أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خديجة آيت عمي - الجريمة والعقاب














المزيد.....

الجريمة والعقاب


خديجة آيت عمي
(Khadija Ait Ammi)


الحوار المتمدن-العدد: 3651 - 2012 / 2 / 27 - 16:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



نظرت إلى اليد المقطوعة موضوعة على طاولة بالقرب من كتاب يحكى عنه مقدسا .
وُضِعت اليد في هدوء وكأن شيئا لم يكن،عليها سيفُ قاطِعِها أعتقد .
كنت أتوقع وجود إسم أو رقم بطاقة صاحبها على الأقل، لكن شيئا من هذا لم يحدث .
في المقابل أحدهم يتلو قرآنا على صاحب اليد ،الذي لا شك قد فقد دما غزيرا أثناء عملية البتر هاته والتي ـ حسب اعتقادي ـ لن تفيد البشرية في شئ بقدر ما تخلق رد فعل نفسي جماعي معاكس لمتمنيات العقوبة .
إذن لنرى ما حدث ، الموضوع أو "الجريمة " تتحدث عن مواطن سعودي سرق معزة (عفوا معزة) مما ألّب عليه صاحبها اللذي لم يتحمل رؤية حيوانه مختفيا عن الأنظار.
فقرر إخبار الشرطة أو الفقيه ( إذ لا علم لي بقوانين شبه الجزيرة) على أن يتمّ القصاص على المواطن الجائع الذي إضطره وضعه الإقتصادي القيام بفعلته ، فتفوّه أصحاب القرار بالحكم على السارق .
وكما هي العادة لم يستطع أحد من مواطنيه أو صحفييّه رفع الرأس معارضا الحكم الذي لا يناسب حجم القصاص ، بل تتردّد بين الحينة و الأخرى أصوات في غوغاء مكرسة هذا النوع من الأحكام المتطرفة دون الإنصات إلى الضحية التي يتم تجريمها ويمنع الإستماع إلى أقوالها و التي بالتالي تصبح على غير إستحقاق حتى لمن يترافع لصالحها قضائيا.
ثم يأتي الرد من حراس الشريعة بديهيا تقليديا عتيقا من زمن كان ُيلقى فيه بنو الإنسان بساحة الملاعب أو المسارح ( لا تهم التسمية ) ليتم افتراسه من قبل الأسود الجائعة في مرآى حضور هائج متربص بالضحية إلى أن يتم إلتهامها ، مصفقين في حرارة مبتهجين لمرآى الإنسان في مرحلة الإبتلاع و من ثمة الإختفاء مخلفا بركة من دم بائس على أرضية الملعب / المسرح .
تقول الشريعة إن هذا النوع من العقاب ضروري لاستقامة الفرد و من ثمة المجتمع فيتم نضج هذا المجتمع ـ دائما حسب منطق الشريعة ـ ليصبح بعدها مرتعا للحكماء ـ العقلاء حتى بين الأطفال و المعتوهين الذين لا قدرة لهم على التمييز .
ثم يستأنف الرّد مدافعا عن ضرورة خلق جو الرّدع عند كل فرد من أفراد المجتمع تفاديا للتكرار .
إذن ،لنكن نزهاء مع أنفسنا دون استراق النظر حول من يرانا من محيطنا ونحن نجيب ولنطرح هذا السؤال المباشر : من مِنّا لم يسرق في حياته و لو مرة واحدة ؟
أعتقد أن الجواب سيكون :لا أحد .
نعم ، لا أحد . هكذا يكون الجواب الصريح.
إذن كيف يُسمح لسارق أن يحكم على سارق ؟؟ وبتلك الطريقة العشوائية ،أي قطع اليد؟ وكيف تتم المصادقة على منطق ساذج كذلك ؟
