أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شريف صالح - من مواطن مصري إلى الرئيس الأسد















المزيد.....

من مواطن مصري إلى الرئيس الأسد


شريف صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3648 - 2012 / 2 / 24 - 08:16
المحور: المجتمع المدني
    


من مواطن مصري إلى الرئيس الأسد

السيد بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية والأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي، وريث عرش زعيم الأمة العربية المفدى حافظ الأسد، قائد جبهة الممانعة ضد العدو الصهيوني وهازمه في غزة وبيروت وطهران.
لا أدري أي الألقاب أحب إليك! ربما تفضل أن أناديك "أبا حافظ" ولك أن تعذرني إذا تعثرت في ديباجة رسالتي، فأين مقامي من مقامك.. ومهما أُوتيت من فصاحة فإن رسالتي تبقى دون خطاباتك المفحمة للعدو والصديق على السواء.
ربما لن تجد الوقت الكافي لقراءة رسالتي في ظل انشغالك بصد المؤامرة الكونية التي تتعرض لها سورية عقاباً على قيادة محور المقاومة. والوقت لا يسمح بالمقدمات الطويلة لذلك سأدخل في الموضوع مباشرة وأرجوك:
بحق محبتك لأطفالك "حافظ وزين وكريم" حفظهم الله، أن تفرج عن الفتى "نور عبد الرحمن حلاق".
لن أطلب منك ما هو فوق طاقتك، لن أزعم مثلما يزعم خصومك بأن في سجونك أكثر من 60 ألف مواطن سوري.. هم مثلك من طين هذا الوطن. بل سأقبل ما يردده جهازك الإعلامي عن الشبيحة والإرهابيين والمؤامرة الكونية. لكنك مازلت ـ حتى لحظة كتابة رسالتي ـ رئيس الجمهورية وتقدر أن تتدخل لدى الجن الأزرق كي تفرج عن شاب واحد فقط! شاب واحد فقط لا غير يدعى
"نور عبد الرحمن حلاق"
انس وعودك للجامعة العربية بالإفراج عن جميع المعتقلين. ولك وأنت الأمين القطري لحزب البعث أن تقدر الظروف السياسية بحنكتك وفطنتك، لكن لن يضيرك إذا أفرجت عن:
"نور عبد الرحمن حلاق".
إذا قال لك الجنرال الذي يسلمك التقارير الميدانية أولاً بأول إن "الولد خطر على الأمن القومي" فأطمئن سيادتكم بأنه لم يمسك في حياته مسدسا ولا حتى بندقية صيد. وعندما قُبض عليه ـ بالتأكيد مجرد خطأ روتيني ـ كان أعزل إلا من "لا إله إلا الله" في قلبه.
وحتى لا تتضارب التقارير التي تصلك من أجهزة الأمن السيادية المختلفة ـ وفقها الله ـ سأعترف لك بأن الكيس الذي عثرت عليه أجهزتك الأمنية التي لا تخفى عليها دبة النملة، لا يشكل أي خطر على الأمن القومي السوري، وأقسم برأس ابنك حافظ بأنه ليس في الكيس سوى علب أدوية، رغب نور في لحظة حماس شبابية في إيصاله لمصابين وجرحى.. أي لمواطنين سوريين مثلك، وليس إلى إسرائيليين.. وبالطبع أنت طبيب عيون يفترض أن تحول بيننا وبين العمى.. ودرست في لندن وتعلم أن إيصال الأدوية عمل إنساني نبيل حتى للخصوم والأعداء.
وإذا قيل لك إن "الولد" أساء الأدب على أسياده و"عامل فيها بطل" ـ لست متأكداً كيف تكتب الجملة باللهجة السورية ـ فهذا أمر يفرحك لأن "نور" الذي كان طفلاً صغيراً في بداية حكمك، أصبح الآن شاباً يافعاً حراً، وهو إنجاز لك أن تفخر به. ولأنه يعلم أن رئيس سورية يقود جبهة الممانعة ضد أميركا وإسرائيل ومحور الاعتدال والغرب الصليبي والصهاينة والمتصهينين، فقد ظن ـ وبعض الظن إثم يا سيدي ـ أن فعل المقاومة يتطلب شبابا أحرارا لا عبيدا.
فخامة الرئيس بشار الأسد
رأينا عبر الشاشات الناس وهم يسجدون لصورتك حباً وكرامة، والملايين في الشوارع تخرج لتأييدك، وسمعنا عشرات المثقفين والإعلاميين يتحدثون عن إنجازاتك. ولو افترضنا أن "نور" شاب جاحد، ولا يظهر الولاء الكافي.. فلن يضيرك عدم ولاء شخص واحد.. أو بضعة آلاف من الأشخاص!
لا أخفي على سيادتكم أنني لم أعد متأكداً إذا ما كنتم تريدون سورية حرة أم ساحة للخراب والقتلى! ولم أعد أعرف الفرق بين الإخوان والشبيحة وحزب البعث ونظرية المؤامرة والممانعة والمقاومة.. كل الكلام لم يعد له معنى في روحي، لا مذاق له في فمي.. وكل ما أنا متأكد منه ـ وأنا أكتب إليك رسالتي الأولى والأخيرة ـ على أعتاب فجر جديد وووجه يوم آخر من أيام الله، أن الفتى نور منذ أيام لا يبيت في حضن أمه ابتسام تريسي.
وقبل أن تطلب ملفها من جهاز الأمن السري ـ عذراً لا أعرف مسماه بدقة لكن من المؤكد أنه "سري" ـ سأقول لك إنني أعرف ابتسام من الواقع الافتراضي ـ الإنترنت يعني ـ منذ سنوات، فكانت نعم الأخت والصديقة والأم. تخيل لم نتقابل وجهاً لوجه أبداً، ومع ذلك أصرت أن تغزل بيديها ثوباً لابني عقب ولادته وأرسلته من سورية إلى الكويت. أليست أماً سورية عظيمة التي تفعل ذلك؟
احتراماً لها تعودت أن أخاطبها "أم النور"، ليس فقط كنية عن نجلها ـ المعتقل الآن في سجونك بالخطأ طبعاً ـ بل أضفت "آل" التعريف متعمداً، كي تصبح كنيتها مطابقة لكنية مريم العذراء عليها سلام الله، فابتسام ـ ولا أبالغ سيدي الرئيس ـ هي مثال للحنان ومحبة الآخرين ومواساة الغريب قبل القريب، فبالله عليك إذا لم تستحق لقب "أم النور" فمن التي تستحقه؟
ابتسام أيضاً روائية ـ قد يكون ذلك أمراً غير ذي جدوى بالنسبة لفخامتكم ـ لكنها لا تكتب عن الجسد وأوجاع وهموم المرأة العاملة إلى آخر هذه السخافات، بل تكتب عن سورية، تلملم سورية من الرماد وتحييها من جديد، بشوارعها وياسمينها وجبالها ورجالها ونساءها وتاريخها وحزنها المنسي وراء الجدران.
أستطيع أن أحدثك عن سورية حتى الصباح، سورية التي ربما لم يتح الوقت لسيادتكم لمعرفتها، ليس لأن اسمي كان ضمن كشوف عزكم ولا لأنني من الضيوف الدائمين على حزب البعث وأذرعه الإعلامية ومهرجاناته.. بل لأن ابتسام تريسي أرتني الطريق الحقيقي إلى سورية.
لك أن تتخيل كم شخص على مر الزمان، في الشرق والغرب، يمكن أن يحب سورية عبر سطور ابتسام تريسي. لا أطلب منك أن تقيم لها تمثالاً في حجم تماثيل والدك ـ حاشا لله ـ ولا أزعم أنها ـ لا سمح له ـ بنت سورية أكثر منك ـ بل كل ما أرجوه منك أن تطلق سراح ابنها كي ينام في حضنها.
تخيل يا سيدي ـ ولو لثوان ـ كيف يكون شعورك إذا ذهبت للنوم ولم تقبل ابنك حافظ في جبينه أو تقرص خد ابنتك زين! تخيل ماذا سيكون إحساسك إذا أخبرك جنرالك القوي الأمين أن عصابة من الشبيحة ـ لا قدر الله ـ خطفت ابنك "كريم" منذ عشرة أيام ولا أحد يعرف عنه أي شيء.. لا معلومة حقيقية أو كاذبة، لا شيء سوى سكين انتظار مسمومة تقتل القلب ببطء.
باسم الأم أطلق سراح نور حبة فؤاد ابتسام تريسي
وباسم الأب أيضاً أطلق سراح نور نجل عبد الرحمن حلاق.
لن أفيض عليك بالكلام عن الأب عبد الرحمن حلاق، لن أزعم أنه صديقي الصدوق وأنه مثال الشفافية والنبل والطيبة. فقط راجع ملفه الأمني، كي تتأكد بنفسك أن عبد الرحمن وضع حجراً على قلبه وتغرب منذ سنوات بعيدة كي يوفر الحياة الكريمة لنور وأخوته.. فهل هذا جزاؤه؟ لقد تفهم ظروف البلاد الصعبة وانشغال قادتها وحزبها بحروب لا تنتهي، فهاجر إلى أرض الله الواسعة، وقرر أن يساعد الحكومة فيما عجزت عن توفيره للمواطنين. وهي لا تلام فالحروب لا تعد ولا تحصى.. ولن أعاتبك الآن بأنك رغم كل هذه التضحيات لم تحرر الجولان، لا أنت ولا أبوك.. لكن على الأقل يا سيدي من حق عبد الرحمن بعد كل سنين الغربة أن يفرح بابنه ويزوجه ويتقاعد كي يداعب أحفاده.
فخامة الرئيس المبجل
طلبي صغير جداً، ينفذه أمين شرطة أو حارس سجن برشوة هزيلة.. لكنني آثرت أن أطلبه منك رأساً، لأنك أب. وأود أن أقول لك "لا تزيد الثأر بينك وبين أهل بلدك".. لكن حتى هذه الجملة اعتبرها محذوفة، وفقط أعد نور سالماً، كما أخذه جنودك سالماً.
لا تستغرب أن يرسل مواطن مصري رسالة إليك، وقد يقول وزيرك إعلامك: "هذا تدخل في الشؤون الداخلية" أو تهديد للسيادة القطرية"، ولن أتحجج بشعار حزب البعث "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة" ـ اعذرني إذا لم أحفظ الشعار جيداً، وتقبل اعترافي بأنني لم أكره كلمة "الشيطان" قدر كراهيتي لكلمة "البعث" ـ أيضاً لن أزعم أنني أدافع عن "نور" فقط لأنه ابن أعز صديقين.. ولن أقول لك إنني منذ علمت بالخبر أشعر بالخزي والعجز والعار وأكره مذاق الطعام في فمي.. لن أروي لك الأساطير عن علاقات مصر وسورية، ولا يهمك إذا كنتُ أحببت فريد الأطرش وعندما كبرت وعلمت أنه سوري درزي لم يتغير حبي وتفضيلي له على عبد الحليم حافظ.
لا أخفيك يا سيدي أنني لا أعتد كثيراً بالجغرافيا ولدي حساسية من خيوطها المتعرجة. وكل الحجج قد لا تكون ذات أهمية بالنسبة إلى فخامتكم، لذلك سأختصر كل كلامي وأعيد طلبي ورجائي في جملة واحدة:
سيدي الرئيس بشار الأسد إذا كنت تحب الله ـ على أي دين تشاء ـ وتحب أبناءك الثلاثة، وتحب سورية، وتحب الأمة العربية أطلق سراح نور عبد الرحمن حلاق.. أطلق سراح كل "نور" مسجون وراء قضبانك.
التوقيع
شريف صالح
مواطن مصري



#شريف_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية مأساوية لرجل متفاءل
- عشر أمهات للبصق على وجه مبارك
- وكل عاشق قلبي معاه (ليس رثاء لإبراهيم أصلان)
- دفاعاً عن نجيب محفوظ ضد الشحات
- اللص الهارب في أربع حكايات
- صدور نجيب محفوظ وتحولات الحكاية بمناسبة مئويته
- تفاحة الديمقراطية المسمومة
- الثورة قامت.. ونامت
- لا تخفي علاماتك
- الدنيا على مقاس -سلفي-
- مائة ألف شاعر في كل عالم افتراضي.. يهيمون
- آن لك أن تتقيأ.. في دول اللاجئين
- ملاحظات حول اللحى الخمس
- نادراً ما يموت كاتب عربي حر.. هذا هو فاروق عبد القادر!
- فتاة أوباما
- أسامة أنور عكاشة.. مؤسس الرواية التلفزيونية
- الكاتب العربيد والقارئ القديس
- مصطفى صفوان: السلطة المحتكرة لا تحب الحق إلا باعتباره من اخت ...
- ذكريات قد لا يعرفها نصر حامد أبو زيد
- -مثلث العشق- مجموعة قصصية جديدة للكاتب شريف صالح عن دار العي ...


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شريف صالح - من مواطن مصري إلى الرئيس الأسد