أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل بشير الصاري - بين يدي إبليس














المزيد.....

بين يدي إبليس


عادل بشير الصاري

الحوار المتمدن-العدد: 3598 - 2012 / 1 / 5 - 23:11
المحور: الادب والفن
    


يمثَّل إبليس في كل الأدبيات الدينية في الشرق جماع الشر ، فهو الذي أغرى آدم بالأكل من الثمرة المحرمة ، وتسبب في طرده من الجنة ، ولا يزال المتحدثون باسم الأديان يحذرون المؤمنين من فتنة إبليس وألاعيبه ، ويكشفون لهم الوسائل الخبيثة التي يستخدمها في إضلال العباد عن الصراط المستقيم .
لكن الشاعر المهجري الياس عبد الله طعمه ( 1889 ـ 1941م ) لا يرى رأي رجال الدين في إبليس ، فهو يرفض أن يُنعت إبليس بالشيطان الشرير واللعين ، وهو يراه صديقا عزيزا ليس كمثله صديق أبدا يعين صاحبه على تفريج الهموم ، لذلك تقدم بين يديه ، وناجاه بقصيدة استهلها بالسلام عليه والإقرار بأنه الصاحب والأنيس المفضل :
مني السلامُ عليك يا إبلـيسُ
ما أنتَ إلا صاحبٌ وأنـيسُ
يعد إبليس بالنسبة للشاعر أنيس الوحشة والصاحب في النزهة ، وحين يكون بصحبته يشعر بالسعادة والأمان ، ويحس بأنه وهو يسير بجنبه كأنه طاووس :
آنستني في وحشتي وصَحِبتني
في نزهتي وكأنني طـاووسُ
لا شك أن الشاعر وإبليس كلٌ منهما يستمتع ويسعد بصحبة صاحبه ، فأينما حل الشاعر أو ارتحل رافقه إبليس ، فكم مرة سامره في فراشه ، وكان شاهدا على صولاته مع الجميلات ، وكم مرة علَّمه فنون المتعة في لياليه الحمراء :
أبدا تسير معـي وتشهد لـذتـي
ومعي تُعرِّس حيث لي تعـريسُ
كم مرةٍ سامرتني في مضـجعي
وضجيـعتي الزبَّـاء أو بلقـيسُ
فأريتني الأوطـار أصنـافا وقد
كتم الذي بُحـنا به الحنـديـسُ
ويعترف الشاعر بخبرة إبليس في فن الإمتاع والفرفشة ، فكل الخبرات التي قدمها إبليس جربها الشاعر فوجدها حلوة وقبلتها نفسه ، لذلك يرى نفسه هو الرابح والخاسر هو القديس الذي يستنكف صحبة إبليس ويخاف منه على دينه :
حَلتِ التجـارب منك لي فقبلتُـها
والربـح لي والخاسـر القديـسُ
ليس ثمة من يتفنن في الإرشاد إلى مواطن مختلف المتع مثل إبليس ، فكل شيء ينصح به ثقْ أنه ممتع ومغرٍ لا يمكن أن يصبر على إغرائه من كان يهوى المتع الحسية :
إن كان عندك غيـر هـذا هـاتِهِ
درسا فمـنك يشوقني التدريـسُ
ما كنتَ إلا بالأطـايب مـغريـا
وعقيدتي المحـسوس والملمـوسُ
إن صحبة إبليس ليست كصحبة غيره من المخلوقات ، فإبليس يحرض أحباءه على التمتع بالملذات ، ويحبب إلى نفوسهم كل شيء يساعد على إسعادهم ، ولولاه ما هنأ ولا استفاد آدم وذريته مما يأكلون ، لكن غيره من الأشقياء يحرِّم على نفسه وعلى غيره هذه الملذات ، وتراه يشتط ويتصنع الحرص على ألا يقع في حبائل ما تهواه نفسه :
فلك التـلـذذ والتمـتع في الهوى
ولغيـرك التـحريم والتحـريسُ
أنت الذي حبَّـبتَ كل صـنيـعة
فيـها لنا التـفـريج والتـنفيسُ
لولاك ما طـابـتْ لآدم أكـلـة
منــها لبنـيـان الورى تأسيسُ
لقد ظُلم إبليس ووصفه الدراويش والقساوسة بأقبح النعوت زورا وبهتانا ، وصبوا عليه لعناتهم مع أنه في غاية اللطف والإحسان إلى من يعاشره ويختبره :
أُتْهمْتَ زورا بالقـباحـة والأذى
واغتابك الـدرويش والقسـيسُ
وأراك ذا حسن ولطـف دائـما
فإلامَ هـذا الغـش والـتدليـسُ
إن أكثر الذين يجاهرون بكراهية ولعن إبليس يتمنون في السر صداقته ، فهم منافقون كذابون ، ولو قُدِّر له أن يلتقيهم يوم الحشر فلا بد أن يفضح أمرهم أمام الله وعباده :
في السر بينهما وبينك عهــدة
وصـداقة كي يُـتقى التعكـيسُ
وعليك قد شهر الحروب كلاهما
كيما يغـص البطـن ثم الكيسُ
فاخلـعْ ثيـابهما ومزقـها غدا
تـلك الملابـس كلـها تلبـيس
ومما تقدم فلتترك الملائكة وليترك الشيوخ والنساك إبليس في شأنه ، وليركبوا جميعهم ظهور الإبل وليرحلوا هم عنا ، وليبق إبليس مُرَحبا به وصديقا عزيزا مكرما :
قل للملاك اتركْ صـديقي وحده
وإلى الفـراش تعالـى ياإبليـسُ
أهلا وسهلا حُـلَّ عندي مكـرما
ولتحملن أهـل السمـاء العـيسُ



#عادل_بشير_الصاري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القذافي .. ضحية التهريج الإعلامي
- ترانيم قداس عام جديد
- الحب كما تصوره الرومانسيون الأوائل
- ثرثرة حول غربة الشعر الحديث
- كيفية الصلاة على الميت الملحد
- المقولات العشر 2
- المقولات العشر 1
- مزيدا من الحوار المتمدن
- إشكالية مصطلح الإيقاع
- وقفة مع ( مواكب ) جبران
- العقيدة العلوية في الماضي والحاضر
- بدايات الشعر في ليبيا
- موقف الرازي من النبوة
- ابن الراوندي مفسرا للقرآن
- تزوجتُ اثنتينِ لفرطِ جهلي
- متعة السؤال ونكد الجواب
- الثورة ... والثوار ... والثيران
- قصيدة في هجاء القذافي
- الإسلام في منظور كتَّاب رسائل الحكمة الدرزية
- معاناة أستاذ مادة اللغة العربية


المزيد.....




- روزي جدي: العربية هي الثانية في بلادنا لأننا بالهامش العربي ...
- إيران تكشف عن ملصق الدورة الـ43 لمهرجان فجر السينمائي
- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم
- وزير الداخلية الفرنسي يقدّم شكوى ضدّ ممثل كوميدي لتشببيه الش ...
- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة
- البابا يؤكد أن السينما توجد -الرجاء وسط مآسي العنف والحروب- ...
- -الممثل-.. جوائز نقابة ممثلي الشاشة SAG تُطلق اسمًا جديدًا و ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل بشير الصاري - بين يدي إبليس