أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - لا أحد















المزيد.....


لا أحد


عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 3615 - 2012 / 1 / 22 - 20:47
المحور: الادب والفن
    


لا أحـــــــــــد
( حوار الليل , والنهار )
* عايد سعيد السراج
لا أحد يتجاسُر على ضـَم ِّ الورد ِ , كَمِثلـي
أو يتشاوف على الزهر , كمثلــي
لا أحد يتناجى في الحلم
ويَعــْرُجُ إلى حلم ٍ يَنْـهَدّ , فيطغى عليه النهــْدُ
والورد ُ , والريحان ُ , والعِنب ُ الحامَض ُ , والليل ُ الناعس ,
والبحر ُ المالح ُ , ورذاذ الماء , المتناثر هونا ً على عتبات النهد , كمثلى
أو كمثل امرأة , راحت تــُنقـِّط شهوتها عسلا ً ,
وهي تلملم ريحان لياليها , أو تترادف ُفي الحسن على أمن شهوتها ,
وليل رحابتها وحضن الدفء المركون على ميمنها , والميـْسر ,
يتناثر منها شبق التاريخ المتحامل ,على أغصان الأشجار, تعاليا ً
لا أحد يضم ّ الحجر المشوي َّ , كمثلي ,
الحجر المتراص ّ , المتدفـَّق عسلا ً ونبيذا ً ,
لا يشتم رائحته أحد كمثلي
فأنا لا ألقي بالا ً لأحجار النهر التي تتقاذفها الأمْواج ُ , ولا لتلك التي تصدّ الريح ,
أو تـُعَانِدُ أمواج البحر الغاضب ,
لأن ّ حنانا ً فيّـا يُذوِّبُ صخورا ً لا تتآكلها الشطآن , إلى أعماق الدفء البحري , أو النهري ,
فلو امرأة واحدة عطشى كعطش الليل إلى الصبح أمنحها الرحمة , وأدغدغ أعطاف الموجات , وأهيم بها لأني في ذات اللحظة أهيم بأخرى , تماما ً كبحر ٍ , يحنو على الدرّاق والمشمش , والكرز , والخوخ , والفقمات , والأسماك السابحة في ثناياه , جميعا ً , والبعض الآخر منهن ,( أقصد ليس الأسماك) يُداعب جلد البحر , أو شعره , أو يتراشق وشمسه ( أي شمس البحر , ) فيا ليل ُ لـَيِّلْ على نوارسه , وحوريات البحر , من كل الأزهار, وفراشاته ( هنا لا أقصد قناديله ) فهن ّ جميعا ً من في البحر لهن ّ رَشْفا ً منه , أو لهن ّ عليه واجب التأهيل والترحيب , ورشف الجلد , وشفاها ً منهن ّ رائعة كملوحته0

* * *
رُبُّ ليل ٍ نام على وسائد الجبال ,
وغفا حزينا ً , كمثلي
أو غطى وجهه بأوراق الأشجار , وراح يتنفـّسُ غيوما ً صفراء حزينة 0ْ
أو راح يتثاءب في الصبح الباكر كي يتهادى على عباءته النورُ
أو قال : يؤجل نومه قليلا ً قبل أن ْ يفضحه ديك العشاق المتآمر على سر خديعته,
الغـَلَسِّيون َ أيضا ً , يتباهون على هزيمته , فـَيــُأ َذ ِّنُ للصبح , وينام 0
يا ليل ُ المهمومين تعال , نتوارى , خلف الأحزان ونغفو لِلْهَمِّ معا ً
نتشاجر للحزن معا ً
نتباكى على أشجار الغابات الحبلى بفراشات ٍ تتوارى في الصبح , ونودِّع هذا الهمْ ,
كم آذيت ُ وإياك َ ألحانَ الجدجد , ونواعيرَ الأنسام !! ورششنا أجراس النعمة في الليل !! كم آوينا في الليل الأجساد اللَدِنـَة !!
