|
- ستنتصر الحُرِية - 2 . الروح الثورية
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3498 - 2011 / 9 / 26 - 17:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يوم الأربعاء 21/9/ 2011 ، وإعتباراً من الرابعة عصراً ، ذهبنا لمقابلة رئيس بلدية ديار بكر الكبرى ، في مبنى البلدية الرئيسي .. إستقبلَنا السيد " عثمان " في مكتبهِ البسيط الخالي من أي فخفخة او بهرجة .. وأول ما أثار إنتباهي ، هو تواضعه الطبيعي وبساطته ودماثة خُلقِه .. كُنا اربعة عشر وجميعنا مُصادفةً من أهالي كردستان العراق ، من السليمانية واربيل ودهوك وأثنين من نُشطاء النرويج .. قال رئيس البلدية من ضمن ما قاله ، ان هنالك حوالي ثلاثة آلاف مُعتَقل في السجون التركية ، من النشطاء السياسيين ، بِتُهَم لها علاقة بالرأي والفكر ، رغم إدعاءات أردوغان بأنه ديمقراطي وعادل ، ومن ضمن المُعتقلين رؤساء بلديات مُنتَخَبين واعضاء مجالس ونشطاء في مجال حقوق الانسان .. ولا يَمُر يوم دون إلقاء القبض على وجبات جديدة من الشباب والشابات الكُرد ، في ديار بكر والمدن الاخرى .. وحيا روح التضامن مع نضال الشعب الكردي ، الطامح الى نَيل حقوقهِ المشروعة عن طريق المقاومة والنضال ، ولا سيما بالوسائل المدنية ، سألناه العديد من الأسئلة وأجاب برحابة صدر ... ورحب بنا بحرارة وحفاوة . خرجنا بعدها الى وسط المدينة .. للمُشاركة في مُظاهرة في إحدى الساحات المُحاذية لسور ديار بكر التأريخي .. كانتْ الشرطة متواجدة مُسبَقاً ، وبعد إزدياد عدد المتجمهرين الذي وصل الى قرابة الألفَين ، جاءت سيارات شرطة خاصة بِرَش المياه ووقفت قرب المظاهرة ، ولكنها لم تتدخل .. كان شعار المظاهرة الأبرز هو : [ ستنتصر الحُرية ] ، بِعدة لغات ... ساهمَ شباب وشابات من أربيل والسليمانية في الدبكات والرقص بالملابس الكردية ، في وسط الساحة ... ومن أروع المَشاهِد التي لاتُنسى ، مئات الفتيات من أهالي ديار بكر ، الشجاعات ، الشامخات .. اللاتي أنشَدنَ الأغاني القومية والوطنية ، وهَتَفنَ للحرية والسلام ، بأصواتهنَ الهادرة .. ولستُ اُبالِغ إذا قلتُ ان الشرطة المنتشرين في الحافات البعيدة من الساحة الكبيرة ، تصاغروا أمامَ الزغاريد المُنطلقة من حناجِر الفتيات الباسلات ... لقدْ شهدتُ بِاُم العَين في تلك الساعات الثلاث من المظاهرة والإعتصام ، تلكَ ( الروح الثورية ) الوّثابة ، التي نَسيناها هنا في كردستان العراق ! ... ذلك الشعور الذي ينتابك وأنتَ تستعدُ للمواجهة والتحدي ، غيرَ مُبالٍ بأية مخاطر ، ذلك الشعور النبيل الذي لم نَعُد نعرفه ! .. تلكَ القوة الكامنة ، في آصرة التضامن الاُممي العابر للقومية والدين والعرق ، فهاهم العرب من فلسطين ولبنان والعراق ، وذاك يهودي اسرائيلي ، وسويدي وارجنتيني وغيرهم ، يهتفون جميعاً للحرية والسلام ... ففي نفس الساحة وفي نفس الوقت ، تجاورتْ صُور ضحايا حلبجة ، مع ضحايا القصف التركي والايراني للقرى العراقية .. وإرتفع التنديد بهذه الجرائم البشعة ، وتعالتْ الدعوة الى السلام والحرية ، والكف