أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل بشير الصاري - مراتب المؤمنين بالله














المزيد.....

مراتب المؤمنين بالله


عادل بشير الصاري

الحوار المتمدن-العدد: 3603 - 2012 / 1 / 10 - 00:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نقل عبد الله بن المقفع عن برزويه قوله في كتاب ( كليلة ودمنة ) :
(( وجدت الأديان والملل كثيرة : من أقوام ورثوها عن آبائهم ، وآخرين خائفين مكرهين عليها ، وآخرين يبتغون بها الدنيا ومنزلتها ومعيشتها ، وكلهم يزعمون أنهم على صواب وهدى ، وأن من خالفهم على ضلالة وخطأ ، والاختلاف بينهم في أمر الخلق ومبتدأ الأمر ومنتهاه وما سوى ذلك شديد ، وكل ٌ على كلٍ مزرٍ ، وله عدو معيب ، فرأيتُ أن أواظب علماء أهل كل ملة ورؤساءهم ، أو أنظر فيما يصفون ويعرضون ، لعلي أعرف بذلك الحق من الباطل ، وأختار الحق منه وألزمه على ثقة ويقين ، غير مصدق ما لا أعرف ، ولا تابع ما لا أعقل ، ففعلت ُذلك وسألت ُ ونظرتُ ، فلم أجد من أولئك أحدا إلا يزيد في مدح دينه ، وذم دين من خالفه ، فاستبان لي أنهم بالهوى يحتجون وبه يتكلمون لا بالعدل ، ولم أجد عند أحد منهم في ذلك صفة تكون عدلا وصدقا يعرفها ذو العقل ويرضى بها )) .
يتبدى في هذا النص موقف ابن المقفع من الأديان والملل ، معتمدا على ما رآه من أحوال معتنقيها ، وهذا يعني أنه لم يفحص الأدبان نفسها ، بل فحص حال المؤمنين بها ، فوجد أن كل صاحب دين يتصور أنه على حق وغيره على باطل ، كما أن ابن المقفع لاحظ أن المؤمنين حين يشرحون أديانهم فهم يتكلمون عنها كلاما عاطفيا لا يستند إلى العقل .
وخلص ابن المقفع إلى أن جمهور المؤمنين لا يتعدى ثلاث درجات :
درجة أولى يمثلها مؤمنون ورثوا الدين عن آبائهم فآمنوا مثلهم ، وهؤلاء يشكلون السواد الأعظم من المؤمنين ، وهم أصل البلاء والفساد الذي يحل بالأديان ، وذلك لأنهم ينشئون على تقليد ومحاكاة المتفقهين في الدين ، ويصدون أية محاولة لتجديده وتطوير منظومته ، ولكونهم يمثلون الأغلبية فإن رؤساء الدين عادة ما يصانعونهم ، بل لنقل يخافونهم لأجل الحفاظ على مكانتهم .
ودرجة ثانية يمثلها مؤمنون آمنوا خوفا وكرها ، وهؤلاء قلة ، فلا أحد الآن يؤمن بسبب الخوف إلا الذي يتمثل الموت أمامه في كل حين ، ولا أحد أيضا يجبر على اعتناق دين إلا في حالات معينة ، كأن يضطر مسيحي أو يهودي على التلفظ الشكلي بالشهادتين لأجل الزواج من حبيبته المسلمة .
ودرجة ثالثة يمثلها مؤمنون آمنوا لأجل ابتغاء الجاه والمال ، وهؤلاء هم طبقة الكهنوت ورجال الدين بصفة عامة ، فإن كثيرا منهم يغنمون من الدين غنائم جمة ، وهم ما اندفعوا إلى دراسة الدين والترقي في مراتبه إلا لطمعهم في تبوأ المكانة الدينية والاجتماعية ، وهذه بدورها تجلب لهم المال الوفير، وللإنسان الواعي أن ينظر كيف يتنافس شيوخ المسلمين والمسيحيين على الظهور في الأماكن العامة وفي الفضائيات لأجل إلقاء الدروس والمواعظ والفتاوى التي لا تنقطع أبدا على مدار الساعة ، ومع هذا لم تتمكن من تهذيب أخلاق الناس والتقليل من مستوى الشرور والآثام .
من هنا يتبين أن المؤمنين بالله إيمانا حقيقيا أصيلا هم في الواقع قلة قليلة ، وأن ما سواهم يمكن أن يصدق عليهم مضمون آية 11 من سورة الحج : (( وَمِنَ النَّاس مَنْ يَعْبُد اللَّه عَلَى حَرْف فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْر اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَة انْقَلَبَ عَلَى وَجْهه )) .
وإذا كان هذا هو واقع حال أكثر المؤمنين بالأديان فلا يستغربن أحد أن يشيع بينهم الفساد والكذب والنفاق والرياء ، وهذا لعمري ظاهر للعيان في عموم المجتمعات الإسلامية أكثر من غيرها ، ذلك لأن هذه المجتمعات ينشأ فيها الأفراد شاءوا أم أبوا على الممارسة الجماعية لشعائر الدين كالصلاة والصيام ، ولما كان أكثرهم لا يطيقون على الدوام هذه الممارسة ، فإنهم لذلك ألفوا التظاهر بالتدين أمام بعضهم البعض ، واستمرؤوا هذا الخُلُق المشين حتى صار فيهم ديدنا وطبعا ، فتجد الفرد غير المواظب على الصلاة إذا همت جماعة للصلاة صلى معهم كرها ، وإذا جاء شهر الصيام تظاهر بالصيام أمام الأهل والناس ، مع أنه حين يختلي بنفسه يأكل ويشرب ما يشاء .
ولو ترك أمر ممارسة العبادات إلى الرغبة وعدم التهويل بشأن التقاعس عن أدائها لما رأيت مسلما يصلي أو يصوم رياء الناس ، أو يسأل جاره لِمَ غبتَ عن صلاة الفجر ؟ ولما رأيت أحدا من شرطة الأمر بالعصي والنهي بالكرباج يجبرون التجار والمارة إلى الإسراع إلى المسجد .



#عادل_بشير_الصاري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نبي المسلمين بين محبيه وشاتميه
- بين يدي إبليس
- القذافي .. ضحية التهريج الإعلامي
- ترانيم قداس عام جديد
- الحب كما تصوره الرومانسيون الأوائل
- ثرثرة حول غربة الشعر الحديث
- كيفية الصلاة على الميت الملحد
- المقولات العشر 2
- المقولات العشر 1
- مزيدا من الحوار المتمدن
- إشكالية مصطلح الإيقاع
- وقفة مع ( مواكب ) جبران
- العقيدة العلوية في الماضي والحاضر
- بدايات الشعر في ليبيا
- موقف الرازي من النبوة
- ابن الراوندي مفسرا للقرآن
- تزوجتُ اثنتينِ لفرطِ جهلي
- متعة السؤال ونكد الجواب
- الثورة ... والثوار ... والثيران
- قصيدة في هجاء القذافي


المزيد.....




- 31 دولة عربية وإسلامية تدين تصريحات نتنياهو وخطة الاحتلال ال ...
- وزراء خارجية 31 دولة عربية وإسلامية يدينون تصريحات نتنياهو و ...
- -إسرائيل الكبرى-.. 31 دولة عربية وإسلامية تصدر بيانا مشتركا ...
- فلسطين تحذر من هجمة إسرائيلية -غير مسبوقة- على الكنائس
- حركة طالبان الأفغانية تحيي الذكرى الرابعة لاستيلائها على الس ...
- 31 دولة عربية وإسلامية تهاجم تصريحات نتنياهو وخطط الاستيطان ...
- في ذكرى السيطرة على أفغانستان.. زعيم طالبان يُحذّر من أن الل ...
- الرئاسية العليا: الاحتلال يستهدف الكنيسة الأرثوذكسية في القد ...
- إسلاميون أجانب يطالبون الدولة السورية بمنحهم الجنسية
- زعيم طالبان يحذر الأفغان: الله سيعاقب بشدة الذين لا يشكرون ا ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل بشير الصاري - مراتب المؤمنين بالله