وعَرفـْنَ كواتمهن ّ
يَهْمسْنَ بآهات ِ الكبت السريّ ويتنادَمـْنَ في الحلم ,
تتراجف أصابعهن ّ , بحثا ً عن حبات ِ الكرز الموجوع ,
يا ليل متى نـَخـْلَعُ نعليْـنا معا ً ؟ فالأطيار بدأت تـَتــمَلـْمَلُ ,
والنورُ يكاد يحـِّرك رمشه ,
لكن ّ الخوف َ يماهله
آه ٍ يا ليل كن ْ صديقي
فالْسـِـتـْرُ المرهوب الجانب هيّاب ْ
يا ليلُ لا أ ُريدُ منك َجوابا ً ,
فأنا أعرفُ أن ّ الليلَ ليسَ لديه ِ جواب ْ

* * *
انظرني قليلا ً, يا ليل
ألسنا صديقان !!
لماذا إذا ً تــَلـُمُّ عليك أجنحة الضياء ؟
انتظرني قليلا ً , فأنا متعب ٌ , وحزين ٌ
( فياويلتاه مني) , أتسحب ريشك الأسود , وتمضي
وأنا لمخالب بيضاء وحدي , قلبها فاحم السواد
يا من يُرِي َ قـَـلْبـَهُ الطريّ , للنجوم ,
يا ملهم العِبَادَ والعُبــّاد,
يا أمير الحزن
أيها المتناغم مع النايات والكمنجات الأليفة
كنْ صديقي
فأنا ارتجف هلعا ً على أجنحة الفراشات , حين غيّبها النهار0
يا ليل يا أبيض الحزن والهمسات
كن صديقي
فأمواج البـِحَار بدأتْ تتهاوى
والطرائد البشرية , تلوذ بصمتك الأليف
يا ملهم النايات , و الغابات , إلى نبض القلوب
آه ٍ لَيِّــلْ 000 أيـّها الليل
آه يا آسر السماء والنجوم
يا مرشد القمر إلى محبوبته الضائعة , في الجزر البعيدة
آه ٍ يا صديق َ الإلفة الأبديـّة, كنْ دائما ً كما أنت َ ليلي
وارشدني إلى خيام المنفيين , من البشر
وارسم أجمل ما تملك من جُزُر ٍ , وخلجان ٍ وغابات ٍ , مجهولة , على صدور العشاق 0
أنت أيــّها الليل , الهادئ , الجميل , الأليف , الساكن أبدا ً إلى روح الحرية
كنْ صديقي
واتركنا كما كنـّا دائما ً نضحك ُ , للوردة البعيدة
ونغفو بعيون طفلة ٍ / هاجرها الأهل /
فبكت ْ أمَّها عندما أطلقَ عليها النهار ُ
مُسَدَّسَه ُ المفضوح بالطلقات ,
أنت يا صديق الندى والقبرات
يا صديق الحالمين , والصباحات ِ المشرقة , التي لا يفضح ُ سترها النهار ُ
كنْ كما أنت ليلا ً للبراءة
* * *
أنا مثلك , حزين وغريب , ومنكسر ,
أبحث عنْ ليليَ صباحا ً ومساءا ً
فأجــِدُني منفيا ً في سجن روحي ,
قرعت ُ الباب َ لم يـَـفـْتـَح ْ
فتحت ُ الباب َ لم يـُغلق ْ
نَدَهْتُ الناسَ لم تسمع ْ
سمعت ُ الناسَ , لم تفهم ْ
هجرت ُ الناسَ, لم أسلم ْ
ضحكت ُ علي ّ لم أ ُرْحمْ ,
فـَرحْتُ إلى وجهي , أ ُقـّلبُ الآيات ِ ,
علّ الليل يأتيني بآيــِته ِ , مليئة ً بالوهم ,
ويـَسُرَّ ليْ بليله ِ الليليّ , أو يحزن , أو يبكي , حزينا ً بين يدي ّ , أو يَحْزُمُ أشياءه ُ ويرحل ُ إلى ليل ٍ بعيد ٍ , فالصحراء موحشة هنا , والنهر في الصحراء يبكي ,
ولم يعدْ دم الأنهار يحمل روح الأبدية ,
لم تعد البراري الشاسعات ينمن على صدور الأيائل , والليل يملؤه الحنين ,
فهو عطش لم يعد النهر يذوب في وجدانه ,
حتى الحنين َ لمْ يعدْ يسكـُنهُ الحنين ُ
كلُّ شيء ٍ في بلادي , غابة حزنى على ليل ٍ قديم
فالأحجار باكية , والأشجار تهرّ دمعها ورقا ً ,
ولم يعد الزمان ينام على وسائد الرحمن ,
كل شيء في بلادي يقتل الإنسان ,
فلا تهجرنا أيها الليل , لأنّ الصبحَ قادم
يا ألق المسافة والحنين
أيّها الناعم ُ , الدافءُ , المدلهمُّ , العابسُ , الغاضب ُ , الشجي ّ , المحزن ُ , المحزون ُ , الحانية أجنحته على سر ِّ النهار ,
كم تناثر الصبح على مسافة قدميك !!
