على هامش حصار غزة: صيحة في تجاويف العقل الإسرائيلي وصاحب الجلالة الضمير العربي.

عبدالحق فيكري الكوش

الحوار المتمدن-العدد: 3052 - 2010 / 7 / 3 - 00:32
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    

أنا الأرض
يا أيّها الذاهبون إلى حبّة القمح في مهدها
احرثوا جسدي
أيّها الذاهبون إلى صخرة القدس
مرّوا على جسدي
أيّها العابرون على جسدي
لن تمرّوا
أنا الأرضُ في جسدٍ
لن تمرّوا
أنا الأرض في صحوها
لن تمرّوا
أنا الأرض. يا أيّها العابرون على الأرض في صحوها
لن تمرّوا
لن تمرّوا
لن تمرّوا
لا يمكننا ونحن نؤرخ للحصار، إلا أن نتلو بعض الشعر لنعرج الى أرواحكم ونسري الى دمكم، أعرف أنكم جبناء جدا وأقزام جدا يا شعب اسرائيل، وأن مجرد قصيدة تهزمكم وتجعلكم تعلنون حالة طوارئ وتتفرقون شذرا مذرا، بيننا وبينكم حرب طويلة وأبدية، حرب بدأت ولن تنتهي، ونحن أيها الإسرائيليون، لا ننظم الشعر لنحتفظ به في رفوف خزاناتنا، ولكن ننظمه في انتظار أن نسرج الخيل ونطلق لها الأعنة، وفي انتظار أن نحضر إليكم في شكل عاصفة أو فصل ربيع أو فصل موت، لكن في كل الأحوال قادمون، ونحن لن نحضر دون قصائد، نحن اليوم ننسجها من كهرباء أرواحنا، وغدا ننسجها نارا في أرواحكم، وفي انتظار أن يظهر الفارس والمرابطون، ولكل أجل كتاب، انتظرونا، سنحضر أيها الإسرائيليون، ستحضر وهذا وعدي، في شكل فصل من الحصار الطويل، عام أو عشرون عاما أو ألف عام، قادمون وقادمون كما نشتهي نحن لا كما أنتم تشتهون، نحن سكرات ووجع موتكم، سنحلق بخيلنا، وسنلمع كالبرق قبل ان نسقط فيكم كالرعد، نحن لن نحضر من الأنفاق، ولكن من السماء سنهبط وفي كل الأحوال نحن قادمون.

فخذوا الماضي، إذا شئتم، إلى سوق التحف
وأعيدوا الهيكل العظمي للهدهد، إن شئتم.
على صحن خزف.
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الأولُ
ولنا الحاضر، والحاضر والمستقبلُ
ولنا الدنيا هناك .... والآخرة

قبل الصيحة في تجاويف عقلك أيها العبري، لنستمع إلى شهادة أحد المحاصرين، ونحن نجمع الأدلة ونخبئها ليوم بيننا وبينكم سيكون عظيم، شهادة وثيقة تاريخية تدينكم أيها الإسرائيليون، ليس لأن الغد بعيد، ولكن لأن الغد قادم وقريب، ونحن أبناء عم الموت، نعيش بكبرياء أو نموت دون هذا الكبرياء، سنلمع كالبرق في التاريخ، كما لمعنا ولنا رسالة وقامات جد طويلة ورد سيكون عظيم، ولا يمكنكم -مهما بلغت قاماتكم أيها الأقزام ومهما ملكتم من من أسلحة ورصاص ومكر-أن تنزعوها من أرشيف التاريخ ، أيها الأسخياء في القتل ومنح تراخيص الموت، لا يمكنكم تمزيق هاته الأوراق، لأنكم لن تستطيعوا أن تستوطنوا ذاكرتنا، ولا إحراق هذا التاريخ الذي تفوح منه رائحة جرائمكم، وكل التاريخ جريمة من جرائمكم أيها الجبناء العابرون.
لا يمكنكم أن تجففوا الدم من ثياب الإنسانية ودموع الحرية والحق والعدالة ، لا يمكنكم مطلقا أن تكفكفوا دموع هاته الأرواح التي اغتلتموها غدرا بدم بارد وبجبن وخسة، ولا يمكنكم إلا أن تتطاولوا على شعب أعزل بتحالفكم الذي لن يستمر مع غرب تهمه براميل نفط قبل سواد عيونكم دون عقاب، هو تطاول أيضا الى حين، لكل شيء بداية ونهاية.
