات المتحدة على سبيل المثال) يقوم بوظيفة الضبط، رغم أن هذه الوظيفة هي من اختصاص السياسيات الديمقراطية قانونيا.(3) لقد ظهر نوع جديد من العنف في مجال الشغل. ولا يتعلق الأمر هنا فقط بفئة "العمال الفقراء" في الغرب حديثة التكوين، ولكن الأمر يتعلق أيضا بظاهرة عرفت اتساعا هائلا وهي ظاهرة "التحرش الأخلاقي". وتعتبر عناوين الكتب التي خصصت لهذه الظاهرة بليغة وجد دالة ومنها: "التحرش الأخلاقي والعنف اليومي المنحرف(4)، التحرش في أوساط العمل(5)، معاناة في فرنسا(6)، الرعب في أوساط العمل(7)، العنف في أوساط العمل: اعتداءات وتحرشات وخطط اجتماعية(8).
ومن أجل فرض مطابقة المعايير المتعلقة بمسألة القابلية للتوظيف والمرونة والتنقل والهشاشة، يعمل "علم التسيير الإداري الجديد" على "تدمير الهويات" الفردية والجماعية، ويقوم بعمله هذا بتصفية منهجية لمجموع الأجَراء السابقين ولمعاييرهم في مجال الشغل (والمتمثلة في استقرار المناصب، والترقية المضمونة، والتراتبية، والممارسات النقابية) من أجل تحقيق خضوع تام لمصالح المقاولة. ولقد لاحظت عالمة الاجتماع "دانيال لينهارت"، أن الأمر "يتعلق بانقلاب في تاريخ الطبقة العاملة، ففي الوقت الذي كانت تعرَّف فيه دائما كطبقة مستغَلَّة ، أصبحت تقدم نفسها اليوم كضحية"(9). فلقد أصبح كل أجير مهددا بأن يصيبه ما أصاب "أجراء كلينيكس"، أي أولائك الذين تم الإلقاء بهم إلى الشارع على إثر "تنفيذ الخطط الاجتماعية" والتي تدعي أنها تقوم "بإزالة الزوائد"، وهو ما يعني بتعبير آخر طرد العمال من عملهم. ويتميز "العنف الممارس في إطار تنظيم العمل بالعدد الهائل من حالات الطرد وكذا القوة المستعملة في تنفيذها. وحسب تقريرين أنجزهما المكتب الدولي للشغل توجد فرنسا على "رأس البلدان المتقدمة التي يمارس فيها العنف في مجال الشغل ويقدر عدد العمال المعنيين بهذه الآفة بسبعة ملايين عامل"(10).
وتتضاعف سلوكات التدمير الذاتي كنتيجة لـ"نزع الطابع الإنساني عن عالم الشغل"(11). ولا يستبعد الملاحظون، فضلا عن ذلك، أن تظهر في فرنسا، مثلما هو الأمر في الولايات المتحدة الأمريكية، اعتداءات بسبب الحمق القاتل الذي يصيب الأجراء المطرودين من عملهم والذين يعودون لمقر عملهم السابق لينتقموا.(12) ولقد تم فتح تخصص تحت اسم "استشارة متخصصة حول المعاناة في مجال الشغل" بمستشفى "لاتيمون" بمرسيليا.(13) كما قام أطباء نفسانيون ببرشلونة من جهتهم بتشخيص اضطرابات نفسية خطيرة –تحت اسم "تناذر (أو ساندروم) أُوليس"- والتي تصيب بشكل خاص العمال المهاجرين.(14) ونعلم إضافة إلى ذلك ما يتعلق بـ"التحرش الجنسي"(15) والتزايد الهائل في أعداد المنتحرين الشباب الذين أصبحت حياتهم لا تنفصل عن "صعوبة ظروف العيش".(16).أما بخصوص التجارة فلقد نشرت مؤخرا إحدى المجلات المتخصصة ملفا خاصا بـ"بينغ بانغ (أو الانبثاق العنيف) السوق الأمنية" يكشف عن رقم معاملات "تجارة الخوف" الذي بلغ 6 ملايير دولار، وعن كونها توفر 158 ألف منصب شغل، وعن تنوع زبنائها فمنهم الخواص والمقاولات والجماعات المحلية والدول أيضا.(17)

