أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود يوسف بكير - الثورة المصرية والرقص على السلم














المزيد.....

الثورة المصرية والرقص على السلم


محمود يوسف بكير

الحوار المتمدن-العدد: 3577 - 2011 / 12 / 15 - 23:05
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


للأسف الشديد توقفت الثورة المصرية في منتصف الطريق ولا أحد يعرف على وجه اليقين محطتها النهائية. فور نجاح الثورة التي شملت كل أطياف الشعب المصري توقع الكثيرون أن تتجه مصر نحو الحداثة ونعني بهذا أن تصبح دولة مدنية ديمقراطية تعتنق نظام يحترم الحريات ويتسامح مع الآخر ويقوم على التعددية ودولة القانون والمؤسسات والشفافية وحرية الرأي واحترام حقوق الإنسان ويقر مبدأ المواطنة وليس الدين كأساس لمنح الحقوق والواجبات، ولكن المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية الأخيرة أوضحت بجلاء وبشكل لا يحتمل الكثير من الجدل رغبة عارمة لدى أغلبية المصريين (أكثر من 60 %) في اعتناق نموذج الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية.

ومن ثم فإن فرصة الأحزاب الليبرالية في تأمين غالبية برلمانية أصبحت منعدمة والمنافسة الآن محتدمة بين تيارين إسلاميين الإخوان المسلمين (حزب الحرية والعدالة) والسلفيين (حزب النور) ومن ثم فإن مصر تتجه لأن تكون دولة دينية لأول مرة في تاريخها. ولكنها بالتأكيد سوف تكون دولة معتدلة بافتراض أن الإخوان يتمتعون بفرصة أفضل من السلفيين (40% مقابل 20% في المرحلة الأولى) في الفوز بالأغلبية.

ولكن ماذا بعد حصول الأحزاب الإسلامية على الأغلبية البرلمانية؟ هل سيقبل المجلس العسكري بهذه النتيجة ويتنازل عن الحكم طواعية لصالحهم؟ أعتقد إن العسكري لا يمكن أن يقبل بهذا دون ضمانات وتفاهمات معينة مع التيارات الإسلامية ومن أهم هذه الضمانات إبقاء نظام الحكم رئاسيا لخلق نوع من التوازن يضمن مصالح المجلس العسكري ويحد من نفوذ وصلاحيات الإخوان المسلمين في إدارة شؤون الدولة. أما الضمانة الأخرى التي يصر العسكري عليها فهي موافقة الإسلاميين على عدم التدخل في شئون المجلس العسكري ومن أهمها مزايا بعض أعضاءه وعدم النبش في ماضيهم واستقلالية ميزانية الجيش واستثماراته عن ميزانية الدولة وأخذ مشورة المجلس العسكري في بعض ملفات السياسة الخارجية لمصر مثل العلاقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل وملف قطاع غزة.

والسؤال هل ستقبل حكومة الإخوان بتقديم هذه التنازلات للمجلس العسكري؟ وهي تنازلات ترقى إلى مرتبة أن يعمل المجلس العسكري كدولة داخل الدولة ودون أي مرجعية أو محاسبة وهو ما يتنافى مع مبدأ الدولة المدنية ومفهوم الحوكمة في الدولة الحديثة.

اعتقد أن الإخوان سيقبلون بتقديم هذه التنازلات لأن البديل سيكون صداماً مروعاً ما بين العسكري وبين الحركة وهو صدام سيكون ثمنه فادحاً للجميع خاصة المجلس العسكري الذي لم يدرك بعد حقيقة أن هناك ثورة وأنه يتعنت مع شعب ثائر ينشد الخلاص، كما انه لم يدرك بعد أن هناك ميولا متزايدة نحو الإخوان المسلمين بين غالبية الشعب وحتى داخل الجيش نفسه خاصة بين الجنود والقيادات الوسطى التي تعاني من الفاقة في صمت شأنها شأن بقية الشعب المصري.

التاريخ يقول أنه حتى تستكمل الثورات بنجاح وتحقق أهدافها فإن الشعوب لابد أن تدفع ثمناً باهظاً للتخلص من كل بقايا النظام القديم وبناء النظام الجديد على قواعد ثابتة ونظيفة وعلينا أن نقر بأن المجلس العسكري وليس الجيش كان ولا يزال هو القلب النابض للنظام القديم ومن ثم فإن حديث أن العسكري يحمي الثورة هو نوع من العبث و التهريج وبالنتيجة فإن مشوار الثورة والتضحيات في مصر لازال طويلا.

