أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - لا أصولية دينية و لا شوفيتية قومية ؛ وحدها الشيوعية قادرة عل تحرير الإنسانية ( مقدمة العدد2 من -الماوية :نظرية و ممارسة-.















المزيد.....


لا أصولية دينية و لا شوفيتية قومية ؛ وحدها الشيوعية قادرة عل تحرير الإنسانية ( مقدمة العدد2 من -الماوية :نظرية و ممارسة-.


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3614 - 2012 / 1 / 21 - 20:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لا أصولية دينية و لا شوفيتية قومية ؛ وحدها الشيوعية قادرة عل تحرير الإنسانية ( مقدمة العدد2 من "الماوية :نظرية و ممارسة".
الثورة كلمة غالبا ما تستعملها قوى طبقية مختلفة و كل منها تعطيها المضمون الذى تريد لتخدم بها مصالحها الآنية و البعيدة المدى . و قد تم بالتالي تشويه هذا المفهوم إلى درجة صار معها الرجعيون و الإمبرياليون يستعملونها ليشحنوها بدلالات معادية للثورة أصلا و صار معها من يدعون الثورية يعلنون الثورة فى خطاباتهم الشفوية و المكتوبة و يمارسون على أرض الواقع الإصلاحية و الإنتهازية اليمينية و اليسارية .و من هنا يتعيّن أن نعيد لهذا المصطلح بريقه بإعتباره إرتبط فى عصرنا هذا أساسا بالشيوعية و بإعتباره تغييرا جذريا لمجتمع ما – تشكيلة إقتصادية إجتماعية – تقوده القوى و الطبقات الثورية نحو مجتمع بديل أرقى بالنسبة لتاريخ الإنسانية . " و يترفع الشيوعيون عن إخفاء آراءهم و مقاصدهم ،و يعلنون صراحة أن أهدافهم لا يمكن بلوغها و تحقيقها إلا بدكّ كل النظام الإجتماعي القائم بالعنف .فلترتعش الطبقات الحاكمة أمام الثورة الشيوعية . فليس للبروليتاريا ما تفقده فيها سوى قيودها و أغلالها ، و تربح من وراءها عالما بأسره . "
( ماركس و إنجلز " بيان الحزب الشيوعي ").
فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية تفيد الثورة تغييرا شاملا راديكاليا يدحر الإمبريالية و عملائها و يشيّد الإشتراكية أو دولة بقيادة البروليتاريا تفسح المجال لاحقا لتشييد الإشتراكية و يجرى التغيير عبر العنف الثوري الشعبي الجماهيري ، لا عبر الطريق السلمي الإصلاحي فى إطار النظام القائم . و فى عصرنا هذا ليس بمستطاع أية طبقة بإستثناء البروليتاريا أن تقود هذه الثورة و أن تكون حفارة قبر أشكال الإستغلال و الإضطهاد جميعها . و فى هذا العالم الذى تهيمن عليه الإمبريالية ثمة الآن تناقضات أساسية ثلاث تحكم هذا النظام العالمي : تناقض شعوب و أمم مضطهَدة من جهة و الإمبريالية من جهة ثانية و تناقض رأسمال / عمل و تناقض ما بين الإمبرياليات و التناقض الأول من هذه التناقضات الأساسية الثلاث هو التناقض الرئيسي أما التناقض بلدان إشتراكية / بلدان إمبريالية فقد زال مؤقتا بموجب إستيلاء البرجوازية الجديدة على السلطة فى البلدان الإشتراكية السابقة و إعادة تركيز الرأسمالية فيها .
و من هنا تتخذ الثورة البروليتارية العالمية شكل تيارين إثنين ، تيار الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية المعبدة لطريق الثورة الإشتراكية فى المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات و تيار الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية -الإمبريالية . و لا يمكن لكلا الثورتين الظفر إلا بقيادة البروليتاريا لمختلف القوى الطبقية المعنية بالثورة من خلال حزبها الشيوعي المتسلح بعلم الثورة البروليتارية العالمية ،الماركسية –اللينينية –الماوية .
