أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - اهمية العقل النقدي في تطور المجتمع















المزيد.....

اهمية العقل النقدي في تطور المجتمع


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 3495 - 2011 / 9 / 23 - 10:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المجتمعات القبلية في أفريقيا تكاد تكون باقية على ما هي عليه من تقاليد و أفكار و معيشة منذ آلاف السنين و السبب في ذلك إن الطبيعة التي يعيشون بين أحضانها توفر لهم قوت يومهم فلا يحتاجون إلى عملية تبادل سلعي إلا في أضيق الحدود فهم يعيشون في غابات تحتوى على كل أنواع النباتات و الثمار و أشكال متنوعة من الحيوانات البرية و المائية . و بذلك يحققون الاكتفاء الذاتي و بالتالي ليس لديهم عقل نقدي في سبيل تطوير مجتمعهم نحو مجتمع مدني حديث فالتقسيم الطبقي و دور شيخ القبيلة و الساحر أو العراف باق كما هو منذ مئات أو آلاف السنين . الإنسان لا يتطور و لا يطور أفكاره إلا بشعوره بالحاجة و الحاجة أم الاختراع كما يقولون . كما إن هذه المجتمعات ساكنة و التطور سمته صراع الأضداد فلا تطور ينتج من سكون . في تطور الحضارة العربية الإسلامية كان هناك تعدد للفرق السياسية والطوائف المذهبية و كان هناك الاجتهاد و الفلسفة و التصوف . و في مقابل مدرسة النقل والحديث التقليدية كانت هنالك مدرسة العقل التي مثلها المعتزلة و مدرسة الرأي و هي مدرسة الكوفة التي مثلها الإمام أبو حنيفة النعمان و ظهر فيما بعد و تطور عن فرقة المعتزلة مدرسة إخوان الصفا الفكرية . لقد كان المجتمع العربي الإسلامي يموج بالصراعات الاجتماعية و الفكرية و الفلسفية هذا التنازع و التنافس و الصراع أدى إلى ازدهار الحضارة العربية – الإسلامية و بلغت ذروتها في العصر العباسي . و عندما قام الخليفة المتوكل بتبني مذهب واحد للإسلام و اخذ بقتل و قمع الآخرين من المعتزلة و المسيحيين و النصارى و الفلاسفة و المتصوفة والشيعة , توقف تطور المجتمع و بدا بالانحطاط و انتصر وعاظ السلاطين و انتصرت مدرسة الحديث و النقل على مدرسة العقل و بقي المجتمع على ما هو عليه من ذلك اليوم حتى بداية القرن العشرين . و في الحضارات القديمة و تطورها من حضارة الصين و الهند و بلاد فارس و السومريين و البابليين و الآشوريين و الحضارة الكنعانية القديمة و المصرية القديمة و حضارة الإغريق و الحضارة الرومانية . لم تفرض أي من هذه الحضارات و الدول ديانتها على الشعوب المفتوحة . إن الديانات المسماة و ثنية هي ديانات ديمقراطية لأنها تعترف بحق الجميع بحرية عبادة ما يشاءون من آلهة وديانات و هذا الوضع نفسه كان موجودا في مكة قبل ظهور الإسلام . إن تدهور المجتمعات بدا بفرض عبادة اله واحد و دين واحد على الشعوب المفتوحة و هذه بدأت عند اليهود حيث قامت دولة المكابين التي أسستها الأسرة الحشمونية اليهودية الكهنوتية بذبح عشرات الآلاف من الشعوب الواقعة تحت سيطرتها و فرض الديانة اليهودية عليهم بالقوة مثل أهل السامرة و الجليل و الادوميين . و بعد دخول قسطنطين في المسيحية فمن جاء بعده قام بفرض المسيحية كديانة وحيدة للدولة الرومانية و بعقيدة واحدة اعتبر كل من خالفها كافرا يستوجب القتل و هذا ما افرزه قانون الإيمان النيقاوي حيث نجد العداء بين الكنيسة الكاثوليكية و الكنيسة القبطية المصرية أكثر من العداء بين المسيحية و الإسلام . ثم جاءت الديانة الإسلامية و التي بسبب فرض الدين الإسلامي بالقوة على الشعوب المفتوحة و فرض الجزية و بسبب توقف مدارس الاجتهاد و تعدد المذاهب و توقف الفلسفة حيث اعتبر كل من تفلسف فقد تزندق و بذلك اتهم كل مجتهد في رأيه بأنه من الزنادقة . و بذلك توقف تطور المجتمع . لقد كتب الأمويون و العباسيون و الفرق و الطوائف المتصارعة