أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - مشكلة المياه العربية















المزيد.....

مشكلة المياه العربية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3516 - 2011 / 10 / 14 - 18:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إذا كانت مشكلة المياه دولية بامتياز وقد أولتها الأمم المتحدة جانباً غير قليل من الاهتمام، ولاسيما خلال العقود الأربعة ونيّف الماضية، فإن المشكلة عربياً تزداد خطورة، فإضافة إلى تفاقمها عالمياً، فهناك التوزيع غير العادل للمياه، لاسيما نسبة هطول الأمطار، ففي بعض البلدان العربية، إضافة إلى الأنهار وربما الثلوج، فإن نسبة الأمطار أكثر من غيرها في مناطق أخرى تعاني من جفاف، لاسيما بسبب قلّة الأمطار . يضاف إلى ذلك الزيادة السكانية، حيث إن معدلاتها في بعض البلدان غيرها في بلدان أخرى، ومثل هذا الأمر يتعلق أيضاً بالمصادر المائية ونسبة استهلاكها، وكذلك سوء استخداماتها، ففي البلدان النامية ومنها الدول العربية تختلف نسبة الاستخدام للأغراض الزراعية عن الأغراض الصناعية والمنتجة، إضافة إلى الاستخدامات للحياة المنزلية، والأمر يتعلق أيضاً بمعدلات درجة الحرارة وارتفاع منسوب مياه البحار وازدياد نسبة الاحتباس الحراري وغيرها .

وتزداد المشكلة عربياً لأن هناك دولاً تفتقر أساساً إلى وجود كميات كافية من المياه، لاسيما بما يتناسب مع حجم الاستهلاك، كما أن منابع معظم الأنهار العربية هي في بلدان غير عربية، مثل النيل ودجلة والفرات، وتسير في دول الجوار، وهذه العوامل تشكل لغماً قابلاً للانفجار في أية لحظة، خصوصاً بارتفاع أهمية المياه وتعاظم الحاجة إليها وزيادة استهلاكها وشحّ مصادرها وتأثرها بالتغيرات المناخية والبيئية، فضلاً عن محاولات استغلالها سياسياً وتوظيفها لخدمة مصالح خاصة .

وإذا كانت مصر والسودان ويضاف إليهما اليوم جنوب السودان مستفيدة من النيل، فإن الدول المحيطة يمكنها تحجيم وتقييد حجم هذه الاستفادة، خصوصاً الدول التي فيها منبع ومجرى النيل، وهي تقارب نحو عشر دول . أما دجلة والفرات، حيث تستفيد منهما العراق وسوريا، فإنهما في مواجهة خاصة مع تركيا، لاسيما بعد بناء مشروع الغاب الكبير منذ أواسط الثمانينات الذي يضم نحو 21 سداً . أما فلسطين والأردن ولبنان وسوريا المستفيدة من نهر الأردن ونبع الوزاني ومياه الجولان والمياه الجوفية في الأرض المحتلة، فهي في مواجهة دائمة مع “إسرائيل” منذ تأسيسها، وقد تفاقمت هذه المشكلة في الستينات، وذلك عندما عملت سوريا على تحويل نهر بانياس، فحاولت “إسرائيل” التصدي لها، الأمر الذي دفع البلدان العربية إلى عقد قمة عربية عام ،1964 وهي القمة الأولى بعد قمة إنشاص عام 1946 لمواجهة الموقف واتخاذ خطوات موحّدة .

ويعاني الخليج من عدم وجود أنهار بل يعتمد بالدرجة الأساسية على تحلية مياه البحار بنسبة 62% على الرغم من أسعارها الباهظة، الأمر الذي سيؤدي إلى مشاكل جديدة، لاسيما بارتفاع مستوى المعيشة وارتفاع أسعار التكلفة .

