أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - هشام القروي - تركيا والهوية الاوروبية














المزيد.....

تركيا والهوية الاوروبية


هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)


الحوار المتمدن-العدد: 1051 - 2004 / 12 / 18 - 12:26
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


لعل أهم ما تثيره قضية الترشح التركي لعضوية الاتحاد الأوروبي يتعلق بمسألة الهوية. ربما لم يفكر الأوروبيون في هذه المسألة بالقدر الذي نراهم اليوم يفعلون. فهناك نقاش ان لم تكن تركيا حركته, فهي بلا شك دفعت اليه, وقد تكون هي أول من يدفع ثمنه إذا لم تكن النتائج في النهاية متسقة مع ما تريده. صحيح أن هناك أشكالا وصيغا مختلفة - اختلاف الاقطار والثقافات ربما - لما يتصور أنه الاتحاد الأوروبي. صحيح أن بعض الاصوات تعالت مناهضة لوجود كل ما يمكن تعريفه بأوروبا منذ تصريح بسمارك أن كل من تحدث عن أوروبا كان مخطئا. ولهذا بالذات تثار مسألة الهوية. وفي هذا السياق يقول باولو بومبيني إنه إذا كانت قضية الهوية مهمة جدا فليس ذلك عائدا إلى كونها قضية تاريخية أو قضية فلسفية ولكنه عائد إلى كونها مقدمة ضرورية للنص الدستورى. وفى الحقيقة تستهل معظم الدساتير بتعريف الموضوع الذى ينبثق منه الدستور، وهل هو يؤكد على الهيئة السيادية أم الهيئة التمثيلية (الشعب). وبدون هذه المقدمة الموحدة والأساسية المرتبطة بالموضوع فإن النص لا يتعدى كونه معاهدة عبارة عن اتفاق بين أغلبية الفاعلين الدوليين على تحقيق مجموعة من الأهداف سويا وعلى إجراءات صنع القرار.
ولكن اذا كانت مسألة الهوية تطرح فقط على المستوى الدستوري والقانوني, فإنه سيكون بالامكان أيضا القبول ب"أوروبية " المغرب الأقصى اذا رأى أنه يتماهى تماما مع المنظومة الدستورية والقانونية في أوروبا. بيد أن المسألة قد تكون أعمق وتستوجب فعلا طرح أسئلة جذرية على الذات وعلى الآخر وعن العلاقة بينهما. فلا ننسى أن العديد من الباحثين والمفكرين - سواء في الغرب أو خارجه - يحددون الهوية من خلال هذا المثلث. هناك تيار كامل من الأدبيات - منذ القرن التاسع عشر الى اليوم - يتحدث عن أوروبا في مقابل الاسلام. فكيف لا تثير قضية انضمام تركيا الى أوروبا كل هذه الضجة, في الوقت الذي لا تزال فيه الجامعات وحلقات النقاش ومجموعات التفكير في كل مكان تطرح فيه قضية الهوية من هذه الزاوية؟ والحقيقة أنه لا يمكن الغاء تاريخ الصراع بجرة قلم , مثلما لا يمكن تناسي أن مفاهيم الحداثة - التي تقول تركيا انها تنتسب اليها كذلك - تقوم في جانب كبير منها على قاعدة هذا الصراع , أي ما يفترض القبول بوجوده كمعطى موضوعي.
أعود الى نص كتبه الباحث باولو بومبيني في "انترناشينول سبيكتاتور" حول هذه القضية تحديدا منذ سنة, فأراه يقول إنه لتوضيح سوء الفهم الذى يعتري مشكلة الهوية، لابد من إزالة جميع الشوائب العالقة بالتفكير العلمى الاجتماعى والسياسى المرتبط بهذه المشكلة، فالهوية كمفهوم ضمنى للموضوع السياسى أو الموضوع المؤسسى تختلف عن كونها شعوراً بالانتماء والمشاركة، وإحساساً بالحنين يشعر به الإنسان كجزء من جماعة أولية (مثل العائلة، أو العشيرة ..الخ)، أو كجزء من جماعة منتخبة (مثل الكنيسة والجماعة السياسية ... الخ.) فالهوية تعتبر منتجاً من الثقافة يكمن فى الشعور الإنسانى كمصطلح يعبر عن نظام ذى وسائل للفهم ومراكز للتوجيه تدركها الكائنات الإنسانية ككائنات اجتماعية - كإطار تحتاج إليه لتنظيم حياتها.
وينبع تركيب الهوية كأساس لشرعية المؤسسة السياسية من التاريخ، حيث لا يستمد هذا التركيب من أى عملية صنع قرار أو أى أعمال فردية ذاتية. وفى بداية القرن الماضى حاول أحد القضاة ويدعى Santi Romano إعادة التأكيد على موضوع السلطة الدستورية حيث يشار إليها باعتبار أن الهوية الأوروبية تقدم عملية تحقيق شرعية الدستور الأوروبى، كما أنها تعتبر شكلا سياسياً قادراً على تنفيذ الالتزامات تجاه أعضائه حتى المطالب الفردية الخاصة بهم.
ثم يعود بومبيني ليقرر بعد ذلك ان نقطة البداية لفهم قضية الهوية تكمن فى التاريخ، ولكن مع الأخذ فى الاعتبار أن الحديث هنا ليس عن التاريخ العام للقارة الأوروبية، ولا أفكار المفكرين والعلماء إزاءه ولا اتحاد أهداف السياسيين، بل ينصب الحديث فى هذا الإطار على التاريخ الخاص وعملية تحقيق التكامل بين دول القارة الأوروبية، والتى بدأت عقب نهاية الحرب العالمية الثانية واستغرقت أكثر من نصف قرن. ولم تواجه هذه العملية أى معارضة أو إعاقة بل تمت بشكل متواصل باعتبارها متممة للأهداف الكبيرة التى سعت دول القارة إلى تحقيقها، إلى أن أصبحت مقدمة لعملية الوحدة التى تشهدها القارة الأوروبية فى الوقت الحالى وعلى نطاق واسع.
ويشعر المرء هنا بالحاجة الى التساؤل: متى بالضبط, ضمن هذا التاريخ الموحد للقارة الأوروبية, بدأ الأتراك يشعرون أنهم أوروبيون قبل أن يكونوا أي شيء آخر, وبالخصوص قبل ان يكونوا مسلمين أو شرق أوسطييين؟ فإحقاقا للحق, كما أنه لا يمكن للمرء أن ينكر وجود شعور عام لدى الاوروبيين المسيحيين بالانتماء الى ثقافة واحدة, فإنه من الغريب جدا أن ندعي أن تركيا تشترك معهم في هذا الشعور. الحقيقة أن التاريخ التركي ارتبط دائما بالعالم العربي الاسلامي من حيث دائرة الانتماء, وأما مع أوروبا , فإلى وقت قريب جدا - أي الى سقوط الخلافة مع وصول اتاتورك - لم تكن القارة المسيحية تعتبر في الكتب والمدارس والاحاديث وحتى في الحياة الخاصة للافراد سوى "دار حرب": أي موقع العدو التاريخي الذي كانت معه الحروب سجالا.



