أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن عماشا - دموع التماسيح وواقع الصراع على سوريا















المزيد.....

دموع التماسيح وواقع الصراع على سوريا


حسن عماشا

الحوار المتمدن-العدد: 3623 - 2012 / 1 / 30 - 20:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دموع التماسيح وواقع الصراع على سوريا
ليس غريبا ان ينقسم اللبنانيون حول الموقف مما يجري في سوريا، فهم ينقسمون حول اتفه القضايا. لكن يبدو أن دموع الرئيس فؤاد السنيورة إبان العدوان "الاسرائيلي" في تموز 2006، لم تكن حدثا عابراً تحتجب خلفه ورقة عناوين تهدف إلى تحقيق ما عجزت عنه آلة العدو.
انما شكل هذا الحدث العظيم فتحاَ لنهج جديد في السياسة والاعلام اللبنانيين. يريدنا سياسيو الرابع عشر من آذار، والاعلاميون الذين يدورون في فلكهم ان نصدق دموعهم الظاهرة والمستترة في مقاربتهم للأزمة السورية. ويتبارون فيما بينهم على إطلاق التوصيفات البكائية حول ما يجري من احداث في هذا البلد حصرا (...) مثل: "حمام الدم" و"المذبحة التي يتعرض لها الشعب السوري". مع باقة من التمنيات والحرص على هذا الشعب بأن يعيش "الأمن والاستقرار والرفاه والحرية".
وتعبر توصيفات للنظام السوري تدرجت من "دكتاتورية الحزب الواحد" و"نظام البعث" إلى نظام آل الأسد في ثنايا التصريحات والمقالات مقرونة بتأكيد الحرص الديموقراطي من الجمهورية الديموقراطية الشعبية السعودية، ودولة النهضة الثقافية القطرية التي تجاوزت التخلف القومي واصبح ممثلوها رسل حضارة للإنسانية جمعاء، فضلا عن حراس المدنية والتطور السياسي من الغرب.
فجأة استيقظ العالم على واقع ان النظام في سوريا غير ديموقراطي. وان الشعب السوري يفتقر إلى "الحرية". وأن الآوان قد حان لتغيير هذا الواقع. كيف لا وظهر نبي الإرتقاء الحضاري والعبقرية الانسانية، برهان غليون وهو سوري في نهايات خريف العمر وعلى العالم أن يمهد له الطريق ليستخرج من سوريا رسلا من سلالته تبشر الناس وتعلمها قيم الألفية الثالثة.
رحم الله (كلوزفيترز) وهو القائل: "الحرب (العنف) هي السياسة بوسائل اخرى". بعيدا عن كل فقاقيع الصابون ودموع التماسيح. وبمعزل عن مشروعية الخيارات السياسية الداخلية والخارجية التي اعتمدتها سوريا منذ العام 1970 تاريخ "الحركة التصحيحية" التي قادها حافظ الأسد. كانت خيارات لا تنسجم مع غالبية الدويلات العربية وتوجيهات العالم الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت الهوامش تضيق او تتوسع بين سوريا من جهة وكل الأطراف الأخرى من جهة ثانية، تبعا لظروف الصراع في المنطقة وعليها وموازين القوى في كل ظرف. غير ان الثابت هو ان سوريا وبسبب خيارتها هذه كانت دائما تخضع لحصار تكنولوجي وإقتصادي تتفاوت حدته بين ظرف وآخر. وهذا كان يحتم ان تبقى في حالة من النقص والعوز في جوانب عدة تعيق نموها وتطوير مواردها. ما يدفع فئات اجتماعية الى تحمل اعباء تشعر معها انها مظلومة خصوصا في ظل حالات فساد وإستئثار من قبل مراكز قوى في النظام نفسه لا يخلو منها نظام في المنطقة والعالم.
وهنا تتولد المناخات القابلة للتوظيف في احداث القلاقل والتوترات وتتعاظم بقدر ما تتوفر للفئات المتضررة الرعاية والدعم والتحريض من جهات داخلية وخارجية.
إن كل محاولة لتصوير الواقع في سوريا على انه صراع بين الشعب والنظام هي محاولة بائسة تحتجب خلفها خيارات سياسية ومصالح اقتصادية في جوهرها، علماُ ليس في هذا العالم دولة واحدة يتوحد شعبها حول خيارات واحدة، وإن تفاوتت حدة التناقضات بين دولة واخرى تبعا لخصائصها وطبيعة تحدياتها.
كما أن آليات حل الصراع بين فئات الشعب في هذه الدولة او تلك لا يمكن اخضاعها لصيغة واحدة تصلح في كل زمان ومكان. بل أن لكل شعب ودولة خصائصه في إدارة صراعاته، ولم يثبت في التاريخ القديم والحديث ولا في المدى المنظور يظهر أي نموذج إستنسخ صيغة معينة لإدارة شؤونه ونجح ليشكل ميثالا يحتذى.
إن الدليل على سلامة أي نموذج في إدارة الحكم في دولة ما هو مدى الاستقرار والنمو الذي توفره الصيغة المعتمدة. وكانت سوريا تعيش حالة الاستقرار هذه على مدى أربعون عاما. رغم الظروف المعقدة التي تعيش في ظلها. وإذا ما حدثت قلاقل في الأونة الأخيرة فهذا دليل على أن تغييرا ما قد حصل اولاً في الداخل السوري ما استدعى رزمة من الاجراءات والاصلاحات كانت القيادة السورية شرعت في تنفيذها قبل أي انفجار، وذلك مع انتقال السلطة من عهد الرئيس حافظ الأسد إلى إبنه الرئيس بشار الأسد. وإن كان هذا الانتقال حصل بفعل وفاة الأول. لكنه انتقال أزاح رموزاً من النظام كانت من أسوء النماذج للفساد والاستئثار وفي طليعتها نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام. ترافقت أيضا مع سلسلة من التحديثات الاقتصادية والتشريعات. وبمعزل عن مدى موائمتها مع حاجات الشعب، إلا أنها شكلت بداية صحيحة لتحقيق التقدم والتطور السلمي للواقع السوري.
وهذا بقدر ما كان سيوفر لسوريا القوة والمناعة في مواجهة التحديات، كان أيضا مؤشرا للإستهدافات الخارجية التي سارعت في الانقضاض عليها من جميع القوى المتضررة والدفع بتفجير الأوضاع فيها.
لسنا في صدد رسم أية رؤى أو برامج تخص القوى السورية نفسها في السلطة او المعارضة. إنما ما يعنينا هو سوريا إلى أين؟ على صعيد موقعها ودورها في المنطقة وخصوصا تجاه الصراع مع الكيان الاستيطاني الصهيوني، وهو لب وجوهر أي موقف سواء في سوريا أو أي كيان عربي أو إسلامي آخر. ومن الطبيعي ان ينسحب أي خيار تجاه هذا الصراع على مجمل الأوضاع العربية.
فلا يزعم أحد أن موقفه ينطلق من اعتبارات الحق والعدالة والحرية والديمقراطية. ليكون من يخالفه هو في موقع نقيض لهذه الشعارات والعناويين. ان الاصطفاف السياسي والانحياز خلف أي موقف هنا مؤشره الوحيد هو الموقف من الصراع مع الكيان الصهيوني. فليجرؤ المتباكون على الانسانية والمتبجحون بالشعارات الزائفة أن يبينوا حقيقة مواقفهم تجاه هذا الصراع بالذات ليستقيم أي نقاش علمي وموضوعي.
زمن الواقعية الاستسلامية قد افلس ليس بفعل انتصار خيار المقاومة عبر النموذج اللبناني، إنما بسبب العنجهية الصهيونية التي استهلكت كل الزاحفين إليها بغية الحصول على تسوية بأي ثمن وتخلوا بأنفسهم عن كل أوراق القوة التي كانت بحوزتهم. وتحولوا إلى مومياءات لا لون ولا رائحة لها. وإذا كان بعض من يطفو على سطح المستنقع العربي في واجهة الاعلام يشكل حضوراً ما، فهو حضور وظيفي ليس لذاته، بل لما يمثله من قيمة، تصب في خدمة الدور المناط به لصالح السيد الأمريكي.
واخيرا: نعم أن محور المقاومة والممانعة هو قاصر عن إدراك حجم التحديات أو اقله قاصر في رسم الاستراتيجيات الهجومية والدفاعية بمواجهة التحديات التاريخية لبلدننا ومنطقتنا على مختلف الصعد والمياديين. إلا انه يبقى الخيار الواقعي الوحيد القابل للحياة، ومن يملك الرؤية والقدرة على خلق نموذج جديد يحقق فعلاً لا قولاَ القوة والمناعة التي تقتضيها حاجات تطورنا وارتقائنا لنكون جديرين بمقابلة الأمم والشعوب الأخرى من مواقع الندية والتوازن بالشكل والمضمون، على اساس ان ذاتاً تقابل ذاتاً اخرى وليس الحاقا بوهم أن الأرقى يتيح مساحة من جانبه للتوازن.
فليتفضل ويرسم لنا أفقاً جديدا على أرض الحقيقة والواقع.



