أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طريف سردست - الربات التي انتصر عليهن الله















المزيد.....


الربات التي انتصر عليهن الله


طريف سردست

الحوار المتمدن-العدد: 3489 - 2011 / 9 / 17 - 19:27
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في المجتمعات المبكرة كانت توجد ربات عظيمات تجري عبادتهن واحترامهن ومركزهن، في البدايات المبكرة، تفوق على الارباب الذكور. أقدم ذكر للربات قادم الينا من مجتمع قديم في الاناضول، حيث جرى العثور على الربة الارض الام الخالقة ، وتعود الى ماقبل قبل 8000 سنة، غير ان هذه الربة المبكرة وجدت عبادتها حتى في امريكا اللاتينية، وهي اوسع العبادات انتشارا واقدمهن. . مع ظهور الاله الابراهيمي جرى صراع بين الآلهة انتهى بإستيلاء يهوة العبراني (وعند العرب الله الاسلامي) على العرش لتسقط الربات الاناث من مسرح التاريخ ( في السماء وعلى الارض على السواء)، ليحتفل الله بإنتصار الذكر وسقوط الانثى، كإنعكاس للتغييرات الاجتماعية العميقة في الحضارة الانسانية في إتجاه ترسيخ سيطرة الرجل ومفاهيمه.

المجتمعات القديمة كانت ممتلئة بالربات الاناث في طيات اساطيرها ومعتقداتها. كان يجري التضحية لهن ودعوتهن وعبادتهم وكانت تبنى المعابد والكعبات وتقام لهن الانصاب والاصنام من اجل الحصول على رضاهن ولتتحسن حظوظ اتباعهن بالتوفيق في الحب والانجاب والرزق والعمل والصحة. غالبا كانت الربات رمزا للصحة والانجاب والخصب والخير والحياة. الجداريات الاركيولوجية تُظهر لنا الربة الكنعانية عشتار والربة البابلية ايثتار ولهن صدور كبيرة وحوض عريض. في نفس الوقت تعكس التصاوير الربات قويات وعظيمات القدرة مثل المنحوتة التي تظهر عشتار على ظهر اسد او وهي تحمل سلاح بيدها.

في الالف الاخيرة قبل الميلاد بدأ الانسان في اسرائيل القديمة بعبادة إله واحد للمرة الاولى. هذا الاله هو الذي اطلق الاسرائيلييون عليه اسم يهوة والذي اصبح بداية لنشوء اليهودية. كهنة اليهود وانبياءهم اصبحوا يتكلمون عن إله واحد، خالق الحياة و تتجمع في يده جميع القدرات ولايحب إقتسام السلطة مع احد وعلى الاخص مع نساء. بمعنى اخر فإن انبياء اليهود اصبحوا يدعون ان التي انجبت الحياة ليست انثى وانما ذكر، ليكون ذلك انقلابا كاملا في المفاهيم القديمة مصادرين بذلك الحق الطبيعي الذي استمدت منه المرأة حظوتها التاريخية ، لصالح الذكورية. الاله الجديد الذي رفع راية العداء الشامل لكل ماتمثله المرأة ( منافسته) من خصوبة وجمال وحب وعطف وقدرة على منح الحياة والصحة، وليعلن الحرب على كهنة وطقوس الخصب المقدس في معابد الربات، حيث كانت تمارس طقوس جنسية كتعبير عن الشكر على العطاء والخير.

رمز الخصب
المزايا الانثوية التي يركز
عليها رمز الخصب والحياة
مع تزايد تمركز السلطات والصفات عند يهوة نجد ان اول صفات العبادة التي اختفت عن رب العبرانيين هي صفة عبادة رموز الخصب. عبادة الانصاب الرمزية وطقوس الجنس وحتى المعالم الجنسية اصبحت تعتبر خطيئة ونجاسة لدى الإله يهوة الذي كان يطالب بالطهارة واضعا الجنس والمظاهر الجنسية الانثوية في تعارض صارخ مع مفهومه للطهارة. احدى التحريمات التي اشار اليها العهد القديم هي ممارسة طقوس البغاء المقدس التي كانت تجري بالعلاقة مع شكر الالهة على الخصب والعطاء، حسب Lone Fatum, الاستاذة سابقا في كلية اللاهوت بجامعة كوبنهاجن.

