أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الانتماءُ والغربةُ














المزيد.....

الانتماءُ والغربةُ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3619 - 2012 / 1 / 26 - 09:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الدينُ هو الجمهورُ، والثقافةُ الحديثةُ هي النخبُ الطالعةُ من الفئاتِ الوسطى، والجمهور لابد له عقيدة من دين، حسب سيرورات العصور السابقة والراهنة، ولم تحدثْ علاقاتٌ دقيقةٌ بين نخبِ الثقافة والجمهور العربي الإسلامي المسيحي على مدى القرون، بسبب عدم فهم الدين وعدم فهم الجمهور وتوجه النخب بعد الثورة الإسلامية المؤسِّسة إلى متابعةِ الإقطاع وعدم إنتاج ثورة ديمقراطية.
تصوراتُ الدين الغيبيةِ هي النظامُ المثالي وقد انفصل عن الوجود المادي، وصار رموزاً، وهي أدواتٌ لمنع الشر، ومكأفاة الطيبين الأخيار، وجعل الوجودَ اللاأخلاقي أخلاقيا. وقد تحرك الثوريون المؤسِّسون من خلالهِ للتوحيد وجعلِ المالِ العام عاما حسب ظروفهم وإمكانياتهم فُصنعَ التقدمُ إلى حين.
النخب المعلمة أوالمثقفة أو المسيَّسة يمكن أن تنفصلَ عن الدين وتعاديه ويمكن أن تستثمرهُ لمصالحِها الذاتية ويمكن أن تفهمه وتجعلُ الوعي بهِ مفيداً للتقدم، حسب علاقاتها بالجمهور ومدى إيجاد التقدم فيه لا أن تستغله لمصالحها الخاصة.
هذه المواقف تعبرُ عن علاقةِ الثقافةِ المنتجةِ عبر العصور تجاه ثقافةٍ مُسبقة مُنتجةٍ في شروطٍ أخرى، لكنها تخترقُ العصورَ وتفرضُ نفسَها وتتحكمُ في تطورها، لأن الجمهور صانع التاريخ يبقى متخلفا أميا لا يعي العالم إلا من خلال الدين بنسخه القديمة غير المرئية في ضوء العلوم.
عبر أرسطو عن علاقة الثقافة المفيدة الموضوعية تجاه الدين الوثني، فنشرَ المفاهيم العلمية لعصره، التي حدت من تدخل الآلهة في شؤون العلوم الطبيعية خاصة التي كانت شديدة الضرورة للحرف والتجارة والملاحة وغيرها من الشؤون الشديدة الأهمية، لكن العلوم الاجتماعية واكتشاف قوانين الحياة الاجتماعية كانا أمراً غير ممكن وقتذاك رغم بدايات الحفر التي تمت وقتذاك.
ولهذا كان أرسطو مهما لدى مثقفي المسلمين ويطلقون عليه المعلم الأول، لأنهم كانوا بحاجة إلى الأدوات الفكرية المعرفية نفسها لتطور العلوم الطبيعية والاجتماعية، فغدوا منتمين إلى عصرهم.
تختلف مدارك هؤلاء المثقفين عن مصطلحات الدين وطرائق معرفته وعوالمه الغيبية، وقصصه، لكنهم لم ينفصلوا عنه، وحاولوا تغيير زمنهم واثراء الناس بالمعرفة(العلمية) لكن الدين بنسخه السطحية هو الذي بقي بتفاسير متخلفة بائسة ازدادت انفصالاً عن الواقع وطارت نحو الكواكب والنجوم والأوهام وثورتهم المعرفية دُفنتْ في الكتب القديمة، ولم تعدْ تتصلُ بالواقع أو تغيرُ أحوالَ الناس التي تدهورتْ وعمتْ فيها الخرافاتُ والحروب والانقسامات، حتى ظهر الأوروبيون بمعارف جديدةٍ حركتْ الحياةَ مجدداً في الكوكب الأرضي الغارق في الظلام.
العلاقة بين المثقفين الطليعيين والناس، بين المعرفة الجديدة والشعب، ترتكزُ على الدين والعلوم، فالدين يقومُ بوظيفته، حسب تصوراته وشعائره في الصلة بين البشر وتراثهم وماضيهم وأخلاقياتهم وتاريخهم القومي، والعلوم تقوم بدورها في تطوير الإنتاج بمختلف حقوله بشكل موضوعي لا تعرف الأديان والأجناس بل تبحث عن السببيات والقوانين.
إن فئةَ إنكار الدين (التقدمية) وإزالته واجهتْ عالما خياليا حولتهُ لواقع، مؤدلج، غير مُدركٍ علميا، أو هي تجنبته وعاشتْ على أفكار أخرى، وكلتا الفئتين لم تقم بعلاقات حقيقية مع الناس، الذين لا يتغيرون إلا من خلال دينهم.
