أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - هشام القروي - حروب شارون















المزيد.....

حروب شارون


هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)


الحوار المتمدن-العدد: 940 - 2004 / 8 / 29 - 04:14
المحور: القضية الفلسطينية
    


1: الداخل مفقود والخارج مولود
قبل أن يغادر السيد جيمس بينيت – مراسل صحيفة " نيويورك تايمز" – المكتب الذي كان يتولى ادارته في القدس منذ 2001, الى واشنطن – مكان اقامته الجديد – أراد ان يتحف جريدته بدرة صحفية, فاختار أن يكتب "بورتريت" للجنرال شارون حاكم اسرائيل, وقد فعل ذلك بعد أن أجرى معه مقابلة , كما تقتضي الأصول, ويمكن اليوم مطالعة المقالة المطولة في نفس الجريدة ( نيويورك تايمز ماغازين ) تحت هذا العنوان المثير: " حروب شارون ". وهي فعلا تستحق القراءة, لعدة أسباب, منها أن بينيت كاتب جيد وله أسلوب حلو يقرب السياسة من الأدب , ويحول التحليل الثقيل الى تفاصيل ريبورتاج قصصي مشوق. والسبب الثاني, أنه رجل عاش داخل اسرائيل كإعلامي محترف, واقترب من الجماعة الحاكمة, بحيث يأخذ المعلومة من مصادرها. والسبب الثالث, أنه كتب كلاما متزنا, يمكن قبوله لدى الطرفين ( الاسرائيلي والعربي) وإن كان حتى في "اتزانه" قد جعل من شارون رجلا لا يوجد لدى الامريكيين زعيم مثله ! ونحن نقول: لحسن حظهم طبعا, ولكن بينيت يرى ربما أن شارون يجمع كلا من أندرو جاكسون وجورج باتن وروبرت موزيس, معا!
وهذا كثير على شارون , ومسكين جورج باتن الذي كان من اعظم القيادات التاريخية للحلفاء, في حين أن شارون متهم بجرائم حرب , كمجزرة قبية التي يذكرها جيمس بينيت نفسه في خضم حديثه بعد ذلك عن "مآثر" الرجل!
على أن الاضاءة الجديدة التي يقدمها بينيت تخرج شارون بشكل سوف يجعل كل من بقي لديه أوهام عن السلام مع اسرائيل في عهده, يدفنها في قبر عميق وينساه. ليس هذا وحسب, فشارون بعد كل حساب شخص , وهو أيضا لم يعد في ريعان شبابه, ومن ثم فقد يغيب فجأة, بلا رجعة. ولكن المشكلة لن تنتهي بغيابه. فماهو واضح أن شارون , الذي كما يقول بينيت , يستعمل الآخرين جميعا ( بما في ذلك الاحزاب والاشخاص والجيش ) كأدوات , قد يكون هو نفسه أداة لما يتجاوزه. أي أن الدور أكبر من الممثل ( او اللاعب ) , وأن هذا الأخير قد يمضي, ولكن الدور باق ليأخذه غيره.
ولنبدأ بالعلاقة مع أمريكا: رأى شارون في الرئيس بوش حسب بينيت, لا حليفا وإنما فقط رجلا قد تكون أجندته مخالفة لأجندة حاكم اسرائيل. كانت أحداث 11 سبتمبر مثلا فرصة لكي يذكر شارون الرئيس الامريكي بأنه إذا فكر في ارضاء العرب فإنه قد يكون بذلك يسلك نفس الطريق التي مشت فيها أوروبا عندما ضحت بتشيكوسلوفاكيا سنة 1938 حتى لا تغضب هتلر. وهذه فعلا عبارة قالها شارون آنذاك وأثارت العديد من التعليقات في حينها. وشارون , كما يذكر بذلك بينيت أيضا, معروف بهذه الفورات التي كانت آخر ضحاياها فرنسا, عندما وصفها حاكم اسرائيل بأنها بؤرة اللاسامية , داعيا اليهود الفرنسيين للرحيل الى اسرائيل.
ولكن يعتقد بينيت - الذي كما قلنا قضى السنوات الثلاث الاخيرة هناك, وهو رجل مطلع,- أنه بالرغم من الخطر الذي يراه شارون مهددا اليهود في الخارج, فإن المهاجرين الجدد الى اسرائيل قليلون اذا ما قورنوا بالفارين منها كل عام. وهو إذ يقدم رقم 24,652 عن القادمين الى اسرائيل في السنة الماضية, لا يورد ما يقابله بالنسبة للراحلين منها, كاشفا لنا – بين السطور- حقيقة أن الحكومة الاسرائيلية لا تريد اثارة هذا الموضوع, ولذلك فهي تخفي الارقام.
ويمكن أن نفهم هذا طبعا, في الوقت الذي يبدو فيه أمن المواطن الاسرائيلي خاضعا لأول عملية فدائية يقوم بها فتى في الثامنة عشرة من سنه . قلة هم الاسرائيليون الذين مازالوا يعيشون اليوم تحت تأثير خرافة "بلد اللبن والعسل", فما وجدوه في الحقيقة هو الدم والدموع. لذلك, ليس من الغريب أن لا توجد أرقام عن اليهود الراحلين عن اسرائيل, في الوقت الذي تتباهى فيه كل الحكومات الاسرائيلية بأرقام
( حقيقية أم خيالية , هذه قصة أخرى!) عن المهاجرين الجدد اليها.