مئات السنوات ناضل كهنة وانبياء اليهود الاوائل من اجل ابعاد الشعب عن عاداته القديمة بتقديس الجنس وتحويلهم الى الاعتقاد ان الجنس والحب والمظاهر الانثوية شئ نجس، وابقاءهم بعيدا عن احترام الخصب والحب وتحويل الحب ومظاهر الانوثة الى خطيئة وبابا لتأنيب الضمير. الصراع ضد رموز الربوبية الانثوية يشع علينا كخط احمر على طول صفحات التوراة، حيث يهوة يعاقب احيانا ويكافأ احيانا اخرى شعبه المختار. العقوبات كانت على شكل مصائب وكوارث بسبب ان شعبه كان يجد صعوبة في ترك عبادة الالهة القديمة التي تعودوا على عبادتها سابقا.

ASHERAH (ASHTORETH)
ASHERAH (ASHTORETH)
FROM C. 10 TO 7TH. C. BC
حسب القصص التوراتية الكلاسيكية كانت هجرة اليهود عام 1200 قبل الميلاد من مصر الى فلسطين حيث كان يعيش الكنعانيين. غير انه لاتوجد آثار اركيولوجية على حدوث هذه الهجرة في ذلك الوقت بل ولاتوجد آثار على وجود مجتمع يدين باليهودية قبل عام 500 قبل الميلاد. وفي عيون الكهنة اليهود كان الكنعانيين وآلههتم انجاس، ومنهم الربة عشيرة وزوجها بعل ( او إلا، حسب مصادر اخرى)، Ashera,(ASHTORETH) والذي جاء ذكرهم في التوراة ودعى الى تطهير ارض بني اسرائيل الموعودة منهم.
نجد ان آثار عشيرة وبعل تظهر على شكل تماثيل طينية من فترة مبكرة تعود الى رأس شمرا، وهي مدينة قديمة في منطقة شمال غرب سوريا، وكانت مسكونة الى حوالي عام 1100 قبل الميلاد. يجري وصف عشيرة انها شريكة الاله الاكبر " إلا" ، وهذه الصفة بفيت محافظة عليها حتى عهد اسرائيل المبكرة لان الاله الاكبر "إلا" اصبح اسمه يهوة لدى الاسرائيليين. ( يجب الملاحظة ان "إلا" هو نفسه الله لدى العرب، حسب القرآن: التوبة، 8 ولكن الغريب انه ليس بعل مع ان بعل هو نفسه " إلا" لدى الفينيقين). في الواقع جرى العثور في فلسطين على لقيتين يُذكر فيها اسم عشيرة الى جانب يهوة واحداهم تصف يهوة " وعشيرته". كانت عشيرة ربة البحار في حين ان إلا كان رب السماء وقد اطلق عليها ايضا تعبير "إلهه" تأنيث الاله، بما يجعلها تملك الجذر نفسه الذي جرى اشتقاق اسم الله منه وهو نفسه جذر إلا او إلاه. ايضا يشار الى انها مصدر جميع الارباب، تماما كما تعني عشيرة اليوم على انها مصدر انحدار جميع ابناء العشيرة. ونرى ايضا ان عشيرة هي ام بعل من زوجها إلا وهي الام المرضعة.

ASHERAH (ASHTORETH)
مجموعة من تماثيل عشيرة ربة الكنعانيين
هذا الامر يؤكد ان يهوة المبكر ، مثل الرب "إلا" إله الفينيقين ، كانت الربة عشيرة شريكته في الالوهية. بمعنى اخر كانت عشيرة زوجة ليهوة بحقوق متساوية. النصوص التي عُثر عليها تعود الى حوالي القرن 700 قبل الميلاد عندما كان يهوة، حسب القراءة الكلاسيكية للتوراة، مُعترف به على انه الاله الاوحد. غير ان اللقى الاركيولوجية تشير الى ان عشيرة كانت، في ذلك الوقت، لاتزال ربة الى جانبه في الواقع العملي للناس. بعض الاركيولوجيين يعتقدون ان من الواجب اعتبارها شريك غير فعال في طريقه للزوال.

