أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العزيز الحيدر - الوظيفة الاجتماعية للشعر عند اليوت















المزيد.....

الوظيفة الاجتماعية للشعر عند اليوت


عبد العزيز الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 3602 - 2012 / 1 / 9 - 16:20
المحور: الادب والفن
    



في اكثر من مناسبة يعاود ت. س .اليوت الحديث في اهمية ودور الشعر في البناء الاجتماعي من خلال تطرقه الى الدور الاجتماعي الاساس للغة في البناء الحضاري (بناء الوعي بكل تفاصيله الفنية والادبية والفكرية عموما) وفي مقالته الاولى التي يفتتح بها كتابة الشعر والشعراء1956 يحدد الوظائف العامة للشعر محاولا تجنب الحديث في الوظائف الخاصة للأنواع أو ألاصناف المختلفة للشعر باعتبار ان هذه الخصوصيات النوعية تقع تحت عباءة الهيكل الاساس للشعر مؤديةًالدورين العام والخاص معا , ويقول بهذا الصدد(اذا كان لنا الان ان نتبين الوظيفة الاجتماعية للشعر فعلينا ان ننظر اولا الى وظائفه الاكثر وضوحا, وهي تلك التي لا بد ان ينجزها اذا كان له ان ينجز اية وظيفة)وستكون اولى وظائف الشعر عند اليوت ,(المتعة) المتحققه من وجود الشعر ابداعا وتلقيا(واعتقد ان اولى وظائفه التي نستطيع ان نكون على يقين منها, هي ان الشعر يجب ان يمنح المتعه).ان الوظيفة الاجتماعية تكون اكثر وضوحا وارتباطا بالفائدة المباشرة التي يمكن الحصول عليها في المجتمعات البدائية اي ان الشعر يكون في ادنى مستويات الاستخدام الفني الجمالي(في الاشكال الاكثر بدائية يكون هذا الغرض على الغالب شديد الوضوح) ومن هذه الاغراض استخدام الشعر في عمل الرقي وطرد الشياطين وابطال السحر وتجنب الحسد والشفاء من الامراض ويلاحظ هنا مدى ارتباط الشعر كغرض بالدين وكذلك استخدام الشعر بشكل مباشر في التراتيل والاناشيد الدينية وكذلك لدى العرب بشكل خاص في المديح والهجاء تكسبا او استهدافا لسياسة وهو ما ظل يلازم الشعر العربي على سبيل المثال لغاية التحول التاريخي الثوري بالتحول الى الشعر الحر اول مراحل التطور الواضح للشعر العربي شكلا ووظيفة ومحتوى, والعقلية العامة للشعوب العربية ما زالت قريبة من ملاحم المديح التي كيلت لزعمائه ودكتاتورياته بكل السماجة والسذاجة والافتضاح اللغوي ومباشرتها التي تطعن الشعر في صميم وظائفه الاجتماعيةالتي هي السمو باللغة لتكون ماكنة للتعبير عن الشعور والوجدان والصدق والعفوية والجمال وهي اغراض واضحة وصريحة.
يضيف اليوت الى وظائف الشعر التي رصدها الوظيفة التعليمية Didactic poetry , وهي عنده نقل المعلومات,فكلمةDidactic يمكن ان تعني: نقل للمعلومات, أو يمكن أ ن تعني((مزوداً بالتعاليم الأخلاقية او يمكن أن تعني شيئاً يشمل كلا المعنيين.
(اما الشعرالمسرحي فله وظيفة اجتماعية من نوع غريب بحد ذاته, فبينما يكتب أكثر الشعر اليوم ليقرأ في خلوة, أو ليقرأبصوت عال في جماعة قليلة تتمثل وظيفة الشعر المسرحي وحدة في احداث انطباع جماعي لدى عدد كبير من الناس يجتمعون معاً ليشاهدوا أقصوصة خيالية تمثل على المسرح) والمسرح الشعري العربي نهض ويكاد ان يكون انتهى خلال نصف قرن من الزمن لان الخصوصية المسرحية من حيث التلقي السريع للحدث والحوار لم تتح وباستخدام الفصحى ناهيك عن بلاغة اللغة وبيانها وهي من ادوات الشعر لم تتح للجمهور العربي ارتياد مثل هذا المسرح الى جانب مسرح اسهل هضما من نواحي عدة ,ولكن كل ذلك لا ينكر الاستخدام القديم للشعر في الحكاية الملحمية المروية شفاها , وهي من تجذرات المسرح عند العرب.
(اما الوظيفة الخاصة للشعر الفلسفي فمسألة تقتضي تحليلاً وسردا تاريخياً على جانب من الاسهاب) ويتحاشا اليوت التقدم والاسهاب في هذا الموضوع ونقول بان الشعر العربي الحديث بعودته الى الحياة في سيرورتها والمجتمع والفرد في حركته استلهم وما يزال الكثير من المفاهيم التي هي في جوهر البحث الفلسفي كالاغتراب والوجود والعدم والزمان والمكان والموت والمدخل الفلسفي للشعر عند العرب ليس حديث عهد بل هو يقع في الصدارة من شعر العرب من امرؤ القيس الى المتنبي والمعري وبشاروصولا الى ايليا ابو ماضي والجواهري.
