أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي بندق - من يكتب تاريخ مصر في قادم الأيام















المزيد.....

من يكتب تاريخ مصر في قادم الأيام


مهدي بندق

الحوار المتمدن-العدد: 3562 - 2011 / 11 / 30 - 14:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من المسلم به في العلوم الإنسانية الحديثة ، أن القوى الاجتماعية المختلفة ( يسميها ابن خلدون العصبيات ) إنما تستمد قواها السياسية مما تهيمن عليه اقتصاديا ً بالدرجة الأولى . وفي حالة الصراع على مصادر القوة الاقتصادية ومساراتها، لابد من الانتباه لحقائق محددة ، أولها أن الدولة بقيادة بورجوازيتها البيروقراطية وجناحها العسكري إنما تهيمن على نحو 40 % من الاقتصاد القومي ، وأما البورجوازية الكبيرة التقليدية ( الرأسمالية المالية والعقارية والريفية وقطاعات من رأس المال التجاري ) فتمتلك حوالي 52% والباقي موزع بين الرأسمال العربي والاستثمارات الأجنبية .

فإذا كانت تلك هي حقائق الوضع الاقتصادي ، فما من شك في أن نزاعا ً سياسيا ً قد باتت مقدماته تلوح في الأفق بين الجيش الذي يدعم ملكية الدولة (بجانب هيمنته هو نفسه على جانب له وزنه من الاقتصاد القومي) وبين البورجوازية الصغيرة برأس حربتها " الأخوان" (حوالي 3 % من الاقتصاد القومي) وما من شك أيضا ً في أن الغلبة ستكون بالطبع للأقوى الذي هو في نفس الوقت محتكر للقوة المسلحة .
ومن هذه المقدمات ما أعلن عنه حول التكتيك الانتخابي كما صرح به بعض الأخوان والسلفيين حيث كان مفترضا ً قيام الحشود بأداء صلاة الفجر ثم التحرك " لتقفيل" الطرق المؤدية للمقار الانتخابية ! أعلنوا ذلك من باب تخذيل العدو ! وهو تكتيك معروف في الحرب النفسية ، بيد أنهم سرعان ما تراجعوا عنه بمجرد استبيانهم للتكتيك المقابل من جانب البورجوازية الكبيرة التقليدية ( اسمها الحركي الفلول) فلقد لوحت الفلول بتجهيز مئات المليارات لتجييش ربع مليون من حثالة البروليتاريا ( واسمها الكودي البلطجية ) كانوا مستعدين للصدام المسلح الذي كان سينجم عنه عشرات الألوف ما بين قتيل ومصاب. والنتيجة معروفة سلفا ( مستعارة من كلمة سلفي )هي فرض الأحكام العرفية وإلغاء الانتخابات.

التحالفات وأشباهها
توافق الجيش مع الأخوان في أعقاب يناير كان مجرد خطبة وليس زواجاً حقيقيا ً ..أما التحالف القائم - موضوعيا - على المصالح المتقاربة فلا شك في أنه تحالف بيروقراطية الدولة مع البورجوازية الكبيرة ( الاسم الحركي لها اليوم الفلول ) ولو صح أن الأخوان تعلموا درس أزمة مارس فلسوف نكتشف أن الحديث عن صدام لهم قادم مع المجلس العسكري إنما هو محض تهويش سينتهي برضوخهم لحقائق القوة على الأرض.
قد يختلف السلفيون عن الأخوان في درجة الوعي وقلة الخبرة وضعف التجربة السياسية وهم الذين تمترسوا بمبدأ "لا نعصى الحاكم وإن ظلم " والمسكوت عنه في هذا القول " ما دام قويا ً " ذلك المبدأ الذي يخفي نقيضه في الضمائر " ولكننا سوف نعصاه إذا ضعفت شوكته وهان أمره " وقد حدث ذلك بالفعل حين انتقضوا على حسني مبارك بعد أن ضعفت شوكته وهان أمره . ويقينا سوف يعود هؤلاء إلى المبدأ الأول حين يستبينوا أن الحاكم الحالي ليس على شاكلة مبارك في الضعف وهوان الشأن . وتلك سذاجة ورثوها عن الأخوان من تاريخهم ، حيث ظل الأخوان لأكثر من عقدين في حالة من لا يريد تعلم الدرس الذي تلقوه من عبد الناصر في أزمة مارس 54 فكرروا الخطأ مع السادات ، غير ملتفتين إلى أنهم بحكم تكوينهم الاجتماعي بورجوازية صغيرة محال أن تحكم، وإلا كانت البورجوازيات الكبيرة في المجتمع بلهاء لا تعرف مصالحها .
والحاصل أن المرشح لكتابة تاريخ مصر في المرحلة القادمة لن يكون التيار الديني بشقيه : المعتدل المتعلم والمتطرف قليل الخبرة . فماذا عن ثوار التحرير ؟

