أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - هشام القروي - تنازل أمريكي لبن لادن















المزيد.....

تنازل أمريكي لبن لادن


هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)


الحوار المتمدن-العدد: 874 - 2004 / 6 / 24 - 07:05
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


كنا مجموعة من المثقفين العرب, من بلدان مشرقية ومغربية, بعضنا مقيم منذ سنوات طويلة في أوروبا, وكان هناك أيضا من نزل لتوه من الطائرة , لينضم الينا حديثا. جمعتنا في الاسبوع الماضي جلسة في أحد مقاهي باريس. ودار الحديث بشكل عفوي عن المنطقة العربية طبعا, فليس هناك هم آخر يجمعنا. ولا يدور بخلدي أن أسرد لكم هنا كل ما دار في تلك الجلسة, وإنما اتوقف فقط على رأي أجمعنا عليه تقريبا, بالرغم من أننا قد نختلف في التمشي وربما في الاهداف أيضا. وكان ذلك الرأي يهم المملكة العربية السعودية , حيث بدا لنا من الواضح أن النداء الذي وجهته الولايات المتحدة لرعاياها بمغادرة البلاد, ليس أمرا ايجابيا. فهو قد يبدو من بعض النواحي, استجابة لا مبرر لها لتهديدات أسامة بن لادن, وضغطا كبيرا على النظام السعودي.
وفي تقديري, أنه إذا كان من حق ( بل ومن واجب ) أي حكومة أن تراعي مصالح مواطنيها وتحاول مساعدتهم حين يكونون في الخارج و خاصة حين يتعرضون لتهديد, ( وهذا هنا هو الحال), فإنه من المؤسف تماما أن تبدو هذه الحماية متضاربة مع أهداف سياسة خارجية رشيدة وعقلانية, بمعنى عدم التنازل للارهاب مثلا, والحفاظ على الحلفاء, عوض اخافتهم بالتخلي عنهم في أول فرصة. فلو عدنا الى السياق الذي تحدث فيه هذه التغيرات السريعة ذات الاهمية القصوى, لوجدنا أن هذه المسألة كلها تعود الى ضربة 2 أغسطس 1990 عندما اجتاحت القوات العراقية الكويت , وشعرت المملكة السعودية بالتهديد حيث ساد الاعتقاد أنها ستكون لقمة سهلة لجيش صدام. وما كان من أسامة بن لادن آنذاك إلا أن رفع اقتراحا لوزير الدفاع السعودي مبينا استعداده لتعبئة جيش من المتطوعين المسلمين الذين قاتلوا في أفغانستان ضد السوفيات , للدفاع عن المملكة ضد العراق. ورفضت الرياض هذا الاقتراح مفضلة أن تطلب العون من الولايات المتحدة لحمايتها. وكان هذا الموقف يستند على تحليل داخل الدوائر الرسمية يرى أنه من ناحية أولى , فإن "جيش المجاهدين " الذي اقترحه بن لادن قد لا يكون قادرا على مقاتلة الجيش العراقي. فبأية حال , ما كان بإمكان المتطوعين أن يتغلبوا على السوفيات دون مساعدة تقنية ولوجيستية عالية من الامريكان. فالسلاح الامريكي هو الذي قاتل وانتصر في أفغانستان. ومن ناحية أخرى, فإنه لا يمكن لأي نظام يقبل ادخال "متطوعين " أو "مرتزقة" للدفاع عنه أن يأمن شرهم عندما ينتصرون ويصبحون أقوياء, وربما قبل ذلك أيضا. فحتى اذا لم يكن لأسامة بن لادن طموح الى السلطة , فهو سيطمع فيها عندما يغدو قائدا لجيش من المتطوعين ( الذين جندهم من ماله الخاص) , ويصبح بامكان ذلك الجيش أن ينتشر في البلاد السعودية. وافرض أن صدام لا يجرؤ أبدا على ارسال جيشه للسعودية, وأنه يكتفي بالكويت , فماذا سيفعل آنذاك "جيش" بن لادن في البلاد ؟ هل سيرضى بالبطالة ؟ وكيف يمكن التخلص منهم بعد ذلك ؟ كلا. الافضل اذن أن يدعى الامريكيون للقيام بالمهمة, لأنه سيكون بالامكان دائما أن يقال للضيوف : " شكرا لكم , لقد قمتم بالواجب. والآن , لا نشعر بالحاجة اليكم , فتفضلوا بالعودة الى بلادكم ." والتعامل هنا هو بين دولة وأخرى , وليس بين دولة وشخص أو منظمة : فمن هو بن لادن بالنسبة للملكة السعودية؟
وقد كان الامر كذلك. إلا أن هذا الخيار أثار غيرة بن لادن وحنقه على الحكومة السعودية ...