الحرب كسياسة:

5- وقعت الهجمات الإرهابية على برجي "وورلد سانتر" بنيويورك في شتنبر 2011، في وقت مناسب لتبرير سياسة الهيمنة الأمريكية عبر الخطاب حول الإرهاب الذي تم إعداده في الواقع قبل الهجمات والذي تم تجريبه قبل ذلك في حرب الخليج الأولى. يتعلق الأمر بمعارضة كل محاولة –من أي بلد جاءت- تتعلق بالتنمية الذاتية أو بالاستقلال السياسي والاقتصادي والقادرة بالأخص على تخليص موار الطاقة من مراقبة القوى العظمى. تبذل القوى العظمى مجهودات أقل في استغلال احتياطاتها الخاصة في مجال الطاقة (ألاسكا مثلا) وتبذل مجهودات كبرى لمنع المنافسين الكبار من الحصول على هذه الموارد في المستقبل (الصين مثلا). إن الخطاب حول الإرهاب والذي ليس شيئا آخر في الواقع سوى اختلاق عدو وهمي. وهذا ما يؤكده نموذج بن لادن، الذي يشبه سلاحا يرتد ضد صاحبه ويشكل الوجه الآخر لـ"إنرون" (الشركة الأمريكية العملاقة التي أفلست بسبب المضاربات)،(20) والذي طمح إلى إشعال ما يسميه أسياده ومعلموه أنفسهم بـ"الحرب الشاملة" التي لا تعرف نهاية. ويجب أن تفهم خاصية الشمولية هذه بمعنيين: بالمعنى الجغرافي (حرب تشمل الكرة الأرضية)، وبالمعنى اللساني (حرب تحتوي كل شيء)، ونلاحظ أن عبارتي "عدالة بلا حدود" و"الحرية الثابتة" المصاحبتان لهذه الشمولية تؤيدان هذا المعنى. ومع ذلك فالنداءات الأخلاقية التي تطالب أمريكا بمهمة نقل وحماية الحرية والديمقراطية في العالم لن تخدع أحدا. فهي تشبه القول الفارغ: "الحرب الصليبية للخير ضد محور الشر"، ولقد كشفت الأحداث عن الحقيقة الخفية التالية: تعبر الحرب في الواقع عن نمط وجود يميز الولايات المتحدة الأمريكية منذ نشأتها، وبالخصوص منذ الحرب العالمية الثانية.(21) وها نحن نرى أنها لم تعد تقيم أي اعتبار للمرجعيات الأخلاقية وتخلت عن الاحتماء باحترام حقوق الإنسان أو دولة الحق والقانون. وانطلاقا من اكتساب أمريكا لنوع من القدسية بسبب استغلالها السيئ لعملياتها في أفغانستان، فإن قرار ضرب العراق تمكن من المرور عبر المؤسسات التي تعزى لها حمايته مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي... كما أن مفهوم "الحرب الوقائية" والذي هو مفهوم لا يصدق ولا تربطه أية رابطة بالوقاية الطبية ما عدا عبارة "الضربات الجراحية"، يسمح –في إنكار صريح للحق والقانون- باتخاذ القرارات الأكثر تعسفية: ففي هذا البلد يفرض الإنذار الأخير تغيير الحكومة، وهناك من المفترض أن تتمخض الديمقراطية عن القنابل(22)، وفي مكان آخر يتم التصريح بأن تنفيذ أبشع حصار هو لصالح الشعوب... فالإقناع والنقاش لم يعودا مقبولين لما يكون بالإمكان شراء الحكومات والبرلمانات والآراء... فالحرب كسياسة لها منطقها الخاص بها.