عام 586 قبل الميلاد جرى سبي الكهنة والطبقة العليا من اليهود ونقلهم الى بابل وبعد 47 سنة عاد قسم منهم الى اورشليم. غير انهم وجدوا ان قسم كبير من ابناء شعبهم قد عاد الى عبادة ربات الخصب اللواتي لهن شعبية واسعة في اعماق الناس. وايضا وجدوا ان اليهود تزواجوا من نساء غرباء ، اي غير يهوديات.

يصف لنا التوراة ان السلطة الدينية الجديدة كانت حاسمة وعنيفة في اجراءاتها من اجل اعادة ممارسة الدين الصحيح. لقد جرى الغاء الزواج المختلط وفصل الزوج عن زوجته بالقوة ليكون تطهير عرقي يفصل بين فسطاط شعب الله المختار وفسطاط الكفر. على اثر هذه السياسية ظهرت لدى الشعب اليهودي شخصيته المستقلة بجدية والفكر الديني بدأ بتشديد حملة التطهير ضد الالهة الاخرى.

Ananna
الربة انانا البابلية
وتشابهها مع عشتار
ملوك وكهنة سابقين ايضا حاولوا اجراء عمليات تطهيرية إذ في فترة 639-699 قبل الميلاد قام ملك اورشليم يوسيا بمحاولة تنظيف المعبد من عبادة عشيرة والكهنة والكاهنات المختصين بخدمتها جرى طردهم وقتلهم، واصنامها جرى تحطيمها، وغرف العاهرات في المعبد جرى هدمها، حسب مايذكره التوراة. راجع ليليث والبغاء المقدس وطقوس الخصب في بابل

قصص الانتهاكات وحنثان العهود الكثيرة التي ذكرها التوراة تتبعها عهود جديدة تشهد على صعوبة جمع الشعب حول إله واحد في تلك الازمان. على الاغلب كانت التهديدات الخارجية من الاشوريين والبابليين والرومان والتهجير في الشتات هي التي صهرت اليهود في وحدة حول إله واحد وقوانين واحدة خلقت اليهودية، ليصبح يهوة الاله القومي. غير ان الالهة القديمة بقيت في ذاكرة وسلوك وعادات اليهود لفترة طويلة، حسب الكاتب Tilde Binger مؤلف كتاب " عشيرة - الربة في اوغاريت، اسرائيل والعهد القديم".

يقول بينغير:" يهوة العهد القديم كان ضد بقية الارباب، ولكن ليس هناك اي شك ان الناس كانت تعرف ارباب اخرى، والكثيرين منهم كانوا يعتبرون ان الدعاء لهذه الارباب، من الناحية العملية، اكثر فعالية في ظروف الجفاف او نقص المحصول او سوء الولادة او الكوارث الطبيعية الاخرى. خصوصا إذا جرى الدعاء من القلب وبعد تقديم الاضاحي".

ربة الخصب
المرأة سقطت منزلتها من ربة الى وعاء انجاب
حتى عام 200 ميلادي كانت لاتزال آثار في بعض صفحات التوراة على وجود نقاش عما إذا كان حلال اكل البقدونس القادم من حقل مدفون فيه اعمدة معابد عشيرة. يقول المؤلف السابق:" في ذلك الوقت كانت الـ عشيرة قد اصبحت مرادفة لشيئية (شئ) ولكن بقي هناك من يربطها بالربوبية المحرمة".

في السبعينات قام بعض اللاهوتيين النسوين (*) بمراجعة النصوص التوراتية الاصلية، اي النصوص الموجودة في التوراة الحالي والنصوص الغير معترف بها. اللاهوتيات توصلن الى وجود قصتين مختلفتين للخلق. في القصة الاولى خلق يهوة الانسان بنسختيه الرجل والمرأة في نفس الوقت وفي النسخة الثانية اخرج حواء من ضلع آدم. الرواية الثانية هي الاكثر انتشارا وشيوعا ، وحسب الاختصاصيين، كتبها الرجل تعبير عن حقبة انتصاره تاريخيا، حيث لم يعد للمرأة اي مجال تستجلب منه الافضليات او تقاسم الرجل فيها.

حسب اللاهوتيين، ذكر الإله اليهودي في توراته عن إمتلاكه " صاحبة" اسمها " حكمة" ومما تقوله:" كنت انا اول مخلوقات السيد ، قبل الزمان، وقبل ان يخلق اي شئ.. عندما رفع اعمدة السماء كنت موجودة عنده ..".

