أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله خليفة - تروتسكي والثورة الدائمة (1-2)














المزيد.....

تروتسكي والثورة الدائمة (1-2)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3654 - 2012 / 3 / 1 - 09:22
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



لا يمكن قراءة دراما القرن العشرين من دون شخصيات كبيرة مثل لينين وتروتسكي وستالين وغيرهم، هؤلاء الذين انشغلوا بالمصير البشري، وأرادوا تغييرَ الأنظمة الاستغلالية، وإيجاد مستقبل جديد للإنسان.
ومنذ شبابه الأول انخرط تروتسكي في النشاط السياسي والأحزاب والثورات والسجون، وكان من مؤسسي الثورة الروسية سنة 1917 ومن بناة رأسمالية الدولة ومن ضحاياها كذلك.
هل هو المزاجُ الحاد الذي شكّل شخصيةَ تروتسكي أم حالات التقلب الدائمة أم التركيزُ على ثيمةٍ نظرية والتمسك بها وهي مُحاطة بتحليلاتٍ قاصرة وخاطئة؟
يجمعُ تروتسكي بين الرومانسية والثورة:
(ولكن مهما تكن ظروف موتي، فإني سوف أموت وانا متمسك بإيمان لا يتزعزع بالغد الشيوعي. إن هذا الإيمان بالإنسان وبغده يزوّدني، حتى في هذا الوقت، بقدرة على المقاومة لا يستطيع أي دين أن يوفرها إني أستطيع أن أرى شريطا من العشب الأخضر على حافة الجدار، والسماء الزرقاء الصافية فوقه، والشمس في كل مكان. إن الحياة لجميلة فلتطهرها الأجيال القادمة من كل شرّ واضطهاد وعنف، ولتتمتع بها إلى أقصى حد.
لغةُ التطهرِ وتحويل السياسة إلى رؤيةٍ أعلى من الدين، ومجيء القيامة القادمة الجميلة هي تعبيرٌ عن الحماس الداخلي المتوهج، وفرض الذات الفياضة المشاعر على الواقع المقروء بذاتٍ مركزية متضخمة.
إن صراعات القوى السياسية الروسية مهمة لمعرفة النسق الداخلي المتصاعد لرؤيةِ تروتسكي، ورؤية الايديولوجيات المختلفة المعبرة في بداية القرن العشرين سواءً في الغرب أم في روسيا.
البلشفية والمنشفية هما الحالتان السياستان اللتان استقل عنهما تروتسكي، فالحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي منقسمٌ حول طرق التطور السياسية، فهل يمشي في الطريق الغربي الديمقراطي الرأسمالي الحداثي أم يؤسس الطريق الاشتراكي؟
في البداية لم تكن الأسئلةُ والإجاباتُ والآراء واضحة، فالميراثُ الماركسي نفسهُ غامض، فهل هو رؤية ديمقراطية تتغلغلُ في المجتمعات وتغيرها عبر الأدوات الموجودة من دون قفزات، أم تؤسس دولة شمولية تفرض التحول (الاشتراكي) المفترض؟ وما هو حجم هذا التحول وهل يبقى في أطره القومية أم يتحول لتغيير عالمي؟
الفئاتُ البرجوازيةُ الصغيرة الروسية بخيارِها الاشتراكي عبرتْ عن طموحاتِها للاستيلاءِ على سلطةِ نظامٍ إقطاعي يتطورُ رأسمالياً، سواءً من خلال نمو تدريجي تحديثي ديمقراطي أم عبر الاستيلاء بالقوة وفرض تطور صارم من جهاز الدولة الذي سوف تقف فوقه.
إن هذه الفئات تصورتْ نفسَها معبرةً عن العمال، فهو حزب عمالي، أي يمثل العمال قواعده المفترضة، وهي القائدة بتياراتها المختلفة.
إذاً الرؤية النخبوية أتاحت لها أن تفرضَ الخيارَ الاشتراكي بشكل برامجي مسبق، فهي تعيش حالات دكتاتورية عبر إنزال نفوذها وشخوصها، وتتباين هي هنا عن المسيحية التي أرادت أن تغلغلَ نموذجَها الحلمي عبر التسامح والرحمة فما استطاعت، لكون المسيحية هي كذلك اندمجت في أنظمةٍ شموليةٍ وغدت جزءًا من بناها الاجتماعية.
