أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله خليفة - تروتسكي والثورة الدائمة (2-2)














المزيد.....

تروتسكي والثورة الدائمة (2-2)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3655 - 2012 / 3 / 2 - 09:03
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تعودُ أفكارُ تروتسكي عن الثورة الدائمة الى اضطرابِ أفكارِ الاشتراكية عن المستقبل البشري.
فالثورات الغربية التي ظهرت في أوروبا الغربية وشكلتْ عالمَ الحداثة المعاصر وقادت التحولات البشرية في هذا العصر لم تحل مشكلات الإنسانية، وجلبت استعماراً نهبَ الكرةَ الأرضية، وفجرتْ حروباً بين الدول الغربية المتصارعة حول الغنائم وكانت هي المستعمرات وشعوبها.
وبالتأكيد سوف تكون هذه التجربة مرفوضة، وكان الرفض يتجسد بكلمة الاشتراكية كما يتجسد بشكل الاسلام أو المسيحية عند شعوب أخرى، تعبرُ بأديانها عن رفضها الالتحاق بهذه التجربة القائدة غير مميزين بين التراث الديمقراطي الإنساني للغرب القائد لتجربة البشرية المعاصرة، وبين تجربةِ الغرب الاستعمارية.
ولهذا كانت الاشتراكية الديمقراطية في روسيا، لأن المسيحية لم تكن خياراً وهي معبرة عن القيصرية كذلك، ولم توجدْ تجاوزاً فكرياً.
هذه الاشتراكية كانت معبرة عن الفئات الصغيرة الاجتماعية التي وجدت في الغرب حضوراً وإمكانات متعددة رغم اختلافها فيه، لكن هذه الفئات كانت مخنوقةً في روسيا القيصرية.
في الغرب وجدت حضورَها وارتفاعها للسلطات وإمكانية التغيير المتدرج، فتداخلتْ مع الطبقاتِ الحاكمة، وتأثرتْ بها وصعدتْ في صفوفها عبر السياسة والاقتصاد والثقافة، ومن هنا فإن الاشتراكية لديها تدريجية إصلاحية بعيدة المدى، فيما لم تكن هذه الخياراتُ موجودةً لدى الفئات الوسطى الصغيرة الروسية، ذات القدرة على الصراع والتأليف والتضحية والقفز بين المعسكرات وركوب الموجات التي تعيش ظروفاً مأوساوية كذلك كما هي حال تروتسكي نفسه، وفي ذات الوقت تغدو إمكاناتُ العلومِ الاجتماعية وقدرات الناس العقلانية محدودة.
ويبدو تروتسكي نموذجياً في التعبير عن هذا الرفض للغرب، الذي يعني لديه الاستمرار في رفض الديمقراطية، وتفضيل الدكتاتورية كطريق ثوري، ولهذا فإن الثورات الرأسمالية الديمقراطية في الغرب يجب أن تواصل النمو لتكون ثورات اشتراكية في تحريضه، فيما الثورة الروسية يجب أن تتحول من ثورة رأسمالية في فبراير 1917 إلى ثورة اشتراكية في العام نفسه.
حرقُ المراحلِ التاريخيةِ هذه يتكونُ لدى تروتسكي كقوانين أزليةٍ للتاريخ البشري المعاصر، فالظروف الاقتصادية والقومية المختلفة لكل شعب، وظروف الشرق المتخلفة عن ظروف الغرب المتقدمة، لا تعني شيئاً له وسط الصراعات الاجتماعية المتماثلة والمتقاربة، فهي كلها تُحلُ بمفتاحٍ واحدٍ هو الثورة الدائمة.
عدم رؤية أن هذه الاشتراكية كما تبدت في الطفولة الروسية السياسية، عبر غياب التحليل بكونها نزعات مسقطة على الواقع، وكون التحول من ثورة رأسمالية قاصرة وعاجزة عن القيام بإصلاحاتٍ اقتصادية واجتماعية عميقة حين انفجرتْ بشكلٍ شعبي بسبب مجزرة الحرب العالمية ونقص المواد الغذائية وانفجار المجاعات، ثم تحولها لانقلاب عسكري في أكتوبر من ذلك العام التاريخي الكابوسي توجه لحل هذه المهام بأسلوب القوة الذي فُرخَ على مدى سنوات، هي كلها تدورُ في ذات الأسلوب الرأسمالي.
في الثورةِ الأولى قام التحولُ عبر فئات المناشفة والرأسماليين وقوى الفلاحين الأغنياء الذين لم يناضلوا عبر عقود لتصعيد هذا النموذج الديمقراطي، فخطفهُ منهم البلاشفةُ وحولوهُ إلى نظامٍ عسكري شمولي لرأسماليةِ دولةٍ منتجة موزعةٍ للأراضي على الفلاحين لكن لم تستطع توفير السلام بل انفجرت الحربُ الأهلية المروعة وذهب الملايين ضحايا لها.
لم يستطع تروتسكي أن يدرك قانونية التشكيلة الرأسمالية لكنه أحسّ بضرورة الثورة العالمية وأن تجاوز الرأسمالية لا يتم إلا بشكل بشري كوني، وأن أي ثورة في الشرق سوف تكون رأسمالية دولة وهو ما حدث في الاتحاد السوفيتي، لكنه لم يدرك أن ذلك بحاجةٍ الى وقتٍ طويل حتى تنتشر الرأسمالية المتطورة في كل بقاع الأرض، لكن الحل الذي طرحه هو انتحار، حيث اقترح نشر الثورة في كل مكان، وهو أمر يقود لسلسلة من الحروب الكارثية.
هذه التجربة مهمة لقوى النضال العربية خاصة وهي تواجه ذات الأسئلة والمصير الحائر للثورات، وحيث تلعب الرومانسية الدينية الدور الأكبر، إذا غابتْ قراءةُ قوانين التشكيلةِ الرأسمالية، كما غابتْ عن تروتسكي وراح يحولُ السياسةَ إلى مغامرات عسكرية ويصعد قوى الجيش والبيروقراطية ويضع مقدرات الشعوب في ايد قليلة في المكتب السياسي، حتى قامت الدكتاتورية الشخصية لستالين لتطرده ثم تقتله في نهاية المطاف.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تروتسكي والثورة الدائمة (1-2)
- الثورةُ السوريةُ والمحتوى الشعبي
- بين الوحدةِ والتفتتِ
- تجارةُ دلمون خطوةُ الخروجِ إلى العالم
- اليسارُ والتكويناتُ الاجتماعية الدينية
- شكلان للتناقض في العمل السياسي
- بعضُ مشكلاتِ الخليج الاقتصادية
- حلٌ توافقي
- الثورةُ السوريةُ والحضورُ الإيراني
- مستوياتُ الدينيين والتحولاتُ السياسيةِ
- البحرين جزيرةُ الحريةِ الغامضةِ في العصر القديم
- مشكلاتُ الجيران السياسية
- انطفاءُ المركزياتِ الحادة
- مشكلاتُ النهضةِ الخليجية العربية الإيرانية المشتركة
- الإخوانُ المسلمون ومخاطرُ الشمولية
- من سبب الأزمة في البحرين؟
- روسيا والصين من مساندةِ الثوراتِ إلى إجهاضها (2-2)
- روسيا والصين من مساندةِ الثورات إلى إجهاضِها (1-2)
- الأديانُ والتحولاتُ
- تطويرُ الأنظمة (2-2)


المزيد.....




- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله خليفة - تروتسكي والثورة الدائمة (2-2)