#هشام_القروي (هاشتاغ)       Hichem_Karoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توجسات بعد اجتماع أوبيك
- ما جرى داخل فتح أواخر عهد عرفات
- من يخلف حسني مبارك؟
- تقرير عن المملكة
- حول فكرة- نهاية الغرب -
- ما بعد عرفات بدأ ... بإطلاق النار على خلفه
- ضغط أكبر متوقع على العرب بانتصار بوش
- حكومة كرامي تواجه صمود الصحافة
- الانسحاب من غزة
- دولة ياسين الحافظ
- ...دولة ديمقراطية ثنائية القومية
- مسألة انضمام تركيا الى اوروبا تصطدم بالشواذ
- انتخابات أفغانستان أتعبت المراقبين !
- عن الاطفال المقاتلين
- سوريا: هل التغيير هو الاصلاح ؟
- اسرائيل وايران والمسرح النووي
- بين بوش وكيري
- حروب شارون
- مشكلة الصدر
- ضم اسرائيل الى اوروبا ؟


المزيد.....




- فعل فاضح لطباخ بأطباق الطعام يثير صدمة بأمريكا.. وهاتفه يكشف ...
- كلفته 35 مليار دولار.. حاكم دبي يكشف عن تصميم مبنى المسافرين ...
- السعودية.. 6 وزراء عرب يبحثون في الرياض -الحرب الإسرائيلية ف ...
- هل يهدد حراك الجامعات الأمريكية علاقات إسرائيل مع واشنطن في ...
- السودان يدعو مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة الاثنين لبحث -عدوان ...
- شاهد: قصف روسي لميكولايف بطائرات مسيرة يُلحق أضرارا بفندقين ...
- عباس: أخشى أن تتجه إسرائيل بعد غزة إلى الضفة الغربية لترحيل ...
- بيسكوف: الذعر ينتاب الجيش الأوكراني وعلينا المواصلة بنفس الو ...
- تركيا.. إصابة شخص بشجار مسلح في مركز تجاري
- وزير الخارجية البحريني يزور دمشق اليوم للمرة الأولى منذ اندل ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - هشام القروي - تركيا والهوية الاوروبية