في غزة وفي شهادته قال أحد الغزيين: نشوي فلافل على الحطب، ونمزج سولار بالملح، وبابور الكاز يستعيد بريقه ! نقف طوابير يطحننا الانتظار، طوابير على أبواب المخابز وأخر للشمع وثالث للسولار المصري ورابع للصيدلية للتزود بأدوية تعالج الصداع الناجم من هدير المولدات الكهربائية .
في غزة ملعقة ملح: وللتغلب على مشكلة النقص الحاد في مادة الكاز الأبيض الذي يستخدم في تشغيل بوابير الكاز القديمة وإشعال المصابيح اخترع أهالي غزة من السولار المصري" الديزل" ما يصلح بديلا لهذه الأدوات من خلال إضافة ملعقة ملح على لتر الديزل ليصبح جاهزا للاستخدام لبابور الكاز. الأطفال على أبواب الأبراج السكنية في غزة، شجار يومي بين الحارس وأعضاء مجلس إدارة البرج حول ألية تشغيل المصعد في ظل انقطاع الكهرباء فجاءت تعليمات من مجالس الإدارة والحراس كانت على النحو التالي:
من الطابق الخامس فما فوق يعمل المصعد للرجال و النساء فوق سن الأربعين من يريد الصعود وسنه تحت الأربعين يجب أن يثبت بأنه يعاني مرضا من احد الإمراض المزمنة .
الاقتراح الآخر بان يعمل المصعد 10 دقائق على رأس الساعة و من يأتي أو من يريد الزيارة عليه الانتظار في غرفة الحارس حتى يشعل مفتاح المصعد والمولد و يتمكن السكان والزوار من زيارة أقاربهم ..
الدخول لدورات المياه في قطاع غزة يحتاج إلي اقتناص الفرصة المناسبة والتفكير والتخطيط من اجل الفوز بعدة دقائق تتوفر خلالها المياه في الحمام.
المياه الصالحة للشرب في غزة باتت تستخدم لغسل الأواني و استحمام البشر عبر تزويد الخزانات بمياه الشرب مدفوعة الثمن .
شادي العريس الجديد ..
والذي يعاني من أزمة نقص المياه و الكهرباء بسبب حصار يقول مازحا إذا استمر الحال على ما هو عليه "فان انتظار المولود قد يأتي بعد صيف ".
في غزة: يقول أحد الغزيين: الباجيت الغربي والفلافل على الحطب ! في المخبز طابور طويل فقد يستغرق حصولك علي ربطة خبز واحدة أكثر من ساعة و لكن الجميل أن خبز الباجيت الغربي في متناول الجميع ربما الحصار يغير من عادات الأكل و من برامج الروجيم.
هناك شاي علي الحطب و شوا اللحم علي النار و لكن في غزة يوجد فلافل علي الحطب ويقول أيمن الذي اشترى ساندويتش أن طعم الفلافل المقلي على الحطب أشهي من الفلافل المقلي علي الغاز.
لكن بعض باعة الفلافل و المطاعم الشعبية تقدم الفلافل فقط مرة واحدة في النهار إما صباحا و إما مساء وذلك اقتصادا للغاز.
هاته يوميات الحصار في شهادة أحد الفلسطينيين، مليون ونصف فلسطيني، هاته أحوالهم، رائعون انتم أيها الإسرائليون، وروعتكم أن تحرموا كل هذا البشر من كسرة الخبز والمصباح ولكن روعتكم هاته مؤقتة، مليون ونصف بدون بدون كهرباء ، 280 مدرسة تحتاج الى الترميم، 18 سبق ان هدمتها قواتكم الجسورة، مازالت كما هي أنقاضا، !
وقبل أن أخاطب صاحب الجلالة :الضمير العربي، كان ولا بد من توجيه الخطاب الى عقلكم أيها الاسرائيليون، في أسئلة سأوجهها إليه، رغم أنه عقل ملوت بسمموم الكراهية والعنصرية.. وهي أسئلة أجوبتها هي تشمل كل إسرائيلي نفسه -الا أن يميل للحق-، الذي أتهمه بأنه عنصري موغل في القدم، وتدرب منذ القدم على لغة وفعل العنصرية، وكل أصول العنصرية ومنظومتها قدمت من عقله وسلوكه وممارسته-هذا الإسرائيلي، ونحن نعرف أن هذا العقل عنصري مهووس بالعنصرية ، ولا يشتغل إلا من ثنائية: الأبيض والأسود، وله قدرات خارقة في هذا الشأن، وفي تقسيم العالم الى قسمين، عالم ابيض يستحق الحياة، وعالم مظلم يرمز الى الشر يستحق الموت والإذلال والاستعباد، ولم يسلم الأنبياء من هاته المعايير فتم قتلهم والتشويه بجثتهم..