6- أولا: تعطى الأولية للميزانيات العسكرية. فلقد زيد في الميزانية العسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية مبلغ قدره 48 مليار دولار غداة أحداث 11 شتنبر. وبلغ حجم هذه الميزانية 379 مليار دولار، إضافة إلى مبلغ قدره 160 مليار دولار سيحصل عليه البنتاغون بعد عشر سنوات.
7- ثانيا: يحدث توظيف هذه الأموال اختلالا في المراكز الأخرى ويعيد توجيه الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية، كما أنه من السهل جدا اقتراح سيناريوهات بديلة.
8- ثالثا: تفرض الحرب على وجه الخصوص عسكرة الاقتصاد على المستوى الوطني وعلى المستوى الدولي والجيوستراتيجي.
9- رابعا: يؤدي اختيار القوة العظمى بعسكرة الاقتصاد إلى إجراءات مشابهة في البلدان المتقدمة أي في الأمبرلياليات التابعة، ويُخضع البلدان غير المتقدمة، والنامية، أي البلدان المستعمرة من جديد، لإكراهات مالية ظالمة وتعسفية في ما يخص تدبيرها لشؤونها وذلك عن طريق الهيئات والمنظمات متعددة القوميات التي توجد لخدمة القوة العظمى (صندوق النقد الدولي، المنظمة العالمية للتجارة، البنك الدولي، اتفاقيات جهوية مختلفة).
10- خامسا: تمت الموافقة على تحرير تجارة الأسلحة من أية رقابة، ونعرف أن معاهدة "الحد من انتشار الأسلحة النووية" لم توقع عليها أمريكا، فالقوة العظمى لا تجد أدنى حرج أن تبيع،اعتمادا على القوة، "أسلحة الدمار الشامل" ( النووية والكيماوية والبيولوجية) حتى لمجموعات لا علاقة لها بالدول، والتي بإمكانها استعمال تلك الأسلحة كما يحلو لها، بما في ذلك استعمالها في عمليات إرهابية. لقد تمت مراجعة التصور المتعلق باستعمال الأسلة النووية في البنتاغون وذلك بتفضيل الاستعمال المحتمل لقنابل نووية صغيرة ضد الأماكن المحصنة تحت الأرض، وهو ما دفع أحد الملاحظين إلى القول: "نحن في أسوأ وضعية، وهي وضعية عالم غير قابل للمراقبة"(23). ولقد أثار الفاتيكان، إبان الهجوم الوشيك على العراق، خطر قيام "حرب عالمية ثالثة".(24)
11. سادسا: ولنضف إلى أن الحرب كسياسة والتي تغلف بشعار "التعبئة القومية" تقدم امتيازا مهما وهو استعمالها أحيانا كغطاء للفضائح المالية التي تعري الاشتغال الحالي للرأسمالية (الاتحاد الأوروبي مثلا)، واستعمالها أحيانا أخرى كغطاء للإصلاحات السياسية الداخلية الأكثر تشددا ومحافظة (فرنسا مثلا).(25)
12. يتم تسويق الإرهاب بشكل جيد مثلما يتم تسويق الأمن: ولقد صرح رئيس جمعية "اللويدس بلندن" (المتخصصة في تجميع ونشر المعلومات البحرية وكل ما يتعلق بالبواخر) في حوار أجري معه أن شركته تمكنت من تغطية النفقات التي فرضتها هجمات 11 شتنبر، و"أن الأعمال التجارية انتعشت... وأن سوق الحماية ضد الإرهاب يعرف اليوم ازدهارا وانتشارا كبيرين في العالم بأسره، إلا أنه يعتبر في نفس الوقت مسرح منافسة شديدة".(26)
13. بكل تأكيد، يظل "بوليموس" (أي الحرب) "سيد جميع الأشياء".

هوامش الجزء الأول:

1- "الماركسية، الثورة و"منظر الأمل"، أنظر:
Utopie critique, n° 1, Paris, ed. Syllepse.