فتلك الفئات الوسطى الصغيرة المثقفة السياسية الروسية في تناقضها بين التطور الاشتراكي الديمقراطي السلمي وبين التطور العنيف، هي كلها تعيشُ رؤى نخبوية، لكن ثمة فرقا كبيرا بين نمو الفكرة بالجدل والديمقراطية والاختلاف، وبين نموها بالقوة، وهذا يؤدي لأن يكون الحزب المنشفي مؤيداً للتعددية ونمو الديمقراطية فيما يعبرُ الحزبُ البلشفي عن القوةِ والدكتاتورية الحادة.
ولم تكن روسيا قادرةً على النمو عبر الديمقراطية، فميراثُها الإقطاعي الضخم والتخلف والأمية لم تُغيرْ بشكلٍ تدريجي خلال العقود السابقة، وقد تفجرتْ في لحظة الحرب العالمية الأولى حيث انفلتت هذه التناقضات دفعة واحدة على مسرح التاريخ الدامي وطلبتْ حلولاً سريعة.
تغدو رؤيةُ تروتسكي المضادةِ لكلا التوجهين البلشفي والمنشفي، نابعةً من قبول كلتا وجهتي النظر بالاشتراكية(الديمقراطية).
فعبرَ تروتسكي لن تكونَ الثورةُ سوى عنف وقوى(شعبية) متصاعدة تحطمُ النظامَ الروسي. فتغدو الديمقراطية هنا غريبةً بالنسبةِ إليه، ولكن ميراثَ الحركةِ السياسية الاشتراكية هذه يرتكز على الديمقراطية التي تعني تطوير النظام القيصري نحو الاشتراكية الديمقراطية.
لم يضعْ التياران المنقسمان هذه الاشتراكيةَ محلَ النقد والتحليل المعمق، ولم يريا نظراتهما كتعبيرٍ عن فئاتٍ برجوازية صغيرة تريد فرض نظام من فوق، فيما القوى الغربية الاشتراكية المماثلة غير قادرة على وضع الاشتراكية موضع التطبيق.
كان لينين أكثر مقاربةً إيديولوجية نفعيةً لهذا الخيار، فرؤيتُهُ لبناءِ الحزب البلشفي بطريقةٍ قوية دكتاتورية، كان يلغي هذه الديمقراطية عبر سنواتٍ متدرجة من عمله، ويؤدلج الوضع الروسي الذي كان يسير نحو الرأسمالية كما في جداله مع (الشعبيين) الذين رفضوا وجودَ تطورٍ رأسمالي حسب تصاعد دكتاتوريته الشخصية الحزبية العامة المتداخلة، وما كان يقيمهُ الحزبُ الآخر(المنشفي) من عملٍ ديمقراطي متدرج لم يكن يتماشى مع الظروف الشديدة التخلف، ومع ضعفِ القوى الليبرالية في النضال من أجل الديمقراطية، لهذا كان الحزب القوي هو الذي يصعد. والحزبُ القويلا يضمُ حوله بعض العمال ثم يوسعُ حضورَه، ويصبحُ آلةً كآلةِ الدولة.
اقترابُ تروتسكي من الحزب البلشفي في الحرب العالمية الأولى وانضمامه إليه يعودُ لكون هذا الحزب قد تصاعدت نزعة الدكتاتورية (الثورية) العنيفة فيه، وغدا معبراً كذلك عن ذات تروتسكي الذي لم يستطعْ إيجاد مؤيدين حوله، بسبب أن أفكاره لم تكن مجسَّدةً في شكلٍ تنظيمي مؤثر.
في هذه الفترة راحت أفكارُ تروتسكي حول الثورة الدائمة تتضح وتتبلور، ويكون جزءًا من البلاشفة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورةُ السوريةُ والمحتوى الشعبي
- بين الوحدةِ والتفتتِ
- تجارةُ دلمون خطوةُ الخروجِ إلى العالم
- اليسارُ والتكويناتُ الاجتماعية الدينية
- شكلان للتناقض في العمل السياسي
- بعضُ مشكلاتِ الخليج الاقتصادية
- حلٌ توافقي
- الثورةُ السوريةُ والحضورُ الإيراني
- مستوياتُ الدينيين والتحولاتُ السياسيةِ
- البحرين جزيرةُ الحريةِ الغامضةِ في العصر القديم
- مشكلاتُ الجيران السياسية
- انطفاءُ المركزياتِ الحادة
- مشكلاتُ النهضةِ الخليجية العربية الإيرانية المشتركة
- الإخوانُ المسلمون ومخاطرُ الشمولية
- من سبب الأزمة في البحرين؟
- روسيا والصين من مساندةِ الثوراتِ إلى إجهاضها (2-2)
- روسيا والصين من مساندةِ الثورات إلى إجهاضِها (1-2)
- الأديانُ والتحولاتُ
- تطويرُ الأنظمة (2-2)
- تطويرُ الأنظمة (1- 2)


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله خليفة - تروتسكي والثورة الدائمة (1-2)