|
الإنسحاب الامريكي نهاية 2011
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3479 - 2011 / 9 / 7 - 23:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل الوجود الأمريكي ضروري في العراق ، بعد 2011 ؟ هذا السؤال يؤرق العراقيين عموماً ، وليس السياسيين فقط . كلمة رئيس اقليم كردستان السيد " مسعود البارزاني " يوم امس الثلاثاء 6/9/2011 في اربيل .. والوضوح الذي دعا فيهِ الحكومة الاتحادية ، الى عقد إتفاقية جديدة ، لبقاء جزء من القوات الامريكية في المرحلة القادمة .. كانتْ ضرورية في هذا الوقت ، بِغَض النظر عن الإتفاق مع هذا الرأي من عدمهِ . حيث ان هذه القضية مثل جميع القضايا العراقية الاخرى ، تخضع للمُزايدات ويُمارَس فيها النفاق السياسي على نِطاقٍ واسع . ادناه بعض الملاحظات عن المواقف من بقاء القوات الامريكية حسب إعتقادي المتواضع : - القادمين للسُلطة في بغداد ، بالتزامن مع الإحتلال الامريكي للعراق ، مثل الحِزبَين الكُرديين ، حركة الوفاق ، حزب الدعوة الاسلامية ، المجلس الاسلامي الاعلى ، حزب المؤتمر ، حزب الأمة ، إضافةً الى العديد من الشخصيات التي برزتْ في السنة الاولى بعد التغيير ... كُل هؤلاء يدركون جيداً ، انهم أتوا " ليسَ بالضرورة على متن دباباتٍ أمريكية بصورةٍ مباشرة " ، ولكن على الأقل ، لم يكن بإمكانهم العودة الى العراق ، والإستحواذ على السلطة [ لولا الأمريكان وإحتلالهم ] . ويعرفون تماماً ، انه لايجوز لهُم ، القول للأمريكان ، ببساطة : شُكراً ، لقدْ أديتُم ما عليكُم ، عودوا الى دياركُم ! . فلو كانتْ الأمور تجري على هذا المِنوال السهل ، لِما عادتْ هنالك أزمات ولا مشاكل في العالم . - الأحزاب والتيارات والحركات ، التي ظهرتْ ونشطتْ بعد 9/4/2003 .. أبرزها على المستوى الشيعي : التيار الصدري وحزب الفضيلة الاسلامي ، ومجموعات صغيرة اُخرى . الغالبية العظمى من قيادات وإعضاء هذه الاحزاب والحركات ، هُم من عراقيي " الداخل " أي ليسوا من الذين كانوا في الخارج .. ومعظمهم كانوا مُنتمين الى تشكيلات حزب البعث المُختلفة .. ومن الواضح ان شعبية التيار الصدري أكبر من حزب الفضيلة ، وعدد أعضاءه في مجلس النواب أعظم تأثيراً وقوة ... ولكن يبقى الصدريون ( تياراً ) وليسَ تنظيماً حزبياً ، بما يحمل ذلك من أسباب ضعف في المستقبل .. بينما حزب الفضيلة الاسلامي الجديد نسبياً على الساحة ، أكثر تماسكاً ووضوح رؤية من التيار الصدري ، علماً ان معظم قوة ونشاط حزب الفضيلة الاسلامي ، تركزَ في محافظة البصرة ، لاسيما وكان أحد قيادييها محافظاً لأكثر من اربع سنوات .. بينما يمتد نشاط التيار الصدري على كامل الساحة الشيعية . يتفق العديد من المُراقبين ، ان التيار الصدري ، وزعيمه الشاب " مقتدى الصدر " جرى دفعه وتشجيعه ايرانياً منذ اوائل 2003 ، وتلميعه وصقله ، ليلعب دوراً هاماً .. ومن المُريب ان " يتغاضى " الإحتلال الامريكي ، عن الكثير من الأخطاء بل الجرائم التي إقترفها التيار منذ اواخر 2003 لغاية 2008 ، في حين كان يستطيع بسهولة ان يضع حداً للسياسات المتطرفة للتيار الصدري ، أما مباشرةً او من خلال حكومة علاوي او الحكومات اللاحقة .. لكنه لم يفعل ذلك بجدية كافية !. حزب الفضيلة الاسلامي ، بمواقفه البراغماتية والمُعتدلة عموماً ، ليسَ لديهِ إعتراضٍ جدي على تواجد بعض القوات الامريكية بعد 2011 ، بينما التيار الصدري ، حيث أرى انه يفتقد الى " رؤيةٍ " واضحة بصدد الوجود الامريكي ، وتمسكه بوجوب الإنسحاب ، يطغى عليه العناد والسذاجة أحياناً " وكمثال على ذلك هو طلبه تنحية السفير العراقي في السويد ، المُنضوي الى التيار الصدري ، بمجرد انه ظهر في صورة تجمعه مع عسكري أمريكي ! " ... أعتقدُ ان التيار الصدري ، يستخدم ورقة الإصرار على الانسحاب الامريكي " الكامل " ، من أجل إبتزاز القوى السياسية الاخرى . - عدا حزب الامة الذي يتزعمه مثال الآلوسي ، والمؤتمر برئاسة احمد الجلبي ، وكذلك حركة الوفاق بزعامة اياد علاوي ، التي كانت تضُم العديد من الشخصيات السنية المناوئة للحكومة البعثية السابقة .. فأن الشيعة والكُرد ، كانوا يطغون على ساحة المُعارضة السابقة .. طبعاً الى جانب الحزب الشيوعي العابر للمذاهب والقوميات .. ولكن في حين كانتْ احزاب الاسلام السياسي الشيعية ، يبرز عندها الإتجاه " الطائفي " منذ البداية ، فأنه لم تكن هنالك قبل 2003 ، أحزاب او حركات ذات طابع سني طائفي . بل انها ظهرتْ بعد الإحتلال ، نتيجة تدخلات اجنبية مُباشرة ، لاسيما من السعودية وتركيا والاردن ، وبتشجيع من حاكم الإحتلال بريمر ، وكَرَدِ فعلٍ على الاحزاب الشيعية ، ومحاولة لإيجادِ نوعٍ من التوازن ضد المَد الايراني . الحزب الاسلامي العراقي الذي هو وريث الاخوان المسلمين ، وضع النواة لجبهة التوافق ، التي جمعتْ الاطراف " السنية " الاسلامية والعلمانية على حدٍ سواء ، للوقوف بوجه السيطرة الشيعية . لم يكن خافياً ، ان جبهة التوافق ، ضّمتْ الكثير من البعثيين والضباط السابقين ، ومّثلتْ الى حدٍ ما ، رجالات العهد السابق ... وبعد إنفراط عقد الجبهة ، فّرختْ العديد من الاحزاب والحركات ، القومية العربية ، التي حملتْ الحنين الى الماضي البعثي بصورةٍ واضحة ، ولا سيما في الاطراف مثل الموصل وكركوك ومدن اخرى .. عموماً ، أعتقد ان ( السّنة ) إذا جازَ التعبير ، لايريدون إنسحاباً كاملاً للأمريكان ... فإذا تصّورتْ " عراقيون والحدباء " في الموصل ، بأنه بمُجرد إنسحاب الامريكان ، فانهم سيستعيدون السيطرة على جميع أقضية ونواحي المُحافظة ... فان عرب كركوك ، يعتقدون بان إنسحاب الامريكان سيؤدي الى سيطرة كردية كاملة على المحافظة !. - المشكلة الكبيرة ، هي ان أطراف العملية السياسية ، منذ 2003 ، لغاية اليوم ... فشلوا في خلق " الثقة " بين بعضهم البعض ، وعجزوا عن تجاوز التأثيرات التخريبية لدول الجوار ، التي تعمل على إدامة الخلافات الداخلية ... فالكُرد وعلى لسان رئيس الاقليم ، يُريد ان يقول بصراحة : انهم اي الكُرد ، لايثقون بدرجةٍ كافية ، بوعود نوري المالكي ، الذي طالما إثبتَ انه لايحترم المواثيق .. وانهم لا يثقون أيضاً ، بقُدرة اياد علاوي ، على تنفيذ وعودهِ تجاههم ، لأن مراكز قُوى مؤثرة في قائمة علاوي ، مثل النُجيفي والمُطلك والهاشمي ، يُعارضون بِشدة التوجهات الكردية المُطالبة بتنفيذ المادة 140 ، وغير ذلك من الأمور المُعّلقة . الكُرد يتصورون انهم سيكونون بأمانٍ أكثر بوجود القوات الامريكية ، التي تحميهم ضد الهجمات المُحتَمَلة من العرب !. الكثير من العشائر السنية في ديالى والانبار وبابل وبغداد ، لاتريد إنسحابا امريكيا كاملاً ، وترى ان ذلك يُشكِل تهديدا لهم ، وعودة الى الإحترابات الطائفية ، ويتخوفون من جيش المهدي وعصائب أهل الحق وثأر الله ..