2- آخر مثال حديث العهد بفرنسا هو التقرير الذي أعدته "مؤسسة الأب بيار" في مارس سنة 2003 والذي يقدر عدد طلبات السكن الاقتصادي بمليون وستمائة وأربعين ألف طلب ويكشف عودة سكن الصفيح للوجود.
3- أنظر:
Loïc Wacquant, Les prisons de la misère, Paris, Raisons d’agir, 1999…
4- أنظر:
Marie—France Hirigoyen, Paris, Syros éd., 1998.
5- أنظر:
Paul Ariès, Paris, Editions Golias, octobre 2002.
6- أنظر:
Christophe Dejours, Paris, Le Seuil éd., 2000.
7- أنظر:
Marie Muller, Paris, Fayard éd., 2002
8- أنظر:
Chritian Larose et Michel debout, Paris, Ed. de l Atelier, 2003.
9- أنظر:
Cf. Le Monde du 11 févr. 2003 et D. Linhart avec B. Rist et E. Durand, Perte d emploi, perte de soi, Paris, Eres éd.,
2002
10- بول أرييس مرجع مذكور سابقا، يتعلق الأمر خصوصا بالتقرير الذي يحمل العنوان التالي: "العنف في مجال الشغل"، جونيف، 1999. أنظر أيضا بالنسبة للأرقام ماري ميللر، مرجع مذكور سابقا، وكريستيان لاروز (مؤلفة سيلاتيكس) والتي تكتب محذرة: "ستتضاعف الأساليب العنيفة، ويوما ما سوف يسوء الوضع، سوف يفقد العمال صوابهم وسينتهي الأمر بعمليات تصفية بالسلاح".
11- ماري ميللر، مرجع مذكور سابقا
12- نفس المرجع
13- أنظر:
Josette et Pierre Chiaroni, Données épidémiologiques des situations de mobbing au travail, d après une enquête
effectuée auprès des médecins du travail en région PACA, Paris, Masson éd., 2001 (cité par Marie Muller, ouvr. cit.,
p.143).
14- أنظر:
El Païs, février 2003.
15- أنظر:
Sabine Fortino, La mixité au travail, Paris, La Dispute éd., 2002.
16- بلغ عدد المنتحرين سنويا 800 منتحرا، وهكذا يمثل الانتحار في فرنسا السبب الثاني للموت عند الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة بعد حوادث الطرق. أنظر:
P. Baudry, C; Blaya, M. Choquet et E. Debarbieux, Souffrances et violences à l adolescence,
Paris, ESF éd., 2000. Xavier Pommereau, L adolescent suicidaire, Paris, Dunod éd., 2001 (2ème éd.);
17- أنظر:
Le nouvel économiste, n°1217, du 14 au 27 mars 2003; voir également La machine à punir, éd. cit.
18- أنظر:
Zbigniew Brzezinski, Le grand échiquier, L Amérique et le reste du monde, Paris, Bayard éd., 1997.
19- أنظر:
dans l énorme littérature sur la question, Richard Labévière, Les dollars de la terreur, Les Etats—Unis et les
islamistes, Paris, Grasset, 1999; Michel Collon, Monopoly, L OTAN à la conquête du monde, Bruxelles, EPO
éd.,2000; du même avec Vanessa Stojilkocic, entretien au journal Le Soir de Bruxelles, le 22.03.03; Guy Spitaels,
L improbable équilibre, L. Pire éd., Bruxelles, 2003
20- نجد الحكم الذي يرى ان "إنرون" وبن لادن ينتميان لنفس العالم عند روني باسي وجون ليبرمان (العولمة المالية والإرهاب) أنظر:
René Passet et
Jean Liberman, Mondialisation financière et terrorisme, Paris, Enjeux Planète, 2003. Voir aussi Collectif, L Empire en
guerre, le monde après le 11 septembre, Paris, Le Temps des cerises, 2001.
