أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - المشرقُ والتوحيدُ














المزيد.....

المشرقُ والتوحيدُ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3613 - 2012 / 1 / 20 - 09:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لعبت سيطرةُ البدو الموحِّدين في شمال افريقيا على تكوين التوحد، ولم تكن ثمة حضارات قديمة مكرسة للتنوع التفكيكي الواسع، بل هي هجراتٌ من الجنوبِ في أغلبها لا تستطيع أن تجتاز بسهولة حاجزي الغابات المدارية والصحراء الكبرى. فإذا جاء الاحتكاكُ من الشمال فهو مغذٍّ للحضارة كما قام بذلك الإغريقُ والرومانُ والغرب المعاصر.
ومن هنا كان أثر المسلمين البدو القادمين من الجزيرة العربية في اخوتهم البدو في شمال افريقيا المماثلين لهم مفيداً، فقد أعطوهم دفعةً حضارية مما اكتسبوهُ من حضاراتِ المشرق القديمة ولكن في صورةٍ توحيدية، ملغيةً للتفكك، وما الأصنام وعبادة الطغاة وعبادة رؤساء العشائر إلا عبادة للأوثان الاجتماعية الكثيرة المفتتة.
ولكن العرب لم يستطيعوا أن يحققوا هذه الوحدة في جيرانهم المشرقيين وفي البلدان التي هيمنوا عليها، إلا في فترة وجيزة، ثم تصاعدت الأديانُ الوثنية والمشاعر القومية والاختلافات الاجتماعية إلى درجة هائلة.
المشرق ذو جذور عتيقة في الحضارة، وما القوميات كما تتبدى في أقليات شعوب قديمة، والأديان المندثرة الجذور والباقية، سوى علامات رمزية لتلك الحضارات التي ملأت الأرضَ جيوشاً وهيمنة وآثاراً ثم اختفت: مثل الآشوريين والبابليين والسومريين والكنعانيين، ولكن الكثير من القوميات بقيت بقبول ديانة المسلمين ردحاً من الزمن بصيغتِها البدوية الجزيرية التوحيدية ثم بمزجها بدياناتهم القديمة ووضع هوياتهم القومية في صلبها.
وليس غريباً أن تحصل الشعارات القومية المتطرفة مستوحية مبادئ الفاشيين والنازيين على أرضية داخل المشرق العربي بشكل كبير، لأنها رغبات توحيدية تستخدمُ القوةَ الجماهيريةَ العنيفة من أجل جعل الأنظمة المُفكَّكة تتوحد وتنصهرُ بطرقِ المسلمين الأوائل كذلك، وبأشكال تحديثية شمولية حادة.
لم تستطع الخلافة العباسية أن تصهر المكونات الطبقية و(القومية) أي تلك الجذور والنزعات القديمة المعبرة عن قومياتٍ وعناصرَ مختلفةٍ عن العرب وعن المسلمين كذلك، لغيابِ الشروط الموضوعية من أسلوبِ إنتاجٍ حديث وطبقاتٍ متوسطة وعاملة موحَّدة.
وفي العصر الحديث قامت الفئاتُ المسيطرةُ على الجيوش بذات المحاولات التوحيدية الباطشة، مستغلة عناصر فكرية فاشية غربية، وبدا ذلك على الجانب العربي والجانب الفارسي، وكان الجانب العربي أسرع في دوله المتعددة، التي أمكن فيها للنخبِ العسكريةِ في هذا البلد أو ذاك أن تقفز للسلطات، وكان إسراعُ العناصر القومية قبل الدينية يمثل تحركا مدنياً، مما جعله يقارب الحداثة الغربية لكن من خلال الفاشية، ولهذا فقد حافظ على المكونات ما قبل الرأسمالية كالقبليةِ العتيقة ولم يستطع أن يقارب الثورة الوطنية الديمقراطية عبر تحرر الفلاحين والنساء ونشر الثقافة الديمقراطية العقلانية.
استخدامهُ للقوة عبر الجيوش والمنظمات الجماهيرية القومية المتعصبة ورفضه لقوانين التطور الاجتماعي، واندماجه برأسماليات الدول الشمولية الاستغلالية للموارد العامة والجمهور، أوجد هوات انفصالية بينه وبين الشعوب راحت التنظيماتُ المذهبيةُ تستغلها وتملأ الفراغَ فيها، فعبر نمو أفكارِها عن أزمةِ البُنى الاجتماعية الشمولية.
وتأخر الفرس والأكراد والعديد من القوميات الآسيوية الأخرى عن اللحاق بنماذج العرب القومية تلك لعيشهم في مناطق جبلية وريفية غارقة في الانفصال عن التقدم، وكان عجزُ الفرس يرتكزُ على تعددِ القوميات داخل إيران الحديثة، وما كان الطرحُ القومي العلماني سوى أن يفككَ الدولةَ التي عجزوا عن توحيدها بشكل ديمقراطي أو قومي مستنير، ولهذا كان نمو المذهبية المحافظة لديهم أسرع في الاستخدام السياسي القومي وكشكلٍ ايديولوجي للدولةِ المُفكَكة المضمونِ، ولكن الموحَّدةَ عبرَ مذهبٍ غيرِ معترفٍ به عند الجميع.