عن مُلاحقة المتظاهرين وإطلاق سراح سُجناء الرأي .. هناك إكتشفتُ بأنه ما زالَ في إمكاننا ان نكون أحراراً إذا تَوّفرتْ الإرادة الصادقة !. بالنسبة لنا نحن الضيوف إذا صّحَ التعبير ، كانتْ التجربة مُثيرة ، ولكن المتظاهرين والمعتصمين من أهالي المدينة ، المتعودين على التعامُل مع كافة الإحتمالات .. كانوا يتوقعون أن تتدخل الشرطة في أية لحظة ، بالهراوات وخراطيم المياه والقنابل المُسيلة للدموع ... لكن ذلك لم يحدث ... وقال بعضهم ، ان وجود هذا الكَم الكبير من المصورين والمحطات الفضائية والصحفيين ، ربما ردع قوى الأمن من التدخل !. من اللقطات الباهرة ، ذلك الحَماس الذي يتصف به الناس هُنا .. فلقد كانتْ نسبة النساء عالية ، تكاد تتجاوز نصف الحضور .. ومن كُل الأعمار .. فتجد إمرأة في السبعين ترفع لافتة صغيرة مكتوب عليها : ستنتصر الحُرية .. والى جانبها تُزغرد فتاة في عُمر الزهور ، رُبما تكون حفيدتها . رأيتُ هنا في ديار بكر ، شعباً حَياً عاشقاً للحُرية .. فبدأتُ أدرك السبب الحقيقي ، في إفساح المجال للكُرد في التحدث بلغتهم الاُم، والتظاهر والإعتصام .. انه ليس " إنسانية " أردوغان ، ولا " ديمقراطية " حزب العدالة والتنمية .. بل ببساطة ووضوح ، وبلا لفٍ ولا دَوران : إستعداد الجماهير هنا للنضال والتضحية ، إقتناعهم بقضيتهم وعدالتها وحتمية الإنتصار .. تَحّليهم بالنَفَس الطويل والمقاومة ... تلك هي الأسباب الرئيسية للتغييرات الجارية على الساحة الكردية في تركيا .
#امين_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- ستنتَصر الحُرِية - 1 . مهرجان ديار بكر
-
نجحَ أردوغان وفشلنا نحنُ
-
سطوة الإعلام
-
الصدريون يشكرون المالكي .. على فشلهِ !
-
اسرائيل والكرد وتركيا
-
اليوم العالمي لمَحو الأُمية
-
الإنسحاب الامريكي نهاية 2011
-
المعضلة الكردية
-
هروب أرهابيين من سجن الموصل
-
بعض تكهنات شهر أيلول
-
خواطر في ليلة العيد
-
- شيخ مَحشي - !
-
أمثالٌ عراقية
-
تأجيلات
-
لِنُقاطِع البضائع التركية والايرانية
-
بعض جذور المأزق الكردي
-
المعلومة
-
الصَوم المُتقَطِع
-
الموبايل
-
إنتخابات مجالس محافظات اقليم كردستان -1-
المزيد.....
-
تحليل لـCNN.. لماذا يشير لقاء ترامب وبوتين بألاسكا إلى هزيمة
...
-
الرئاسة الفلسطينية تندد بخطة إسرائيل للسيطرة على غزة.. وتدعو
...
-
عشرات الموقوفين في لندن خلال تظاهرة مؤيدة لـ-فلسطين أكشن- رغ
...
-
نزع سلاح حزب الله.. لبنان يندد بـ-تدخل إيران- في شؤونه الداخ
...
-
دراسة جينية جديدة تكشف عن أربعة أنواع فرعية من التوحد
-
أمهات أسرى إسرائيليين بغزة يهددن بملاحقة نتنياهو
-
بوليتيكو: دلالات خطيرة للاختراق السيبراني للنظام القضائي الأ
...
-
محمد رمضان يكشف عن زيارته لعائلة الرئيس الأميركي دونالد ترام
...
-
طبيب أميركي: غزة تتعرض لإبادة واسعة والولايات المتحدة لا تري
...
-
كيف علّق الإيرانيون على اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا؟
...
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|