21- نشرت لوائح باعثها التحدي ولا يحركها أي وازع سجالي منذ سنتين، أنظر:
“Un siècle d interventions
militaires américaines, de Wounded Knee à l Afghanistan. Liste établie par Zoltan Grossman”, in Ziauddin Sardar et
Merryl Wyn Davies, Pourquoi le monde déteste—t—il l Amérique ? (Why do People hate America ? ), Paris, Fayard,
2002. La dernière en date est due au journal français La Croix dans un dossier intitulé “L Amérique, de guerre en guerre”,
qui remonte au Mexique (1848) et va jusqu à l Irak (2003).
22- هذا الإعلان الذي وجه للعراق يمكن النظر إليه على إثر النتائج المحصل عليها في الكوسوفو: فالمافيات تنظم عمليات ضخمة في الاتجار بالمخدرات وشبكات البغاء، ونعرف أن الديمقراطية استتبت في البلقان، أنظر هذا المؤلف المهم المترجم مؤخرا للفرنسية، مع الإشارة إلى أن تجربة كارزاي في أفغانستان تستحق الدراسة:
La RFA dans la guerre au Kosovo, Paris, L Harmattan, 2002).
23- فرنسوا غودمون، باحث في المركز الفرنسي للعلاقات الدولية، جريدة لوموند، 18-03-2003
24- تصريح الكاردنال إتشيغاراي، الناطق الرسمي باسم البابا، 20-03-2003.
25- لم تعرف فرنسا، كما شاهدنا ذلك، إبان الاستعداد لحرب الخليج الثانية (الفصل الأول من سنة 2003) "تعبئة قومية"، ولكن عل العكس من ذلك، عرفت "تعبئة مضادة للحرب"، لكن مع ذلك قبلت بنزع أسلحة العراق، بما في ذلك عن طريق استعمال القوة، ورخصت باستعمال مجالها الجوي للطائرات التابعة للأمم المتحدة والإنجليزية، وصوتت على الرفع من ميزانيتها في مجال الدفاع، وأرسلت خبراءها العسكريين في مجال الأسلحة النووية لقطر، ولا يمكنها في الأخير أن تتملص من مناخ التعبئة الأمنية العام. ولا يغيب اهتمام فرنسا بمصالحها: فشركة طوطال لا تريد أن تنتزع منها شركة شال وشركة إيسو امتيازاتها النفطية.
26- إن المسار المهني للورد ليفين هو مسار عميق الدلالة: فلقد شغل منصب مدير التسليح في وزارة الدفاع البريطانية، وعمدة لندن ورئيس "الدوتش بنك" بلندن.
27- هذه الصفة لا تنب عن أي غضب، وهي صفة شرعية تريد التأكيد كثرة الدوافع للحرب والمصالح المرتبطة بها وتضافرها، وهي سياسية واقتصادية، إضافة على عوامل ذاتية مثل الانتقام (ضد صدام حسين) والثأر (باسم الأب بوش) وكل هذا مقنع في نزعة مهدوية طفولية.



#محمد_الهلالي (هاشتاغ)       Mohamed_El_Hilali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سَفْرُ العَزاء
- دماء الغرباء
- تلعثم بين اليدين
- حلم تائه
- لا تسجل أنا عربي
- لامبالاة القلق
- صحو الصبح
- دعاء العاشق
- قبلة العاشق
- دماء الربيع
- يا خالق القتل كفانا قتلى
- نَفَسُ من انتظر
- الأجوبة على أسئلة
- الإسلام السياسي المعتدل: من المسجد إلى الحكومة أو مفارقات ال ...
- الليبرالية والليبراليون العرب
- الفيلسوف طوني نيغري: رسالة إلى صديق تونسي حول ثورة تونس
- نافذة على الديمقراطية والسياسة والعقل والتسامح
- غياب
- التطرف الديني وحجب المرأة
- تجدد الميلاد


المزيد.....




- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد الهلالي - حول مفهوم الثورة (كيف نعيد لمفهوم الثورة حدته وعنفوانه؟) جورج لابيكا الجزء الأول