وكم هربت الشمس منك , مدارية عورتها !!
تستنجد بنهار يشبهها بعيد ,
يا ليل يا مفرح النجوم , يا هابطا ً في وديان هذا الوقت ,
وكاشفا ً ( عن ِالكواكب ِ طـَرْحَتَها )
يا ليل ُ يا سيّدُ الندم ْ ,
أيقِظــْهُ , الذي أ ُحبُّ بهدوء ٍ , َ
مَرِّرْ ريشتك َ الناعمة َ على عينيه ِ الناعستين ِ ,
وَطــَهِّرْ قلبَه ُ بالْسـَكـِيْـنـَة ِ,
أيـّها الحالم الذي لا ينام ,
هدْهِدِ الحزانى , فالأمهات , جفــّت عيونهن ّمن البكاء
لم ْيعد ْ الأبناء من الرحيل,
لمْ يعدْ المسافرون من التوبة
لمّ يعدْ المهاجرون من الحزن
أيّها الليل ُ امسحْ دموعهم , فالقلوب فاضت بالألم ,
تماما ً , تماما ً , كما تفعل الآنَ ,
هـَدْهـِدْ شاخصات ِ القبور ,
واتركْ رذاذك المطري ّ , يتهامى عليهن ّ ,
فالموتى في بلادنا يصرخون من القتل الجماعيِّ ,الذي يحزنهم ,
أيـّها الليل هم لا يعرفون من قتلهم
أترى أحبتهم الصغار , أم الكبار , " وما أدراني " !
نـَشـِّف ْ جراحَهم أيّها الليل ,
واجعلْ جفونهم تنام في مـَرَاقِدهَا بسلام
أيها الليل , يا ملك الحكايا , حدثني عن البلاد التي لا تعرف إلا ّالغابات والورود , حيث الفرح ُ لا ينام ُ في الليل , حدثني عن الطيور , والأنهار , والأحجار , التي لا تعرف سوى الفرح الدائم ,
أنت َ أيّها الليل يا صديق الحالمين ,
حدثني ولو قليلا ً عن أشكال النسيم في بلادهم , وعن العشاق كيف يتهامون
أيها الليل يا سيد الحكايا , حدثني عن بلاد ينزل فيها المطرُ , " مثل ُ المطر ِ",
أي ْ بدون ِ لون ٍ بني ٍ , أوْ أسود َ, أو أصفرَ ,
حدثني أيها الليل فأنا حزين , يقتلني الحزن ُ, الفراغ ُ , والندم ُ , والأشواقُ , والبحث ُ عن الناس ِ , يتركني وحيدا ً وغريبا ً ومنكسر النوايا , يا عالم الأسرار , هات ِ قليلا ً حدثني , عن الآلام والمجانين , والشعراء , والعشاق ,
حدثني عن القبور , والأزهار , والأشجار الباكية , عن العصافير والفراشات , والأطفال , والأنهار , الصغيرة , والأسماك الملونة ,
فأنا قرفت حديث الموت , وأصحاب البنايات الشاهقة إلى الأسفل , حديث الهابطين َ إلى الدرك السفلي من لمعان الذهب , وخزائن المال المتعفـّن , ذا الرائحة النتـنة ,
لا تحدثني عن أصحاب ِ المُــلـْكِ والساسة ِ والنفوذ ِ , فأنا مللت ُ من حكاياهم التي تشبه النهار ,
أعرف , أعرف , أنـّهم يخافونك أيها الليل , فأنت الوحيد الذي يعرف أسرارهم , وروائحهم , وعطرهم , الذي لا يشبه ورودك الجميلة , ولا ليلك الآسر ,
هات حدثني أيـّها الليل , عن الأقمار والحزن البري , وشجيرات الطرفاء المائية , فأنا عـَطش ٌ لِليلــِك َ البهي ولأمانيك َ المُلْهـِـمَهْ ,