حصاد ميدان التحرير
سيسجل التاريخ أن هذا الميدان كان الجامع للمصريين بكل طوائفهم وأطيافهم كي يزيحوا عن كاهلهم حكم الاستبداد والفساد ، وما من شك في أنهم نجحوا في مسعاهم ذاك لو قصرنا القول على الرؤوس وليس النظام الطبقي المفرّخ لتلك الرؤوس وأذنابها القريبة من دوائر صنع القرار . وعبر هذا الإنجاز المحدود سالت في الميدان أنهار من الدم وسكبت على هوامشه ترع ومراوي ومصارف من الحبر ، ومع ذلك فلقد ظل تأثير هذا الميدان محاصرا ً في ذاته لا يتعداها إلى فرض إرادته وإكمال مسيرته نحو الثورة الشاملة التي تغير النظام الطبقي وتعيد توزيع الثروة القومية بما يتفق مع نشاط منتجيها وصنّاعها (وتلك هي الغاية الحقيقية لأية ثورة حقيقية ) فلماذا عجز الميدان عن بلوغ غايته ؟ لأن رواده اجتمعوا على غير ميعاد دون قيادة تاريخية ملهمة ( احمد عرابي – سعد زغلول – جمال عبد الناصر ) ولأن التنظيمات السياسية ذات المصلحة في التغيير الشامل لم تترابط في جبهة موحدة كان من شأنها أن تمثل الدماغ المفكر للجسم الثائر ، وهكذا فإن مستقبل مصر لم يعد يتقرر في نتيجة المواجهة بين معتصمي ميدان التحرير والمجلس الأعلى للقوات المسلحة من حيث يدعي كل منهما شرعية توليه قيادة المرحلة الانتقالية بعد سقوط مبارك ، فلقد دخلت المعادلة أطراف أخرى أميزها التيار الديني وبقايا النظام المباركي بالرغم من التضعضع السياسي والمعنوي الذي انتابهم بعد حل حزبهم الحاكم وتفكك صلاتهم بأجهزة الأمن ولو إلى حين .

محصلة الصراع
لقد وضح في حالتنا الراهنة أنه ما كان على المجلس العسكري غير إعادة إنتاج ما حدث في الخمسينات الماضية ، وخلاصته أنه من أجل تهدئة القوى الشبابية ذات المطالب الثورية بل واستبعادهم عن صدارة المشهد؛ ما كان عليه سوى استخدام قوة الأخوان والسلفيين لمساعدته في هذا المسعى ، ثم التخلي عنهم في الوقت المناسب .
فأما السلفيون فلا مندوحة من انحسار موجتهم طال الوقت أم قصر ، وأما الأخوان الذين استوعبوا حقائق العصر وتدارسوا علاقات القوة في الداخل والخارج ( والنموذج الجزائري ما زال في الأذهان ) فأغلب الظن أنهم لن يجادلوا طويلا – حتى وإن احتازوا أغلبية في البرلمان – حول حقية " مدنية الدولة " أو المطالبة بجمهورية برلمانية يستهدفون بها الوصول إلى تشكيل الحكومة التي يريدونها ، ووضع الدستور الذي يحقق مصالحهم سياسيا ً واقتصاديا ً ولعلهم قد باتوا يدركون أن اللاعب المواجه لهم أذكى من أن يترك مقدرات دولة ذات وحدة هيدروليكية واحدة في مهب رياح تسعي لتقسيمها بذرائع طائفية وتشنجات أيديولوجية .
وفي عالم محترفي السياسة لا تثريب على الأذكى إن هو قام بتوظيف كل القوى الاجتماعية والسياسية بالدهاء والمناورة وربما أيضا ً بالقوة المتاحة، لأنه في واقع الأمر إنما يدافع عن مصالحه الحيوية .
وبالمقابل لا عزاء للسذج عديمي الخبرة ولا للرومانسيين الثوريين .



#مهدي_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موضع السر
- قطرة في المنام الوجيع
- مقدمة مقترحة للجنة صياغة تاريخ مصر الحديث
- الديمقراطية المصرية حمار بوريدان
- الانقلابات العسكرية بين الجنرالات الترك ونظائرهم المصريين
- الشيخ والدكتور ورأس ماركس
- الديمقراطية تتحقق بالإرادة الشعبية بينما الشعبوية تخنقها في ...
- دين النبوة ودين الدولة
- المصريون الجدد يطاردون وحوش الفاشية
- سكبت في التراب دواءك
- كيف نؤرخ لثورة يناير
- اللبرالية .. الهمجية .. الفاشية .. مصطلحات
- قصيدة : رؤوس القبائل ملقية في السلال
- حرية الإرادة بين ألغاز الخطاب الديني وحلول الفيزياء الحديثة
- دليل الشباب الذكي إلى مصطلحات الفكر الثوري
- قصيدة : الذي لا يجئ
- قصيدة : يعوي لها ذئب صديق في الفلاة
- قراءة نقدية لمنجزات الخامس والعشرين من يناير
- قصيدة : من وصايا غيلان الدمشقي
- الفاشيون قادمون ..لبنان نموذجا والتطبيق في مصر


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي بندق - من يكتب تاريخ مصر في قادم الأيام