أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالحق فيكري الكوش - الإعجاز الثوري في الثورة التونسية: اقتصاد في الزمن، وواقعية في التنفيذ.














المزيد.....

الإعجاز الثوري في الثورة التونسية: اقتصاد في الزمن، وواقعية في التنفيذ.


عبدالحق فيكري الكوش

الحوار المتمدن-العدد: 3577 - 2011 / 12 / 15 - 09:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الثورة التونسية، ملهمة الثورات العربية، وأول رقصة عربية تحدث على إيقاعات الماضي وترانيم المستقبل، تبعث الشعب التونسي كالفينيق من رماد الصدمة السياسية العارضة والبيات غير المستساغ في عش الديكتاتورية، الذي نجم عن حالة إحباط جيل عربي من مرحلة ما بعد الاستقلال بفعل الحرب الباردة وبسبب الفراغ السياسي، وحالة الارتباك الناتجة عن هته الفترة، التي راعى فيها جيل هته الفترة مصلحة الوطن العليا، لكن هذا التنازل المجاني أفضى إلى حالة انزلاق، والى احتكار السلطة من طرف عصابات منظمة، إذ كان من يستيقظ مبكرا يمكنه أن يحكم ويمارس الحكم. لقد هدمت الثورة التونسية فجأة معاقل الخوف في مفاصل الكائن العربي ككل، وحررته من عقدة التردد المزمنة، لقد أعادت للأشجار خضرتها، وللماء نقائه، وللشوارع أسمائها، وللنجوم بهائها، وللإنسان عزيمته وإرادته وثقته في النفس.... وكانت القطرة الأولى للمطر الناعم الذي بلل الجسد العربي، تأتي من تونس أبي القاسم الشابي. فمن هته الدولة التي تبدو على الخريطة صغيرة، حدثت المعجزة، لكن الإنسان التونسي كان دوما أطول من خريطة بلده، فالتونسيون كانوا دوما أشبه بالخلية التي تتجدد من خلالها أنسجة الجسد العربي، ولنا في مظاهرات الدار البيضاء وما تلاها من مجازر بفعل اغتيل النقابي فرحات حشاد، دليل على أن تونس هي القلب النابض للعروبة، أولم تحتضن مقرات منظمة التحرير الفلسطينية في وقت اقفل الكثيرون خيامهم، وتحملت تونس بشجاعة استقبال قادة منظمة التحرير.
هي بداية لمسلسل عربي جديد، وخارطة عربية أخرى ستفصَّل على المقاس العربي، كان للمقص التونسي شرف افتتاحها، ويجب شكر الشعب التونسي بحرارة على هذا الانجاز، الثورة والمرور إلى مرحلة الانجاز وفق سقف معقول من الأحلام والتطلعات، حتى لا تكون الثورة مجرد حالة كلامية، وظاهرة عابرة، ولنا ثقة كبيرة في التونسي شعبا وحكومة ورئيسا في قدرته في إحداث نقلة نوعية في العمل العربي والتفكير العربي وفي الوصول بتونس إلى مرفأ الأمان، وكل شيء ممكن، فتونس تتوفر على نخبة وعلى شعب مؤهل يستوعب التحديات، له دراية في الدفع بمسلسل الانتقال الديمقراطي في كل العالم العربي، فقط كثير من الصبر والتضامن والهدوء والحكمة، فطريق بناء دولة ديمقراطية، يحتاج إلى جهود الجميع والى تنازلات والى توافقات، فلا يوجد مشروع نهائية، فتونس مستمرة في الزمن، بل وعلى الممسكين الجدد بدواليب صناعة القرار السياسي إلى انتهاز الفرص، وقراءة الواقع العالمي بتؤدة، لتمرير مشروع تونس الحديثة وتنفيذه. نعم تغيرت تونس ومن المستحيل عودة الممارسات البالية من جديد، لقد شيعت تونس النظام السابق على طريقتها، واقتصدت في الوقت مثلما اقتصدت في الأخطاء والتجاوزات وهذين عاملين مهمين يعبدان الطريق لتمر تونس بهدوء إلى ناديها المعتاد، نادي الأمم العريقة المعتزة بماضيها والواثقة من قدراتها في بناء مستقبل أفضل لأبنائها...
هو مستقبل مختلف ينتظر تونس والتونسيين عامة وأعناق العرب متطلعة حولهم لتعلم الحكم الديمقراطي، لقد فتحت تونس مدرسة الحداثة والديمقراطية وحسن تدبير الاختلاف، وبناء عليه فالعرب مدعوون إلى هته المدرسة، وخلع نعالهم حياء، في حضرة معلم هده سجون القبح الديكتاتوري، وتونس اليوم هي المعلم والأستاذ والمايسترو.
هو مستقبل آخر تهيأ للتونسيين، له طعم خاص ومطبوع بالكبرياء العربي، وهي تونس اليوم تقود عربة فيها ثلاثمائة مليون عربي بأحلامهم وآلامهم، بقلقهم واختلافهم، برغباتهم وتطلعاتهم المقبولة والمشروعة، ولا يوجد شيء بالمجان أثناء بناء الدولة، فثمن انجاز الانتقال الديمقراطي له كلفته، لكن في جميع الأحوال فتونس المستقبل غير تونس التي كانت عبارة عن سفينة مليئة بالقراصنة، يقودها ربان حول قمرة القيادة إلى مقصلة وصالة حلاقة، وجعل من بلده غابة ومستوطنة للخوف والتردد ..
لقد حدثت القطيعة مع الماضي العربي الغارق في البؤس، من خلال مشروع تونس الثوري، والأجيال العربية القديمة اتهمت بالعجز، وكاد هته الأجيال تمرر هذا العجز للأجيال القادمة، ليتحول إلى مرض مزمن يلازم الكائن العربي، لكن الحقيقة أن الإنسان العربي، عاش لحظة صدمة تاريخية طويلة وبيات سياسي وحضاري وتاريخي طويل... وحجم المؤامرات الأجنبية المتوالية نالت من جميع الشعوب، وجميع الطغاة العرب كانت لهم تزكية صهيون-أمريكية، لحكم شعوبهم، لكن العالم العربي ومن خلاله تونس كانت حاضرة في القرار السياسي العالمي، والدليل أن تونس حافظت على وجودها ردحا من الزمن، رغم استسلامها للإمبراطورية العثمانية.
لا يمكن اعتبارها ظاهرة سياسية عابرة، هته الثورة، هي مشروع شعب وحلم أمة، وهي تلغي المقولة التي تقول: "العرب مجرد حالة كلامية".
القراءة الأولية تمنحنا التفاؤل، فقد أحرقت تونس المراحل بسرعة، لطي صفحة مؤلمة، من تاريخها الحديث، ويمكن القول أن روح البوعزيزي ستبقى أبدية، وذكرى لا يمكن محوها من المستقبل التونسي الجديد.
هي تونس اليوم تستثمر في العمق التاريخي، في ظل عوامل مشجعة، جوار مختلف، رسمته الثورة التونسية أيضا، وواقع عربي جديد، يجب الاعتراف بأن الشعب التونسي هو من صنعه.
فهنيئا للتونسيين بثورتهم، في انتظار بلورة المشروع التونسي الديمقراطي إلى حقيقة، مشروع نهضوي طموح وواقعي وقابل للتنفيذ وخال من الطوباوية المفرطة، وهذا من السهل انجازه، بشعب موحد، وحكومة فعالة.