من اجل تنظيف التوراة من آثار الربوبية الانثوية حول فلاسفة اليهود " حكمة" الى الشريعة (صحف موسى). لاحقا تسربت " حكمة" الى المسيحية كجزء من مفهوم " الروح القدس" حسب بعض الباحثين.

المسيحية المبكرة كانت تملك عدة كتب متنافسة. على العكس من آباء الكنيسة الذين جمعوا نصوص العهد الجديد المقبولة واسسوا الكنيسة، نجد ان الغنوصيين فهموا تعبير الاب والابن والروح على انه " الاب والابن والام". بالعبرية كلمة " الروح " هي لجنس النساء. في العبرية الانجيليكية تكلم يسوع عن امه، بالروح، وفكرة " حكمة" قريبة من هذه النصوص.

آباء الكنيسة الاوائل كانوا يصفون الغنوصيات النساء انهن " بلا حياء" لانهن كانوا يدرسون العقيدة ويشاركون بالنقاش ويقومون بالتعميد. لهذا السبب نجد اليوم ان الكنيسة الكاثوليكية والارثوذكسية لازالت تقف بعناد ضد تحول النساء الى بطاركة وخوارنة. عام 2008 اشار الفاتيكان الى ان تنصيب المرأة بوظيفة كاهن في الكنيسة خطيئة تؤدي الى الفصل من الكنيسة.

اللاهوتيين واللاهوتيات النسوين (*) آشاروا الى ان صورة النساء، وحتى في العهد الجديد، الى درجة كبيرة هن " ارواح خدمة" هذه الصورة قررها آباء الكنيسة الذكور، بعد اكثر من مئة سنة من يسوع، من خلال انتقائهم النصوص التي ستضم الى كتاب المسيحيين المقدس.
في العمل من اجل جعل الديانة " صحيحة" او " تقويم العقيدة" الذي اخذته الكنيسة على عاتقها بعد فترة طويلة من موت يسوع، يوجد جزء من الجواب على سؤال: لماذا الكثيرين اداروا ظهورهم لفهم الغنوصيين الاكثر سماحة وحرية واختاروا الفهم الاكثر تشددا. النصوص الغنوصية كانت اكثر روحانية واكثر سموا، في حين ان الماديات والقضايا الحقوقية مثل الزواج والحياة العائلية والعمل غير مهمة لهم بالمقارنة مع التوحد مع الاله والتهجد له.

على العكس نجد ان الكنيسة في تحولها لتكون مؤسسة تمثل الدولة وفي طريقها لتصبح دين عالمي وسلطة عالمية انتجت لها طقوس ثابتة للتعميد والزواج والدفن وقواعد اجتماعية مثل: لاتخدع في المعاملات التجارية، لاتكذب على زوجك، لاتنسى الفقراء. كان الحصول على الطعام والحاجة لدفن الاموات معقد بدرجة كافية لجعل الفقراء تلجأ الى الكنيسة وتسعى للانضواء تحت ظلها كنوع من الحماية الاجتماعية وليصبح هذا الانتماء العمود الفقري للشخصية الاجتماعية. هذا الامر هو الذي نصر العقيدة الكنسية الدنيوية على الغنوصية الروحية.

" الغنوصية كانت تقف عند حدود التعامل التجريدي مع المستقبل. لهذا السبب الآباء الكنسيين الذين بنوا منظومة تتعامل مع الحياة الارضية ومشاكلها مثل العمل والزواج والولادة والموت هي التي تربح المعركة حول نصوص الكتاب المقدس وبالتالي حول محتوى العقيدة الجديدة"، حسب لونا فاطوم Lone Fatum, مدرسة العهد الجديد في كلية اللاهوت في جامعة كوبنهاغن من عام 1981 الى عام 2008.

مريم العذراء
مريم العذراء اقرب البدائل للربات
عندما ترسخت المسيحية تماما صارت الربات الاناث منسيات من ذاكرة شعوب المنطقة التي تحولت الى الدين الجديد للاله الذكر، والمُعبر عن التتدرج الهرمي الجديد للمجتمع. غير ان صورة مريم " العذراء" اصبحت هي المثالية الجديدة المركزية لصورة المرأة في الدين الجديد. في الانجيل الكنسي يأتي ذكر مريم مرات قليلة، غير ان مركزها تزايد مع الزمن. عام 431 ميلادي نصبت الكنيسة مريم " اما للرب" لكونها ولدت المُخلص الذي نزل الى الارض.
بذلك تظهر من جديد امرأة ربوبية تستطيع النساء رؤية انفسهن فيها. ولكن هذه المرة امرأة " طاهرة" من رجس الجنس ومظاهر الانوثة التي همشها الرب الجديد وحاربها بقسوة.