وفي الوقت الذي يعاني هذا الشكلُ الإيديولوجي المذهبي بسبب رفضه العناصر الديمقراطية الغربية من أزمةِ سيطرةٍ حتى عند عامة الفرس ومن ثم عند الشعوب الإيرانية الأخرى، ينهضُ الشكلُ المذهبي الآخر عند الشعوب العربية لاقترابه من عناصر ديمقراطية لدى الغرب، مما يبرز تناقضاً من نوعٍ جديد.
تتبدى هنا العواملُ الايديولوجيةُ السطحيةُ في الصراعات الاجتماعية السياسية، أي استخدام المذاهب وبعض العناصر التحديثية الغربية أو رفضها، لغايات سياسية مرحلية، وعدم القدرة على الانتماء السياسي للحداثة الغربية العالمية بكليتها.
هذا يعبرُ عن أنظمةٍ وبُنى اجتماعية تقليدية محافظة، خاصة في الهياكل الحكومية السياسية وعند الجماهير العامية، فتضيع عقودٌ من التاريخ بلا تحديث وبلا تغييرات حقيقية عند الجمهور الأساسي الفلاحين والحرفيين والعمال اليدويين، فلم ينتقل هذا الجمهور للصناعات الكبرى الحديثة وبقيت الأرياف في جمودها المحافظ، أو راحت تنزف القوى السكانية المأزومة من غياب الأعمال إلى المدن.
الصيغ المطروحة الآن لتحولات الدول العربية عبر الرساميل المالية والعقارية والدخول الموسع للعولمة من الجانب التابع وغير الصناعي التقني المتطور، سوف تعيدُ أزمات البُنى المحافظة والمتخلفة السابقة نفسها، مما يؤدي إلى تفكك الدول العربية من الداخل عبر ظهور فئات إستغلالية شديدة الاهتمام بالأرباح السريعة، ومن هنا فإن أحكام الفقه التقليدية تتوافق مع رساميل غير محولة للبُنى الاجتماعية، وغير قادرة على إنشاء القطاعات العامة الصناعية العلمية الكبرى التي تعني التضحيات الجسام، فهي تركضُ للثراء السريع وعدم تغيير العامة العائشة في العصر التقليدي الماضوي لاتزال وهي التي استخدمتْ في الثورات والأصوات.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراعُ الاجتماعي مجدداً
- النظر إلى جهةٍ واحدة
- قناة الجزيرة وتزييف الوعي العربي 5
- ثقافةٌ تحبو على الرمال المتوهجة
- الثورة السورية.. تفاقمُ الصراعِ وغيابُ الحلِ
- سببياتُ انهيارِ الوعي التحديثي
- قناة الجزيرة وتزييف الوعي العربي 2، 3، 4
- الأفكارُ والمراحل التاريخية
- صناعةُ الزعامةِ في المرحلةِ الطائفية
- خلاصة الأنواع الأدبية العربية(2-2)
- خلاصة الأنواعِ الأدبية العربية (1-2)
- طريقان نحو الحداثة العربية الإسلامية
- قناة الجزيرة وتزييف الوعي العربي
- التياراتُ الدينيةُ والرأسمالية(1-2)
- الثوراتُ العربيةُ أعودة للوراءِ أم قفزة للإمام؟
- الشعاراتُ والدعاياتُ حسب الزبائن
- المقاتلون من أجلِ السلام نائمون
- الطابعُ الديمقراطي للحراك العربي
- تآكل التحديثيين ونتائجه
- وحدة المسلمين تحل قضايا كبرى


المزيد.....




- بعد 12 يوما من الحرب بين إسرائيل وإيران.. من المنتصر؟
- ويتكوف يعلق على تسريب التقييم الاستخباراتي السري لحالة المنش ...
- مقتل 7 جنود إسرائيليين في جنوب قطاع غزة
- هل دمرت الضربات الأمريكية المواقع النووية في إيران؟ ترامب يؤ ...
- اكتشاف نوع جديد من القوارض في البيرو يؤكد تنوع جبال الأنديز ...
- الجيش الإسرائيلي.. حديث عن إخفاق في غزة وإنجاز بإيران
- شاهد.. سرايا القدس تقنص جنديا إسرائيليا شرقي الشجاعية
- مسلم يفوز بالانتخابات التمهيدية لرئاسة بلدية نيويورك
- أردوغان يرحب بهدنة إيران وإسرائيل ويدعو إلى -حوار وثيق- مع ت ...
- الكونغرس يجهض تحركا لعزل ترامب بسبب ضرب إيران


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - المشرقُ والتوحيدُ