العلاقات الموضوعية مع الناس تتطلب العلاقة مع دينهم، ومع مستوياتهم المعرفية ومع تاريخهم الخاص في تنوع الإنسانية الكبير المتعدد، لا احتقاراً وإزالةً ولا بقاء عند مستويات النصوص البسيطة السطحية وتحنيط الرموز بل عبر نشر معرفة حقيقية عن الماضي وأفكاره وتطوير المعرفة والإنتاج ونشر الثقافة الحديثة مواكبةً للديمقراطية ورفع مستوى حياة الجمهور المعيشية والفكرية.
الفئاتُ المستغِّلة للدين من أجل مصالحها الخاصة تبقي الثقافةَ الدينية كما هي قادمة من العصور القديمة خادمة لقوى الإقطاع لا لقوى الإنتاج الشعبية، وتعيش مع حياة الناس العادية من دون تغييرها وإدراك أسباب تخلفها ومشكلاتها العميقة.
هو انتماءٌ سطحي يعيشُ على عمل الجمهور وعلى ثقافته القديمة، فيستطيع أن يحكم الجمهور ويبقيه في ظروفه السيئة السلبية.
وعندما انعزل التقدميون عن الدين، كسبه الرجعيون والمحافظون واستغلوه، فلا أولئك غيروا الحياةَ من خارجها وبمحفوظات وقوالب خارجية ولا هؤلاء قادرون على تغييرها بقوالبهم المستوردة من الماضي المحنط المشكل حسب قوى الإقطاع وهم غير قادرين على فهمها من داخلها الحقيقي لا الموهوم الذين اصطنعوه عبر القرون.
مصالحُ الفئاتِ الوسطى وصراعاتها وتوجهاتها سوف تحدد اللحظات السياسية المؤقتة المرحلية، فالجمهورُ سوف يرى على المسرح التاريخي الآن الفروقَ بين الكلام والفعل، بين الدين الموجه والدين الحقيقي، سيجد قوى الإقطاع المختلفة وهي تشكلُ رساميلَها الخاصة، من خلال الملكيات العامة، ومن هنا أهمية استبعاد منظمات هذا الجمهور العامل السياسية والنقابية وتوجه الملاك الجدد لوراثة الملكيات العامة المنخورة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية والامتيازات
- أرض سياسية زلقة
- النفطُ خط أحمر
- الفِرقة والحزبُ
- المشرقُ والتوحيدُ
- الصراعُ الاجتماعي مجدداً
- النظر إلى جهةٍ واحدة
- قناة الجزيرة وتزييف الوعي العربي 5
- ثقافةٌ تحبو على الرمال المتوهجة
- الثورة السورية.. تفاقمُ الصراعِ وغيابُ الحلِ
- سببياتُ انهيارِ الوعي التحديثي
- قناة الجزيرة وتزييف الوعي العربي 2، 3، 4
- الأفكارُ والمراحل التاريخية
- صناعةُ الزعامةِ في المرحلةِ الطائفية
- خلاصة الأنواع الأدبية العربية(2-2)
- خلاصة الأنواعِ الأدبية العربية (1-2)
- طريقان نحو الحداثة العربية الإسلامية
- قناة الجزيرة وتزييف الوعي العربي
- التياراتُ الدينيةُ والرأسمالية(1-2)
- الثوراتُ العربيةُ أعودة للوراءِ أم قفزة للإمام؟


المزيد.....




- باريس هيلتون تتألق بفستان حالم يذكّر بأميرات ديزني في القصص ...
- تقرير يكشف -الحقيقة الخفية- لزواج الأطفال..3 فتيات يشاركن مر ...
- لحظة انتشال ناجين من تحت أنقاض مدرسة منهارة في إندونيسيا
- ماو تسي تونغ: قائد -نهضة الصين- أم المسؤول عن فناء الملايين؟ ...
- الحوثيون -يعاقبون- شركات أمريكية ويتبنون مهاجمة سفينة هولندي ...
- إصابات في صفوف باريس سان جرمان قبل لقائه مع برشلونة
- مباشر: في انتظار رد حماس... الجيش الإسرائيلي يغلق آخر ممر مت ...
- الفلبين: مقتل عشرات الأشخاص وانهيار مبان جراء زلزال بقوة 6.9 ...
- الدانمارك تستضيف قمة أوروبية وسط تعزيزات أمنية مشددة
- خطة ترامب لإنهاء الحرب: خديعة سياسية ونصر إسرائيلي مزيف


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الانتماءُ والغربةُ