أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمود يوسف بكير - الثورة التونسية وانعكاساتها المستقبلية














المزيد.....

الثورة التونسية وانعكاساتها المستقبلية


محمود يوسف بكير

الحوار المتمدن-العدد: 3248 - 2011 / 1 / 16 - 22:29
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


سجل التاريخ بأحرف من نور يوم 14 يناير 2011 باعتباره اليوم الذي حقق فيه الشعب التونسي أول ثورة شعبية ضد الاستبداد المتغلغل في جميع أنحاء العالم العربي منذ قرون.

نعم كانت هناك ثورات ضد المحتل الأجنبي ولكن لم تكن هناك أبداَ ثورات شعبية عارمة ضد الاستبداد والاستعباد من جانب حكامنا مثل الثورة التي قام بها الشعب التونسي ضد نظام الديكتاتور زين العابدين بن علي ،ولعلنا نتساءل هنا أهي مصادفة أن تبتلى كل الدول العربية تقريباَ بأنظمة استبدادية ؟

تحية إلى كل شهداء وعمال ورجال ونساء تونس الخضراء التي أنبتت أرضها رجالاَ حملوا أرواحهم على أكفهم ولم تفرقهم عصى الأمن التونسي الغليظة واستمروا في ثورتهم حتى أجبروا الديكتاتور الفاسد على الفرار من البلاد تحت جنح الظلام كما تفر الفئران.

تحية إلى هذا الشعب العظيم الذي لم تثني عزيمته وقوة إرادته إغراءات ووعود المستبد الظالم لشق صفهم وإخضاعهم من جديد ولنا فيما فعله الشعب التونسي عبرة يعيدها التاريخ الإنساني بشكل مستمر وهي أن الحرية ليست منحة ولا يمكن أن تأتي من الحاكم المستبد طواعيةَ وإنما هي قيمة أغلى من الوجود ولابد أن تبذل من أجلها التضحيات والدماء .

تحية إلى هذا الشعب الصغير عددا والكبير قدراَ والذي رفع راية الوحدة الوطنية والكرامة الإنسانية وكتب أول صفحة بيضاء في تاريخ العرب الملطخ بالسواد والمهانة والذل والعبودية .

إن الثورة على الظلم والفساد والاستبداد لا تعني أبدا الفوضى كما يدعي البعض ،نعم هناك الآن بعض أعمال الفوضى والنهب ولكن حدث هذا في كل الثورات الكبرى عبر التاريخ وعلى رأسها الثورة الفرنسية التي تخللتها نفس الأحداث ولكنها انتهت ببزوغ عصر النهضة وحقوق الإنسان في أوربا كلها، وسوف يكون هذا هو شأن الثورة التونسية في عالمنا العربي البائس .

زرت تونس عشرات المرات ابتداءاَ من عام 1984حيث شاركنا في عمليات تمويل مشروع ردم بحيرة تونس العاصمة، مما أتاح لي فرصة التعامل المباشر مع شرائح مختلفة من التونسيين ولا أبالغ بالقول إنهم واحد من أرقى الشعوب العربية ،ولكن الفساد والظلم الذي أتى به نظام أسرة الطاغية بن علي غير بعضاَ من سلوكيات الناس عبر السنين ولكنه تغيراَ لم يتجاوز القشرة الخارجية وظل هذا الشعب الصغير من أكثر الشعوب العربية رقياَ وشجاعة وقام بثورة أذهلت العالم.
وإننا ندعو الله أن تنجح هذه الثورة في نقل تونس إلى مصاف الدول الديمقراطية وأن تحقق طموحات جماهيرها في وضع حد للفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية ودولة القانون. إن البعض يتخوف من إن هذه الثورة لن تزيد عن مجرد نقل للسلطة من بن علي إلى طاغية جديد، ونحن نعتقد أن هذا غير وارد بعد أن تزوق الشعب التونسي طعم الحرية والعزة والكرامة.

سوف يكون لهذه الثورة تبعات ونتائج بعيدة المدى في مستقبل منطقتنا منها على سبيل المثال وليس الحصر:

• سوف تنتشر الحركات الاحتجاجية ويتعاظم شأنها في كل أنحاء العالم العربي من الآن فصاعداَ ضد كل أشكال الاستبداد والفساد والظلم وإن غداَ لناظره قريب ،و ستظل الثورة التونسية الملهم الأول في وجدان كل الشعوب العربية المغلوبة على أمرها حتى يكتب لها النصر.

• أتوقع أن تراجع الإدارة الأمريكية والحكومات الأوربية دورها في دعم الديكتاتوريات العربية بحجة دعم الاستقرار في المنطقة،حيث رأوا جميعاَ بأم أعينهم ما يؤدي إليه جبروت واستبداد الحكام .

• أتوقع أن يبدأ الكثير من الحكام العرب المستبدين حملة علاقات عامة هدفها تلميع صورهم والتقرب إلى شعوبهم زلفاَ لتفادي مصير بن علي وسوف تكون أدواتهم في هذا بعض الإصلاحات الاقتصادية الشكلية ودعم أسعار بعض السلع الأساسية وبعض المغريات الرخيصة الأخرى ولكن لن تتمكن هذه الأنظمة من إدخال أي إصلاحات جوهرية حقيقية لسبب بسيط وهو أن الفساد قد استشرى في هذه الأنظمة بشكل يفوق الوصف والتصور ،فهذه الأنظمة مدعومة بشبكة هائلة من المنتفعين ومصاصي دماء الشعوب ومدمني نهب المال العام، وعلى سبيل المثال لا الحصر فلننظر جميعاَ إلى غالبية أعضاء المجالس النيابية في عالمنا العربي، إن هؤلاء لم يترشحوا لهذه المجالس إلا لهدف واحد ألا وهو التمتع بالحصانة والنفوذ وفتح طريق لهم للمشاركة في عمليات نهب المال العام .

• أظهرت الثورة التونسية أيضاَ النوعية الدنيئة للمستبدين العرب فقد بدى بن علي في أيامه الأخيرة مرتعداَ وخائفاَ شأنه شأن أي لص عندما يقبض عليه متلبساَ وبدأ يهلوس بكلام من عينة " لقد سمعت وفهمت " ولكن رد الشارع التونسي كان واضحاَ "ولكنك لم تسمع وتفهم طوال ربع قرن فما الذي سيجعلك تسمع وتفهم الآن؟" وفي خلال ساعات محدودة قام بن علي بالتضحية بكل من ساندوه وقدموا له الدعم للاستمرار في غيه وظلمه ،لقد قام بالتضحية بوزير داخليته وبعدها بساعات قليلة قام بحل الحكومة مؤكدا أن كرسي الرئاسة أهم عنده من كل هؤلاء ،وعندما أيقن إن الشعب التونسي مصمم على خلعه قام بالفرار تاركاَ وراءه حاشيته وأقرباءه، ولعل كتبة الأنظمة الاستبدادية في عالمنا العربي تتعلم من هذه الأحداث شيئاَ .

قد تبدو المياه راكدة كعادتها الآن في عالمنا العربي ولكن المد التونسي قادم لا محالة ويخطأ من يعتقد أن الشعوب العربية ستظل مستكينة للأبد خاصة بعد بزوغ شمس الحرية في تونس من خلال سلسلة من الإضرابات السلمية قام بها الشعب التونسي ضد واحد من أقوى الديكتاتوريات الأمنية في العالم العربي .

تحية واحتراماَ وإجلالاَ لشعب تونس العظيم .

محمود يوسف بكير
مستشار اقتصادي مصري



#محمود_يوسف_بكير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أن تكون متديناَ
- اللغة العربية تحتضر
- عرض مبسط لآخر تطورات الاقتصاد العالمي
- نداء إلى المسلمين والمسيحيين في العالم العربي
- صراع العلم والدين..الى أين؟
- خريف الرئيس
- وفاة أعظم مفكر عربي معاصر د.محمد أركون
- عودة الحمار ( الجزء الثاني )
- عن الكرة و السياسة والفساد في مصر
- الشعوب العربية ومعضلة رجال الدين
- البرادعي والسفيرة الأمريكية
- الاقتصاد والعولمة
- البقاء للأقذر
- ذكريات حب الطفولة
- البرادعي و الإخوان المسلمون
- خناقة على من يركب الحمار
- هل يمكن أن يأتي الإصلاح في مصر من الداخل؟
- نصيحة مخلصة إلى الإخوان المسلمين
- مقدمة في الغدر والتملق عند العرب
- حقيقة دور المضاربين وأزمة النظام الرأسمالي


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمود يوسف بكير - الثورة التونسية وانعكاساتها المستقبلية