أنت َ عاشق ٌ , مغامر ٌ , لا يعرف سِرَّك إلا من يعرف سرَّ الألوان , وبهاء الأقمار عندما ترسلها0
يا من لا ينام إلاّ , على أضلاع الموجات ِ
أعرف ُ أنــّك مثلي تماما ً, قلبك ُ مملوء ٌ بالثقوب
يا ليلُ يا أسودُ الهمِّ والقبلات
قل لي ما لون دمك النازف ,
عيناك غائرتان بالدموع
هل تخشى مثلي الطلقات المملوءة بالعمى الليلي ؟
لماذا تتوجع من أزيز ِ الرصاص
وأنت تعلم أنّها لا تصيب قلبك َ الكبير
يا ليل يا سيد الحزن والنسمات
كم تتراجف على شفاهك الحروف ُ ؟
تماما ً كمثل غزالة فاجأها الصياد ُ 0
آه ٍ يا ليلُ , يا أسود العمر والكلمات
يا نائما ً على الضمير,
وَيظلّ السؤال الكبير
لما أنتَ صديق العدم ؟
كيف حملتَ على جانحيك هموم الأمم ؟
وكيف تشَرّبتَ العذابَ , وأرضعتَ للوجود هذا الندم ْ ؟
يا ليل ُ خذ ْ وحدتي
ألا يكفيك َ منيَ الألم ْ0
تسبحُ في الهموم , روحي
وكل الذي بيـْننا أضحى نــَدَمْ
يا ليل قم ْ
فلن تعيش ليلا ً هنيئا ً
قبل أن تهزم نهار الخديعة
ويـُضحي السلام على جانحيك نغم
فهل يُسأل الليل ُ عن سِـــــــرِّه ِ
وهو الذي يحتويه العدم ْ
يا ليل , 000!!
أيـّها الليل ُ , يا من ينام على فراش ِ الشـُهُب ِ
وَيَتـَـمـَـرْءأ َ بماء ٍ
ألا تخشىُ أن ْ تسرق أسرارك البحار ُ ؟
أم تراك تـُخـَبـِّأها في تعاريج العـَدَمْ !!
نــم ْ أيــّها الليل , واحلم , بمعشوقة شاردة ٍ
لا تراك َ إلا ّ في الليل
تأتيك َ خجلى من عيون ِ الأقمار المتـَلَصْلِصَة ِ
دع أحشاءك المائية , تنثرُ الأسماكَ والحصى
والغاباتِ , ونـُهودَ الجبال
وتتراسل مع , ما لا يـُعرفُ من أقمار ٍ
بـَــــَِّدْ وحشتك َ , وانثر للماضين الهم َّ0
فالحزن الماجن , ينام حزينا ً
ويتناثر في الصبح كلام
يا ليل ُ يا صديقي , يا أخضر الحزن
كن ْ كما أنتَ عاريا ً , و نقيا ً , مـُلْهـَمَا ً,
ومـُلهــِمَا ً لجميع الكائناتْ
أيّها الليل ُ الذي تــَعْجَزُ أن ْ , تـُـدْرِكُهُ الصفات ْ
رب ّ ليل ٍ , ليس كليلِك َ أبيض َ الكلمات ْ
أنت َ ليل ٌ , كليلي تماما ً
تــُزْهر ُ فيك الحياة ْ
أيّها الليل ُ العظيم ُ الذي , يوج ُّ اشتعالا ً قلبُـــــهُ ,
قـَلْبــُهُ الذي , من نار ٍ ونور ٍ
هذا المشعّ الذي لا يراه ُ ,إلا ّ أصدقاؤك الطيبون
يا من يعشق نساءا ً , لهنّ أجسادا ً من ورد ٍ , وزبد ِ الماء ْ
لدونتهن أشهى من عطر " الغاردينيا " وأرحب من صدور الموج الهادئ
يا وجعا ً ليليـّا ً مثلي , فيه الشهوة , لرائحة الورد الجوري ,
وفيه , ومنهُ , يتناثرُ ألقُ الحبّ ,
والعشق ُ الموْجع ُ , وكذلك سهر ُ الليل مع الليل ْ 0
* * *
السلام السلام ما نريد
المحبة المحبة ما نبغي
فلماذا يُدمون َ أقدامنا بالأشواك
ماْ لسِـرُّّ يا ليلُ الحزانى ؟
ونحن مخبأون بالأحلام , والورود
