اسرائيل وايران والمسرح النووي

هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية
(Hichem Karoui)

الحوار المتمدن-العدد: 950 - 2004 / 9 / 8 - 09:57
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

تتصرف اسرائيل وايران في المنطقة وكأنهما تعيشان فيها وحدهما. فها هما تتبادلان التهديدات بعد تبادل الاتهامات والشتائم. والأمر قد يكون طبيعيا بسبب العداوة القائمة, ولكنه لا يمكن أن يكون طبيعيا عندما تدخل في اللعبة التهديدات باستعمال الاسلحة غير التقليدية لمسح الطرف الآخر من الخريطة. والقضية الحقيقية أن المسألة قد لا تتوقف حتى عند حد مسح أحدهما الآخر من الخريطة وحسب, وإنما يمكن أن تتعدى ذلك الى الحاق أضرار هامة بالجيران. فعندما يقول الجنرال محمد باقر ذو القدر أحد قادة حراس الثورة " اذا أطلقت اسرائيل صاروخا واحدا ضد محطة بوشهر النووية, يمكنها أن تنسى الى الابد محطة ديمونة النووية " , قد يبدو هذا الكلام المثير من نوع ذلك الخطاب الذي أطلقه صدام حسين عندما هدد بسحق نصف اسرائيل ب"الكيمياوي المزدوج", ولكن شتان بين سحق نصف اسرائيل بالسلاح الكيمياوي وسحق مفاعل ديمونة الذي ينتج القنابل والاسلحة النووية. فهل ضرب محطة كهذه لن ينتج عنه انفجار وانتشار للاشعة النووية ولا حتى سحابة كتلك التي انطلقت من مفاعل تشيرنوبيل ؟
كانت اسرائيل بادرت الى ضرب مفاعل تموز العراقي في 1981, كما نذكر. ولكنها فعلت ذلك قبل أن يصبح بمقدور العراق انتاج سلاح ذري. وسؤالنا هو: هل كانت اسرائيل تجرؤ على ضرب ذلك المفاعل لو كان في حالة انتاج للسلاح؟
لست متخصصا بالفيزياء النووية, ولكني اتذكر فقط أن ضحايا سحابة تشيرنوبيل النووية مازالوا الى اليوم يعانون من الامراض المستعصية, مثل السرطان وغيره, والعديدون قضوا نحبهم, ولم يكن لهم صلة من قريب ولا من بعيد بتشيرنوبيل, و"خطيئتهم" الوحيدة أنهم وجدوا في مكان مرت فوقه سحابة نووية انفلتت من ذلك المفاعل بسبب حادث تسبب فيه خطأ بشري.
ويبدو أن الايرانيين قادرون على صنع سلاح نووي خلال عام واحد... إذا تركوهم لحالهم. ولكن إذا هاجمتهم اسرائيل الآن , كما سبق وفعلت مع العراق, فقد لا يتأخرون فعلا عن رد الصاع صاعين , إذ لديهم الآن صواريخ شهاب 3 التي بمقدورها الوصول الى اسرائيل والى مواقع انتشار القوات الامريكية في الخليج. ولكن بعض الخبراء الاسرائيليين صرحوا للقناة الثانية للتلفزيون الاسرائيلي مؤخرا أن الاختبارات الخاصة بذلك الصاروخ لم تكن ناجحة, وانهم يرتابون في قدرة ايران على الوصول الى اسرائيل. وقد يبدو هذا الحديث نوعا من التهدئة حتى يطمئن الاسرائيليون, في الوقت الذي ترجح فيه مصادر أخرى قدرة ايران الفعلية على ضرب اسرائيل.
والحقيقة انه لا مانع من أن تضرب ايران اسرائيل اذا شاءت – فهذه الاخيرة تستحق أن تلقن درسا بلا شك – ولكن هل ضرب ديمونة , كرد فعل على هجوم اسرائيلي , سيسحق المحطة النووية وحدها, أم أنه سيلحق أضرارا بالمنطقة كلها, من نوع تلك التي سببها انفجار تشيرنوبيل ؟ هذا هو السؤال الذي بإجابته ترتهن اللعبة كلها. فلو كان ضرب ديمونة ينهي المفاعل وخطره ويتوقف الامر عند ذلك الحد, فماالذي منع العرب الذي حاربوا اسرائيل من ضربه الى حد الآن؟ ألم يفكر الطيران المصري والسوري في هذه المسألة ؟

#هشام_القروي (هاشتاغ)       Hichem_Karoui#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات