أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مثنى كاظم صادق - عشاء لملائكة نظرة نحو الوجود وتأسيس الذات














المزيد.....

عشاء لملائكة نظرة نحو الوجود وتأسيس الذات


مثنى كاظم صادق

الحوار المتمدن-العدد: 3518 - 2011 / 10 / 16 - 23:11
المحور: الادب والفن
    



الشاعر عمر الدليمي طراز شعري خاص ، فهو يحترف التصرف باللغة ، بتجاوزه السائد من الصيغ ، فيدخلنا ـ بهذا التجاوز ـ ليؤكد ضرورة وجوده على شاشة الحياة . عشاء لملائكة : مجموعة شعرية للشاعر عمر الدليمي صدرت ضمن مشروع أطلقته منظمة كتاب بلا حدود / الشرق الأوسط فوق عنوان وسم بـ ( كتابات عراقية ) على مدار العام 2011م وبإشراف الرئيس الفخري للمنظمة د.علي الدباغ وبرعاية شركة كوزللر التركية ، حيث كانت نصوص الشاعر الشعرية إحدى إصدارات هذه المنظمة ، هذه المجموعة تمثل ( كاتدرائية ) توزعت فيها إيقونات الشاعر بمهارة ، فنسجت كينونته الشاعرة بـ ( حيل أسلوبية ) موزعة بإحكام في جغرافية النص الشعري ، وإذ نبدأ بالسؤال : لماذا اختار الشاعر قصيدته (عشاء لملائكة ) ضمن المجموعة لتكون عنوانا لمجموعته هذه ؟ فعلى الرغم من وجود أكثر من مقترح سيميائي ، ينفتح على عدة مستويات ، لكنني أميل إلى أن تكون الإجابة هي ما كتبه الدليمي نفسه في الصفحة الأولى من الديوان ( لكنه مات ) والهاء ضمير الغائب ( الحاضر في ذاكرته) يشير بقوة إلى والده الذي رحل بقوة إلى فضاء آخر ، فحالة اليتم المبكرة للشاعر جعلته في حالة( مغنطة ) متواصلة مع والده ، فضلا عن اشتغال العنوان مع صورة غلاف المجموعة بعملية تخصيب متبادل ؛ فصورة الغلاف عبارة عن صحن ابيض فارغ تماما من أي عشاء !! محيلا بهذا على نص الشاعر من القصيدة ذاتها (( وأنت تقلي الدهشة ضع الأزل في الصحون )) !! ص 97 وكأنه يريد أن يشير ـ كما أظن ـ إلى حالة بداياته الأولى مع أخوته الصغار ( الملائكة ) أو أن قصائده هي وجبة عشاء ( غير مرئي ) لملائكة . تنماز هذه المجموعة بلغة توصيفية في أدق اشتغالاتها تنم عن خيال مكتنز ، حيث دمج الشاعر ( أناه ) بـ ( أنا ) الشعر بضغطه الهائل للمقطع الشعري وصولا إلى أقصى حالة من التكثيف (( على ضفة خريسان أريد قبري ))ص 57 (( قد لا أحسن الشعر لكني متأكد بأنني أحسَن من يتحدث عنه ))ص61 ، (( انطفأ العالم .... وصمت ... فأضاءت أصابعي وتحدثت ))ص61 (( القطط تأكل صغارها ... والعراق أيضا ))ص 63 . في القصائد سمة أسلوبية أخرى وهي نهوض الماضي فالشاعر دائما يعود إلى ذاته الأولى فيتمثلها بتراكمات مشهدية وكأنها حاضرة أمامه ؛ ولذلك قلما يستعمل الشاعر الحوار مع الآخر ( المخاطب ) في عموم قصائده ، وبالنتيجة نوع الشاعر بين الضمائر ، ولاسيما ضمير المتكلم وضمير المخاطب ؛ لكي يخلق معادلا موضوعيا مع ذاته ( المنعزلة ) (( أوصدي الباب ... ففي الجوار الكثير من العميان واللصوص أوصديه ! )) ص 37 (( أصابعي تتوجس طرقات وقناديل .. أصابعي .. أخاف عليها من الخرس فهي منذ موت ونيف لم تأن .. )) ص49 أما المفارقة فقد اتخذت لها مواضع لا بأس بها في المجموعة ؛ لتثير دهشة المتلقي وتأمله ، ولاسيما في عنوانات القصائد ، فعلى سبيل المثال لا الحصر (( بساقين من خشب ارتقي نخلة النار )) ص 23 (( هو الذي رأى .... أعني صالح ابن صبرية الشفتاوية )) ص 31 (( رسائلSMS لا تصلح إلا لإمرأة واحدة )) ص59 . إن الشاعر عمر الدليمي ينقل لنا مأساته نحو الوجود مؤسسا ذاته الفاعلة المتفاعلة ؛ للإحاطة بحياة الشاعر ومكابداته محاولا أن يذيب ما تكلس من عذاب من خلال شعره الذي يحمل ضربا من التطور والتفرد ضمن دائرة الأصالة الشعرية ؛ لخصوصية التجارب التي مر بها بجعل القصائد تحمل مكتسبات الصدق الفني على فرضية أن المبدع قد لا يكون قد مر بكل التجارب بقدر ما يجعل المتلقي يشعر انه مر بها فعلا ، فضلا عن ومضاته الشعرية ، التي تفضي إلى دلالات كثيرة من خلال بضع كلمات كما هي الحال (( الجبل ..الجبل من هناك من جيب في خاصرته أخرج بذلة خاكية اللون وحكايات .... ومع ذلك فأنا أحب الجبل وأعرفه قبل أن أعرف كاكه مسعود ومام جلال .. أعرف أيضا القبرات وصلاح زنكنه والقبج والشقائق على سفح كلا وحسن والكثير من الجنود )) ص 68 عمر الدليمي أعاد ثقتنا بالشعر المعاصر ، بتطويعه المفردة ، وجعلها لفظة صافية تحتفظ بنغمتها ... هكذا يقدم لنا الشاعر عمر الدليمي( عشاء الملائكة ) فلا يكاد المرء أن يشبع من(عشاء ) الشاعر عمر الدليمي ، ولاسيما إذا كان ملاكا !! .



#مثنى_كاظم_صادق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع الجاحظ على بساط الريح سيرة قصصية للفتيان
- مؤسسة شهداء ديالى صورة للتناغم الابوي
- تجليات التناص في شعر إبراهيم الخياط
- الزواج من موظفة حلم الكثيرين
- هيثم بردى يؤرخ للأدب السرياني
- مؤسسة شهداء ديالى و(العرف الفوك)
- تراتيل على دم الشهداء
- جيل جديد لايجيد كتابة الانشاء
- ثقافة القيادة
- كتاب مدينة الخالص بعد التغيير
- تأهيل الناقد
- سيميائية العنوان في مجموعة لمن هذه الحرب
- ياسين النصير يعيد لقيصر مالقيصر
- القومية مشروع فاشل إنتهى بكرة قدم !!
- ثقافة الاحذية رؤية سايكولوجية
- إقتناص الذات الذات الضائعة قراءة في قصص تليباثي
- هواية احزاب وشوية الحياطين
- شباب اليوم والانتماء للأحزاب
- الجاحظ وصورة الآخر في كتاب البخلاء
- شباب اليوم والإنتماء للأحزاب


المزيد.....




- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مثنى كاظم صادق - عشاء لملائكة نظرة نحو الوجود وتأسيس الذات