أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - عراقٌ نادرٌ بين الأمم















المزيد.....

عراقٌ نادرٌ بين الأمم


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1059 - 2004 / 12 / 26 - 10:47
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


-1-
يقترب موعد الانتخابات العراقية في نهاية يناير 2005 يوماً بعد يوم. ومع اقتراب موعد الانتخابات تشتد الحملة على الناخبين والمرشحين والمنظمين والمشرفي والحالمين والحارسين والساهرين على هذه الانتخابات، وتلك هي الظاهرة الأعجوبة الغرائبية.

فلأول مرة في التاريخ الانساني نرى هذا المنظر العجائبي في العراق، وكأنه منظر من مناظر الروائي الكولومبي غارسيا ماركيز التي صورها في روايته العظيمة "مائة يوم من العزلة" وصور فيها كولمومبيا تصويراً واقعياً غرائبياً وسحرياً.

-2-
لأول مرة في التاريخ الانساني نرى شعباً عظيماً كالشعب العراقي يُصرُّ هذا الإصرار العنيد على الديمقراطية وعلى الحرية وعلى شرعنة هذه الديمقراطية، ونرى بالمقابل هذا الإرهاب الذي فاق الخيال السينمائي والروائي للوقوف في وجه هذه الديمقراطية والحرية.

لم يجرِ في أي بلد في العالم وعلى مدار التاريخ أن حُوربت الديمقراطية وحُوربت الحرية بمثل هذه الوحشية وبمثل هذه الأسلحة التي تحارب بها الآن في العراق.

لقد شهد التاريخ حكاماً وطغاةً وديكتاتوريين يقفون في وجه الديمقراطية والحرية ويحاربونها، ولكن هذا التاريخ لم يشهد أن دولاً وأنظمة سياسية مجاورة وميلشيات بلغ بها الخوف والرُعب الديمقراطي والإصلاحي حداً جعلها تدفع بآلاف المرتزقة وتمدهم بالسلاح والمال، لا لكي يحاربوا محتلاً ولكن ليوقفوا الزحف الديمقراطي وزحف الحرية وتنكيس أعلامها وإعادتها مرة أخرى إلى عهد الظلم والطغيان والمقابر الجماعية.

وإلا فما هو خطاب هؤلاء المرتزقة وماذا يريدون من وراء هذا الهدر اليومي للحياة وهذه السيول الدموية في العراق؟

-3-


لم نرَ خلال مسيرة شعوب الأرض كلها شعباً مُصراً على الديمقراطية والحرية كإصرار الشعب العراقي.

لقد أدى إصرار هذا الشعب على الحرية والديمقراطية أن استعان بـ "الكفار" وتحالف مع "الشياطين" لتحقيق حريته وتحقيق ديمقراطيته حين عجز تحت وطأة الدولة البوليسية المنهارة على تحقيق ذلك.

فهل هناك إقدام وتضحية وشجاعة وفداء أكبر وأعظم من كل هذا؟

لقد بلغ من إصرار الشعب العراقي على الحرية والديمقراطية أن يقدم كل يوم.. نقول كل يوم، بل كل ساعة العشرات من الشهداء من المواطنين الأبرياء ومن رجال الشرطة والحرس الوطني ومن المسؤولين ومن النساء والأطفال والطلبة والطالبات والعلماء على مذبح الحرية وفداءً للديمقراطية.

-4-


لقد وقف العالم كله يناشد الشعب العراقي لكي يؤجل الانتخابات ولو ساعة واحدة عن موعدها المقرر، فرفض هذا الشعب، وأصرَّ على أن تجري الانتخابات في موعدها المحدد. فقد انتظر الشعب العراقي يوم الانتخابات الموعود هذا مئات السنين.

لقد صبر الشعب العراقي النادر مئات السنين على الاستبداد الكسروي حين كان تحت سيطرة الفرس في التاريخ القديم، وعلى الظلم العباسي، وعلى الاستعمار العثماني، والاستعمار البريطاني، والاستبداد الملكي، والطغيان البعثي لكي يظفر في النهاية بحريته وديمقراطيته، فعضّ على ديمقراطيته بالنواجذ، وأقسم ألا يؤخر أو يستقدم استحقاقها دقيقة واحدة ولو أحرق الأشرار كل نخيل العراق، وجففوا كل مياه دجلة والفرات!

-5-
لقد اجتمعت على الشعب العراقي كل شياطين الأرض لكي تحول بينه وبين الانتخابات الديمقراطية، فانتصر الشعب العراقي، واندحرت الشياطين.

اجتمعت معظم النظم العربية على الشعب العراقي، واجتمع المال الإيراني الغزير المسروق من الشعب الإيراني والسلاح العربي والصحافة العربية والفضائيات العربية، وانتشر "المستثقفون" العرب من بقايا شوارع الخمسينيات والستينيات ورجال الدين من المرتزقة وبعض مشائخ الأزهر على كل منبر من منابر الإعلام العربية يفتون الفتاوى الشرعية والقومية بايقاف مسيرة الديمقراطية ودعم "الجهاد" ضد الديمقراطية والحرية، ووقفت الأحزاب الدينية العربية والأحزب القومية العربية ورواد المنتديات ومهرجو المؤتمرات ورجال العصابات السياسية والمليشيات الأصولية وكل أفاقي الأرض الذين جاءوا للعراق من كل فج عتيق في وجه تدفق دجلة والفرات وحجب ضوء الشمس عن نخيل العراق، فما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.