ينبغي أن نذكر بأنه من أجل حماية النظام السعودي وضرب القوات العراقية التي اجتاحت الكويت , أرسلت الولايات المتحدة حوالي نصف مليون جندي الى السعودية. وينبغي أن نذكر أيضا بأن قرار الحكومة السعودية استقدام تلك القوات وتسهيل نزولها بأراضيها, أثار حمية المتعصبين الاسلاميين في كل مكان, حيث اعتبروا ذلك بمثابة "اهانة" للاسلام والمسلمين. وكان بن لادن على رأس هؤلاء الذين اغتاضوا من نزول الامريكيين بالسعودية. ففي فبراير / شباط 1998, تحدث قائلا ان الولايات المتحدة تحتل منذ سبع سنوات أراضي الاسلام في الجزيرة العربية وتملي على الزعماء المسلمين سلوكهم وتستبيح ثروات المسلمين وخيراتهم وتهينهم , بتحويلها قواعدها في الجزيرة العربية الى منطلقات للسطو والتسلط على بلدان اسلامية أخرى. وكان معنى هذا الكلام باللغة السياسية الحديثة أن واشنطن تستعمل قاعدة الامير سلطان للهجوم على العراق . فما أن انطلقت عملية " الحرية العراقية" في مارس / آذار , حتى سجلت حوالي 268 ألف طلعة جوية تستهدف العراق انطلاقا من هذه القاعدة , حسب مصادر أمريكية. وهو رقم مدهش إذا ما تذكرنا أن المملكة السعودية عارضت تماما الهجوم على العراق ! بيد أن مقالة نشرها يوم 6 اكتوبر 2003 موقع " باور اند انترست نيوز ريبورت " تؤكد ذلك. ولا يقدم صاحب المقالة مصادره, وهو ما يحتاج الى مزيد من التحري. وفي الاثناء , لم يكن بن لادن قد أصدر فتوى تجيز قتل اليهود والنصارى في كل مكان وحسب ( عام 1998), ولكنه أرسل مجموعة من الانتحاريين في مهمة داخل الولايات المتحدة, وضعت حدا فاصلا لمرحلة تاريخية لتبدأ مرحلة أخرى. واتحدث هنا عن عملية 11 سبتمبر 2001.
وبالرغم من أن تلك العملية لم تؤثر على الوجود الامريكي في الشرق الاوسط , ولم تؤد كذلك الى تغيير جوهري في السياسة الامريكية الخاصة بالعراق وفلسطين , حيث سادت القطيعة التامة بين سلطة ياسر عرفات وادارة بوش من ناحية , و انتهى الامر بالقضاء على النظام العراقي واذلال صدام حسين من ناحية أخرى , فإن اسامة بن لادن لا يزال حرا طليقا, وان زالت قواعده من أفغانستان بعد أن وقع مسح نظام الطالبان أيضا.
النتيجة غير المتوقعة لهذه الاحداث, هو تنامي التهديد في السعودية نفسها , تحت تأثير ضغوط داخلية وخارجية. فبعد أن تبين للامريكيين أن الارهابيين الذين نفذوا عملية 11 سبتمبر سعوديون في أكثرهم, بدأوا يبحثون في ما لم يكونوا يبحثونه من قبل. وغدت المملكة السعودية هدفا لكل انواع التحقيقات البوليسية والعدلية, وبعد أن كان مواطنوها ينزلون ضيوفا مبجلين في الولايات المتحدة, تعددت شكاوي المسافرين منهم الى تلك البلاد. وطلبت واشنطن من الرياض ما كانت تحجم عن طلبه سابقا, وهو أن تنزل السلطة السعودية قمعا شديدا بالمجموعات والافراد الذين يعتبرون متشددين في نظرتهم الدينية ومتعصبين . ووجهت التهم لبعض الرسميين وأثيرت قضايا وشبهات وغدت العلاقات في حالة كريهة.
وبدأت العمليات الارهابية تتوالى في السعودية, وكان تلك المجموعات النائمة أوقظت أو أنها شعرت بالخطر, إلى أن وجهت الحكومة الامريكية نداء لرعاياها في السعودية يطلب منهم المغادرة. وهذا ما يعتبر نقيصة في السياسة وهزيمة لأمريكا في الحرب ضد الارهاب. فكيف تحارب الارهاب وتخضع لمساومته وتهديداته في نفس الوقت ؟
وكان رأيي كما تحدثت عنه لتلك المجموعة من الباحثين العرب خلال جلستنا بالمقهى الباريسي, هو أنه لو تضررت المملكة السعودية حقا من الارهاب ومن تخلي الحليف الامريكي عنها, فإن جميع العرب سيتضررون بكل تأكيد. فإذا كان بامكان واشنطن أن تنقلب على السعودية بعد قرن من الصداقة والتحالف , فلن يشعر بعد ذلك أي نظام حكم عربي بالامان. ذلك أن السعودية هي قلب النظام الاقليمي العربي , ودونها لا وجود للعرب ولا اثر. ومعنى هذه الاستعارة أن السعودية تمارس داخل هذا النظام دور القلب ازاء الشرايين , فهي التي تنظم "الدورة الدموية" وتعطي للجسد العربي كله اتزانه. فإذا أصيبت ... انتهى النظام كله.
ينشر بالاتفاق مع "العرب" بلندن.

http://www.phoenixmagazine.tk
http://hichemkaroui.com



#هشام_القروي (هاشتاغ)       Hichem_Karoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع برهان غليون حول القضايا العربية
- هل علموا واعوزهم الوقت؟


المزيد.....




- عباس: أمريكا هي الدولة الوحيدة القادرة على منع إسرائيل من ال ...
- هل غيرت الضربات الصاروخية الإيرانية الإسرائيلية الشرق الأوسط ...
- كيف وصل مصريون قُصّر غير مصحوبين بذويهم إلى اليونان؟
- جهود دولية حثيثة من أجل هدنة في غزة - هل تصمت المدافع قريبا؟ ...
- وسائل إعلام غربية تكشف لكييف تقارير سيئة
- الرئيس السوري يستعرض مع وزير خارجية البحرين التحضيرات للقمة ...
- -ما تم بذله يفوق الخيال-.. السيسي يوجه رسالة للمصريين بخصوص ...
- روبوتات -الساعي- المقاتلة الروسية تقتحم مواقع العدو وتحيّد 1 ...
- روسيا.. قانون جديد يمنح -روس كوسموس- حق بيع بيانات استشعار ا ...
- اكتشاف صلة بين فيتامين الشمس والاستجابة المناعية للسرطان


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - هشام القروي - تنازل أمريكي لبن لادن