أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الكاتب المطبوع














المزيد.....

الكاتب المطبوع


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3545 - 2011 / 11 / 13 - 15:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


سألتني عصر الأمس فتاة في الربيع الأول من عمرها في صالون الروائي الأردني الكبير هاشم غرايبة سؤلا عن كيفية إنتاج العمل الإبداعي وكيف ستصبح كاتبة! وقالت: هل من المطلوب مني أنا أن أقرأ كثيرا؟ أنا أقرأ ولا أكتب ,فقلت -لها-: سيأت عليك يوم تنفجرين فيه انفجارا لتخرج منك رائحة كل ما قرأتِهِ ورائحة كل ما شاهدتيه وتأثرت به لأن الحياة هي التي تُصقل شخصية المبدع أو المبدعة الموهوبة أكثر مما تصقلها الكتب والشعارات والمذاهب الفلسفية وسيسيطر عليك مذهبٌ فلسفي دون الآخر ردحا طويلا من الزمن ثم بعد ذلك يظهر مذهبك الذي تنفردين به لوحدك وهذا ما نسميه في النقد(الكاتب المطبوع) ثم تتوهين في هذا العالم الضيق والذي ستشعرين في يوم من الأيام بأنه لا يتسع لأحلامك وستشعرين بأن كل مفردات اللغة لا تستطيع أن تعبر عما في داخلك من كلام, ثن ستستنشق رائحة عدم الرضا عن الذي تكتبينه ثم تصدعين جبالا شاهقة لكي تتنفسي هواء نقيا ثم ستفقدين ثقتك في هذا العالم وأخيرا كل الناس ستسيء فهمك عندها فقط لا غير تستطيعين بعد كل هذا التعب أن تجدي ذاتك , وإذا صقلتك الحياة صقلا فتأكدي بأنك ستنتجين ذاتك وليس ذاتاً غير ذاتك, وسيبك من كلام النقاد أمثالي لأننا نحن معشر النقاد لا ننظر إلى الجمال في العمل الإبداعي وحتى لو كان أمامنا فلن نقول لك بأننا نشاهد أمامنا شيئا جميلا بل ننظرُ إلى هفوات الكاتب وأخطاءه ولو عرضتي عليّ صفحة بيضاء وفيها نقطة سوداء فتأكدي بأنني سأرى النقطة السوداء في حياتك وفي الصفحة البيضاء ولن أتمكن من رؤية المربع الأبيض الكبير الذي يحيط بالنقطة السوداء الصغيرة كما قال أحد الفلاسفة, وصدقيني أنا أحيانا حين أقرأ لغيري أتغاضى عن النواحي الجمالية والإبداعية في العمل الذي أقرأه ولا أنظر إلا إلى هفوات الكاتب وأخطاءه الفنية والإملائية, وأنا حين أتحدث عن نفسي أستطيع القول بأنني قرأت على نفسي أكثر من عشرين سنة دون أن أكتب سطرا واحدا إلا مقالة واحدة على ما أعتقد وكانت مشوهة من الداخل لأن كثيرا من الفلاسفة والأدباء ظهروا فيها أكثر من ظهوري الشخصي وكانت أقلامهم تلمعُ أكثر من قلمي وكانت عيونهم تبصرُ أكثر من عيوني وعندما نسيتُ ما قرأته كله بدأت أكتشف ذاتي وصفاتي التي هي عندي شخصيتي الحقيقية ولم أستطع أن أكتب بأسلوبي الشخصي إلا حينما تخلصت من عفن الكتب التي قرأتها فظهرت شخصيتي وأنا في مقتبل ال39 سنة من عمري وأحسستُ بعد الأربعين بأنني اليوم بالذات وفي هذه السنة ولدت أديبا له أسلوب خاص وطابع خاص مثل الطابع البريدي وقبل ذلك لم تكن لي شخصية ثابتة أستطيع أن أقول عنها بأنها فعلا شخصيتي الحقيقية,كان الفلاسفة يسيطرون على شخصيتي وكنت أتقمص شخصية سلامه موسى والعقاد وجبران وطه حسين والقائمة تطول من كتابٍ ومبدعين , فأصرت قائلة وهل المطلوب مني أن أقرأ كثيرا ؟فقلت:لا تقرئي كثيرا وهذه نصيحة من أخ مثلي إلى أخت مثلك ذلك أن الثقافة تشوه العمل الإبداعي وتخنقه والأجدر بك أن تتركي نفسك على سجيتها وأن لا تسمحي لا لأديب ولا لأديبة أن تسيطر عليك والأهم والمهم أن تبقي كما أنت إذا كنتِ مطبوعة على التفاؤل أو على التشاؤم أو إذا أردنا المزاح نستطيع أن نقول عن التشاؤم بأنه تشاؤل كرواية(المتشائل)...الثقافة الكثيرة ليست نافعة للعمل الإبداعي ككتابة القصة والمقالة الأدبية والفلسفية وأفضل شيء أن يترك الإنسان نفسه على سجيتها وعلى طبيعتها, ولو لم يمت في داخل أفلاطون سقراط لَما ظهر لنا أفلاطون بفلسفته المثالية ولو لم يمت في داخل أرسطو أفلاطون لَما ظهر لنا أرسطو ولو لم يمت ابن طفيل في داخل شخصية ابن رشد لَما عرفنا ابن رشد ولو لم ينسى البُحتريُ أبا تمام لظل أبو تمام لامعا في داخل البحتري ولكن حينما نسي البحتري وصية أبو تمام وما تعلمه ظهرت شخصيته.

إن العمل الإبداعي بحاجة إلى القراءة منذ البداية لكي ينتج المثقف المطبوع شخصيته بعد أن يأكل الكتب وأنا أقول كلاما أنا المسئول الأول والأخير عنه بأن ترك القراءة أفضل من الإدمان عليها والدليل على ذلك أن أغلب الكتاب المشهورين لا يقرؤون كثيرا, وأغلب الكتاب نجحوا في مشاريعهم الثقافية حينما توقفوا عن القراءة, الكاتب ليس من المطلوب منه أن يقرأ كثيرا وأنا شخصيا شوهت منظري من الداخل ومن الخارج كل الكتب التي قرأتها, وأنا اليوم أندمُ كثيرا في أغلب الأحيان على الكتب التي قرأتها وكان من اللازم عليّ أن لا أقرأ لكي أبقى محافظا على طبيعتي وعلى فطرتي وعلى سليقتي الحيوانية,إن الكاتب مثل الشجرة التي تشرب الماء وتمتص الأملاح والأسمدة وخصوصا تلك المستحضرة من روث الحيوانات ولكن لاحظي معي ما تنتجه الشجرة حيث يكون مختلفا عن الروث الذي تأكله, فشجرة التفاح تنتج تفاحاً رغم أنها تأكل الأسمدة الكيماوية وشجرة العنب كذلك, ولاحظي مرة أخرى كيف ظهر الفن التكعيبي والفن(الوحوشي) والسريالية في لوحات بيكاسيو حيث كان تجسيداً لمذهب جديد ولحياة جديدة بعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها.

الكاتب المطبوع هو الكاتب الذي تطغى صفاته وأسلوبه على المادة التي يكتبها لا مقلدا ولا ممثلا لأحد, كما قال نزار قباني عن نفسه(لو ضاعت أو سقطت مني قصاصة ورق في القاهرة فإن أي إنسان يجدها سيعرفها بأنها لي من خلال أسلوبي وسيرسلها لي دون أن يكون اسمي عليها ).



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شخصيتي ككاتب
- أمهلنا يا موت
- قصة امرأة اسمها ساره على موقع وفاء سلطان
- هذا أقصى ما أملك
- الكهرباء والبترول والدولاب والماء
- فلسفة الدورة الشهرية
- من هم أصدقائي؟
- المرأة بين التلحين والغناء
- الله أكبر امرأة!!
- ذكريات رجل محطم
- زواج الضمد
- تشبيه الرجل بالمرأة
- قرقوش شخصيه مخصيه
- الحشرات أفضل من الإنسان
- اخترنا لكم :-مجلس العدل لتوفيق الحكيم-
- حلاوة الإيمان
- الفقراء لا يستهلكون الطاقة
- الدفء والحنان
- مشكلة بسيطة
- بطلان النظام التكنوقراطي


المزيد.....




- خبير: الكرملين لا يسعى لإسقاط النظام الإيراني بل يراهن على ج ...
- في ملجأ محصن.. خامنئي يعزل نفسه ويحدّد خليفته تحسبًا لاغتيال ...
- القبض على أول شخص من عائلة بشار الأسد في سابقة أمنية لافتة ب ...
- تل أبيب تصعّد حملتها ضدّ المنشآت النووية ال?إيران?ية وتلوّح ...
- مساعدات التنمية: ألمانيا تقلص الإنفاق على الناس الأكثر فقراً ...
- فرنسا: المنطاد الأولمبي سيعود للتحليق في سماء باريس بعد تحول ...
- بالأرقام.. هكذا يضيّق الاحتلال الخناق على خان يونس
- عبر الخارطة التفاعلية.. آخر التطورات في المواجهة الإيرانية ا ...
- ردّا على ترامب.. الكنديون يلغون رحلاتهم إلى أمريكا.. من يدفع ...
- الجيش الإسرائيلي: قتلنا قائدا آخر بفيلق القدس.. ونخوض -واحدة ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الكاتب المطبوع