أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل بشير الصاري - كفاكم اعتداء على الأديان















المزيد.....

كفاكم اعتداء على الأديان


عادل بشير الصاري

الحوار المتمدن-العدد: 2855 - 2009 / 12 / 11 - 23:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم تعد الأديان في هذه الأيام بمنأى عن الإساءة والاعتداء اللفظي والمعنوي من قِبل نفر من كتَّاب المواقع والمنتديات الذين استمرءوا الهجوم على العقائد الدينية والاستهزاء بمعتنقيها وأركانها وأنبيائها وقدِّيسيها دون أدنى احترام لمشاعر المؤمنين بها الذين يمثلون أغلبية سكان الأرض .
ومن هذا المنبر الإعلامي أضم صوتي للمنادين بإصدار تشريع أُممي يمنع ويجرِّم الإساءة والاعتداء على أية ديانة تعتنقها أية جماعة بشرية ، حتى لو كانت هذه الديانة تنص على عبادة الصرصور وتقديس الجراد ، إذ ليس من تمام العقل وسمو الخُلُق ورفعة الذوق أن يعتدي المرء سواء أكان ملحدا أم مؤمنا بقلمه ولسانه على دين له أتباع يقدسونه ويذودون عنه ، بحجة أن هذا الدين باطل ، أو بحجة أن الأديان جميعها باطلة لكونها حافلة بالأساطير والخرافات ، ونتاج تفكير بشري قديم لم يعد صالحا للعمل به في هذا العصر .
والتحذير من مغبة الإساءة والاعتداء على الأديان أو المقدس عموما إنما ينبع من الحرص على السلم العالمي ووحدة شعوب الأرض ، إذ لو شاع هذا الفعل المشين وبات ديدناً لكل الجماعات البشرية وخُلُقاً من أخلاقها ، فماذا يكون الحال عندئذ يا تُرى ؟ وهل يأمل حينها البشر في حياة هنيئة إذا فقد معظمهم عقولهم ، وبات كل فريق منهم يسب ويسخر من مقدس الفريق الآخر ؟ .
ولكي لا ترتاع قلوب الملحدين واللادينين واللبراليين والعلمانيين والمدافعين عن حقوق الإنسان ينبغي أن أوضِّح أن ما قصدته بالإساءة والاعتداء على الأديان هو تعمد الحط من شأن المقدس قولاً وفعلاً ، ويشمل سبُّهُ وشتيمتهُ باللفظ المباشر والصريح الدلالة وإطلاق النعوت النابية والأوصاف البذيئة عليه ، وتصويره تصويراً مؤذياً لأجل الاستهزاء به والتنفير منه والحض على كراهيته ، فهذا كله في نظري يعد اعتداءً غير مبرر على المقدس وعلى مشاعر وكرامة من يؤمنون به ، وعملاً شائناً لا يليق أن يقوم به إنسان طبيعي عاقل يعيش في هذا العصر .
ومن هنا نُخرج من الحظر الذي نبتغيه الأعمال الإبداعية التي تتعامل مع المقدس برؤية فنية متخيلة لغرض إرسال رسالة فنية غير مباشرة للمتلقي ، مثل رواية ( أولاد حارتنا ) لنجيب محفوظ ، وكذلك الكتابات التي تبحث في نشأة وتطور الأديان ككتابات فراس سواح وسيد القمني مثلا ، أو تلك التي تبحث في دلالة وتفسير النص المقدس واستنطاق مفرداته وتراكيبه وفق منهج فلسفي أو ألسني أو تفكيكي مثل كتابات محمد أركون ومحمد شحرور ونصر حامد أبو زيد ، أو حتى تلك الكتابات التي تنتقد وتعارض بأدب شريعة من الشرائع أو نصاً مقدساً مثل رسالة إسماعيل أدهم ( لماذا أنا ملحد ؟ ) ومثل كتاب ( محنتي مع القرآن ومحنتي مع الله في القرآن ) لعباس عبد النور ، وكتاب ( الشخصية المحمدية ) لمعروف الرصافي ، فمثل هذه الكتابات وأضرابها لم يتجاوز مؤلفوها حقهم الطبيعي في التعبير عن آرائهم بأدب واحترام ، بغض النظر عما أوحت به إلى متلقيها ، وما خرج به بعضها من نتائج تتعارض مع المعلوم من الدين بالضرورة كما يقول فقهاء الإسلام .
من المؤكد أن منتقدي الديانات ليسوا سواء ، فمنهم المحاور الذي لا تقتنع بوجهة نظره ، لكن تحترمه لكونه يدافع عما يؤمن به بهدوء وأدب وأريحية نفس لأجل إثراء الحوار وإقناع الآخر الذي لا يؤمن بفكره ، ومنهم الأرعن الذي يعرض فكره مشفوعاً بالسخرية والتهكم لأجل التشفي وتحقير الآخر، ومنهم أيضا الأحمق الأجوف الذي يهرف بما لا يعرف ، ويغطي جهله بالتهريج والصخب اللفظي والقذف بالشتائم والنعوت القبيحة .