و قد تعرّض هذا المشروع الشيوعي الوحيد الثوري حقا و فعلا و القادر على القطع مع الإمبريالية العالمية و نظامها العالمي و فتح آفاق نمط تطور جديد للإنسانية بعيدا عن الإستغلال و الإضطهاد القومي و الطبقي و الجندري لهزّات و تراجعات لا سيما بعد إستيلاء التحريفية / البرجوازية الجديدة سنة 1956 إثر وفاة الرفيق ستالين على سلطة الحزب الشيوعي و الدولة فى الإتحاد السوفياتي محوّلة إياهما إلى حزب و دولة برجوازيين راسماليين، و بعد إستيلاء البرجوازية الجديدة الصينية سنة 1976 على مقاليد الحكم و إعادة تركيزها للرأسمالية على أنقاض قمة ما بلغته الثورة البروليتارية العالمية فى إتجاهها نحو الشيوعية و نقصد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى1966-1976 فى الصين الماوية بما جعل المرحلة/ الموجة الأولى من الثورة البروليتارية العالمية تنتهى لتحل محلّها بداية مرحلة/ موجةجديدة ثانية فى طور الإعداد و النهوض تتراءى فى الأفق.
و مذّاك لم تدّخر الإمبريالية جهدا للهجوم هجوما مسعورا على الشيوعية قصد قبرها كمشروع بديل للعالم الإمبريالي مستغلّة الأزمة التى عمّقتها الإنقسامات داخل الحركة الماركسية-اللينينية –الماوية بعد وفاة ماو تسى تونغ و الهجوم الخوجي الدغمائي التحريفي على أرقى ما بلغته الثورة الماوية فى الصين و عالميا . فكانت الإمبريالية لا سيما منذ نهاية ثمانينات القرن الماضى و إنهيار الإتحاد السوفياتي و كتلته تكرّر على مسامع شعوب العالم بان الشيوعية ماتت و بأن التاريخ إنتهى وحطّ رحاله و أنه بالتالي لا بديل عن الرأسمالية -الإمبريالية و التأقلم معها .
غير أن الشيوعيين الثوريين الماويين ما إنفكوا يثبتون نظريا و عمليا فى الصراع الفكري و الصراع الطبقي و منذ أواخر السبعينات و بداية الثمانينات أن دعاية الإمبريالية و الرجعية قائمة على الكذب و الترهات لا غير . و أتت العقود التالية لتدلّل حتى أكثر عن إنصهار الماوية بوجه خاص فى أمريكا اللاتينية و آسيا فى صفوف القوى المعنية بالثورة و قيادتها فى التقدّم على درب إنجاز الثورة البروليتارية العالمية بتياريها . و أخيرا جاءت الأزمة المالية الحادّة لتعيد إلى أذهان الكثيرين من جهة شبح أزمة 1929 و من جهة ثانية شبح الشيوعية بخاصة فى البلدان الرأسمالية -الإمبريالية و لتفسح المجال لمزيد تقدّم النضال الشيوعي والقوى الشيوعية الماوية فى تطوير حرب الشعب الماوية فى أشباه المستعمرات والإعداد و إنجاز الثورة الإشتراكية عندما يظهر وضع ثوري مستقبلا داخل الحصون الإمبريالية .
إن المشروع الإمبريالي لم يوفّر للبروليتاريا و شعوب العالم و حتى الكرة الأرضية إلا الإستغلال و الإضطهاد والآفات و التفقير و المجاعات و الإبادة الجماعية و تلويث المحيط و نحوها وهو يفتضح يوما فيوما مما جعل قادة إمبرياليين فى محاولة منهم لمغالطة الشعوب يتقمصون دور الدعاة إلى التغيير و أحيانا الثورة بمعنى تغيير الوجوه القيادية للبرجوازية ليس إلاّ . و لكن الإمبريالية خدمة لمصالحها و مخططاتها فى النهب و السلب و الإستغلال و الإضطهاد لا تظهر سلطتها و دولتها بوجه واحد و إنما تلبس لبوسا متنوعة . ففى الدول الرأسمالية - الإمبريالية أقامت نظام التداول الحزبي بين أحزاب هي أصلا أحزاب برجوازية رأسمالية- إمبريالية ذات إختلافات طفيفة بالكاد لها مغزى و إن حملت أسماءا متباينة بغرض مغالطة و خداع و تضليل الجماهير و جعلها تعتقد فى إمكانية التغيير السلمي و الإصلاح من الداخل . و فى أشباه المستعمرات أقامت القوى الإمبريالية فى تحالف مع البرجوازية الكمبرادورية و الإقطاع أنظمة عميلة لها معتمدة بالأساس على دول بوليسية وعسكرية و إن إفتضح أمرها شعبيا و شارفت حكومات الدول العميلة على السقوط لجأت الإمبريالية إلى بدائل أخرى أعدّتها موهمة بالتغيير و مدخلة بضعة إصلاحات شكلية لتعيد الحياة للدولة المتداعية و تمدّها بنفس جديد. و تاريخ القرن العشرين يزخر بالأمثلة على ذلك .