يمكن القول إن المشكلة كبيرة ومعقدة، ولا تتعلق بالجانب العربي فحسب، لكنها تتعلق أيضاً بالدول التي تمرّ فيها الأنهار التي يستفيد منها الوطن العربي، وذلك لأن 62% من المياه العربية هي من خارج الوطن العربي، وإنْ كانت هذه النسبة كبيرة إلاّ أنها لا تغطّي الأراضي العربية الشاسعة، حيث تعاني من صحراء ممتدة وهائلة تزيد على 80% .

ويوجد في الوطن العربي نحو 34 نهراً مستمراً ومستديماً، وقد جفّ نهر بردى الذي ظلّ منذ خمسة آلاف سنة متدفقاً ومن دون توقف، وعلى الرغم من تدفق الأنهار لكن قدرتها التخزينية ليست كبيرة بسبب عدم ارتفاع نسبة المياه، ناهيكم عن التغييرات الحاصلة في الطبيعة . وقد تنتظر أنهار ذات تاريخ عريق تغزّل بها الشعراء على مرّ العصور من جفاف، وحسب بعض التقديرات فإن هذا ما ينتظر نهر دجلة في العراق في عام ،2040 إن لم يتم تدارك الأمر بسياسة بعيدة المدى تأخذ مصالح جميع الأطراف في الاعتبار مع مراعاة الجوانب الإنسانية وقواعد القانون الدولي .

ولعل هذه المشكلة ستزداد ارتفاعاً، وخصوصاً بازدياد الطلب وارتفاع الاستهلاك وتقدّم مستوى المعيشة والحاجة الأساسية للمياه للاستخدامات الصحية والبيئية والتنموية، الأمر الذي سيؤثر على نحو كبير في الأمن المائي والأمن الغذائي بحكم الاشتباك على المستوى الإقليمي بدول الجوار المحيطة، وقد تؤثر المسألة في قضية السلام في المنطقة، بل على المستوى العالمي، لعلاقتها بدول المحيط وخصوصاً “إسرائيل” وتركيا وإيران وإثيوبيا، وما يمكن أن تتركه من تأثيرات سلبية على النظام الإقليمي، ناهيكم عن انعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والقانونية، إضافة إلى المسلحة والعسكرية .

ولعل هذه الإشكالات الفنية ستنعكس سياسياً وقانونياً واجتماعياً واقتصادياً، لتشكل تحديات كبرى، خصوصاً إذا ما عرفنا أن الماء سلعة استهلاكية، فضلاً عن التغيرات المناخية والبيئية والاحتباس الحراري وانعكاسات ذلك على الثروة المائية في المنطقة، لاسيما على الجانب العربي، الأمر الذي يحتاج إلى جهد منفرد على مستوى كل بلد عربي وجهد جماعي عربي مشترك يمكن أن تلعب فيها جامعة الدول العربية دوراً إيجابياً إذا ما استندت إلى خريطة طريق طويلة الأمد وعبر جهد معرفي وسياسي استراتيجي .

لقد سعت “إسرائيل” إلى تطويق الوطن العربي منذ وقت مبكر، ولهذا عملت على توثيق علاقاتها مع دول المحيط، ففي الستينات نشطت لبناء اتفاقية بين دول المحيط الثلاث: إيران الشاه، تركيا، وإثيوبيا، حيث تم التوقيع في عام 1958 على اتفاقية ضمّت تركيا وإثيوبيا و”إسرائيل” والتي عُرفت باسم اتفاقية “ترايدنت” أو الرمح الثلاثي ضد مصر وسوريا والعراق، مشجعة على مخاوف إثيوبيا هيلاسيلاسي من سياسة عبد الناصر الإفريقية التحررية، إضافة إلى محاولة دق أسافين بين العرب والأتراك، بعد الانفكاك من الدولة العثمانية التي حكمت البلاد العربية أكثر من أربعة قرون من الزمان، فضلاً عن ذلك استحضار أطماع بلاد فارس “العربية” ومحاولاتها للهيمنة على الخليج والعراق .