#عبدالحق_فيكري_الكوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 1912-2012 م – المغرب: من صدمة الحماية الفرنسية إلى تعايش الش ...
- صناعة -المحنة- في المغرب: «امتحان الزوايا» إلى «امتحان المثق ...
- الصحافي رشيد نيني والعنزة وجاليليو
- طقوسية بويا عمر وطقوسية النظام: الذهنية المشتركة وأزمة عقل ا ...
- الإسلام والحرية والإنسان ، ثالوث الحلول في العالم العربي
- المخزن و ميكيافليلية الحلقة وحكمة الأميين
- ثورة النيل الهادرة وجيل استعادة الكرامة العربية
- وعاد هبل عاد إلى شبه الجزيرة العربية !!!
- نقد العقل الجزائري
- أسباب فشل المسيرة الخضراء في شقها الوطني
- فجائعية أحداث العيون/وسؤال شؤوننا الاستراتيجية بيد من؟
- اغتيال الشيخ والولي سيدي عبد الله الكوش: الحلقات المفقودة من ...
- خطاب أعمى الى صديق ذو بصيرة
- هل يتقيأ جهاز المخزن السموم التاريخية ويسمح لنا ببناء نسخة ث ...
- المخزنيون الجدد وعقلية الفريسة والغنيمة
- أيها السادة العميان خذوا حصتكم من الشمس ولا تهزموا!
- عربة الكاتب المغربي سمكان الإرهابية!!!
- على هامش حصار غزة: صيحة في تجاويف العقل الإسرائيلي وصاحب الج ...
- حركة لكل الديمقراطيين بالمغرب:الطرقية السياسية والكوميديا ال ...
- شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإسلام أية علاقة؟


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالحق فيكري الكوش - الإعجاز الثوري في الثورة التونسية: اقتصاد في الزمن، وواقعية في التنفيذ.