و فى إرتباط وثيق بهذا و لمحاربة القوى التقدمية و الشيوعية خاصة ، عمدت الإمبريالية و عملاؤها إلى إنشاء و دعم الجماعات الأصولية السلفية لا فى الولايات المتحدة فحسب و لكن أيضا و بالخصوص فى أشباه المستعمرات و منها طبعا البلدان العربية . ووقوف وكالة المخابرات الأمريكية وراء تشكل الجماعات التى تحولت إلى القاعدة فى أفغانستان لقتال السوفيات و الشيوعيين الحقيقيين هناك ( فى أفغانستان) أمر لا غبار عليه و حقيقة أقرّها الكثيرون . و لئن حاربت الإمبريالية الأمريكية القاعدة لاحقا فخدمة لمصالحها مجدّدا و الخلاف بينهما ليس سوى خلاف بين أصحاب مشروع إطاره و حدوده العالم الإمبريالي لا أكثر و لا أقلّ . و كلّ من الإمبريالية و الأصولية السلفية يدعم الواحد منهما الآخر بحيث توفّر التيارات الأصولية السلفية الجهادية تعلّة لحرب لا نهاية لها على شعوب العالم و للحرب الإستباقية للإمبريالية الأمريكية و توفّر الإمبريالية تعلّة للتيارات الأصولية السلفية الجهادية لتحرف الصراعات الطبقية عن وجهتها الصحيحة فتحولها إلى صراعات أديان و فرق و شيع و "حضارات" و أحيانا لا تخفى التيارات الأصولية السلفية الأخرى تعاونها مع الإمبريالية الأمريكية ضد الشيوعيين و حركات التحرر الوطني عامة.
و عند هذا الحدّ يثار سؤال ما قدّمته للجماهير الشعبية القوى الأصولية السلفية الجهادية منها و غير الجهادية و إن كانا يلتقيان فى الهدف و يتكاملان بإستمرار و يتعاونان؟
بداية ، نذكّر أن القاعدة و طالبان و أرهاطهما من صنائع الإمبريالية لم يفعلا سوى خدمة الإمبريالية الأمريكية فى أفغانستان أولا و على نطاق المنطقة و عالميا لا تفعل القاعدة سوى إحداث تفجيرات هنا و هناك لا تميّز فيها بين أعدائها والجماهير الشعبية متسببة فى قتل آلاف الأبرياء و محوّلة الصراع إلى صراع ديني يفرّق صفوف الجماهير و يشوّه و يطمس الصراع الحقيقي و أساليبه ضد العدو الإمبريالي و عملائه و ناشرة الأفكار و الممارسات القروسطية و لن ينجرّ عن كلّ هذا إلا المساهمة فى تأبيد النظام الإمبريالي العالمي السائد و ليس تقويضه و يكفى فى هذا الغرض أن نشير إلى المجازر و الإغتيلات التى نفذتها الأصوليون السلفيون الجهاديون و غيرهم فى القرى و المدن الجزائرية مثلا ذابحين الأطفال و النساء و عائلات برمتها .