وقلوبنا كما تعلم تنبض بالدفء , ومحبة الحالمين
فلمن إذن , سنترك هذه الغابات؟
والينابيعَ الباسمة
والأطفالَ الوادعين َ, ووجوهَ الصبايا البريئات ,
والنهود التي تغتسل بالخجل
لمنْ إذنْ سنتركُ أشجار الياسمين ,
وعطر الفتيات المتناغم مع أجسادهن ,
لمن 00 ؟؟
ولمن نقطف الريحان , وحبات الكرز البري ؟
وهديل اليمام نتركهُ لمن ؟
قل لي أيها الليل الجميل
كيف تنام ُ بدوننا الفراشات , وبمن ْ تحلم ؟
وهذا الحلم الطويل الطويل جدا ً نتركه لمن 00؟
قل لي أيّها الليل ُ المشاغب ُ
أيّها الحنون ,
يا من يَنـْتـَشي بضوئه ِ الدفين
هل أجد يوما ً غربة ً تضيعني أكثر ؟
وتنام على جفني ّ كي أنام
فأنا نفضتُ صغار الناس , والواشين , والداعين إلى الكذب اليومي ّ,
والمتباهين بعناء الفضيحة
والكذب المتماهي ليلا ً ونهارا ً , إرضاءاً للسيد الغبي
يا ليل ُ يا ملهم " القطا " والنجوم
يا من يمــد ُّ خـَطـْمـَه ُ عبر البراري
ويدخل ُ إلى ماهية الأشياء
يا من يعرف الأفاعيَ أينَ مكمنـَها , والنـَحـْلَ كذلك
ويدري بلطاء ِ " القندس "
والبذرة في أحشاء الأرض
يا من يُهدهد جفون البلابل
ويـُخبئ ُ في الأعشاش حكايا
أيها الحارس أبدا ً , لمخلوقات الله جميعا ً
يا من يــُكَـحِّلُ عيون َ الصبايا
ويُمـَســِّـد جدائل الأشجار
يا ليل ُ يا أخضر الهم ِّ والذكريات ْ
أيّها الحالم , بهم ِّ الحَسَاسَيْن
وعصافير المرح 0 التتلاءب ُ في الليل
يا راحلا ً بين الورد وكلاب المرعى
يا مهموما ً بالخــْلق ِ , وقطرات ِ الماء
أنت َ يا من تتراجف ُ شفتاك وهما , تلامسان ,
لدونة الجسد الأنثوي
كيف تمتــدُّ ذراعاك , لتضـُمان ِ نعناع َ الثلج
وهو يتهامس مع , صلادة الحجر ؟
أو لَوَبَان ِ الينابيع الجبلية السكرى بنشوتها
يا من ْ يَتـَرَاهـَمُ مع خيول ِ البريّة
ويرشف ُ ظمأ َ الغزلان
يا حانا ً على توهان ِ الرئام ِ في الصحراءْ
يا مرشد الفلا , إلى تـَنـَفُّس ِ الصبح
أيّها الليل ُ , يا بنفسجيّ الخطا
يا من تـُنشـِّف ُ دموع َ الثكالى , بـِمِخْـمَــل ِ روحك َ
آن َ الأ ُمَّات ُ , يندبنَ الأبناء
فلا حيـْل َ لهن َّ
آن َ صرخاتهن ّ تـُغضب ُ الغيوم
يا ليل ُ كن ْ رحيما ً كما أنت َ , بهن ّ
إذ ْ ماذا يفعل ِ العشاق ُ , والشعراء ُ , بأرواحهم , لولا ليلكَ الحميمْ
والسهارى , تتهادى على جفونهم , أهداب ُ الليل 0
يا ملهما ً أشجان َ الشجو , وقناديل َالرحمة
فلا ليل ٌ , سوى ليلك َ يخطف وَدَعَ الأيام
ويتماهى مع الشجن المتناثر , من أشجان ِ الناس
يا رَوّاح ُ إلى العفـّة ِ , ولَمَّام الأشواق
كن كما أنت َ , هادئا ً , وساكنا ً , وموؤدَ الخطا
فالرحمة ُ تتقاذفها الجنيّات ُ في الأفلاك
ولياليك تتعَفـْرَتُ , في الهم ْ
