أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بدر الدين شنن - آخـر زمن ..














المزيد.....

آخـر زمن ..


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 1053 - 2004 / 12 / 20 - 09:00
المحور: الادب والفن
    


وما رأيك بهذه الجملة .. إنها آية كريمة ومعبرة .. ا سمع : " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يفعلون

أعاد الزبون قراءة الآية في نفسه ، وقال " العمى " هل هذا معقول ؟ .. وهل يستبشر أحـد بمثل هذا الوعيد عند دخول المحل.. وليس بقليل منهم أذا حاسبتهم .. تشعلهم بدلاً من الحطب ؟ .. وقال

هات غيرها أ ستاذ
طيب .. مارأيك ب " الصدق أمانة " . أليست عبارة جميلة ؟

وتوقع الخطاط أن تلبي هذه العبارة رغبة الزبون . لكنه فوجئ بردة فعل لم يتوقعها منه .. إذ قال

ألست من هذا العالم أ ستاذ ؟ ألا ترى أن النفاق والكذب أصبحا من سمات العصر ؟ هل تريد أن يهزأ الناس مني قبل دخولهم المحل ؟ .. غيرها أ ستاذ

الصبر مفتاح الفرج

هذا يعني أن الناس في أزمات ، وبحاجة إلى الفرج .. غيرها

رب ا شرح لي صدري

هذه تذكر الناس بهمومهم التي تجثم فوق صدورهم . وهم بحاجة لمن يفرجها عنهم .. هذه وتلك تخرب البيت .. أ ستاذ .. غيرها .. أ ستاذ

أمعن الخطاط فكره باحثاً عن " غيرها " . وكصياد تغمز صنارته قال : لقد وجدتها .. إنها تكسبك الثواب ديناً ودنيا . وتجعل الناس ينظرون إليك باحترام

ماهي أ ستاذ ؟

كلمة حق بوجه حاكم جائر خير من عبادة مائة عام" .. ما رأيك هل هناك اعظم منها ؟.. و

وقبل أن يكمل الخطاط قوله ، وقف الرجل مذعوراً وقال

أ ستاذ هل لك ثأر عندي ؟ ألا تعرف مصير من يقول كلمة حق في هذه الأيام ؟ الا تعرف أن من يقولها .. لايعرف أين .... وماذا .... هل تريد لي أن .... ؟

هدأه الخطاط وأجلسه . ومع كأس من الشاي قال له

حسن.. حسن مارأيك ب " القدس ياعرب " وهل هناك أغلى وأعز علينا من القدس ؟ إن التذكير بها والجهاد من أجلها هو أعلى مراتب الشرف

انتفض الرجل مرة أخرى وقال

ماذنبي أنا كي تحملني مسؤولية القدس ، ونحن نرى حكامنا .... عليها ... بهـا ...

والله ياإبن أخي أنا أردت لك الخير ولمحلك البركة. كل عمري وأنا أكتب هذه العبارات والآيات . وكان الناس يأخذونها معجبين شاكرين . ماالذي جرى .. لماذا لم تعد هذه العبارات تعجبكم ؟ هل أكتب من الآن فصاعداً مثل " محل الحلوين " كرمال عيونك " تعال لي بكرة " أو " موعدنا ستة إلاّ ربع " .. " كركني تحت الدرج " ؟..لقد أفلست وجاعت عيالي

هذا هو ما أريد .. من هذا النوع .. الله يطول عمرك

وأمسك الخطاط العجوز قلمه بيده ، وتطلع ألى الورق أمامه ، وتساءل في نفسه .. ماذا سيكتب ليكسب ثمن لقمة العيال ، وليرضي الزبون في آن ؟ وكلما هم بالكتابة وحرك يده ليكتب كان الزبون يتمطى من فوق الكرسي ليرى ماذا ظهر على الورق . تواردت كلمات عديدة على رأس الخطاط العجوز . لكن قلبه رفضها وامتنعت يده عن الكتابة . وبعفوية تامة خطت يده عبارة " آخر زمن " . ولما وضع النقطة على النون ، هتف الزبون مسروراً بصوت عال

أحسنت أ ستاذ .. إنها تستحق ألف .. بل عشرة آلاف ليرة . سوف تكتبها لي بماء الذهب

لكـن .. لكـن

لا.. لاتقل .. لكن .. لاتقل شيئاً .. لقد أعجبتني . لم أ شاهدها على باب محل من قبل .. إنها فريدة ومميزة .. إنها تعني أحدث الأشياء .. وآخر موضة

لا .. لا .. هي غير ذلك

أنا أعني ما اريد

أظهر الخطاط كل براعته وفنه بكتابة العبارة المختارة . كتبها حسب قاعدة الثلث بماء الذهب ، وأ سرف بالتزيينات ، وجعل لها خلفية سند سية خضراء ، حتى غدت مثيرة للناظرين . وكل من رآها قال : إنها بحق لوحة فنية نادرة

بعد أيام قليلة على افتتاح المحل ، توجه الخطاط العجوز إلى سوق المدينة . وفي طريقه تذكر ذاك الزبون والعبارة المذهبة ، وأحب أن يلقي نظرة .. ليطمئن على أن اللوحة تزين فعلاً واجهة المحل . لكنه فوجئ لما رأى المحل مغلقاً ، رغم أن اليوم ليس بجمعة ولاأحد . مالخبر ؟ حيره السؤال . سأل المحلات المجاورة على اليمين وعلى الشمال .. فلم يتلق تفسيراً من أحد . خطر له أن يسال أحد الباعة الجوالين في السوق

تردد البائع الجوال أول الأمر . بيد أنه بعد إلحاح الخطاط العجوز أسره قائلاً

لقد أخذوه
من هم الذين أخذوه .. ؟
إنهم.. هم

يالطيف ماذا فعل .. لماذا أخذوه ؟

لقد وضع على باب المحل عبارة أزعجتهم

أدهش الأمر الخطاط العجوز وأرعبه .و لكنه عاد وطمأن نفسه .. غير معقول .. إنها عبارة تافهة لاطعم ولا رائحة لها .. ربما هناك سبب آخر .. ربما يتعاطى صاحبنا التهريب دون دعم .. أو أنه لم يدفع ... إلاّ أن فكرة لمعت في ذهنه كالبرق .. لكن ماذا لو أخذوه حقاً من أجل العبارة ؟ ألا يحملونه المسؤولية ايضاً .. أليس هو من خطط العبارة ؟ يالطيف .. ثم عاد وطمأن نفسه .. لا .. لا .. إن الأمر ليس كذلك .. إن العبارة لاتهم أحداً بشئ . وظل طوال الطريق متردداً بين الإحتمالات . تارة ترتعد فرائصه ،وتارة يبتسم لسذاجة عقله . إلى أن عاد إلى مكتبه . ولما جلس لعله يشغل نفسه بالعمل ، عاوده التفكير بالعبارة . وكي لايتيه مرة أخرى في الإحتمالات نظم تفكيره . تذكر كل ما جرى بينه وبين الزبون من النقاش والإختيار ، ثم الذهاب إلى المحل وكتابة العبارة وتزيينها . . لم يجد شيئاً غريباً . وابتسم لما تذكر العشاء الذي دعاهم إليه الزبون احتفالاً باللوحة الجميلة . لقد انتهى كل شئ على ما يرام . إذن ماذا ؟
وتذكر .. إنخلع قلبه من الخوف .. لعنة الله على الشيطان الرجيم
إنها ولا شك تلك الحركة التزيينية التي انحرف فيها القلم ، وصارت كما حرف الألف على آخر أول كلمة من العبارة .. وخبط بيده على الطاولة وقال : كان يجب أن يكون ضلعا الحركة متساويين

وتساءل : ماذا سيفعلون بي ؟ ربما هم آتون على الطريق .. لا .. ربما هم في السيارة التي وقفت الآن أمام المكتب



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا بعد الرقم - 137 - في سورية؟
- لهفي
- صيرورة
- تضامناً . . مع المعتقلين الأكراد
- الصحافة الالكترونية .. والحوار المتمدن
- حين لاوطن
- مازال هناك المزيد
- لن نقول وداعاً
- الحوار والهدف
- حين يفقد الحوار الإحترام
- صرخات الهامس في - مثلث الاستبداد المقنن
- من أجل أن يستمر الحلم
- بالونات اختبار .. دمقرطة الاستبداد
- الحقوق العمالية .. ومعوقات حركة التغيير الديمقراطي
- وسام حرية على صدر الحوار المتمدن
- الصفقـة الخاسرة .. السؤال الملح الآن
- عن اليسار والقوى العلمانية والديمقراطية
- ثلاثون عاماً على النقابية السياسية بديلاً للنضال المطلبي 2
- ثلاثون عاماً على النقابية السياسية بديلاً للنضال المطلبي
- متى ترفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية في سورية


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بدر الدين شنن - آخـر زمن ..