و أما السلفية غير الجهادية التى هي مكملة للسلفية الجهادية غالبا تمدّها بالقوة البشرية و المادية و الفكرية و تلتحق بها كليا أحيانا حتى و لو أبدت وجها ترغب فى جعله مقبولا عبر مراجعاتها إلخ فهي لا تزال تحمل ذات المشروع الرجعي و ما يظهر على أنه خلاف تكتيكي يدور حول إستعمال العنف أو طرق أخرى فى الواقع الراهن لتوسيع نطاق التأثير و التأطير . و الوجه الديمقراطي الذى تودّ الظهور به ، و يساعدها فى ذلك الإمبرياليون و عملاؤهم و الإنتهازيون فى صفوف القوى التقدمية وتلك التى تدعى الشيوعية ليس إلا قناعا مؤقتا لعدائها السافر لأبسط قواعد حتى الديمقراطية البرجوازية فهي تدافع عن مشروع تيوقراطي و دولة دينية جوهريا تضرب فى الصميم الدولة المدنية فالحكم لله أو الحاكمية لله ركيزة من أهمّ ركائز مشروع السلفيين سواء كانوا جهاديين أو غير جهاديين وهي ركيزة تتناقض تماما و بصورة عدائية مع مفهوم الحكم للشعب او حاكمية البشر. و هذه القوى و إن بدت معارضة لبعض الحكومات السائدة فى الدول العربية فهي دعم و سند لها فى أوقات الشدّة عليها تعوّل و إليها تسند وظيفة رجال المطافى ،هذا فضلا عن كون هذه القوى تشارك فى السلطة و تتقاسمها أحيانا مع القوى العميلة الأخرى و من موقعها هذا كذلك تغالط الجماهير و تموّه عليها لتأبّد الإستغلال و الإضطهاد و لتساهم فى تمرير المشاريع الرجعية المملاة من الدوائر الإمبريالية و الإخوان المسلمون و أشباههم فى مصر خير مثال على خدمتهم تاريخيا لدولة الإستعمار و دولة الإستعمار الجديد و من ذلك تقديمهم الدعم الفكري و المادي لإفتكاك الأراضي من الفلاحين الصغار ، أراضي الإصلاح الزراعي الناصري- المحدود و غير الثوري-، لإعادتها إلى الإقطاعيين .
و المجتمعات التى حكمها السلفيون فى القرن العشرين أفضل دليل على مدى رجعية مشروعهم و قبرها لتطلعات الجماهير و قيامها على الإستغلال والإضطهاد الطبقي والقومي و الجندري . إن إيران مثلما أوضحنا فى مجالات أخرى لم توفّر للشيوعيين سوى المذابح الجماعية و للشعب سوى التفقير و التجويع و التجهيل و لم توفّر إقتصاديا سوى نموذج إقتصاد عموده تصدير النفط فى تشابك مصالح الكمبرادور و الإقطاع مع الإمبريالية لا فى قطيعة معها و إن كان النفط لا يباع للأمريكان فهو يباع لحلفائهم من القوى الإمبريالية الأخرى . و مع إفتضاح تكديس الثروة و الأموال لدى الحكام و الطبقات السائدة عبر الفساد وعلى حساب الطبقات الشعبية و إفتضاح الروابط بالإمبريالية للقادة الخمينيين منذ 1979 إلى "إيران قايت" و بعدها ، تجرى نضالات محلية و عالمية لمزيد فضح أسّ من أسس النظام التيوقراطي ألا وهو إضطهاد المرأة و تشييئها و إفقادها إنسانيتها و تحويلها إلى لعبة جنسية لا غير .
و عن السودان و الآمال العريضة التى علّقت عليها على أنها فى عشرية ستصبح فى مستوى " نمور آسيا " إن لم يكن أفضل فنقول إنّ المشروع السلفي الرجعي تكشّف عن تكديس الثروات فى يد حفنة و تفقير و تجويع جماهير الشعب و عن حروب دينية دفع فيها أبناء الشعب دمهم خدمة لأمراء الحرب و الكمبرادور و الإقطاع . و لم تخرج هذه التجربة التى إعترف بفشلها حسن الترابي نفسه عن نطاق العالم الإمبريالي و خدمته و لم تقطع معه رغم الجعجعة المصمّة للآذان بصدد معاداة الإمبريالية شأنها فى ذلك شأن إيران .
