أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - غريب في وطنه














المزيد.....

غريب في وطنه


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3546 - 2011 / 11 / 14 - 19:06
المحور: حقوق الانسان
    


سبحاني كيف ولدتُ غريباً! وكيف عشتُ وحيدا! وكيف مكتوبٌ عليَ أن أعيش غريباً,وسبحاني كيف يأكل اللصوص من بيتي وكيف لا أجدُ لي طعاممَ!!, وكيف يشبع الغرباء الحقيقيون من وطني وسبحاني كيف أنا أبدو في وطني غريبا لا أكلمُ أحدا ولا أحد يكلمني...أنا أشكُ في نسبي وفي أصلي وفصلي, ولا أشكُ في أمي,بل أشك في الأجيال أو الأسلاف التي مضى عليها أكثر من 100عام على الأقل, وليس من المعقول أنني عربي مسلم فكل أفكاري وكل تصرفاتي تقول لي بأنني لست عربيا مسلماً ولستُ رجلا قروياً,والذين يبدون لي لأول وهلةٍ أنهم أصدقائي سرعان ما تنكشفُ عنهم الغشاوةَ ليظهروا لي بمظهر الغرباء عني,ولا أجدُ شبهاً لي بين كل أقربائي وخصوصا في أساليب التفكير فأنا أعيش في عالم غريب عني فلا أحد ينسجمُ معي ولا أنا أنسجم مع أي أحد, وأشعرُ بأنني دخيلٌ على قومي وغريبٌ عنهم لا يفهمون على لغتي ولا أنا أفهمُ على لغتهم ,ولا أفهم على إشاراتهم وتلميحاتهم وهم كذلك لا يفهمون على إشاراتي ولا على تلميحاتي ,وأحيانا أتخيل نفسي بأنني سقطتُ فجأة من السماء عليهم أو كأنني سقطتُ من طائرة ووقعتُ بين أيدي أقوام جبارين غرباء عني وكأنني أيضا في قبيلة آكلة للحوم البشر,وحين أجلس مع أهلي أجلس معهم وأنا شديد الحذر منهم وكأنهم أعداءٌ لي أو كأنني بينهم أسير حرب ٍ ولا أفهم على نغماتهم ولا على ألحانهم وأحتار في موسيقاهم التي تُطربُ آذانهم ولا تُطربُ آذاني, وأشعر من حديثهم معي وكأنهم يتحدثون سنسكريتي أو هندي أو صيني, وصدقوني لا أعرف ماذا يقولون ولا أعرفُ كيف يتفاهمون على بعضهم في الوقت الذي لا يستطيعون به التفاهم معي, وهم أيضا لا يعرفون ماذا أقول لهم ولا يفهمون على لغتي وكأنني أنا الذي يحكي هندي أو صيني أو سنسكريتي وهنا ومن هذا المنطلق أقع في الحيرة في أغلب الأحيان فلا أكاد أن أحدد بالضبط من هو الغريب عن هذا العالم أنا أم هم!!,فهل مثلا هم الغرباء أم أنا الغريب!!يا لروعة إحساسي ويا لغرابتي أنما رجلٌ غريبٌ في وطنه,أنا رجلٌ أسيرٌ في وطنه,وأنا رجلُ سجينُ في وطنه,وأنا رجلٌ ليس له أصدقاء أو معارف يعرفونه وإن غبتُ وإن ضعتُ لا أجد أحدا يعرفُ لي سكنا أو أرضا أو بيتاً... أنا لا أستطيع بالضبط أن أعرف من هو الداخل ومن هو الدخيل!!, ولا أستوعب أفعالهم وكأنني جاسوس من بينهم أو كأنهم هم الجواسيس,وأحيانا أشعر بأنني كالشاعر العربي الكبير(أبو تمام) الذي يظنه البعض بأنه عربي علماً أن أبا تمام يوناني الأصل والفصل,وحين أتكلم أشعرُ بأنني لا أنطق بالعربية وأشعرُ بأنني أنطق بلغاتٍ أخرى غريبة جدا وليست مفهومه وأشعرُ أنني أنطقُ بلغة ميتة وأحيانا أشعر بأنه من اللازم عليّ أن أتعلم من جديد لغة قومي التي يتحدثون بها لكي أخفف عن نفسي مرارة الألم الذي أعيشُ فيه وسأدفع نصف عمري لأي إنسان يستطيع أن يرشدني على أهلي وعلى قومي وسأدفع بنصف عمري الآخر لأي إنسان يعلمني لغة جديدة أو يعلمني لغة أهلي,فأنا أرقصُ في وادٍ بعيد وأهلي يطبلون ويرقصون في وادٍ آخر, وحين أجلس مع الناس في المناسبات العائلية يكون من اللازم عليّ أن أنافقهم قليلا وذلك لكي أخفف عن نفسي حملها وأنا إن لم أوافقهم نفاقا على بعض ما يقولون أشعر وكأنني سأبقى أجنبياً غريباً بينهم, وأشكُ فعلا في أصلي وفصلي وأكادُ أحياناً أن أنفجر من القهر حين ألتفتُ نحوي وليس لي صديق يواسيني أو حين لا أجدُ من بينهم امرأة تفهمُ على لغتي,وكثيراً ما أشعرُ بأن تصرفاتي ليست كتصرفات الناس حتى القطط المنتشرة حول منزلي تختلفُ عاداتها وتقاليدها عن القطط المنتشرة حول بيوتهم وحتى أن الذباب الذي في منزلي غريبٌ نوعا ما عن الذباب الذي يهبط على موائد أطعمتهم,وصدقوني حتى أن أولادي وأكبرهم في التاسعة والعاشرة من عمره يراني مختلفا عن الناس وقبل أسبوع وجه لي ولدي علي سؤالاً قائلا:ليش ما بتروحش على الجامع زي عموه؟وليش ما بتصليش زي جدتي؟.

