أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل بشير الصاري - خطر الإدمان على تعاطي المخدِّرات الأدبية والفنية














المزيد.....

خطر الإدمان على تعاطي المخدِّرات الأدبية والفنية


عادل بشير الصاري

الحوار المتمدن-العدد: 3645 - 2012 / 2 / 21 - 23:52
المحور: الادب والفن
    


تمثِّل الآداب والفنون الهوية الثقافية والفنية للأمة ، ولكل أمة من أمم الأرض نصيب منها ، فلم تأتنا عن الأولين أن أمة خلت من الأدباء والشعراء والفنانين ، ولكن دلت الدلائل والشواهد من الماضي البعيد على أن بعض الأمم كالعرب كان للآداب والفنون فيها شأن عظيم يفوق شأن علوم الطب والهندسة والفلك وغيرها .
وقد نشأت الأجيال الماضية من أمة العرب على الافتتان بالشعر والغناء ، فكان زعماؤهم يشجعون الشباب على تعلم الشعر وحفظه وروايته ، وينحرون الإبل ويقيمون الأفراح إذا نبغ فيهم شاعر، وكان خلفاء بني أمية وبني العباس يجمعون في قصورهم الشعراء والمغنين والمغنيات ، ويستمعون إليهم ، ويغدقون عليهم الأموال الطائلة ، لذلك حظي الشاعر والمغني عندهم بمكانة توازي اليوم مكانة العظماء والعلماء .
لكن بعد الذي شهدته البشرية من تطور هائل في جميع مناحي الحياة تراجع اهتمام الناس بالأدب ، فقد شغلتهم عنه مستجدات الحياة العصرية ، ولم يعد إلا القليل يهتم بقراءة الشعر والقصة والرواية ، وهكذا كسدت سوق الأدب ، لكن بقي سوق الغناء رائجا ، وإني أدعو الله أن يصيبه ما أصاب الأدب حتى تخف سطوته على عقول وقلوب الخاصة والعامة .
إني أمضيت في تدريس الأدب ثلاثين عاما ، وأحسب نفسي من عشاقه ومتذوقيه ومن المولهين بسماع الطرب العربي الأصيل ، وأقدِّر تقديرا كبيرا دور الأدب والفن في تهذيب الشعوب وإنضاج حسها الفني ، ولكن مع هذا أخشى سطوتهما على العقول والقلوب ، ذلك لأني أعتقد أن الهيام بهما والإدمان عليهما يورِّثان الكسل والخمول ، ويصرفان عن تعلم العلوم المفيدة للفرد والجماعة ، فالأمة لا يمكن لها أن تتقدم أو تكتسب لها مكانة وهيبة بين الأمم إذا ظل معظم شبابها يثرثرون بالشعر ممارسة وتلقياً ، ويدمنون على سماع المغنين ليلا ونهارا ، ويفتتنون بالراقصات والمسلسلات والأفلام .
وقد سمعتُ أن أهل موريتانيا يفتخرون بأن لديهم مليون شاعر ، وربما يقصدون من هذا أن لديهم خلقا كثيرا يستطيع نظم أي كلام على أوزان الخليل ، ولو صحَّ هذا فليس لهم فيه مزية على غيرهم ، وهو ليس مما يُفتخر به ، وكان من الأولى أن يكون لديهم مليون من الأطباء والمهندسين والاقتصاديين وعلماء الجيولجيا والفلك بدلا من العاطلين الذين يتسلون بتركيب الكلام الغث والسمين على تفعيلات الأوزان الخليلية .
لن تستفيد الأمة إذا انصرف أكثر شبابها عن العلوم والأبحاث والاكتشافات، وأدمنوا على تعاطي المخدرِّات الأدبية والفنية ، وباتوا لا يحسنون شيئا من المهارات والأنشطة غير الغناء والرقص ، ومضغ الكلام وليِّه ، واللعب بمفرداته استعارة وتورية وتجنيسا وتضادا ، في الحديث اليومي وفي وسائل الإعلام وعلى المنابر السياسية والثقافية والدينية .
إن المتابع لحالة الوسطين الأدبي والفني يعلم علم اليقين أن كثيرا من الأدباء والشعراء يعيشون في أبراج عاجية بأخيلتهم وشطحاتهم ، ويتصنعون التأمل والتفكير والتفلسف ، ويثرثرون على الأرائك بما لا يفهمونه ولا يفهمه غيرهم ، ورحم الله نزار قباني حين قال عنهم :
يتكلمون مع الفراغِ فما همُ .... عجَمٌ إذا نطقوا ولا أعرابُ
يتهكمون على النبيذِ معتَّقاً .... وهمُ على سطحِ النبيذِ ذبابُ
وأما الوسط الفني الذي توارى عنه الفنانون المحترمون وتصدره المخنثون والعاريات ، ففضائحه ومخازيه مطروحة في الطرقات العامة سمع بها الإنس والجن معا ، ولا أعجب من شيء كما أعجب من شباب يفتتن بهذا الصنف الرديء ممن يسمون زورا وبهتانا بالفنانين ، ولكن يبطل عجبي إذا تذكرتُ القول السائر : ( للناس فيما يعشقون مذاهب ) .



#عادل_بشير_الصاري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة العربية كما تُدرَّس في الجامعات الليبية
- اللغة العربية كما درسْتُها في الجامعة
- عيدٌ .. ولكنْ لا أقولُ سعيدُ
- أما آن لهؤلاء الأيتام أن يعتذروا ؟
- أمنيات عربي أهبل
- لبنان .. دولة أم منتجع سياحي ؟
- أدونيس .. الشاعر الجائع
- نساء الصعيد وهوانم Garden city
- لو كان الإسلام رجلا لقتلته
- وصية ابن الراوندي
- انتظروا الزحف المليوني نحو القدس
- إشكالية وصول الكلام إلى المتلقي
- عذراً .. لا تعجبني هذه الأسماء
- فاكهة صغار الملحدين
- مراتب المؤمنين بالله
- نبي المسلمين بين محبيه وشاتميه
- بين يدي إبليس
- القذافي .. ضحية التهريج الإعلامي
- ترانيم قداس عام جديد
- الحب كما تصوره الرومانسيون الأوائل


المزيد.....




- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...
- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...
- لأول مرة في الشرق الأوسط: مهرجان -موسكو سيزونز- يصل إلى الكو ...
- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...
- طبول الـ-ستيل بان-.. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطاني ...
- بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي ...
- كيف نجح فيلم -فانتاستيك فور- في إعادة عالم -مارفل- إلى سكة ا ...
- مهرجان تورونتو يتراجع عن استبعاد فيلم إسرائيلي حول هجوم 7 أك ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل بشير الصاري - خطر الإدمان على تعاطي المخدِّرات الأدبية والفنية