يا محروم الأب ِ والأم ْ
يا مانح " الوحدة " للمهمومين
ومجندل الصمت الحزين
يا واهب الشجو , ومـُجـَنــْدلَ النسيان
أنت َ البارء ُ , لصخور البحار , عِفـّتـَها
يا مهدي ُّ يا مجنون
يا مرْمِشَ المطر الحزين
كيف تتقاذفـُك الأفلاك ُ ؟
ويــَهُبُّ في عواصفك َ الجنون ُ
يا راحما ً – صمته ُ لطفل ٍ يُداعبُ جفونه ُ الظمأ
لما تسأل ُ الأشجان َ عن مكمنها ؟
يا راجلا ً في الهم ِّ , ومـُفـَتـِّت َ الأزمان
أيّها العاشق ُ في لحظة ِ التلاقي
ومنصتا ً للهمس ِ
ومبحرا ً في غيومك َ الموحشة
يا أيـّها النـَــدِيُّ في هجر ِ الملاذة ِ
وَمُرَتــِّبَ الألق ْ
لماذا تحمل في جانحيك شهوة النار ؟
وتــُسْرج ُ البراكين َ شامخة ً في العلو ْ
يا ُمهْبط النجوم من مكمنها , مذعورة ً , تلطي إلى الخلجان
يا رافعا ً رأسَهُ يبحث في أعماقـِه ِ , عنْ سـِر ْ
ألا تصبح ُ يوما ً مداريا ً خجل النشوة , وتعود للوراء
للوراء دائما ً ودائما ً إلى الوراءْ
يا ليل ُ يا ملك الأشياءْ
هلا كنت َ ليلا ً ولو مرة ً واحدة ً !!
أم استمـْرَأت َ في البكاء ؟
وجعلت َ دمعك َ النيلي ّ , يساقط مدرارا ً , جَبيْنـَـهُ المساءْ
أم تركت َ المدن َ المبثوثة كحبات ِ كستناء ْ , !!
وأ ْلحَفــْتَ عليها دبيب َ الألم ْ
يا ليل يا محرما ً على الأبناءْ
هل حليبك َ الليليّ مطرا ً حزينْ ؟
أم إعـْجازُكَ في الغيم !!
لما تركتهم , يتيهون في الصحراءْ !!
ويبحثون عن قطرة ٍ منْ هَم ٍ , مجبولة ٍ بالماءْ0
أم رحت َ في فكرك الليليّ تــُقلـِّبُ الأشياءْ !!
أم صببتَ عليهم الأسئلة , ورحتَ تجهشُ بالبكاء !!
يا حزينا ً يا مَلـِكَ السهر ْ
هـَلا ّ رششت َ عليهم , نعم الوفاءْ
يا ليل يا سيد الملامة
يا عاتبا ً على الطيور ِ , والنسور ِ , والأشجار ِ , والأنهار ِ
والحنين ِ والشجون ِ , والأسماك ِ , والريحانْ
يا عابسا ً بمجده ِ, يا ملهم الإنسانْ
كيف تنام لحظة ً , وأنت قي العراء ؟
هل عرفت يوما ً معنى الانكسارْ ؟
أنتَ ( هيـْـهْ ) يا أنت َ, يا ليلُ يا جبارْ
لماذا تــُظهرُ الهدوء , وفي أعماقك , كلّ هذه العواصف الهوجاءْ؟
هل أنت ليلٌ يخاف ُ من مُحيطِهِ ؟
أم في عرفك العظيم تداخل ٌ , يُحيَّرُ الألبابْ
يا ليل يا كــــــــــذابْ
هـلا ّ فتحتَ لنا الأبوابْ
لنعرف أسراركَ الخفية َ
أم أنـّك تخافُ أنْ يفضحك َ الغباءْ
وتـُكشـَفُ الأسرارُ فيك فجأة ً
وإذ ْ بكَ لا تملكُ , من أمركَ سوى الهزيمة ْ
أم في طبعكَ الخديعة َ , وسرها الجريمة ْ
يا ليل يا صديقي , قف قليلا ً لأهمس في آذانك َ الطرشاء
حكاية َ الإنسان ْ
الذي ينام عاريا ً إلا ّ من غباءه المجنون ْ
إذ ْ لولاهُ ما كنتَ ليلا ً
وما كان لشأنكَ أن يكون ْ
فهل أسألـُك َ !!
تذكرت ُ لا يـَسْألُ الليل َ , سوى شاعر ٍ أو عاشق ٍ مجنون ْ
يا من يُكممُ نفسه ُ بأنجم السكون ْ
يا ليل يا ملعون ْ
كيف تـُخبِّـئ ُ نفسكَ ؟
ألم تراها موصولة ً بكَ العيون ْ !!
يا ليل يا مجنون ْ
* * *
يّها , الليل ُ , الذي يَلـْــبُدُ , كوجع ٍ قديم , مركونْ بالخيْبة ِ
يا من ْ يتراءا , في الحزن , ولا يـُرى
يا ساكنا ً كالجرح , متثائبا ً كحيوان ٍ غبيْ
مشـْدُوها ًكفتاة ٍ في لقائها الأول
يُــفلِّيَ جَسَدَها , رجل ٌٌ مهووسٌ
شـَفـَتــَاه ُ تـَرْشـُفان ِ كوامَن ِ الإثارة
تفضحها النشوة ُ , وَيـُكـْسرُها غباءْ ,
يُنادِمُها الصمت ُ , ويستهويها المـُكْرُ
تتراشـَف ُ , والسِحْر ُ , الكامن ُ في الأنوثة ِ
فــَتــَصـُبَّ على الويل ِ اللعنات ِ
ويـَصْهـَل ُ في دَمِهـَا سـُمُّ الأفعى
يـَا رَحـْمَن ُ كن ْ مع الليل ِ شفيعا ً , فالجسد ُ يذوبْ
وفرخا يمام ٍ بصدري يفرّان قليلا ً
وكل ُّ الكلِّ بأنحائي , يرتجف ذنوب ْ
لا توبة بعد الآن , بل ْ كيف أتوب ْ ؟
فجسدي بدأ الآن , كالإسفنجة يمتص ُّ الشهوة َ ,
والشهوة َ في عرفي , لا تحتملُ بعد الآنَ ذنوبْ
الصخرُ يا ليل يناديك , فكن رحيما ً, فللصخور , روح
وللعذاب أمـْن ٌ به , فكن ْ أنت َ ليل المودة
وكن مُلْهِما ً كدموع العشاق
فالقسوة ليستْ في شكل الصخر , بل في البشر , فقلبُ الصخر , رقيق ٌ, وحزينٌ ,
وهو يتظاهر بخشونته ,
أمـّا القلبُ رهيفٌ , كمثل ِ قلبك َ وحزين 0
* والأجساد ُ كذلك تتعطش لحنان منكَ , ونسيمْ ,
أوصيك كذلك بأشجار الليل, فهي تـَئِن ُّ من البرْد ِ , وتـَصْـفـَر ُّ من الشمس ِ , ولا تغفو إلا ّ بأحضان ِ الهدأة في الليل ,
وتنام على موسيقاها , وغـَرَد ِ الأطيار المتمـَلْمِلَة ِمن نوحان الأغصان , وَعَـذْب ِ أنين المحرومين وعشاق السهر , وأنـّات المكلومين , والمجروحين , والمحزونين , حزانى الليل, تـُؤلمهم آهات الشجر , والصخر , والأنهار , وهدير الماء المَــفـْلَت ِ على أتربةِ الهمِّ , فما بالكَ يا ليل إذا ً بعذاب الآمات , وهن ّ يُهدهدن الرضعَ بالوجع المهموم 0
يا ليل من مثلك , يحتضن الناس , ويسدل عليهم جميعا ً هدْا ُتـَك َ الرحمانية ,
ومسحتكَ السمراء , بغيوم ٍ مفضضة الوهم , وعنابر شوق ٍ تتراقصُ , إحسانا ًوتذوب بصدور المحرومين , والمهمومين , والعشاق ,وغوث الصخرِ والأشجار,والغابات ِ, تتراجفُ سكرى , وهي تداري عفتها في الليل , وكذلك عيون ٌ تترامشُ حين يتناسَلها الهم 0َ
هلْ داريتَ فضائحهم , وتناغيت معهم في الهم , وجـَلَد ِ الصبر , والعِفــّة ِ في النسيان وَشـَدَوْتَ كما الأطناب مهابتهم ,فالفضحُ ,الليليُّ , أكثر مما تتراشقهم رذاذات الماءْ ,