الخ . - أعتقد ان طَرَفَي الإرهاب : القاعدة ودولة العراق الاسلامية ، من جهة ... والمجاميع المدعومة من ايران من جهة اُخرى ... لايُريدون في الواقع ، إنسحاباً أمريكياً حقيقيا وناجزاً ... إذ حينها ، لن يستطيعوا التعكُز على [ ذريعة ] وجود العدو المُحتَل ، للقيام بعملياتهم الارهابية التخريبية التي تستهدف العراق كدولة . ولن يقدروا بعدها ان يحولوا العراق ، الى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الاقليمية . - الأمريكان ، ومع سبق الإصرار والترصد .. هُم الذين " صنعوا " هذا الوضع العراقي الحالي ، وهُم من جعلوا ، بسياساتهم الخبيثة والمشبوهة ، الجيش العراقي والقوى الامنية ، ضعيفاً ، قليل التسليح ، مُفتقراً الى القوة الجوية والبحرية .. مُفتقداً لتكنولوجيا الاستخبارات .. إذ هل من المعقول وبعد ثمانية سنوات من الاحتلال ، وبعد صرف مليارات الدولارات .. ان تعجز أقوى دولة في العالم عسكريا وإقتصاديا ، عن خلق جيشٍ مهني يُعتَمد عليه ، وشرطة يمكن الوثوق بها ؟ .. ببساطة ان الولايات المتحدة الامريكية .. لاتُريد ان يستعيد العراق عافيته وينهض من جديد ، ناهيكَ عن الكويت وايران والسعودية والاردن وسوريا وتركيا .. فكُلهم يفضلون عراقاً ضعيفاً هَشاَ . واليوم من الطبيعي ، ان يختلف العراقيون .. بينَ مؤيدٍ صريح لبقاء بعض القوات الامريكية ، مثل القائمة الكردية .. وبين مُعارضٍ واضح ، مثل التيار الصدري ... وما بينهما من المناطق الرمادية التي يتوزع فيها الآخرون .
#امين_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المعضلة الكردية
-
هروب أرهابيين من سجن الموصل
-
بعض تكهنات شهر أيلول
-
خواطر في ليلة العيد
-
- شيخ مَحشي - !
-
أمثالٌ عراقية
-
تأجيلات
-
لِنُقاطِع البضائع التركية والايرانية
-
بعض جذور المأزق الكردي
-
المعلومة
-
الصَوم المُتقَطِع
-
الموبايل
-
إنتخابات مجالس محافظات اقليم كردستان -1-
-
الرأسمالية المُتوحشة
-
إهمال الأطفال في العطلة الصيفية
-
ألشَرَف
-
على هامش إجتماع قادة الكُتَل
-
بالروح .. بالدَم نفديك
-
رجعيو البصرة وشيوعيو الموصل !
-
إبتسامات رمضانية
المزيد.....
-
ارتبط بتشبيه أطلقه محمد بن سلمان.. ما قد لا تعلمه عن جبل طوي
...
-
خلف ترامب.. رد فعل ماركو روبيو على ما قاله الرئيس لإعلامية ي
...
-
الضغوط تتصاعد لإنهاء الحرب في غزة.. ديرمر يزور واشنطن الأسبو
...
-
ماذا نعرف عن مشروع قانون ترامب -الكبير والجميل- الذي يُثير ج
...
-
بينيت يدعو نتنياهو للاستقالة.. إدارته للبلاد -كارثية-
-
سوريا.. -جملة- مطبوعة على أكياس تهريب مخدرات مضبوطة تشعل ضجة
...
-
نتنياهو يأمل في استعادة شعبيته بعد التصعيد مع إيران، فإلى ما
...
-
اقتحامات وتفجيرات.. الاحتلال يواصل اعتداءاته على الضفة الغرب
...
-
مأساة في نهر النيل.. مصرع 4 أشخاص غرقا إثر انقلاب مركبهم
-
زلزال بقوة 5.5 درجة يهز باكستان
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|