لا يوجد بين الكائنات الحية العاقة وغير العاقلة كائن واحد يتميز بتوفر كمية من المكر مثل تلك المتوفرة في دم وعقل الإسرائيلي أو العبري ولا أقول قلبه، لان الإسرائيليين بدون قلوب، مند تطاولوا على الانبياء، والدليل تعذيبهم لنبي الله عيسى ولا نتوغل أكثر في التاريخ لان النبش فيه سيقلب مواجع الألم على أهل السماء قبل أهل الأرض، ولا يوجد في التاريخ كائن عاقل تميز بتوظيف العقل في احتضان سلالة الشر غير العقل العبري الإسرائيلي، والدليل قدرته على إخضاع المليون ونصف من الكائنات البشرية ولا أقول الفلسطينيين- لنجردهم من هوياتهم ومن دينهم- بشر ويكفي، لحصار يتجاوز الوصف ولا يمكن أن يتواجد حتى في عالم المجانين، يتجاوز حدود العقل ويرتبط بعالم ما وراء العقل أي عالم الجحيم الذي ورد في الكتب السماوية، وهاته هي إسرائيل سرطان الأرض والإنسانية التي تمتحن هذا العالم الحر في كل مبادئه.
نعترف لكم بهاته الخسة وبهاته القدرة في تنويم العقل الغربي، لممارسة أبشع جريمة يمكن أن يقترفها جماعة منظمة وعصابة من ألوية الشر المبنية على الخدع الثلمودية وعلى توظيفها في إقامة محرقة بطيئة لشعب، أكرمكم كثير من أهله، و أتحدى أي إسرائيلي يزعم أن مغربيا تطاول عليه، أو سلطانا مغربيا مارس عليكم مثل هاته المحرقات ومثل هاته الجرائم، قد يحدث شنآن وهذا يحدث في جميع دول العالم.
انتم الإسرائيليون ومنذ أن ظهر أول يهودي فوق هاته الأرض والى يومنا هذا لم يتجاوز عددكم بضعة ملايين، ولكم الحق أن تتساءلوا، لما استطاعت آخر ديانة وهي الإسلام وصل عدد معتنقيها المليار نسمة، ولم يصل عدد معتنقي اليهودية إلا غير هاته الكمشة، جلها متعطش للقتل والبغي في الأرض. الخلل ليس في الديانة اليهودية التي اجتهدتم في تزوير محتوياتها وتصريفها لما يخدم غريزة الشر فيكم، ولكن الخلل يوجد فيكم أنتم معتنقيها، فما كنتم عمالقة ولا نبلاء في تاريخكم، بل أقزام و عصابة تتصرف من منطلق الجماعة- وانتم دائما جبناء- وتعيثوا في الأرض فسادا.
تحاولوا عبثا أن تكبروا وحتى وأنتم تمتلكون قنابل النابالم والقنابل العنقودية والفسفورية والسلاح النبوي، تبقون أقزام وتتصرفون كأقزام من عقدة نقص، هي نوع من الهستريا الجماعية التي تنتابكم أبناء إسرائيل- اللهم ما نذر منهم-.
تصنعون الدسائس وتشتغلون ليل نهار في التخطيط لمجموعة من العمليات الإجرامية مع اختراع أسماء لهاته المواليد" عناقيد الغضب" ، "الرصاص المصبوب"..، وغير هاته كثير وهاته حرفتكم، صناعة الدمار والموت، لأنكم أعداء الحياة ومحرومون من نعمة العاطفة ومن نعمة القلب، من لغة الحب والسلام ومن لغة الرجال ، تستطيعون أن تكونوا تجارا للورد وتحتكرون هاته التجارة في العالم، ولكن لن تكونوا مطلقا عشاقا، وصناع حياة، تجار ورد ولكن في نفس الوقت تضحكون على هؤلاء العشاق، لأنكم محرومون من مجموعة من نعم الحياة –كما أسلفت- بسبب إدمانكم على ارتشاف أقداح المكر والغدر والاغتيال وبسسب ادمانكم لغة الموت، لهذا عددكم قليل وقليل جدا، عجز عقلكم في إيجاد الحلول له، بالكاد تنجبون أطفالا، أنتم-بكل بساطة-أعداء حياة وانسانية، ولهذا لم تمنحكم الكثير، أنتم صناع موت وتجار موت، وليس غريبا أن تحتكروا تجارة وصناعة التوابيت في العالم.