وَمَســِّدْ بحنانـِك َ , قلوب َ العشاق , وقلوب الشعراء , والآمّات لهن ّحنانْ
ذ َوَّبَ جَليْدَ الأرض , وصخر الأرض ,
وأدْفـَأ َ كثيرا ً ينابيع َ الماء ْ
فكن ليلي َّ الليل , يا ليل
وكن كما أنت ليل العشاق , وليل المحرومين ,
واللابـِد ُ أبدا ً على ضِفاف ِ الغابات ِ وذرى الجبال , والأنهار 0
ولا أ ُذكَّرَك َ بينابيعَ الماء ْ
أمـُقيَّـدا ً أنتَ بأي ِّ سماءْ ؟
* * *
يا ليل يا محرابْ
يا ملهم الأحبابْ
يا سابحا ً في الشوقْ
كسكر ٍ مُذابْ,
في فم ِ عاشقة ٍ ناضجة ٍ
يلهو في أعماقها جنون عَذَابْ
فترتمي ميمنة على محبوبِها ,
وميسرة ً يداعب الرذاذ ُخدها
وتؤججُ الرذاذ ُ والحبيبَ, على توءدة ٍ
إحساس ٌ غامض ٌ , يـَهـْجُسُ أن ْ يراها تارة ً ,
, وتارة ً يـَغمض ُ العينين , كي لا يراهما
خشية من جَفــْلَة ٍ تأخذ ُ منها نشوة الذوبان ,
أو رَجـْفة الحياء ِ في لحظة َ اقترابْ 0
يا ليلُ يا حبابْ
كن ْ دائما ً مُهَيـــّأ ً
على شرفة ِ الأبواب ْ
يا ليل يا كذابْ
ألم تقل لي مرة ً بأنــّك الصديق !!
وها أنا ذا تتركني , لكل هذا الوهمْ
تـنام في غفلة ٍ من الحياءْ
وتصحو كأنــّك العارفُ الوحيدُ للأشياءْ
يا ليل يا حزين ,
يا أسود العيون
يا حالما ً بالوهمْ ,
يا شاردا ً في غابة ٍ بعيدة ٍ ,
أو وَهْـــدَة ِ الجبالْ ,
يا ليل يا حيّالْ
لِـمَا تركتني للهم ؟
ألم تقل للخـَلْق ِ , بأنــّك ,
أبٌ وأم ْ
لماذا إذا ً تــَرَكـْتـَنِي للوَهم ْ ؟
11/11/2011 م
(مفردة – كـَمثـْلي – وردت سهوا ً في النص )
( القصيدة التي تليها – حوار النهار مع الليل )
* سوريـــــــــــــــا -



#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- /1/ حلم
- الأديب : فيصل حقي - والرغبات المسحوقة
- شعر
- الجميلة ُ درعا
- الفنان والنهر
- الرقة تتغرَّب على ضفتيْ , النهر
- حكامنا العرب
- سيدة الألم
- * وطن ٌ كذاب
- شآم الكرامة 0
- المنتدى الثقافي الديمقراطي بالرقة / سوريا . ...
- يا مبارك , لماذا بدلت المعارك ؟
- صباحك ِ ُ فلُّ مهداة : إلى طلّ الملوحي
- الحوار المتمدن رمز للمعرفة والحرية
- قناة الجزيرة , أخطر من القاعدة , وأَشَرُّ من الفتنة
- ميشيل عون / الصغار وما يسطرون
- رمضان كريم
- رصد الأحوال الشعرية في القصيدة العربية , في النصف الثاني من ...
- ملائكة الملل
- الأغنياء يزدادون غناً والفقراء يزدادون موتاً


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - لا أحد