صحيح أن في نقطة بشرية معينة كانت الحلول بسيطة لبساطة العقل مما انعكس على التشريع نفسه ، لكن أصبح من اللامقبول بعد توفر الخبرة والمهارات العلمية المتواجدة بين أيدينا اليوم والمجيبة على كل سؤال / إشكالية التصرف بدرجة كهذه من الإستخفاف ،إذ تم إدخال علم الطب النفسي وطب الأمراض النفسية والعقلية والتحليل النفسي وعلم الإجتماع وعلم الجينات والعلوم السياسية للإشتغال في
هرمونية متماسكة مع ما يسمى قانونا.
ثم يأتي التساؤل الآخر حول الأرضية التي يتم فيها تعميم هذا النوع من العقاب ،
وحول مدى التحقيق الفعلي اللامشروط لهذا العقاب؟
أعتقد أننا في هذه المرحلة من الموضوع قد طرقنا الباب الوهمي الذي يستحيل فتحه ، إذ أنه من الناحية العملية يستحيل قطع يد شعب بأكمله وإلا مَن سيعيل مَن ومَن سيكفل مَن، ولتبيين استحالة هذا التشريع في تحقيق مبتغاه الإلهي يتم تفويت بعض الحالات عبر عمليات التنفيس ـ المحرَّمة أيضا ـ كالرشوة أو ممارسة الجنس بالمقابل أواستخدام المحسوبية والواسطة إلخ ... ليتمّ كنس الجريمة تحت البساط كأن شيئا لم يكن ، وهنا يبقى الضحايا هم الضحايا ، ضحايا المجتمع الحقيقيين أي اللذين لن يستطيعوا تقديم لا الجنس و لا المال ولا الواسطة بالمقابل للقيام بعملية كنس الجريمة ووضعها تحت البساط بمنأى عن مجتمع لا هم له سوى البحث عن زلاّت الآخرين .
و بالتالي يتبين أن حراس معبد الشريعة لا يعنون في تشريعهم سوى هذه الفئة ، هذه الفئة بالذات التي لن تستطيع الإفلات من القصاص و من قطع الأيادي و الأرجل .
ثم إن كان هذا القصاص ناجعا، فلماذا لم يُؤت ثمره بعد أربعة عشرقرنا من التطبيق؟
وإن كان للردع ،فلماذا لا تزال الجزيرة العربية تعج بالمجرمين رغم الرجم والبتروالإعدامات؟
إذن تبقى مسألة التعميم اللامشروط للشريعة مشروطا ـ مع أسفنا ـ عكس إيحاء ات الفقهاء وبالتالي لايبدو تطبيقها سوى من دواعي التخويف والترهيب ومن ثمة المزيد من الإذلال والسيطرة.
في الوقت الذي تستخدم القوانين التي تحترم شعوبها كامل إمكانياتها اللامشروطة لإرجاع اليد المبثورة إثر حادث ما ويقضي الجراحون الساعات واقفين آملين وضع قطعة الجسد إلى مكانها حتى و إن كان صاحبها متسكعا لا يملك سنتيما في الجيب.



#خديجة_آيت_عمي (هاشتاغ)       Khadija_Ait_Ammi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرحبا في عالم الشماكرية ( البلطجية )
- وجبة جائع
- سانت فالنتنو و السلفية بالمغرب
- مايك
- قضية الأمازيغية بالمغرب
- المغرب بين الشرق المؤمن والغرب الكافر(3 )
- شتاء أبيض
- الذكرى الأولى لفقدان المرحوم أبراهام السرفاتي
- فضيلة
- فيفالدي ، أو القسّيس الأحمر
- الثلج
- العدالة و التنمية
- التزوير القديم للدستور الجديد
- المغرب ما بين بلطجة البلطجية و بلطجة الدستور
- الكانتور
- الوزير
- ردا على رسالة السيد محمد الفيزازي
- المغرب بين الشرق المؤمن و الغرب الكافر(2 )
- المقبرة
- المغرب بين الشرق المؤمن و الغرب الكافر


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خديجة آيت عمي - الجريمة والعقاب