وتاخذ المحلية اللغوية والعرقية عند اليوت مكانا بارزا لا من حيث هما في المفاهيم السياسية، ولكن من حيث دور الشعر كشكل محدد للاستخدام اللغوي في المحافظة على الوجود القومي والمحلي في اطر الزمان والمكان المغلفين للوجود الجمعي للامة , واللغة كابرز ادواة التعريف الوجودي للامة وهنا يكون للشعر القيمة العليا من حيث هو لغة(اننا نلاحظ أن الشعر يختلف عن كل فن آخر في ان له قيمة بالقياس الى الشعب الممثل لعرق الشاعر ولغته لا يمكن أن تكون لفن آخر) ولكن ذلك يجعلنا ازاء اشكالية كيفية التفسير العام لوظيفة الشعر, فاذا كانت وظيفتة عامة فهي بالتالي وظيفة انسانية في الجوهر, اي تتجاوز الانسان من حيث كونه عرق او امة معينة، وبذلك فان للشعر وظيفة انسانية الجوهر, اي وظيفة جوهرية , فالجمال من حيث هو جوهر ,واحد لا يتجزأ في كل اشعار الدنيا مثلما هو واحد في كل موسيقى الدنيا وكل رسم الدنيا والخصوصية للشعوب هي في مستوى الذائقة فقط هذا المستوى يمكن ان يبقى في المستويات المادية الدنيا والاحساس او الاستخدام للادب والفنون للحصول على المكتسبات المادية او السمو بالفن الى مستويات المفاهيم والمبادئ ونمو الوجدان والقدرة على بعث مكامن الجمال المستمر.
ولكن الذي يرمي اليه اليوت هو ما تحمله لغة الشعر من خصوصية المحلية من حيث هي تعبير وجداني عن النثر من حيث انه عمومية في الكلام وتداول للاستخدام العام والمشترك بين عموم الناس وليس اشتغالا خاصا ضمن لغة المبدع( اماان الشعر اكثر محلية من النثر فذلك أمر يمكن ان تراه في تاريخ اللغات الاوربية, فخلال العصور الوسطى, وحتى مئات قليلة من السنين ظلت اللاتينية لغة الفلسفة واللاهوت والعلوم. وقد بدأ الاندفاع نحو الاستعمال الادبي للغات الشعوب بالشعر. وهذا يبدو طبيعيا تماما عندما ينبين لنا ان الشعر يتعلق بالدرجة الاولى بالتعبير عن الشعور والانفعال, وان الشعور والانفعال يتسمان بالخصوصية بينما يتسم الفكر بالعمومية)
اماالتاريخ العربي القديم والحديث فقد شهد تماسكا لغويا وتمسكا باللغة الواحدة بالرغم من اللهجات المحلية ,وبالرغم من وجود الاستخدام الادبي في الشعر خاصة باللهجات المحلية ( العامية والشعبي والزجل ...الى اخر المسميات) الى ان هذا الاستخدام لم يرق الى المستوى الفني والبلاغي والتعبيري المتجذر والمتاصل والمتجدد معا للغة الام, اللغة العربية الفصحى حيث الامتداد الفني الادبي الموغل في القدم. وتاتي حركات التجديد ومنها حركة تجديد الشعر العربي منذ الاربعينيات من القرن الماضي وصولا الى تعدد اشكال التجديد في الشعر خاصة لتضيف قوة الى استخدام اللغة العربية الفصحى الجامعة للعديد من الشعوب العربية, وفي هذا الصدد لا يمكن اغفال عامل الدين وغلبة لغة القران من حيث اعطائه للغة طابع القدسية والرسوخ.
وتكون المحصلة من وظيفة الشعر اجتماعيا ابراز الجانب الشعوري للامة(العواطف والاحاسيس والجمال وما يرتبط بها من البناء الاخلاقي والسياسي......)) ومن هذه الناحية فانه الضمانة لديمومة التنوع القومي ووسيلة الارتباط المثلى بين الامم من حيث عكسها للجوهر الانفعالي العاطفي الذي يجد بالضرورة من حيث الخصائص الانسانية صدا للتحاور والتجاذب والتعاطف بين الافراد والشعوب عبر الحركة المتنامية للترجمة وتبادل الاتصالات والمعلومات والحاجة الى التنوع والتفاهم بين الشعوب والتمتع بفنون الشعوب بعضها لبعض,اليس جديرا بالشعر ان يكون في مواقع الصدارة بين الفنون لكل هذا الدور الذي يؤديه في الحياة الاجتماعية للافراد والشعوب.



#عبد_العزيز_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذلك المتر
- نجوى وشجون
- لا معنى سوى باتجاه واحد
- الطنين
- اصبوحة ضاحك
- الزنابق ا لاخيرة
- تحت قوس القصيدة
- في امستردام
- اوهام الشيخ
- صرخة
- اسئلة طويلة مقلقة
- ما قبل وما بعد
- القمة
- الرجوع الى نقطة الصفر
- الزحف المخيف
- وداع
- خطوط صاعدةخطوط هابطة
- معرض
- صباحات المدن المباحة
- القافلة


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العزيز الحيدر - الوظيفة الاجتماعية للشعر عند اليوت