2 : رفض العرب


يقول جيمس بينيت انه سأل شارون إن كان يعتقد أن "حرب الاستقلال " – الاسرائيلي !- انتهت . وكان الجواب أنه خلافا لعام 1948, فإن لإسرائيل اليوم معاهدتا سلام مع جارتيها مصر والاردن. وأضاف : " بيد أن هاتين المعاهدتين أبرمتا بين الزعماء... فهذا ليس سلاما بين الأمم أو الشعوب. والمشكلة الرئيسية تبقى أن العرب ليسوا مستعدين بعد (...) للاعتراف بحق الشعب اليهودي في دولة يهودية مستقلة على أرض أجداده".
وهذا كلام خطير, بل خطير جدا. فهي أول مرة, منذ توقيع معاهدتي السلام المذكورتين , يعترف فيها رئيس وزراء اسرائيلي موجود في السلطة بأن المعاهدتين مع مصر والاردن لا قيمة لهما. فالقول انهما وقعتا بين الزعماء وانهما لا تربطان الشعوب , يعني أن شارون لا يشعر أن لديه أي التزامات تجاه مصر ( حيث أن موقعي المعاهدة : السادات وبيغن , خرجا من السلطة).
ويذكر بينيت أن شارون يحب كثيرا استذكار نصيحة أسدتها له والدته في مطلع الثمانينات عندما كان يتفاوض مع المصريين . فقد قالت له : " لا تصدقهم ولا تثق بهم, فأنت لا يمكن أن تثق بقطعة من الورق !"
هذه هي عقلية حاكم اسرائيل الحالي ملخصة في بضع كلمات : انه لا يثق بمعاهدات السلام لأنها ليست سوى قطع من الورق تربط زعماء, ما أن يغيبوا عن المسرح , حتى تغدو تلك الاوراق التي وقعوها صالحة للزبالة! تصوروا ماذا يكون الحال لو كان شارون رئيس وزراء بريطانيا أو رئيس الولايات المتحدة , في مرحلة الحرب الباردة مثلا: ألم يكن قادرا بهذه العقلية على اشعال فتيل حرب عالمية أخرى؟ - لأن الأوراق لا قيمة لها ! لقد أصغى الى أمه – وأنا أشك أنها مثقفة أو حتى قادرة على فهم السياسة – ولم يصغ الى عقله. هذا الرجل اختاره الاسرائيليون ليحكمهم!
وعندما يسأله بينيت عن رأيه في العرب, يجيبه شارون بسؤال آخر: " منذ متى وانت تعيش في هذه المنطقة ؟" فيقول الصحفي إنه مقيم هناك منذ ثلاث سنوات . يقول شارون : " إذن من الصعب عليك أن تفهم, ينبغي أن أقول لك أنه من الصعب علي أن أفهمهم , مع أنني مولود هنا." ثم يردف : " هذه المنطقة امبراطورية من الأكاذيب. إنهم ينظرون في عينك ويكذبون. من الصعب عليك أن تفهم هذا. ولكن هذه هي الحال هنا. لذلك يتعين عليك الحذر. فهنا, في هذه المنطقة , التصريحات والخطب والكلمات لا قيمة لها."
وقد يقول قائل : لعل شارون كون لنفسه تصورا خاصا عن أهل المنطقة أضاف اليه الكثير من خصائص نفسيته , ونسي ذلك. وهذا ما يسمى في علم النفس: الاسقاط. وما يبرر رأينا هو التاريخ الشخصي لشارون. فبينيت يذكر بأن هذا الاخير عرف بن غوريون عن كثب , وكان رأي الزعيم الاسرائيلي الاكبر فيه ما يلي : " لو تخلص فقط من عيوبه المتمثلة في عجزه عن قول الحق والابتعاد عن النميمة , فإنه سيكون قائدا عسكريا استثنائيا".
فعيوب شارون كثيرة, ولكن أن يقول عنه بن غوريون منذ 1960, أنه كذاب نمام, فهذا ما يشكر عليه الصحفي الامريكي لأنه ذكر به.
ويعتقد شارون أن محكمة لاهاي أصدرت حكما لاساميا عندما قالت ان الجدار الذي هو بصدد بنائه غير قانوني, فهو نوع من حرمان اليهود من حقهم في أن يكون لهم دولة مستقلة. ولكن بينيت يعلق مذكرا بأن حكم محكمة العدل الدولية كان ضد اسرائيل وليس ضد اليهود.
والمشكلة كما قلنا سابقا, أن شارون هو نموذج لعقلية موجودة. وتتمثل أيضا في ما قاله أحد مستشاريه لجيمس بينيت بخصوص جدار الضفة الغربية : " مانريده حقا هو أن ندير ظهورنا للعرب وأن لا نتعامل معهم مجددا. إننا لا نريد أن يقبلونا في الشرق الأوسط."
يعني أن اسرائيل هي التي ستقاطع العرب , وليس العكس. والجدار الذي تبنيه في وجوههم وفي وجه القانون الدولي , دليل قائم على هذا الاتجاه.



#هشام_القروي (هاشتاغ)       Hichem_Karoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشكلة الصدر
- ضم اسرائيل الى اوروبا ؟
- باكستان والقنبلة
- دارفور مرة أخرى
- توصيات حول دارفورللمقارنة
- الجدار سيبتلع نصف الضفة
- ايران والعراق
- أزمة دارفور
- نقل السيادة
- تنازل أمريكي لبن لادن
- حوار مع برهان غليون حول القضايا العربية
- هل علموا واعوزهم الوقت؟


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - هشام القروي - حروب شارون