أنا أشكُ فعلاً في كل تصرفاتي ولا تدل تصرفاتي ولا سلوكياتي لا على رجل مسلم ,ولا على رجلٍ قروي, ولا على رجل عربي,ومن المحتمل جدا أنني أحمل صفات أحد أجدادي الجينية الذين جاءوا إلى هذا الوطن مستعمرين له,فمن الممكن أن يكون أحد المتنورين قد وضع بيضه(منيه) في رحم إحدى جداتي أو إحدى أسلافي من النساء أو من الممكن أن تكون إحدى جداتي ايطالية أو انكليزية أو فرنسية,وهذا ليس مستبعدا فجدتي أم أبي كانت عيونها زرقاء جدا مثل السماء ومثل البحر الأبيض المتوسط, وجدي كانت أمه أيضا ذات عيون زرقاء ويقال بأنها فرنسية ويقال بل انكليزية, ومن المحتمل جدا أن وقع أحد الانكليز على إحدى جداتي سهوا أو عامدا متعمدا,وهذا أيضا ليس غريبا ألم يمارس أحد الجنود الإنكليز الجنس مع إحدى النساء العربيات؟ الأحاديث عن مثل هذا الخلط كثيرة جدا ولا تكاد أن تُحصى ولا تكادُ أن تُعد,فقد وقعت كثيرا أحداث الاغتصاب من قبل الجنود الإنكليز للنساء العربيات ومن المحتمل أن تكون بعض صفاتهم قد انتقلت إلى أسلافي, وهنالك إشارات تدلل على أن النساء العربيات هن اللواتي كن يرغبن بمضاجعة الشباب الانكليز الشقر اللون المعطرين بالعطور الفرنسية الذين كانوا مستعمرين للوطن العربي وكانوا على الأغلب كثر جدا ومن هنا ومن هذا المنطلق أستطيع أن أفسر انتشار العيون الزرق اللون من مثل تلك الوقائع والأحداث التي كانت تقع في القرى وفي المدن,وما تفسيركم لكثير من الوجوه العربية التي لا تتشابه إلا مع الإنكليز أو الفرنسيين؟ ولذلك أنا لا أحمل صفات الرجل العربي فكل شيء في داخلي مختلف عن الذين يسكنون إلى جواري من الناس, وأنا فعلا لا أنتمي إلى هذا العصر فأنا ولدتُ في زمانٍ غير زماني وفي مكانٍ غير مكاني وأفكاري وطريقة حياتي تدل على أنني غريب وممزوج مثل الشعب (الهلنستي),غريبُ عن هذا العالم فأنا أشعر بأنني فريد من نوعي وأنا أشعر بأنني قد ولدت خطئا في هذا الزمان الموحش والمتخلف والمُظلم كعادته, وهذا ليس غريبا في أن تكون تصرفاتي غريبة إذا ما اكتشفت فعلا حقيقة نفسي اللامنتمية إلى هذا الواقع الذي نعيش فيه.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرايا
- الكاتب المطبوع
- شخصيتي ككاتب
- أمهلنا يا موت
- قصة امرأة اسمها ساره على موقع وفاء سلطان
- هذا أقصى ما أملك
- الكهرباء والبترول والدولاب والماء
- فلسفة الدورة الشهرية
- من هم أصدقائي؟
- المرأة بين التلحين والغناء
- الله أكبر امرأة!!
- ذكريات رجل محطم
- زواج الضمد
- تشبيه الرجل بالمرأة
- قرقوش شخصيه مخصيه
- الحشرات أفضل من الإنسان
- اخترنا لكم :-مجلس العدل لتوفيق الحكيم-
- حلاوة الإيمان
- الفقراء لا يستهلكون الطاقة
- الدفء والحنان


المزيد.....




- حماس: الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين ستبقى وصمة عار تطارد ...
- هيئة الأسرى: 78 معتقلة يواجهن الموت يوميا في سجن الدامون
- الأمم المتحدة تدعو القوات الإسرائيلية للتوقف عن المشاركة في ...
- التحالف الوطني للعمل الأهلي يطلق قافلة تحوي 2400 طن مساعدات ...
- منظمة حقوقية: إسرائيل تعتقل أكثر من 3 آلاف فلسطيني من غزة من ...
- مفوضية اللاجئين: ندعم حق النازحين السوريين بالعودة بحرية لوط ...
- المنتدى العراقي لحقوق الإنسان يجدد إدانة جرائم الأنفال وكل ت ...
- النصيرات.. ثالث أكبر مخيمات اللاجئين في فلسطين
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...
- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - غريب في وطنه