و ماذا عن المشروع القومي ؟
إن هذا المشروع الذى جلب إليه الجماهير بالملايين أواسط القرن العشرين فى الوطن العربي آل إلى الفشل الذريع و لأن مجال هذه المقدمة لا يسمح بالدخول فى التفاصيل و التعمق فيها ( وهو أمر ضروري يترتب أن يبحث فى أعمال أخرى ) فإننا سنكتفى هنا بصورة مقتضبة بقول إن المشروع الناصري لم يحدث ثورة فى مصر بمعنى التغيير الجذري فالإصلاح الزراعي نفسه الذى مرّ بنا أعلاه كان فى إطار الحفاظ على و التعايش مع الإقطاع لا القضاء عليه و التصنيع بانت هشاشته بشكل فاضح و لم يشهد مسك الجماهير الشعبية بمصيرها و بمقاليد السلطة التى كانت مركزة بأيدى مجموعة قليلة من القادة و أحيانا فرد فقط و لم تتحرّر المرأة و طاقاتها الثورية و لم تحارب الأفكار السلفية الرجعية فقد جرى التعايش معها و أحيانا التحالف مع التيارات التى تمثلها .
و بالطبع لقي الشيوعيون ما لقوا من العسف و التنكيل بهم . و لم تقطع مصر الناصرية مع الإمبريالية حيث غدت فى فترة معينة تابعة للإمبريالية الإشتراكية السوفياتية و عندما تسلّم نائب جمال عبد الناصر ، أنور السادات السلطة كخلف له ، حوّل الوجهة إلى الركوع للإمبريالية الأمريكية . و لئن قبل عبد الناصر رغم رفعه اللاءات الثلاث – لا صلح لا تفاوض لا إستسلام- بمشروع رودجيرس و السلام مع الكيان الصهيوني فإن خليفته ذهب إلى أبعد من ذلك عاقدا صفقة كامب دافيد الإستسلامية .
و العراق و بعثه أظهرا طبلا يحدث أصواتا عالية من بعيد و خاوي الوفاض من الداخل . فملايين المنخرطين فى الحزب الحاكم لم يقفوا لأيام فى وجه الغزو الأنقلوأمريكي لبغداد التى كان صدام يهدّد بأن يجعلها ستالينغراد الثانية – من أين له بذلك ؟!- تهاوت كما تتهاوى قطع النرد بسرعة فاقت كل التصورات بما كشف هشاشة القاعدة الشعبية للنظام الذى نكّل أيما تنكيل بكل من يشتم أنه يعارضه و حكم الجماهير بالحديد و النار و جعلها تدفع ثمنا غاليا هو حياة أبناءها و بناتها فى حروب تخدم مصالح زمرة الماسكين بالسلطة أو مصالح الإمبريالية و تستنزف ثروة البلاد بينما ظلت طبقات الشعب و فئاته فى فقر مدقع ينهشها التخلف الفكري و السلفية المنتشرة و التى فى سنوات حكم البعثيين الأخيرة شجعوا عليها و ما إضافة "الله أكبر " للعلم إلا أبرز دليل على ذلك .
و نال الشيوعيون العراقيون قسطا وفيرا من سياط السلطة الفاشستية فقتل من قُتل و شرّد من شرّد و فُقد من فقد . و كما نال أكراد العراق كقومية مضطهدَة الإضطهاد القومي و المجازر بالأسلحة الكيميائية بضوء أخضر من القوى الإمبريالية . و تأكّد لمتابعي شؤون العراق عبر العالم أن القومية مثلت لا أكثر من غطاء سرعان ما تمزق ليكشف عورة أن المجتمع العراقي متفكك تفككا هائلا تسوده العشائرية و القبلية و الفكر الذكوري المهين للمرأة .
و بدوره فشل النظام الليبي فى إقامة مشروع مجتمعي يقطع مع الإمبريالية فالإقتصاد الليبي عاموده الفقري تزويد السوق الإمبريالية العالمية بالنفط و إستيراد حاجيات الليبيين تقريبا كليا. و الخطاب المعادي للإمبريالية الأمريكية و آلاف بل ملايين " الطز فى أمريكا " تبخرت و إنتهت إلى توافق ظاهر معها و مع كلب حراستها فى الشرق الأوسط ، الكيان الصهيوني و عملية التطبيع جارية على قدم و ساق و ما لقاءات سيف القذافي مع الصهاينة فى أكثر من مناسبة إلا مؤشرات ساطعة على ذلك . و آلت النزعة القومية إلى التبخّر أيضا مع شعوره بإنسداد أفقها فتوجه القذافي ذاته منذ سنوات إلى محاولة تزعّم أفريقيا منفقا أموالا طائلة لتحقيق مآربه. و المجتمع الليبي كما المجتمع العراقي راضخ بعد تحت وطأة قيم العشائرية و القبلية و أحكامهما .
و سوريا التى طالما نعتها البعض بقائدة جبهة الصمود و التصدى و الممانعة و ما إلى ذلك أماطت اللثام عن وجهها الحقيقي بأكثر وضوح تحت وطأة تطوّر الصراع الطبقي المحلي و عالميا فرأينا مشاركتها القوى الإمبريالية غزو العراق بعدما إقترفت مجازر تل الزعتر فى حق الفلسطينيين و رأينا سيرها الحثيث نحو عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني الذى لعقود إدعت أن الصراع معه صراع وجود لا صراع حدود و أنها تعدّ العدّة لإيجاد توازن إستراتيجي –مستحيل واقعيا فى هذا العالم الإمبريالي – لمحاربتها بما خوّل لها التهرّب من إطلاق و لو طلقة واحدة لتحرير الجولان منذ السبعينات رغم الإعتداءات عليها تكرارا من قبل الآلة الحربية الصهيونية . و لمسنا الطبيعة الحقة لديمقراطية التوريث فى الجمهورية البعثية كما لمسنا مدى تخلف الإقتصاد الذى كان تابعا للإمبريالية الإشتراكية السوفياتية و أيضا لاحظنا منذ السبعينات مرورا بالتسعينات إلى بدايات هذا القرن مدى تدخّل سوريا فى شؤون لبنان و دائما لقمع القوى الوطنية الفلسطينية و اللبنانية خدمة لمصالحها الإقليمية و تعهداتها الدولية و تحالفها مع إيران . فحق عليها شعار رفع فى مظاهرات الحرب ضد العراق " أسد أسد فى لبنان ، أرنب أرنب فى الجولان". و طال القمع الوحشي الشيوعيين المناهضين للنظام الحاكم فكان مآلهم السجون و العدّ ضمن المفقودين إن لم يقع إغتيالهم .
و هكذا و لو بصورة عامة و سريعة يتضح بجلاء أن المشاريع القومية و السلفية لم تحدث و لا تحدث قطيعة جذرية مع النظام الإمبريالي العالمي بل هي بدائله ( الأصوليون السلفيون ) أو هي قوى تتحوّل تحت الضغط الإمبريالي و تصاعد النضال الشعبي من قوى وطنية إلى قوى برجوازية كمبرادورية تصبح جزءا لا يتجزأ من دولة الإستعمار الجديد فى أشباه المستعمرات . و مرة أخرى تسطع حقيقة شدّد عليها ماو تسى تونغ منذ1939هي أن " الثورة البرجوازية القديمة قد دخلت حقيبة التاريخ " . قال فى "حول الديمقراطية الجديدة " :
"هنالك نوعين من الثورة العالمية : النوع الأول ينتسب إلى الثورة العالمية من النمط البرجوازي أو الرأسمالي . ولقد إنقضى عهده منذ زمن طويل ، إذ إنتهى حين إندلعت الحرب الإمبريالية العالمية الأولى عام 1914 ، و على وجه الدقة منذ ثورة أكتوبر الروسية عام 1917 و حينذاك بدأ النوع الثاني ، ألا وهو الثورة العالمية الإشتراكية البروليتارية ."
إن الإنسانية فى مفترق طرق أو منعرج تاريخي و من جديد تصحّ مقولة إما االشيوعية أو البربرية .إذ البديل الواقعي و الموضوعي والعلمي الوحيد للعالم الإمبريالي هو الثورة البروليتارية العالمية من أجل عالم آخر، أفضل ممكن ،عالم شيوعي. و إن هذه الإمكانية واردة جدا و من الوارد جدا تحويلها من عالم الممكن إلى عالم الواقع إنطلاقا من معطيات ثلاث هي أنه موضوعيا هنالك قوى إنتاج تسمح بإنتقال الإنسانية من مملكة الضرورة إلى مملكة الحرية و الوفرة و أنه توجد قوى إجتماعية ، البروليتاريا و حلفاؤها ، يقع على عاتقها النهوض بهذه المهمة التاريخية و أن القوى الشيوعية الماوية و الجماهير الثورية تملك سلاحا جبارا لأنه صحيح هو علم الثورة البروليتارية العالمية ، الماركسية –اللينينية –الماوية الذى ينير لها سبيل الثورة و مواصلتها حتى بلوغ المجتمع الشيوعي عالميا و يتطوّر كعلم بفضل تطوّر الممارسة و التنظير الثوريين بصورة شاملة.
