أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - بين الوحدةِ والتفتتِ














المزيد.....

بين الوحدةِ والتفتتِ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3652 - 2012 / 2 / 28 - 08:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لا يعرف الشرقيون على مدى تاريخهم الطويل الجمعَ بين الوحدة والديمقراطية، وتأسيس التنوع والاختلاف معاً، ومنذ أن أسس البابليون إمبراطوريتَهم وتوسعوا في محيطهم يضمون البلدانَ ويغزون البوادي، والإمبراطورية تؤدي إلى إثخان الشعوب بالجراح، وتحويل العاملين فيها إلى عبيد والنساء إلى جوارٍ.
تتوسع أي دولة حيث تتشكل القمة من قيادة خاصة تجمعُ الثروات ولا تستطيع تطويرَ قوى إنتاجها الخاصة، فإذا طورتها فهي لاستمرار القنوات والحرف عضدي الإنتاج الحيوي وللبناءات الباذخة المظهرية التي غدت لدى الناس (عجائب الدنيا)، لأن العملَ الرخيصَ للعبيد الذين حملوا تلك الإنشاءات هم الذين تعبوا وهم الذين لا يُدفع لهم سوى بعض الأغذية تبقيهم على قيد الحياة، لكي يواصلوا تشييد الأعاجيب، ويقوم بعضُ المتعلمين بهندسة وتصميم تلك الإنشاءات في نظير أجور أفضل قليلاً من أجور العبيد.
تغدو الإلهة الكثيرة المعبرة عن مدن وأقاليم الإمبراطورية والمعبرة عن قوى الناس التي جُردت وغدتْ قوى خارجية مهيمنةً عليهم مثل كل ما ينتجونه من أدوات كالسلطة والنقود والجيوش ومعبرةً كذلك عن السلطات المحلية والدينية التي لا تذوب في كيان الإمبراطورية مهما اتسعت، لأن الوحدة في الشرق فوقية إدارية، والإمبراطوريات هي أجسامٌ سياسية عسكرية عند النخب الحاكمة.
الكائنات الدينية الأسطورية تتعدد وتتلون حسب إيقاعات الأحداث التاريخية، وتعكس قوى الإنسان العميقة كذلك، وطبيعة السلطات السياسية من أمومية تخبو مع تصاعد الدول وهيمنة الذكور، إلى ذكورية تتقوى في كل شؤون الحياة.
كلُ توسعٍ فوق الشعوب يتبدلُ بهدم للإمبراطورية وتحولها لبساطٍ ممزقٍ من الدويلات، هي تجميعُ ثرواتٍ في مراكز معينة، لكن الشعوبَ لا تستطيع أن تواصلَ شحنَ دمائِها لهذه العواصم الجبارة، وما كانت آلهةً موحدةً تغدو عودةً لما قبل الألوهية الموحَّدة، تصيرُ مذاهب كثيرةً ومللاً عديدة، حتى يهب إعصارٌ من مكان ما، وتزحف إمبراطورية كالإمبراطورية المصرية وتؤسسُ تجميعاً هائلا للشعوب، وتجد الشعوبُ بعد فترة من السحق ضرورة وجود الوعي التوحيدي، وتجذب الأممُ الشرقيةُ الأممَ الغربيةَ لدائرةِ التاريخ المركزية فتظهرُ الإمبراطوريةُ الإغريقية ثم الرومانية، تقومان بذات الفعل من تجميع الثروات وهدرها، والقيام بأعمال فكرية واقتصادية في ظلال هذه الأعاصير. ثم تظهر الإمبراطورية العربية فالإمبراطوريات الغربية من إسبانية وبرتغالية وبريطانية وأمريكية وروسية.
عواصمُ الإمبراطورياتِ تتألقُ بالثقافة وبنشرِ الكتب والفنون والعمارة تأخذُ موادها من الأريافِ الغارقة في العمل والجهل، ومن البوادي التي تقدمُ الجنودَ والضرائب، لكن المدن الكبرى المركزية العواصمَ المتألقةَ تبهتُ ويصعبُ عليها إيجاد الموارد وتدخلُ في العجز وهي في قمة ثرائها الباذخ المظهري، فتتقطع الخيوطُ السياسيةُ والاقتصادية، والعملاتُ تتدهورُ قيمها، والأزماتُ تتفجرُ من دون إدراكٍ لمصادرها، والاقاليمُ النائمةُ تتحركُ بأشكالٍ غيرِ عقلانية تعكس قرون الاستبداد والتخلف وجعل العاملين آلات بشرية.
تبدو المدن الهائلة ذات البنايات العظمى على هيئاتِ وحوش أسطورية إمتصتْ أغلبَ قيم العمل البشري من عملٍ ملموس وهندسةٍ تصميمية وعلومٍ فيما المساحاتُ الهائلة للبلدان تغرقُ في العتمة وتعيش على السطوح الأرضية.
في الزمن المعاصر تحاول الأممُ والشعوبُ العثورَ على صيغٍ توحيدية جامعةً للاختلاف والتنوع، لاستمرار العلاقات بين القمم الرشيدة والقواعد العاملة، ولبقاء هياكل الدول وإعطاء الإقاليم والبوادي والأرياف حقوقها من الأموال العامة والتصويت الوطني العام والمؤسسات والمشروعات، ولم تعد القوى المركزية والفوقية هي التي تقرر وحدها المشروعات والميزانيات، ولهذا فإن صيغ المذاهب المتصارعة والأديان المتنابذة والفلسفات السياسية الحديثة التي تلغي كلٌ منها الأخرى، لم تعد تعبرُ عن الحراكِ السياسي البشري العالمي، لكن الناس في كل مكان مغروزون في تواريخهم القديمة، وتقاليدهم الدينية، وأفكارهم الماضوية التي عبرت عنهم وعن جودهم فيما مضى وأصبحت تنظم تقاليدهم وأشكال معرفتهم البسيطة ويجدون صعوبات جمة في الملائمة بينها وبين ثورات العصر المعرفية والسياسية والثقافية.
كما أن الخريطة الأرضية مازالت تعيش على حراك الإمبراطوريات المهدمة والمتواصلة، وينقسم العالم الآن بين إمبراطورية غربية مهيمنة وإمبراطوريات شرقية محطمة، الأولى تفرضُ أسلوبَ إنتاج رأسمالي هو بحد ذاته انقسامي تفكيكي يركز الثروات في مدن غربية هي قمم المدن في تاريخ البشرية كله، بكل مركزيتها وتضخمها المالي، وأسلوب إنتاج شرقي رأسمالي لم يصل بعد إلى المستوى الغربي، ومازال في عالم التفكيك القديم، والجانبان يتصارعان من أجلِ حلولٍ وسط وتاريخ جديد يطور الجميع دون أن يحصلوا على هذه الصيغة في الحياة الاقتصادية الحقيقية التي هي صراع مستمر على الثروة والمكاسب الذاتية كل من جانبه.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجارةُ دلمون خطوةُ الخروجِ إلى العالم
- اليسارُ والتكويناتُ الاجتماعية الدينية
- شكلان للتناقض في العمل السياسي
- بعضُ مشكلاتِ الخليج الاقتصادية
- حلٌ توافقي
- الثورةُ السوريةُ والحضورُ الإيراني
- مستوياتُ الدينيين والتحولاتُ السياسيةِ
- البحرين جزيرةُ الحريةِ الغامضةِ في العصر القديم
- مشكلاتُ الجيران السياسية
- انطفاءُ المركزياتِ الحادة
- مشكلاتُ النهضةِ الخليجية العربية الإيرانية المشتركة
- الإخوانُ المسلمون ومخاطرُ الشمولية
- من سبب الأزمة في البحرين؟
- روسيا والصين من مساندةِ الثوراتِ إلى إجهاضها (2-2)
- روسيا والصين من مساندةِ الثورات إلى إجهاضِها (1-2)
- الأديانُ والتحولاتُ
- تطويرُ الأنظمة (2-2)
- تطويرُ الأنظمة (1- 2)
- طريقا الرأسمالية إسلاميا
- حول غياب ثقافة المواطنة


المزيد.....




- -جمال بنت السعودية-.. الأميرة رجوة تثير تفاعلا بأحدث ظهور
- مصر.. فيديو تبثه فتاة -خادش للحياء- يثير تفاعلا والداخلية تر ...
- إعادة انتخاب نجيب بوكيلة رئيسا للسلفادور للمرة الثانية
- الشرطة الأمريكية تعتقل خمسة صينيين بسبب -آيفون-
- ليندسي غراهام: على بايدن توضيح أن مقترح وقف النار لن يمنع من ...
- كندا تعرب عن رغبتها بالتعاون مع -أوكوس- في تطوير التقنيات ال ...
- الصين تعرض صورا فريدة التقطها مسبار -تشانغ آه-6- على الجانب ...
- مستشار سابق في البنتاغون: برلين ستتقارب مع موسكو وستبتعد عن ...
- بعد اتهامات بـ-مهاجمة مصالح إسرائيل بعصابات-.. إيران تستدعي ...
- السعودية تبدأ تطبيق عقوبة -الحج بلا تصريح- بغرامات وسجن وترح ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - بين الوحدةِ والتفتتِ