أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - تراثنا : تراث العبيد














المزيد.....

تراثنا : تراث العبيد


نبيل هلال هلال

الحوار المتمدن-العدد: 3629 - 2012 / 2 / 5 - 20:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


طال العهـد على الشخصية العـربية وهى تعيش فى ظل الحكم الاستبدادى فأصابها المسخ ، وفاقـم هـذا التحول ذلـك الموروث الدينى الفرعونى والفارسى، والتفسـيرات الخاطئـة للديـن، والتراث المملوكى، وطول الامتثال للمسـتبد "وأولى الأمر". ففى مصر الفرعونية كان الملوك يمارسون أقسى أنواع الحكم الثيوقراطى، وبعـد عصر الفراعنة عاش المصريون فى ظـل الحكم الرومانى، مرورا بعصـر البطالمة الـذى امتـد نحـو ثلاثـة قرون، وكان فيه الإمبراطور الرومانى ممثـلا للإلـه، أى اسـتمرت العلاقة بين الحاكم والمحكومين علاقـة إلـه وعبيـد . وبعـد نهايـة الحكم البيزنطى والفارسى للمنطقة العربيـة، تعرض المسـلم فى مصر والشـام والحجاز والعـراق للاسـتبداد الأموى والعبـاسى والفاطمى....والمملوكى، ثم الحكم العثمانى الـذى كان فيـه الخليفة ظل اللـه فى الأرض. كمـا حملت منطقـة فارس إرث الحكم الفارسى الـذى كان ينظر فيـه أيضـا إلى الحاكم على أنه إلـه ، ثم تعرضت بعـد ذلـك لاسـتبداد خلفـاء المسلمين. وترسخت قابلية الاستبداد فى الشخصية العربية، وبلغ ذلك ذروته عنـدما امتثل المسلمون فى مصر والشام لحكم العبيـد والإماء، ويعـد هذا الأمر سـابقة انفردت بهـا شعوب هذه البلاد وهى أن يقبل "الأحرار" حكم "الأرقـاء". وكان العبيد والأرقاء فى أمريكا يضطلعون بالأعمال الشاقة فى المزارع والمصانع ولم تسـند إليهم أي أعمال إدارية، ناهيك من أن يتولوا حكم البلاد، ذلك هو ما حدث فى بلادنا، حكمنا الأرقاء وأورثونا تراثهم، تراث العبيـد الـذى حملنا على قبـول جميع صنوف الاستبداد طوال تاريخنـا.
وكان أول من اسـتقل بحكم مصر هـو "الرقيق" أحمـد بن طولون، الذى انشـق على الخليفـة العباسى واسـتقل بحكم مصر فى سـنة 868 ميلادية.
وحقيقة الأمر أن الخلفـاء العباسيين سـبق لهم أن عينوا عبيـدا من الترك خاصة ، كولاة على مصر قبـل أحمـد بن طولون ، منهم: الوالى على بن يحيى الأرمنى سـنة 841 ميلادية، ويزيد بن عبد الله التركى سنة 856 ميلادية، وأزجور التركى سـنة 868 ميلادية. فحُكم العبيـد فى مصـر يعـود لأبعـد من سـنة 868 م واسـتمر على نحـو أو آخـر حتى وقت ليس ببعيـد ، وقد بلغ عـدد المماليك الذين اشـتراهم أحمـد بن طولون ، والملـك المنصـور، والأشـرف خليـل ، والسلطان الناصر محمـد ، ما يزيد على مائـة وعشرين ألف مملوك. وكان المماليك فى المجتمع المصرى يمثلون القـوة والسلطة ، ومارسوا قهر المصريين ، ونهبهم ، وألحقوا بهم أشـد صنوف الاستبداد قسوة، مما أفرز-بالضرورة-"خوف" المصريين من السـلطة وكل ما يتعلق بالسلطان والعسـكر والحاكم ، وكان المماليك فى البـدء عسـكر الوالى، وجند السلطان، ثم أصبحوا فيمـا بعـد السلاطين والحكام أنفسـهم، وترسخ وجودهم فى نسـيج المجتمع المصـرى، وأصـبح تراثهم - تراث العبيـد – أحـد المكونـات الأسـاسية ، إلى جانب مكونـات أخرى ، فى الضمير المصرى. ولم يكن غريبا عنـدئذ أن تصاب هـذه الشخصية بالسلبية السياسـية المزمنة، بعد أن اعتادت أن يسـوسها الغير، وبعد أن تعرضت لمعاول القهر والاستبداد، بدءا من حكم الفراعنة والرومان وخلفـاء المسلمين-باسـتثناء الخلافة الراشـدة-وانتهـاء" بسـلاطين المماليك والحكم العثمانى. كذلك فإن "الجزيرة العربيـة عرفت قبـل الإسلام ضروبا من الطغيان والاستبداد لا تقـل عـن ضروبه المشهورة التى عرفت فى الشـعوب الأخرى، وأن قبائل من العرب الحاضرة والبادية قـد سـادها ملوك يعتزون بالأمـر والنهى بيـن رعاياهم بغير وازع ولا معترض، ويقيسـون عزتهم بمبـلغ اقتـدارهم على إذلال غيرهم واستطالتهم على من يدعى العـزة سـواهم" ، وعرب الباديـة يرون العجز عن الظلم نقيصة، ففى شـعرهم:

قبيلته لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل.
وتكشف الأقوال المأثورة التى يتـداولونها عن تمجيد قيمة الظلم والقهـر، وقـد "قيـل فى أسباب المثل القائل (لا حُر بوادى عوف) أنه يقهـر من حل بواديه، فكـان من فيـه كالعبد له لطاعتهم إياه، وقيل فى أسباب المثـل القـائل (أعز من كليب وائـل) أنه بلغ من عزه أنه كان يحمى الكلأ فلا يقـرب حمـاه، ويجير الصيد فلا يهاج، ويمر بالروضة تعجبه أو بالغـدير يرتضيه فيرمى عنده بكليب، ثم ينادى بين القوم أنه حيث بلغ عواؤه كان حمى لا يرعى..وكان من عـزه لا يتكلم أحد فى مجلسه" .
وربما كان ثمة تأثير لمنطق القـوة الذى كان يمثـل علامة بارزة فى المجتمع العربى البدوى، ويدرك العربى أن من طبائع الأمور وجود قوى وضعيف، ظالم ومظلوم، مستبد ومستسلم. فبيئة القبائل العر بية كانت تشهد إغارات السلب والنهب والقتل والسبى، ويفخر العربى فى البـادية بأنـه ظالم ومسـتبد، فالاستبداد عنـده قيمة اجتماعية رفيعة يمجدها ويتغنى بها شـعراؤه.


قـال الخليفة الأموى الوليـد بن يزيـد مهللا لمـا أتـاه نبـأ مقتل أحـد معارضيه:
فنحن المالكون للناس قسرا نسومهم المذلة والنكالا
ونوردهم حياض الخسف ذلا وما نألوهم إلا خبالا.

ولله الأمر من قبل ومن بعد.



#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الله لن يحاسب الحاكم الظالم
- زراعة الأعضاء حرام-أو رُب حامل فقه غير فقيه
- هكذا يكون الحاكم الحرامي وإلا فلا
- المدرسة النبوية التي أغلقت أبوابها للأبد
- إجلال العقل هو معيار تقدم الأمم
- أم الامبراطور نيرون : ادفعوا سيوفكم في رحمي !
- المعارضة السياسية مخالفة دينية-أو شَعرة معاوية
- المستبدون كظباء مكة صيدهن حرام
- لم أجد عنوانا لهذا المقال
- هل الدين وسيلة للنصب
- سلطوا السيف على الحق ولم يسلطوا الحق على السيف
- قبل الدخول إلى مستنقع الدولة الدينية
- كلمات قبل المضي إلى مستنقع الدولة الدينية
- سأنتخب وثنيا يسجد لصنم
- بين شرعية الجيش وشرعية قريش
- هل القرآن يأمر بضرب النسوان؟
- البخور وبيادق الشطرنج – مجرد كلام فارغ
- كيف يكون التعليم وسيلة للتجهيل
- لا يمكن اعتلاء ظهوركم مالم تنحنوا:مقال سبق نشره لكن يقتضيه ا ...
- الفيلسوف اليوناني أفلاطون يحدد مواصفات رئيس الجمهورية,فانتبه ...


المزيد.....




- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - تراثنا : تراث العبيد