و العمل الذى نضع بين أيديكم و القائم أساسا على ترجمات لنصوص صدرت فى أوقات متباعدة بجريدة " الثورة " ، لسان الحزب الشيوعي الثوري ،الولايات المتحدة الأمريكية، ما أردناه أن يغوص فى كافة جوانب الموضوع الذى نحن بصدده، تلك الجوانب المتعلقة باٍستغلال الطبقة العاملة و الشعوب و التى تناولها البعض فى مقالات و كتب مفصّلة و مختصّة و إنما أردناه إثارة لمسائل حيوية ساخنة لم تلق حضّها من العناية و الإهتمام اللازم و تبيّن من ناحية ضرورة إيجاد عالم آخر ، أفضل و من ناحية ثانية أن هذا العالم الآخر أثبتت الوقائع و التجارب الإشتراكية البروليتارية أنه ممكن . و عليه إنتقينا جملة من النصوص الشيوعية الماوية التى تتطرّق للمسائل التى قلّما تمّ فى السنوات الأخيرة تناولها من منظور بروليتاري ثوري بالبحث بإسهاب قطريا و عربيا و لذلك جاء عنوان هذا العمل شعارا من شعارات المرحلة الراهنة ألا وهو
" عالم آخر ، أفضل ، ضروري و ممكن، عالم شيوعي، فلنناضل من أجله !!!" .



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة البروليتارية فى أشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة ...
- الديمقراطية فى المجتمع الإشتراكي : -دور الديمقراطية و موقعها ...
- المؤتمر الأوّل للحزب الشيوعي الماوي ( تركيا وشمال كردستان) – ...
- الماوية تحيى و تناضل ، تكسب و تواصل الكسب.- (الحزب الشيوعي ا ...
- لن ننسى الرفيق إبراهيم كايباكايا. ( مقتطف من - الماوية : نظر ...
- - النموذج - التركي و تناقضاته.
- الباب الثالث من دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أ ...
- الباب الرابع من دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أ ...
- الباب الأوّل من دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أ ...
- الباب الثاني من دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أ ...
- دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا (مشروع مقت ...
- بصدد إستراتيجيا الثورة - بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايا ...
- قراءة في شريط – العدو على الأبواب - ستالينغراد (Enemy at th ...
- الحرب العالمية الثانية: من هزم هتلر؟ المقاتلون الحمر بستالين ...
- رسالة مفتوحة إلى الشيوعيين الثوريين و كلّ شخص يفكّر جدّيا فى ...
- إعادة تصوّر الثورة و الشيوعية : ما هي الخلاصة الجديدة لبوب آ ...
- الشيوعية كعلم- RCP,SA
- حول القادة و القيادة RCP,SA
- القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأم ...
- من أجل تحرير النساء و تحرير الإنسانية جمعاءRCP ,SA


المزيد.....




- البوليساريو تتبنى هجوما على السمارة في الصحراء الغربية والجي ...
- ب? توندي س?رک?ن?ي د?ستگيرکردني ه??سو?اواني نا?ازي د?ک?ين ل? ...
- زهران ممداني... يساري مسلم يهزّ نخبة نيويورك
- استمرار شرارة انتقام النظام المخزني من عائلة قتيل جهاز الأمن ...
- رائد فهمي: المتغيرات تؤكد أهمية السير على طريق التغيير الشام ...
- لا حادث… بل جريمة نظام
- موعد نزال جيك بول ضد خوليو سيزار تشافيز والقنوات الناقلة
- استمرار الحراك في مدينة مالمو/ السويد تضامنا مع الشعب الفلسط ...
- كيف تصدّى المسلمون والشيوعيون لمحاولات طمس البوسنة؟
- ترامب ونتنياهو: عدُوَّان فتَّاكان للشعوب في الشرق الأوسط و ف ...


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - لا أصولية دينية و لا شوفيتية قومية ؛ وحدها الشيوعية قادرة عل تحرير الإنسانية ( مقدمة العدد2 من -الماوية :نظرية و ممارسة-.