الأحاديث و نسبوها إلى النبي محمد و بدل الدراسة النقدية للقران و كتب السيرة و الحديث نجد تجمد العقول و أخذها بمدرسة النقل التي تنقل عن : عن .. عن .. و التي سلبت من المسلمين عقولهم و أصبحوا كقطيع الغنم لا يعرفون يمينهم عن شمالهم . إن الدراسة النقدية و العقل النقدي يجعل الإنسان سيد نفسه و يكون له الحرية في التفكير و اتخاذ القرار . لم تتطور أوروبا إلا بعد ممارسة المنهج و العقل النقدي و فصل مؤسسة الكنيسة عن الحكم و الدولة . إن التوراة و الإنجيل و القران كتبت لمجتمعات قديمة و قامت بالإجابة عن المشكلات التي كانت قائمة آنذاك و كانت ثورة على الواقع الفاسد . و لكن لا يمكن أن تعتبر هذه الكتب منزلة من السماء و نبقى نأخذ بالتشريعات التي لا تلائم عصرنا . إن الأناجيل كتبت باللغة اليونانية القديمة لليهود المشتتين في بقاع الأرض و بلغة و مصطلحات كانوا يفهمونها . المسيحي الآن ليس مضطرا لأخذ كل التراث اليهودي بتقاليده و كتابه التوراة ليفهم الإنجيل فالمسيح قال متى اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فانا أكون وسطهم . فيستطيع اثنان أو ثلاثة من المسيحيين تشكيل كنيستهم الخاصة بهم و إنجيلهم الخاص . من أعطى الشرعية للمجامع ( المؤتمرات ) الكنسية بإقرار الأناجيل الأربعة و باقي أسفار العهد الجديد و ما جاءت به من عقائد فاسدة غير موجودة في الإنجيل ؟ إن الشرعية لم تأخذها من الله و لكن من الملك قسطنطين أي من السلطة الرومانية( اي من ابليس ) بينما نقرا في رسائل بولس أن الكنيسة هي جسد المسيح أي المؤمنين المتحدين بالمسيح و هم القديسون و بالتالي الكنيسة ليست مؤسسة و نظام كهنوت و إدارات . تستطيع كل جماعة الآن كتابة إنجيلها بلغتها العصرية و أفكارها الجديدة . فالمسيحيون الأفارقة يصورون المسيح كانسان زنجي ذو شعر نكرو و المسيحيون الصينيون يصورونه صيني مثلهم و هكذا . إن الأساس في الدين ليس الكتاب بل القائد أو النبي و الخطأ الذي وقع فيه اليهود و المسيحيون و المسلمون عندما اعتبروا التوراة و الإنجيل و القران هو الأصل . و هذا غير صحيح فالشعوب القديمة كانت أمية و لا يعرف القراءة و الكتابة إلا النزر اليسير . و هكذا نجد المسلم اليوم إذا أراد قراءة الإنجيل لا يفهم منه شيئا لا نه موجه لليهود قبل ألفي سنة و ليس للمسلمين فعندما يقرا المسلم إنجيل متى و سلسلة نسب يسوع ابن داود الملك سيقول المسلم في نفسه استغفر الله العظيم فالمسيح عيسى ابن مريم ليس له أب فكيف يكون له نسب ؟ و هكذا نزل القران في مجتمع بدوي فلا يمكن أن نطالب بتطبيق شريعة البداوة على مجتمع التكنولوجيا . إن التخلف في مجتمعاتنا يبدأ من التعليم فالتعليم عندنا هو تلقين و ليس منهج قائم على الحوار و النقاش ومبدأ الشك والبحث و الفكر النقدي و المنهج النقدي والبحث . الديانات عندنا قائمة على التلقين . يكتب الرسول بولس في رسالته إلى كنيسة غلاطية 5 / 1 ( المسيح قد حررنا فاثبتوا و لا تعودوا إلى نير العبودية ) فالمسيحية قائمة على الحرية لا على الجبر و المسيحيون في علاقتهم مع الله هي علاقة الابن بالأب و ليس علاقة العبد بالسيد و لكن رأينا كيف تفرض الكنائس عبوديتها على المؤمنين خلاف الحرية في المسيح و الإنجيل و قانون الإيمان النيقاوي فرض العبودية بقوة سلطة الدولة الرومانية . مع الأسف الشديد من خلال دراستي و مشاهداتي داخل المجتمع و خصوصا في المجتمع الذي أعيش فيه و هو مجتمع نخبة حيث تجد هناك حملة شهادة الدكتوراه في اختصاصات مختلفة . هذه النخبة المثقفة المسيحية العالية التعليم و المتعددة الثقافات عندما تتحدث في الدين تحاول قمع أفكار و اجتهادات الاخرين تثبيتا لرأي الكنيسة و لا تستطيع سماع رأي معارض إنهم يشبهون ابن لادن بالضبط من الداخل . تصوروا في مجتمع مسيحي منفتح فيه أعلى الكفاءات و الشهادات الأكاديمية العلمية و التنوع في الثقافات و إجادة اللغة الانكليزية لا يستطيعون سماع رأي معارض لرأي الكنيسة . إنهم من أتباع مدرسة التقليد أي مدرسة الاستحمار الديني فالكنيسة أفرغت عقولهم و جعلت منهم بيادق شطرنج . إن الإنسان ليصاب بالدهشة و الحيرة . إذا كانت النخبة بهذا الشكل فكيف بالشخص الأمي و القليل التعليم ؟ و لهذا السبب نجد ازدواجية السلوك و النفس و الشخصية لدى مجتمعاتنا . هناك من المسيحيين حسب قولهم لي انتخبوا قائمة المالكي أو شهيدالمحراب ( عمار الحكيم ) و لم ينتخبوا قائمة علمانية . و الشيوعيون الشيعة في العراق انتخبوا قوائمهم الشيعية بدلا من انتخاب قائمة حزبهم الشيوعي . و الأكراد الشيوعيون أصبحوا قوميين أكثر من القوميين الأكراد و يطالبون بالانفصال عن العراق . إن تطور مجتمعاتنا لا يمكن أن يبدأ إلا بتغيير أنظمة التعليم و استبدالها من نظام التلقين إلى نظام قائم على الحوار و النقاش و الاختلاف و حرية الرأي و على العقل النقدي . إن احد أسباب تخلف الأحزاب القومية و الدينية و الشيوعية و الماركسية هو تبنيها لمدرسة النقل على حسب مدرسة العقل و نقرا يوميا المساجلات بين مدرسة النمري – قوجمان مقابل مدرسة الزيرجاوي و الآخرون و هم جميعهم يعتبرون ما يكتبون قرانا شيوعيا و أنا شخصيا تعرضت لهجمات عديدة من الشيوعيين الذي يفترض إن منهجهم ماركسي ديالكتيكي و ليس فيه جمود و لكنهم يرفضون النقد الذاتي و المنهج النقدي و لهذا نرى التراجع في الحركة الشيوعية و القومية و الإسلامية و صعود التيارات الاسلاموية المتطرفة .عندما يمارس الإنسان المنهج النقدي فيكون هو اله نفسه و رب نفسه . نقرا يوميا عبر الحوار المتمدن الوهم الذي كرسته الديانات و الاديولوجيات و إنها كلها قبض ريح . الحل يكون في العقل النقدي و المنهج النقدي و في الحرية الفكرية و السياسية . لقد ازدهرت المجتمعات القديمة بفضل تنوع ثقافاتها و فلسفاتها و دياناتها . كانت الفلسفة فيها فلسفة شعبية مثل فلسفة ابيقور و الفلسفة الرواقية و الفيثاغورية و عندما تدهورت الدولة الرومانية تم استبدال هذه الفلسفات الشعبية بالديانة المسيحية التي حرقت كل التراث السابق لها و اعتبرته وثنيا و تبنت التوراة و هيأت العقول لقيام دولة إسرائيل و صعود الفكر الصهيوني و من رحم مسيحية قسطنطين ظهر الإسلام الذي يمثل الرديف و المضاد النوعي للمسيحية كما ظهرت اليهودية المتطرفة مثل مذهب ( الكبالاه ) و الصهيونية . لا بديل لمجتمعاتنا إلا بالفصل بين المؤسسة الدينية و السلطة و الحكم و جعل الدين معتقد شخصي و إخضاعه للمنهج النقدي و للعقل و القبول بالتعددية الفكرية و الدينية و السياسية و الثقافية . و إلا ستبقى دائرة التخلف و العنف مستمرة .



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملحمة جلجامش ج 2
- هل الكتاب المقدس محرف ؟
- ظاهرة طلعت خيري
- صفات يسوع المسيح ( عيسى ) في القرآن
- أدعياء السياسة والثقافة في الشأن السوري
- فوائد تصوف الحداثة في الاسلام
- اقليم كردستان العراق بين المطرقة والسندان
- عولمة التوراة في المسيحية وفي الاسلام
- ( أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة ) قرآن كريم
- ملحمة جلجامش ج1
- زواج خديجة من محمد
- ( القذافي طار ... طار ... أجاك الدور يابشار )
- مجتمع يثرب
- العبودية في المجتمع العربي القديم
- قناة المستقلة والحديث الناعم في معاداة الشيعة
- موقف المثقفين من الثوراة في البلاد العربية
- النبيذ في الإسلام
- مقارنة بين وضع المرأة العربية في الجاهلية و في الإسلام
- وضع المرأة عند العرب قبل الاسلام ج2
- حجاب المرأة في الاسلام


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - اهمية العقل النقدي في تطور المجتمع