ومن نكد هذه الأيام على المسلمين أن يُبتلى دينهم أكثر من أي دين آخر بطائفة من الخصوم الألداء والأعداء الشرسين ، لم يرقبوا فيه إلاًّ ولا ذمة ، ولم يراعوا للمؤمنين به شعورا ولا حِسَّاً ، فجعلوه هدفهم الأول ، ورموه ورموا نبيه بكل مسبة ونقيصة ، لعلمهم أنه دين يدين به معظم العرب .
لقد أتى على المسلمين حين من الدهر لم يتصوروا أن يأتي يوم يقرءون فيه لكتَّاب عرب من بني جلدتهم شتائم صريحة ومباشرة تنال من كتابهم المقدس وتمس شخص نبيهم ، بحيث بات من المألوف في هذه الأيام أن يقرأ المسلم في عدد من المواقع مقالات تتهكم من أركان العقيدة الإسلامية ومن نظم ومعاني القرآن ، أو تحاكي أسلوبه بسخرية واستهزاء فاضحيْن ، للإيحاء بأنه ليس معجزاً ومن الممكن الإتيان بمثله ، أو تصف النبي محمداً بأقذع وأفحش الأوصاف والنعوت من مثل : مجرم ، قاتل ، إرهابي ، مغتصب ، زير نساء ، كاذب ، مدلس ، تافه ، حقير .... إلخ .
ولئن كان عدد من كتَّاب تلك المقالات قد اندفع في هجومه على الإسلام وشتم نبيه وتسفيه أركانه بدافع عدم الإيمان به وبكافة الأديان ، فإن عدداً آخرَ منهم كان دافعه الكراهية الموروثة والتعصب الأعمى ضد الإسلام ونبيه ، وهذا الصنف من الكتَّاب يزعم في كتاباته أنه ملحد ، لكن ما يسطِّره من حماقات وما يتقيأ به من شتائم وسفاسف يكشف أنه من أتباع دين غير الإسلام ، أو من أتباع إحدى الطوائف الباطنية التي تتزيا ظاهريا بالإسلام ، وواقع حالها أن عقيدتها مخالفة لعقيدة جمهور المسلمين السنة والشيعة ، فالقرآن والنبي محمد يُعَدان في نصوصها ومجمل أدبياتها أموراً ثانوية .
وأياً كانت عقيدة ودوافع هؤلاء الشاتمين فإن ثمة أسئلة يمكن أن تُوجه إليهم ..
هل من الحكمة سب وتسفيه وتحقير ديانة كبيرة كالإسلام متعددة المذاهب والطوائف والاتجاهات ، ويدين بها أكثر من مليار ومائتي مليون إنسان ؟
هل من اللياقة والأدب شتم نبي كالنبي محمد شهد له من لا يؤمنون بنبوته بأنه الشخصية الأولى من بين مائة شخصية ساهمت بعظيم أعمالها وحسن سياستها وسمو خُلُقها في تغيير وتطوير الإنسان على مدى التاريخ ؟ .
أليس من المعيب وقلة الأدب أن يسخر غير المؤمن من مؤمن يصلي أو يصوم أو يتحنث إلى من يعتقد أنه موجده وخالقه ؟ .
ما الذي يضير الملحد المتعنت من صلاة أو صيام المؤمن ؟ .
هل يتصور أنه بسخريته وشتائمه قادر على إقناع مؤمن واحد بترك دينه ؟ .
متى يفهم الغلاة والمتنطعون من خصوم الأديان أن العقيدة الدينية بالنسبة للمؤمنين بها ضرورة عقلية وعاطفية ونفسية لا يمكنهم التخلي عنها والتفريط فيها لأنها تكمن في عقولهم كمون القلب في الجسد ، وتسري في أحاسيسهم ومشاعرهم مسرى الدم في العروق ؟ .
عادل بشير الصاري ـ جامعة المرقب ـ ليبيا







#عادل_بشير_الصاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن تبقى طول المدى سيدي
- طلال مداح آخر فحول الأغنية الطربية
- مصر التي لم تعد في خاطري
- المرايا المقعرة الإلحاد والإيمان وجها لوجه
- إسلام بلا فقهاء ولا دعاة


المزيد.....




- أغنيات وأناشيد وبرامج ترفيهية.. تردد قناة طيور الجنة.. طفولة ...
- -أزالوا العصابة عن عيني فرأيت مدى الإذلال والإهانة-.. شهادات ...
- مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف ...
- هامبورغ تفرض -شروطا صارمة- على مظاهرة مرتقبة ينظمها إسلاميون ...
- -تكوين- بمواجهة اتهامات -الإلحاد والفوضى- في مصر
- هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل بشير الصاري - كفاكم اعتداء على الأديان