ورغم قناعاتي بأن نموذج الدولة الدينية ليس هو النموذج الأفضل لمصر في هذه المرحلة الدقيقة في تاريخها لأنه نموذج استبدادي بطبيعته بالإضافة إلى ما قد يجلبه لمصر من مصاعب وتعقيدات لأوضاعها الاقتصادية المقلقة. وعلينا هنا أن نقر -على الأقل من الناحية الاقتصادية البحتة- أن مصر بحاجة إلى مدخولات السياحة والاستثمارات الأجنبية وإلى بقاء ثروات رجال الأعمال داخل مصر حتى تستعيد عافيتها الاقتصادية وتحقق معدلات نمو عالية تمكنها من حل مشكلة البطالة المرتفعة ورفع مستويات المعيشة بين أبناءها والحد من انتشار الفقر والمرض وانهيار التعليم وكافة الخدمات.

البعض يكابر بعنجهية ودون دراية اقتصادية بأن مصر يمكنها النهوض بمفردها وأنها لا تحتاج إلى الخارج وهذا الكلام لا تدعمه الحقائق على الأرض فمصر دولة فقيرة في الموارد وذات كثافة سكانية عالية جداً وعانت أثناء فترة الطاغية مبارك من عمليات نهب منظم وسوء إدارة وفساد وهدر لمواردها المحدودة وهي بحاجة الآن إلى الدعم والعون الخارجي وليس في هذا عيب فأوربا نفسها لم يكن لها أن تنهض بعد الحرب العالمية الثانية لولا خطة مارشال والدعم الأمريكي الضخم.

والخلاصة أننا نتقدم بالتهاني مقدماً للإخوان المسلمين على تقدمهم الكاسح والله يعينهم في معركتهم القادمة مع العسكري ونؤكد على أهمية احترام إرادة الشعب المصري في اختيار من يحكمه طالما أنه مستعد لتحمل تبعات اختياره، والواجب وحب مصر يحتمان علينا جميعا أن ندعم ونساند أي حكومة ينتخبها أغلبية الشعب.

وكل ما نتمناه علي قيادات الإخوان أن يستلهموا نموذجاً دينياً للحكم ينفتح على الجميع ويحترم حقوق الأقليات والمرآة وحرية الاعتقاد والرأي الآخر ويسمح بتداول السلطة وأن يرسل إشارات صحيحة للعالم الخارجي بما يساعد الاقتصاد المصري على التعافي وعودة الاستثمارات الأجنبية وانتعاش قطاع السياحة الذي يعمل به 3 مليون مواطن مصري وبقاء أموال رجال الأعمال المصريين في الداخل فهذا من شأنه التخفيف عن المواطن المصري الذي عانى كثيراً ولم يقم بثورته إلا من أجل الخلاص من الفقر واسترداد كرامته وكبرياءه واحترام العالم له.


محمود يوسف بكير
مستشار اقتصادي مصري



#محمود_يوسف_بكير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر ما بين فقدان الذاكرة وعدم الوعي
- العسكري يقود مصر إلى الخراب
- أردوغان يفجع الأحزاب الإسلامية في العالم العربي
- من مفارقات الرؤساء العرب
- ثورات الشعوب تكشف عورة النظام العربي
- رسالة قصيرة إلى الأغبياء الثلاثة
- مبروك يا أسد
- ماذا يريد المجلس الأعلى للجيش المصري؟
- من أخطر ما يهدد الثورة
- هل تتحول مصر إلى دولة دينية؟
- نصيحة هامة ومخلصة للمجلس العسكري الحاكم في مصر
- عندما يهرج الأسد
- الشيخ القرضاوي والشيعة
- كيف نضمن نجاح ثورات الشعوب العربية
- أنا حر إذاً أنا موجود
- قم يا مصري من أجل كل عربي
- ماذا يريد البابا شنودة؟
- لن ننسى أيها الطغاة
- الدين والاستبداد والثورة
- الثورة التونسية وانعكاساتها المستقبلية


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود يوسف بكير - الثورة المصرية والرقص على السلم