#حسن_عماشا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع ا ...
- أيها الممزق لملم أشلائك..
- الحراك الشبابي في لبنان مقدمة للتغيير أم مراهقة سياسية
- في الثامن عشر من أيار 1987 إغتيل الشهيد مهدي
- الحراك العربي في ميزان التحديات الوطنية- القومية
- نهاية الحريرية
- تأملات في الواقع السياسي اللبناني
- أي مستقبل ينتظر -تيار المستقبل-
- أعداد المهاجرين اللبنانيين
- كان يوما آخر
- خربة سلم حين ينتصر ترابها
- لن أعتذر عن ما اختزنه
- قراءة في كتاب:
- إنطباعات
- وحيداَ ثقيل الخطى على رصيف الشاطئ
- تحية الى موقع الحوار المتمدن في عيده السابع
- قراءة في:- التوجهات العامة التي اقرتها لجان اللقاء اليساري ا ...
- الوضع اللبناني: بين وهم التسوية والعجز الوطني(أولى أسباب الا ...
- المستنقع الآسن
- الكيان اللبناني : أزمة تكوين


المزيد.....




- أمير الكويت يأمر بحل مجلس الأمة ووقف العمل بمواد دستورية لمد ...
- فرنسا.. الطلبة يرفضون القمع والمحاكمة
- البيت الأبيض: توقعنا هجوم القوات الروسية على خاركوف
- البيت الأبيض: نقص إمدادات الأسلحة تسبب في فقدان الجيش الأوكر ...
- تظاهرات بالأردن دعما للفلسطينيين
- تقرير إدارة بايدن يؤكد أن حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة لا ...
- بالنار والرصاص الحي: قرية دوما في الضفة الغربية.. مسرح اشت ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق العمل جزئيا بالدستور حتى أربع ...
- مجلس الأمن يؤكد على ضرورة وصول المحققين إلى المقابر الجماعية ...
- بالفيديو.. إغلاق مجلس الأمة الكويتي بعد قرار حله ووقف العمل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن عماشا - دموع التماسيح وواقع الصراع على سوريا