لا يمكن أن تكونوا كرماء إلا من خلال منح الموت للآخر، من خلال التلذذ بتعذيبه وشقائه، حتى وأنتم تكونون شعبا من خلال سرقة قطعة أرض، استعملتم قواكم العقلية الخارقة في سرقتها بالطرق القانونية الملتوية وبالطرق غير القانونية، فما استطعتم أن تسرقوا الشرف، يمكنكم ذلك بعد قتل جميع سكان العالم الذين شهدوا جرائكم النبيلة، من مثل هذا الحصار الظالم الذي يشرك المعاق والطفل و المرأة والعجوز والشجرة في عقاب جماعي، لا يوجد أي مسوغ قانوني أو حربي أو إنساني يبرره،
الحصار ظالم أيها الإسرائيليون، ظالم جدا، وانتم ليس عندكم مفهوم للظلم ولكن لكم عنه مفهوم آخر له، هو أن تمارسوه وتسموه دفاع عن النفس، ألم أقل لكم أنكم أقزام؟، أنتم تجار بدون أخلاق، والحصار نوع من التجارة السياسية في نظركم، وينمي رصيدكم التجاري في الحقد والكراهية والتلذذ بتعذيب الآخرين وإجراء من إجراءات البيع والشراء السياسي والاستثمار في الظلم، ولا علاقة له بحرب ولا بردة فعل، ولم أجد شعبا يعشق التجارة في الظلم والألم والموت من مثل هاته الدولة التي تكورت من دم الفلسطينيين ومن ألمهم ومن مصادرة حقوقهم، دولتكم المارقة، لم أسمع عن دولة تقصف مواطن أعزل بصاروخ وتسميه دفاعا عن النفس، ومن قصف طفل يحمل إسفنجة العيد بقنبلة غير أبناء الشعب الإسرائيلي الكرام، ولم أشاهد أمة مارست مثل هاته التجارة غير الشعب الإسرائيلي القزم..
لم تكونوا يوما عمالقة التاريخ بموقف مشهود، بأنكم ساندتم شعبا أو جلبتم له السعادة، بل كنت وحيثما حللتم سر شقاء الإنسانية وشقاء كل المجتمعات التي رحبت بكم، لم تتخلوا يوما صناعة الدسيسة وإشعال نار الفتنة بين الإخوة، وكأن نسلكم من نسل الشياطين.
شغلكم إلباس الحق لباس الباطل وإلباس الباطل لباس الحق والفضيلة لباس الرذيلة والعكس..، وحدكم بني إسرائيل تفعلون مثل هاته الأشياء، وبها تتميزون، لأنكم فاقدو نعمة القلب ونعمة الرحمة ونعمة البصيرة ونعمة الحكمة..، هاته تجارتكم التي ستبور، لأن الشر في النهاية يلتهم صاحبه، وستبقون في نظر الإنسانية –خصوصا في نظر الغرب الذي يوفر لكم الحماية والدعم- مجرد أقزام توظفون عقلكم البدائي الماكر في إلحاق الأذى بالآخر، كائنا حيا أو نباتا أو حجر...، أو حتى خالقكم ومن خالفكم الرأي، إنها التجارة في الخسة والنذالة وفي الشر والمكر، وكل حصيلتكم في التاريخ، هي هاته المؤامرات والدسائس والمكر.
في الختام أتوجه الى صاحب الجلالة الضمير العربي، بكلمة قصيرة: استيقظ سيدي، اعرف انك تشرب قبل أن تعطش، وتأكل قبل أن تجوع، لكن حان وقت استيقاظك وصيامك عن الطعام ولا نقصد صيامك عن الحق والدفاع عنه واسترداده....
عندما ينام الضمير أو يتم تنويمه، قد تنام أجيال ولكن لا تموت الشعوب ولا يموت التاريخ ، فالشعوب العظيمة لا تموت مطلقا، تنام نعم ولكن الموت لا يشملها..
استيقظ يا صاحب الجلالة. في مليون ونصف فلسطيني محاصر، وقد جاوز الظالمون المدى....

#عبدالحق_فيكري_الكوش (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات