أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالحق فيكري الكوش - المسرح العالمي و مساهمته في بناء الإنسان















المزيد.....

المسرح العالمي و مساهمته في بناء الإنسان


عبدالحق فيكري الكوش

الحوار المتمدن-العدد: 3036 - 2010 / 6 / 16 - 00:17
المحور: الادب والفن
    


حاول المسرح من خلال رواده الكبار، أمثال تولتسوي، و الكسندر أستروفسكي و فرانس جليرباستر و غيرهم...، من كبار كتاب المسرح في أوطانه و مناجمه مثل روسيا و ايرلندا و انجلترا و فرنسا و ايطاليا...، أن ينهضوا بالإنسان من خلال المسرح، فتدفق إبداعهم على الخشبة في شكل مسرحيات خالدة و ستبق كذلك بفعل حمولتها الإنسانية التاريخية و توفر عنصر الجودة و الإبداع فيها ..
النص المسرحي لم يكن جامدا، بل كان نصا متحركا مفعما بالمشاعر النبيلة و الإنسانية، يحمل دعوة مفتوحة للتغيير و التجديد و الابتكار و يحدث الى قومة إنسانية كبرى من اجل مجتمع جديد في نمط تفكيره و نمط حياته و يتحكم في الطبيعة و عناصرها و يروضها لصالحه، نص كان عبارة منظومة من المعارف المتنقلة و الحية ينبض بالإنسانية و القيم الحضارية و المبادئ ، مستفز حينا ثوري حينا و هادئ ورزين حينا... لكنه يحتوي على فعل حضاري مؤثر و موجه، فالنهضة هي التكامل بين عناصرها و هي الحيوية في تفعال تلك العناصر و قد كانت كذلك هاته النهضة، شاركت فيها الفنون و الفلسفة و العلوم..، ولم تكن نهضة نمطية ولا حبيسة " جنس معين"، بل شارك فيه الرجل و المرأة معا، و الجميع دون استثناء، الجميع رقص على طبلة الحياة في هجرة جماعية بعيدا عن سواحل التخلف و الاندحار في عالم لا يقبل بالضعفاء ..
تحريك الإنسان على خشبة مسرح الحياة، تحتاج الى أكثر من محفز وباعث، ونحن في عصر يشهد موات أعماقنا و الى استيلاء قراصنة القبح على سفينة الحياة و توجيهها، و الى بروز و سيادة السطحي و المظاهر البراقة على نمط تفكير الإنسان عموما، و الوضع جد مقزز في العالم العربي، خاصة في شرقه النفطي الحديث العهد بالاستهلاك الى حد التطرف فيه و الى البهرجة الإعلامية للحديث عنه و الى الإسراف فيه حد التقزز في شطره الغرائزي البهيمي ...
و لعل النهضة الأوربية الشاملة ما كانت لتنجح لولا هذا التكامل في استهداف أعماق الإنسان الأوربي، و تشغيل روحه و عقله و قلبه، و إدارة نواعيرها بمهارة، نهضة توفرت فيها و لها سيولة فلسفية و فنية و فكرية و علمية و رصيد هام من عنصر "الإبداع"و عنصر التجديد و الثورة ضد ما هو سائد و معرقل للحرية و الاستثمار فيها، ليمكن كل ذلك من تأهيل العنصر البشري في أوربا ليقفز على موانع سباق النهضة الطويل، في مقابل وضع قفل لأفواه رجال الكنسية، وان استلزم الأمر إقفالها بالخرسانة المسلحة، فتم تحييدهم أثناء إطلاق مشروع النهضة الأوربية و عن ترويض ثيرانهم " الأساقفة وغيرهم" في حلبة السياسة و الشأن الثقافي و الاقتصادي و الفكري و العلمي و الفني و الأكاديمي، فقد ثبت أن الدين من كثرة احتكارهم له و حشوه بما لذ وطاب من أساطيرهم و خزعبلاتهم ووساوسهم تحول الى كلب مسعور و لا علاقة له بالسماء و لا بالأرض، و لكن له علاقة بالتعفن التاريخي ...
السؤال هنا يحيلنا اليوم الى مؤسسة المسجد في العالم العربي و الإسلامي في شخص "المكلفين بالقيام بوظيفة داخلها " الذين يريدون اختزال جميعه الوظائف، و احتكارها باسم الدين، و ليس الخلل في المسجد كمؤسسة، و لكن الخلل و القصور في شخصياتها و في شخص هؤلاء الوعاظ و العلماء، الذي يجب اليوم أن يكونوا موضع مسائلة تاريخية، عن طرقهم الجديدة للتعايش مع المسرح و الفن و الفلسفة و الفكر، و التجديد في فهم النص و منهجية تطبيقه، و لدينا النموذج " صلاة الجمعة" التي ساهمت و تساهم في التنويم المغناطيسي و الى استهدافها علاج الألم لدى الإنسان دون علاج مسبباته...
انه الركود السلبي لتراثنا و تاريخنا الذي تحول الى مستنقع آسن يحتاج الى مياه متجددة، و ندعو هنا الى نموذج معين، بل نترك القوس مفتوحا...
يمكننا القول الى أننا فوتنا فرصة ذهبية بتقاعسنا عن دفع المسرح دفعا الى تأدية وظيفته التاريخية في النهوض بالإنسان العربي، انه الوحيد الذي يمنح المتلقي فرصة مشاهدة خطاب بالصوت و الصورة و التجسيد لعلاج الظواهر و الاختلالات في المجتمع و الرقي بأفراده ....0
ليس حديثنا عن علاقة المسجد بالمسرح، و لكننا ننبه، الى أن النهوض بالإنسان له طرق و منهجيات و آليات شتى، و ليس عن طريق تحويل الدين الى مطرقة تقوم مقام الفلسفة و الفن و العلم.. في إحداث هذا النهوض ..
أب الفنون" المسرح" ساهم من خلال هؤلاء عباقرته ورواده في أنحاء العالم، في توجيه الخطاب المباشر و غير المباشر الى الإنسان في تلك الأقطار لينهض، و قد وقفت عند نوعية الخطاب في مجموعة من النصوص المسرحية العالمية و قمت بتحليله و شرحه، فاكتشفت أن هناك تقاطعات بين تلك المسرحيات، كانت وراء النقلة النوعية لارتقاء و تطور الإنسان في الغرب..
أيضا الخطاب لم يكن إقصائيا و لا إيديولوجيا معينا ، بل تعامل هؤلاء العباقرة مع النص المسرحي بباعث نهضوي و أدبي و إنساني و اجتماعي..، و لم يكن ذا طبيعة تجارية أو فرجوية مرحلية بل كان خطابا راسخا و عميقا هدفه و غايته النهوض بالإنسان و الرقي به و تثقيفه تحريره من أغلاله...
نكتشف هذا -على سبيل المثال- عند ألكسندر أستروفسكي احد عمالقة المسرح الفن المسرحي في روسيا في مسرحيته "مذنبون بلا ذنب" ، التي تعالج قضية الحب، تمريره لمجموعة من الرسائل من خلال معالجته المسرحية للنص تجسدت في سؤال فلسفي عميق يطرح الكاتب من خلاله قضية علاج هؤلاء الميئوس من إصلاحهم، و هاته الفئة المستثناة اليوم في العالم العربي و المتواجدة على الهامش، فريسة الموت البطيء و الإهمال و الضياع..، و الضحية الكبرى للمجتمع العربي الحديث في قسوته و عنفه و كراهيته و عنصريته، انه يمقتها أو يتاجر بها سياسيا تجارة رخيصة من خلال توظيف إيديولوجي مقيت ...
جاء على لسان نيرنامف إحدى شخصيات المسرحية وهي توجه الخطاب الى شخصية أخرى من شخصيات الركح المسرحي و هي كروتشينينا : بل لماذا يحب احدهم إنسانا منحرفا ميئوسا من إصلاحه؟ أية فائدة من ذلك؟ من اجل التقويم؟ أولا من غير الممكن تقويم كل امرئ ، ثم ثانيا ليس كل فرد يقبل أن يكون موضع تقديم..
فترد عليها كروتشينينا: وهل تقوم الممرضات عن طيب خاطر بتمريض المرضى الذين يمكن شفائهم فقط؟ كلا، إنهن يعتنين أكثر بالمرضى الميئوس منهم من شفائهم وذوي الإمراض المستعصية ....
هكذا ينبه ألكسندر أستروفسكي من خلال مسرحيته الى وجود فئة تحتاج منا كل العناية و الاهتمام و الرعاية..
في مسرحيته الأخرى "الغابة"، يتحدث هذا العبقري بأريحية عن مجموعة من المتضادات "الغدر الخديعة و الوفاء و الإخلاص ، عن العدل و الظلم، "...
انه ينهض بالإنسان في هذا النص المسرحية الشاهق ذو التوليفة المسرحية الهادفة، فمضمون النص المسرحي كان إنسانيا بحثا من كاتب مسرحي شاهق الى متلقي ذكي..
في مسرحية ، " الجدة الأولى" للكاتب النمساوي فرانس جليرباستر، التي أتت في يقول عنها كاتبها : ظروف سيطر على العالم بها، الإيمان بالقدرية و المكتوب في الحياة و الأدب، و لكن قيام الثورة الفرنسية جعل المستحيل ممكنا...
و جاء على لسان الدوق احد شخصيات المسرحية وهو يتحدث عن عجز الإنسان بالإمساك بعجلة القدر موجها الخطاب الى شخصية أخرى و هي بيرتا : أتريدين أن تمسكي بعجلة القدر؟ إن دوران عربته الراعدة لا يوقفها كائن فان؟
المسرحية لم تتوقف عن هذا " المسمى قدرا، بل كانت طبقا دسما غنيا بالأفكار و تحمل في طياتها لغة الأمل و الطموح و الحلم ، فيقول برومير احد شخصيات المسرحية (قاطع طريق ) :
أريد أن أجاهد شح الطبيعة
من اجل الكسب الضئيل
أضع حبات دموعي مع البذور
و اسعد مع اقتراب الأمل مني
باخضرار الاثنين
ثم يضيف :
و عندما تتلألأ نجوم الليل المتأخرة
سأنزل الى الأرض العارية
و أتخيل نفسي غنيا و سعيدا
أغنى من أي ملك....
الأمل حضر لدى كاتب آخر لا يقل براعة عن سابقيه، انه جاك اوديبرتي في مسرحيته الشر يستطير ، ليعرض حلا من حلول قهر الشر و الأشرار، بالشر نفسه...؟ ( لا يفل الحديد إلا الحدي كما يقول المثل العربي)
جاك اوديبرتي الكاتب الذي طالما ألح في نصوصه على عدم الاستسلام لإغراء الشر، وجاءت مسرحياته متراصة تحمل نفس البندقية المصوبة نحو "الشر" و لتتوغل في النفس الإنسانية أكثر، و تجلى هذا في نص آخر هو مسرحية "الأوبرا المتكلمة" و من خلال بطل المسرحية لوتفى الذي أشعل الحرائق في أنحاء البلاد و دنس الأديرة بسبب فشله و إخفاقه في الحب؟؟؟
نفس الشيء عند الكاتب الايطالي ادواردو دي فيلبو ، في مسرحية "أصوات الأعماق"، حيث يرصد أغوار النفس البشرية و ما يختمر فيها...
و نختم بمسرحية جثة حية للكاتب الروسي تولتسوي واحد من أعمدة الأدب الروسي ، إذ لا يتردد هذا الأخير في نعت البشر بالبؤساء، كنوع من الاستفزاز للمتلقي، و لترتيب العلاقة بين الكاتب المبدع و بين المجتمع، من أجل إزالة حواجز العداء و التضاد، و أن العدو هو أن تتحول الى نسخة من البؤس في شكل إنسان، و من خلال إحدى بطلات مسرحيته ايفان بيتروفتش و هي توجه الخطاب الى شخصية أخرى وهي فيديا: يا لهم من بؤساء هذا البشر هؤلاء، يشتغلون و يكدون و يجدون دون كلل أو ملل و لا يفهمون ... لا يفهمون شيئا.... !!!
و لعل تولتسوي حاول أن يهرب بشخصه من النص من خلال أبطاله، تقمص الدور مباشرة فيقول على لسانها في نفس المسرحية : إنني أفرج عن أفكاري لنفسي، و ما الذي تحتاجه الإنسانية ؟ لا تحتاج إلا لأمر غاية في البساطة... هو تقييم عباقرتها... و لكن الواقع هو أن البشر كانوا يعدمون أو يلاحقون أو يعذبون العباقرة ...
هاته هي نهاية العباقرة دائما، لكن الملاحقة في العالم العربي، شملت الكاتب و النص و المسرحية و الممثل و المتلقي و تم الاكتفاء بمسرحية "الحاكم" البطل الوحيد الممكن الذي تجتمع فيه كل المتناقضات ، الذي تعود إليه كل الكرامات و تنسب إليه كل الخوارق ... الفيلسوف الرواقي الذي يتقمص شخصية الفيلسوف سنيكا صاحب مسرحية "هرقل العظيم و القاهر" " المنزه عن صفات النقص"، "البطل الكامل المكتمل" صاحب الأقدام الثعبانية و المهمات العظيمة الاثنتا عشر يجلس كما الآلهة على عرش منحته له السماء هبة ربانية، و إن كان في حالة العراق انتهى بارتداء البطل لقميص مسموم من نسج المؤامرة الأمريكية سيدة المسرح العالمي، و كاتبة النص في زمن العولمة، ومحركة كراكيزه..
هي مسرحية تستحق المشاهدات من خلال مجموعة من الخادمات في العالم العربي، يخدمن هاته السيدة الجشعة الشريرة و الساحرة، تنتهي بشنق إحدى الخادمات يوم العيد...
الحديث عن أب الفنون ذو شجون، لكن السؤال يغادر الحلق بمرارة أينه المسرح العربي و؟ هل بقي له موقع في أن يقدم شيئا للإنسان بصفة عامة في زمن الانترنت و التواصل الرقمي؟
ممكن أن نعود الى المسرح، لأنه وحده يمنحنا متعة الحياة شريطة توفر مبدعين من عيار ثقيل، يلمون بمشاكل و أشخاص و أفكار هذا العصر و نظرائهم في المستقبل...




#عبدالحق_فيكري_الكوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى مواطنة لبنانية تخليدا لذكرى 26 مايو وانسحاب إسرائيل من ا ...
- تركيا أو - جحا- الشرق الأوسط
- الثورة الناعمة : محاولات قزحية لبناء وفهم الإنسان العربي-2-
- الثورة الناعمة : محاولات قزحية لبناء وفهم الإنسان العربي-1-
- رسالة 8 مارس من كاتب مغربي الى مواطنة جزائرية - تخليدا للحصا ...
- غياب الحرية السياسية مشكلة العالم العربي
- الأضرحة و القبور والسلطة و الإنسان المقهور
- المثقف و الحداثة ومؤسة الزاوية
- بعد تنظيفه لخطايا سيده الأبيض - أوباما يكافئ بجائزة نوبل-


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالحق فيكري الكوش - المسرح العالمي و مساهمته في بناء الإنسان