أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل بشير الصاري - بدايات الشعر في ليبيا















المزيد.....

بدايات الشعر في ليبيا


عادل بشير الصاري

الحوار المتمدن-العدد: 3579 - 2011 / 12 / 17 - 18:04
المحور: الادب والفن
    


كثير من متتبعي النتاج الشعري المعاصر في ليبيا يعرفون شعراء مثل محمد الفيتوري ، علي الفزاني ، محمد الشلطامي ، لطفي عبد اللطيف ، عائشة المغربي ، وغيرهم ، ولكن بعضهم يجهل أن تاريخ الشعر في ليبيا ليس قديما قدم الوجود العربي على الأرض الليبية ، فموروث هذا الشعر لا يعد ضخما ، إذا ما قيس بغيره من الموروثات الشعرية في بلدان عربية أُخر كتونس والمغرب ومصر والشام والعراق والجزيرة العربية ، وقد يُفاجأ البعض بأن حصيلة النتاج الشعري في ليبيا منذ الوجود العربي سنة 21 هـ حتى بدايات القرن الماضي ، لو جمع كله قد لا يزيد حجمه عن حجم ديوان شاعر عربي واحد غزير الإنتاج كابن الرومي أو محمد مهدي الجواهري . ولا شك أن البحث في بدايات الشعر الليبي يثير إشكالية لدى الباحثين والمهتمين بتتبع مراحل تطور الشعر في ليبيا ، فالمصادر التي عنيت بتاريخ الأدب الليبي خلال العصور القديمة قليلة ، وما دونته من شعر تلك الفترة يعد أيضا قليلا جدا ، لا يعين باحثاً على الوقوف عنده ، والنظر في خصائصه الموضوعية والفنية ، فأغلب ما احتفظت به الذاكرة من هذا الشعر لا يتعدى أبياتاً قليلة ، أو قصيدة ، أو أكثر بقليل لهذا الشاعر أو ذاك ، وتعود أقدم نصوص الشعر الليبي إلى القرن الخامس الهجري ، أما قبل هذه الحقبة ، فلا يكاد الباحث يظفر منها بشيء ، ولعل أقدم هذه النصوص التي دونتها المصادر التاريخية ، ثلاثة أبيات للشاعر علي بن أبي إسحاق الوداني ، يقول فيها :
من يشتري مني النهـارَ بليـلةٍ لا فرق بين نجومِها وصحـابي
دارتْ على فُلكِ الزمانِ ونحن قد درنـا عـلى فُلكٍ مـن الآدابِ
ودنا الصباحُ ، ولا أتى ، وكأنهُ شيبٌ أطلَّ على سـوادِ شبـابِ
وبالطبع فإن هناك بضع شعراء آخرين دوَّنتْ لهم المصادر شعرا قليلا ، ولكن المقام هنا يقتضي الإيجاز .
ومما تقدم لا يمكن للباحث في شعر هذه الفترة أن يخلص منه إلى رأي يطمئن إليه ، فما ضاع منه ـ لو سلَّمنا بفرضية الضياع ـ حال دون الإحاطة بقيمته الفنية ، وما بقي منه قد لا ينبئ عن وجود نهضة شعرية في تلك العصور كتلك التي شهدتها مدن الجوار كالقاهرة ، وتونس ، وحواضر الخلافة الإسلامية .
وقد فطن الدكتور إحسان عباس إلى هذه الحقيقة ، وتساءل في خاتمة كتابه ( تاريخ ليبيا منذ الفتح العربي حتى مطلع القرن التاسع الهجري) قائلا: (( ألم تنجب ليبيا شعراء وناثرين ؟ )) ، وخلُص إلى أن طرابلس لم تستطع خلال تاريخها القديم أن تكون بلاطاً للأدب والأدباء ، كما كان الحال في القيروان وتونس ، معللاً ذلك بأن طبيعة الحياة في ليبيا وعدم الاستقرار فيها منع من ظهور شعراء من الطراز الأول ، وقد لاحظ الدكتور إحسان عباس بأن أكثر المتمرسين بالشعر ، كانوا إما لغويين أو قضاة .
ويقول الشيخ الطاهر الزاوي في هذا الشأن (( والمتتبع لتاريخ الفتح العربي في ليبيا لا يقع نظره إلا على غزاة تتابعت غزواتهم عليها ، لنشر تعاليم الإسلام تارة ، والحكم والسيطرة تارة أخرى ، يتخلل هذا وذاك حروب طاحنة ، وثورات متتالية ، صرفت الليبيين عما يجب عليهم لوطنهم من توفير وسائل العمران ونشر المعارف والأخذ بنصيب من المدنية لا يقل عن نصيب جارتيها تونس ومصر )).
وإذا كان فساد الأوضاع واضطراب الأحوال في ليبيا القديمة حال دون القيام بنهضة عامة ، تُعنى بشؤون العلم والفكر والأدب ، فإن هناك أسبابا أخرى منعت قيام هذه النهضة ، يمكن إيجازها في النقاط الآتية :