-6-
لم تجتمع قوى الشر في الأرض على شعب كما اجتمعت عليه في العراق. وكان المال هو السبب في كل هذا . فلا شيء يحرك الشر أو يوقده غير المال.

العراق وطن اجتمع عليه كل أشرار العرب والمسلمين وأشياخهم وكتابهم وشعراءهم لكي يحرقوه ويبيدوا ويقتلوا كل من يتقدم إلى صناديق الانتخابات الديمقراطية باسم المقاومة الفاجرة، ورغم هذا فما زال الشعب العراقي يتقدم نحو الحرية والديمقراطية، ويعلن قوائم مرشحيه، ويعقد مهرجانات الترشيح، ويبني خيمة الديمقراطية.

لقد سبق الشعب العراقي كافة شعوب الأرض في إصراره على السير في طريق الديمقراطية والحرية.

تواضع نضال كل الشعوب العربية وشعوب العالم الثالث من أجل الحرية والديمقراطية إلى جانب نضال الشعب العراقي.

-7-
المشكلة الوحيدة للشعب العراقي في نظر أشرار العرب هي أنه لا يناضل من أجل الحرية والديمقراطية تحت راية زعيم أو قائد أو ملهم، ولكنه يناضل تحت راية الشعب العريضة العامة.

فالشعب العراقي هو الزعيم وهو القائد وهو الملهم، ولا زعيم أو قائد أو ملهم غيره في العراق اليوم.

فمن هو زعيم الشعب العراقي اليوم؟

لا زعيم غير الشعب.

الشعب العراقي يقدم اليوم ويومياً الكثير الكثير من دماء أبنائه من أجل الحرية والديمقراطية. ولا أظن شعباً عربياً لديه ما لدى الشعب العراقي من الشجاعة والاقدام على أن يقدم ما يقدمه الشعب العراقي من ثمن غال للحرية والديمقراطية.

تأملوا حال الشعب العراقي اليوم وهو أعزل من السلاح يتقدم نحو صناديق الاقتراع من أجل مستقبل حر وديمقراطي وأشرار الأرض جميعاً .. نقول جميعاً تقف في وجهه وتصده وتمنع تقدمه، بل وتقتل كل من يتقدم نحو هذه الصناديق.

-8-


إنه منظر سوريالي عجائبي غريب ذاك الذي يحدث في العراق الآن.

انها ليست ثورة ضد طغيان واستبداد حاكم لعين.

انها ليست ثورة وانتفاضة ضد محتل اغتصب أرضاً وشعباً وثروة.

انها ليست ثورة وانتفاضة ضد قوانين وأنظمة بائدة ورجعية وديكتاتورية.

انها ليست ثورة وانتفاضة جوع أو عطش أو عُري او بطالة.

انها ليست ثورة وانتفاضة ضد الفساد المالي والسياسي والاداري.

انها إرهاب الفلول والذيول ضد شعب يسعى إلى الحرية والديمقراطية.

انها إرهاب أحذية الديكتاتورية ضد صناديق الاقتراع.

انها إرهاب الخاطفين والسارقين والمارقين ضد رجال الأمن وحماة الأمن في العراق.

انها إرهاب التعصب ومثيري الفتن ضد الطوائف الأخرى من أجل إشعال حرب أهلية.

انها إرهاب من لهم مصلحة في حرق العراق وشعب العراق ومستقبل العراق.

والعراقيون هم وحدهم القادرون على التصدي لهذا الإرهاب. فالوطن وطنهم، والأرض أرضهم، والنخل نخلهم، والمستقبل مستقبلهم، وليس مستقبل أحد آخر.

ويا شعب العراق، لا تهنوا ولا تحزنوا، فأنتم الأعلون.

وسلاماً على العراق.

[email protected]



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -منتدى المستقبل- خطوة على طريق -الشرق الأوسط الكبير-
- نحن والغرب: الشركاء الأعداء
- المثقفون والطغيان في المؤتمر الثالث للفكر العربي
- الواقع العربي المرير وأسئلته
- الانتخابات العراقية بين كفر المقاطعة ومعصية الاشتراك
- بشائر مؤتمر شرم الشيخ
- إنفلاج الصُبح في الفلّوجة
- هل يُصبح محمود عباس -غاندي فلسطين-؟
- نجاح -الجمهوريين- انتصار لمشروع التغيير العربي؟
- 3000 توقيع على (البيان الأممي ضد الإرهاب) ماذا تعني؟
- أسماء الدفعة الثانية من الموقعين على - البيان الأممي ضد الار ...
- أسماء الدفعة الأولى من الموقعين على (البيان الأممي ضد الارها ...
- خيبة العُربان والإرهابيين في الانتخابات الأمريكية
- الالتباس التاريخي في إشكالية الإسلام والحرية
- هل سيورّث عرفات سُهى الخلافة الفلسطينية
- لماذا كان -البيان الأممي ضد الارهاب- ولماذا جاء الآن؟
- العرب: جنون العظمة وعقدة الاضطهاد
- شارون وعرفات حليفان موضوعيان!
- ما هي مصلحة العرب من هزيمة الارهاب في العراق؟
- الانتخابات الأفغانية: خطوة الديمقراطية الأولى على طريق الألف ...


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - عراقٌ نادرٌ بين الأمم