لقد بنت “إسرائيل” ثلاثة سدود كبرى في إثيوبيا في السبعينات للتحكّم في مياه نهر النيل والضغط على مصر والسودان، عبر شركة “تاحال الإسرائيلية” واستأجرت جزيرة دهلك في وسط البحر لاستخدامها قاعدة عسكرية، كما أن تركيا ظلّت تتحكم في مياه حوضي دجلة والفرات مؤثرة في سوريا والعراق، في حين أن إيران التي استفادت من اتفاقية 6 مارس/آذار عام 1975 المعروفة باسم “اتفاقية الجزائر” بين شاه إيران وصدام حسين بموجب خط الثالويك، ولا تزال متمسكة بها، وقامت بتحويل نهر قارون والكرخة إلى الداخل الإيراني وعدد غير قليل من الفروع التابعة لشط العرب! وخط الثالويك هو خط وهمي من أعمق نقطة في وسط مجرى النهر عند انخفاض منسوب المياه وحتى البحر، الأمر الذي سيعني بحكم الطبوغرافيا وتراكم الطمي والغرين أن شط العرب بعد نحو 100 عام سيصبح في الأراضي الإيرانية .

ومن دون إعادة النظر منهجياً بجميع هذه القضايا فإن مشكلة المياه ستتفاقم في الوطن العربي منذرة بحروب لا تحمد عقباها، خصوصاً في ظل ما تقوم به دول المحيط من برامج ومشاريع تلحق ضرراً بالعرب ومستقبلهم . ولعل هذه المسألة كانت موضوع مناقشة جادة في مؤتمر عقد مؤخراً في باريس نظّمه “مركز الدراسات العربي الأوروبي” بالتعاون مع “المعهد الأورو متوسطي” .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمفونية الرحيل- عبد الرحمن النعيمي الرجل الذي مشى بوجه الريح
- الحق في الماء
- سورية :هل لا يزال طريق التسوية التاريخية سالكاً!؟
- العقدة اليمنية وما السبيل لحلها؟
- في رحيل عبد الرحمن النعيمي
- بالمر جولدستون.. أَيُّ مفارقة وأَيُّ قانون؟
- أسئلة الثقافة والسلطة: اختلاط الزيت بالماء
- ثروات العراق: عقود ملتبسة ومستقبل غامض!!
- إرهابيون أشرار وإرهابيون أخيار!
- في وداع عبد الرحمن النعيمي : حين يجتمع العقل والحكمة والصدق
- الدبلوماسية العالمية: مفارقات وحيرة
- ليبيا: احتلال بالتعاقد أم الأمن الناعم؟
- مصر التي في خاطري
- البوعزيزي وسيدي بوزيد وبحر الزيتون
- التزوير «القانوني» وكاتم الصوت العراقي
- ما بعد كركوك.. هل جنوب السودان نموذج؟!
- صالح جبر وسعد صالح : التاريخ وصداقة الأضداد
- دولة فلسطين واعتراف الأمم المتحدة
- الربيع العربي واستنساخ التجارب!
- القوى المخلوعة والمحافظة تهدد الثورة .. وحذار من التصدع!


المزيد.....




- إيران.. تصريح رئيس مجلس الشورى عن الضربة بالمنطقة ومصير البر ...
- رئيس الوزراء الأرمني يعلن إحباط -محاولة انقلاب-
- اليونان: الآلاف يحتجون على الضربات الأمريكية على المواقع الن ...
- بوتين يوقّع قانونًا لإنشاء تطبيق مراسلة بديل عن واتساب وتيلي ...
- شبكات التجسس تثير أزمة ثقة في إيران.. النظام يحذر من التفاع ...
- السودان ـ مقتل العشرات بينهم أطفال في هجوم على مستشفى
- ترحيب دولي بوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل ودعوات لتوسيع ...
- مجلس النواب الأميركي يحظر استخدام -واتساب- على أجهزته
- واشنطن تعرض 5 ملايين دولار مقابل معلومات عن أميركي محتجز بأف ...
- منظمة تتهم علامات تجارية فاخرة بالمساهمة في إزالة غابات الأم ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - مشكلة المياه العربية