أولاً : ضعف سياسة التعريب التي قام بها الفاتحون العرب في القرون الأربعة الأولى من الفتح ، مما أدى إلى تأخر معظم سكان ليبيا الأوائل البربر أو الأمازيغ عن تعلم اللغة العربية ، وتذوق البيان العربي ، فقد ظلت العجمة فاشية فيهم لقرون عديدة تلت الفتح العربي ، ويبدو أن من تعلم العربية منهم في أول عهود الفتح كان لغرض التخاطب ، وقضاء المصالح المعيشية ، ولم تكن عربية كثير منهم بعربية أدب وتفنن في القول .
يقول الدكتور نقولا زيادة في هذا الشأن : ((عدد العرب الذين استوطنوا ليبيا منذ أيام الفتح إلى أوائل القرن الخامس الهجري " الحادي عشر الميلادي" لم يكن كافياً لصبغها كلها بالصبغة العربية نهائياً ، فظل الغالب على سكانها ـ خاصة في الداخل ـ العنصر البربري ، وإن كانت آثار الروم قد زالت منها تماماً تقريبا ، لكن الذي أتم لليبيا عروبتها هو مجيء قبائل بني سليم وبني هلال في أواسط القرن الخامس الهجري )) .
ويمكن القول إن الإسلام كان في هذه الفترة أسرع من اللغة العربية في الانتشار بين السكان الليبيين ، غير أن اللغات واللهجات غير العربية كالأمازيغية والقبطية مثلا ظلت هي لسان كثير من سكان المدن والبوادي ، ولعل في كتب الرحلات ما يؤكد هذه الحقيقة .
ثانياً : عدم عناية العرب الذين استوطنوا ليبيا عقب الفتح بالشعر ، وهم
قسمان : قسم جاء مع الجيش الفاتح ، ويشمل الجنود والموظفين ودعاة الفرق والمذاهب ، وهؤلاء لم يكونوا يحفلون بالشعر وفنونه ، فقد كان همهم استقرار الأوضاع ونشر الإسلام بين الليبيين ، وقسم ثان يشمل عرب بني هلال الذين استوطنوا طرابلس ، وعرب بني سليم الذين استوطنوا برقة بعد منتصف القرن الخامس الهجري، وهاتان القبيلتان عاشتا زمنا طويلا على الترحال والغزو قبل أن تستقر بهما الأوضاع في المهجر الجديد ، ولم يكن للشعر الفصيح فيهما نصيب ، إذ عرف عنهما العناية بالزجل والغناء الشعبي .
ثالثاً : النشاط الذي قام به دعاة الفرق والمذاهب الإسلامية كالخوارج ، والمعتزلة ، والشيعة ، والإباضية ، والصوفية ، صبغ الحياة الثقافية في ليبيا إبان العصور الإسلامية صبغة تكاد تكون دينية خالصة ،مما جعل عناية أكثر المتعلمين آنذاك تتجه إلى العلوم الشرعية واللغوية والطرق الصوفية ، ومن يراجع كتب تراجم أعلام ليبيا في تلك العهود سيُفاجأ بعدد كبير جدا من أعلام الفقه واللغة والتصوف ، وبعدد قليل جداً من الشعراء ، وهذا العدد لم تطب له الإقامة في البلاد بسبب عدم استقرار الأوضاع ، فاضطر إلى الهجرة إلى البلدان المجاورة كتونس ، ومصر ، والشام ، والأندلس ، وصقلية .



#عادل_بشير_الصاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقف الرازي من النبوة
- ابن الراوندي مفسرا للقرآن
- تزوجتُ اثنتينِ لفرطِ جهلي
- متعة السؤال ونكد الجواب
- الثورة ... والثوار ... والثيران
- قصيدة في هجاء القذافي
- الإسلام في منظور كتَّاب رسائل الحكمة الدرزية
- معاناة أستاذ مادة اللغة العربية
- خواطر حول الدروز والدرزية (2)
- خواطر حول الدروز والدرزية (1)
- تهافت الوهابية
- كَلِّمنا ... أيها المُحيي المميتُ
- عفوا نادين البدير ومعذرة
- من لي بمحاسبة بعض علماء وشيوخ السعودية ؟
- المرأة ...... هذا المخلوق السيء السمعة
- كفاكم اعتداء على الأديان
- لن تبقى طول المدى سيدي
- طلال مداح آخر فحول الأغنية الطربية
- مصر التي لم تعد في خاطري
- المرايا المقعرة الإلحاد والإيمان وجها لوجه


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل بشير الصاري - بدايات الشعر في ليبيا