في ذات الوقت نجد ان الصحراء العربية التي كانت على حدود العالم المسيحي المتمدن بقيت تعيش في حقبة تاريخية واجتماعية مختلفة وحافظت على العهد الذهبي للعقيدة البابلية بكل آلهتها ومفاهيمها بما فيه الربات الاناث . عبادة الربات الاناث بين العرب البدو تعود جذوره الى اعماق التاريخ إذ نجد ان الربة عشيرة بقي اسمها في وظيفتها الاجتماعية على الرغم من زوالها كربة فنجد ان عشيرة تشير الى " مصدر البدوي" وانتماءه في حين لم تعد توجد كربة بذاتها. عشيرة كربة نجدها تحت اسماء مثل اللات والعزى.

الجنس في الجنة
الجنة جنس بلا حدود
مع تصاعد المشروع السياسي لانتاج امة كان لابد من انتاج اله قومي لهذه الامة وخلق ذاتها المستقلة، ومحمد اختار اكبر الالهة ليكون الاله الرئيسي والوحيد. غير ان هذا الاله ليس فقط كان ذكرا لايقبل المنافسة بل وكان يشعر بالغضب والاهانة من وصفه بالانوثة او حتى منح ملائكته اسماء انثوية لقد اعلن حربا شاملة وضروسة على الانوثة في مملكته وعلى الارض. على الرغم من ان الله كان الاله الاكبر للوثنيين العرب الا انه ، في الدين الجديد، اصبح على نمط يهوة يتنجس من النساء ويعتبر الحب والجنس وكل مايتعلق بهما، شيئا غير طاهرا ومدنساً، ويضع الذكورة ( التي ينتمي اليها) اعلى من الانوثة التي احتقرها. ذلك خضوعا لعلو شأن الرجل في المجتمع البدوي والحضري نسبيا وخضوعا لكون الرجل هو اداة بناء المشروع الجديد، وهو راعيه. ومع سقوط مركز المرأة ورمزيتها ومكانتها وتحويل الحب والعشق والجنس الى دناسة لم ينسى الاسلام تحويل المشاعر الجنسية والعاطفية الملعونة والمحرمة الى جائزة مباحة بدون حواجز في الحياة الاخرة وللذكر وحده.

الربة الام ايسيس
isis
الربة ايسيس ترضع
ابنها هوروس
ربة عند المصريين القدماء في الفترة مابين 3100-600 قبل الميلاد. ترمز للامومة والسحر والخصب. كانت احدى اكثر الارباب شعبية واطلق عليها "ملكة السماء" و "ام جميع الارباب". غير ان صفاتها كزوجة وام هم الاشهر ويجري تصويرها على شكل ام وعلى ركبتيها يجلس ابنها الصغير هوروس ورأسه قرب نهديها متهيـأ للرضاعة.
كانت ايزيس متزوجة من اخوها الملك اوزيريس والذي قتله اخوه سيث بسبب الغيرة، ليذكرنا بقصة الصراع بين هابيل وقابيل على القرب من اختهم. في بعض الروايات تقوم ايزيس بجمع قطع جسم زوجها وتنفخ الروح فيهم لمدة تكفي لتصبح حامل منه وتنجب طفلهم هوروس الذي يقوم بالانتقام لقتل ابيه. اوزيريس يصبح رب العالم السفلي.

الربة آنانا، ايشتار، استار
في حضارة السومريين والبابليين والاشوريين كانت توجد هناك الربة العظيمة ولكن بإسماء مختلفة حسب العهود. كانت هذه الربة القوية ربة الحرب والخصب وتتميز برغبات جنسية قوية تتوافق مع حاجات شعبها للتكاثر السريع لتلبية حاجات الحروب والدفاع وتحديات الزراعة الذي عاصروه. الربة المبكرة إنانا كان يجري ربطها بالاباحة الجنسية. وشعوب حوض الرافدين كانوا مولعين بالربة انانا بشكل مميز، فهي الاكثر حبا وعبادة ومعابدها الاكثر انتشارا وهي المذكورة في قصة جلجامش الذي كان ملكا على اوروك ونصف إله. جلجامش اغاظ إنانا عندما رفض تقربها اليه فأرسلت اليه " ثور السماء" ليصرعه.
الاكديين في بابل كانوا يعبدون ايشتار التي حققوا تحت ظلها احدى اكبر الامبراطوريات في عصرهم. في حين ان استار جاءت بعدها وبقيت عبادتها نشيطة حتى ظهور اليهودية. نرى ان التوراة كان يحذر من خطر ايستار والعديد من كهنة اليهود وملوكها كانوا يلاحقون تماثيلها لتحطيمهم.

الربة عشيرة
الربة عشيرة جرى تعظيمها في حضارة الحثيين والاشوريين والبابليين، من الفترة 1400 الى 500 قبل الميلاد. كانت ترمز للامومة والخصب. التوراة يذكر لنا نضال كهنة اسرائيل وملوكهم صراعهم الشديد من اجل ازالة ذكر عشيرة من ذاكرة الشعب اليهودي والتي جرى الدعاء لها تحت مختلف الاسماء. بالمقارنة مع بقية الالهة توجد لدينا صور قليلة لعشيرة ولكن العديد من التماثيل تصور لنا جزءها العلوي وهي عارية الصدريين واثدائها منتفخة وبارزة للامام، لربما كرمز للخصب والولادة والحياة والامومة ولربما رمز للاثارة والجنس او كلاهما. ايضا كانت صورها محفورة على الاشجار ويتوجه اليها بالدعاء على طول الطريق. مع الزمن تغير مفهوم الكلمة ليصبح " المصدر الاثني" او الرحم الجماعي. في رأس شمرا توجد نصوص تطلق عليها اسم " ام جميع الارباب" و " شريكة الرب إلا الاكبر". حسب بعض المصادر كانت ايضا زوجة يهوة.

اورم غو دينان
Ormgudinnan
Ormgudinnan
Ormgudinnan ربة من حضارة المينوير Minoer في جزيرة كريتا قبل قدوم الاغريق اليها، في الفترة مابين 3100 الى 1100 قبل الميلاد. من صورتها نرى صدرها العاري يبرز منه ثديين قويين وايديها مرفوعة الى الاعلى وهي تحمل حية لتسمى ربة الثعابين. لانعلم الكثير عن هذه الربة، وعن حضارتها بأسرها، غير ان صورتها تشبه صورة بقية ربات الخصب. كما ان الحية بيدها تتوافق مع صورة ربة المعرفة في المعتقدات البابلية والسومرية، وهي الحية ذاتها التي اصبحت في المعتقدات الابراهيمية بالشيطان الذي اغوى آدم وحواء من الجنة. يلاحظ انها تشبه الربة المصرية wadjet وادجيت إذ ان شعب كريتا مكانت له علاقات تجارية واسعة مع المصريين، وكانت لديهم ثقافة مشابهة، حيث النساء لعبت دورا كبيرا في ديانة المينوير، حيث نرى الكاهنات ترقص وتعبد في الكثير من الجداريات في كريتا.

الاغريق
Ephrodite
افروديت، ربة بني الاصفر
في حضارة الاغريق ومن ثم الرومان في الفترة مابين 800 قبل الميلاد الى 400 ميلادي كانت تعبد ربات ترمز الى كل شئ مابين الارض والسماء. مباراة على الجمال بين افروديت وهيرا واثينا اطلقت الحرب الثلاثية التي وصفها لنا هوميروس في الالياذة. اثينا كانت ربة الحكمة والحرب والفن وافروديت كانت ربة الجمال والحب والخصب في حين ان هيرا ربة الزواج. كانت هناك العديد من الربات الاخريات اللواتي بين الفينة والاخرى يتتدخلون في شؤون الناس.

الربات الاغريقيات عاشوا فترة اطول من ربات منطقة التوراة وعندما جاء الرومان اقتبسوا آلهة الاغريق وبقيت معهم حتى تغير امبراطورهم الى العقيدة المسيحية وفرض الدين الجديد دينا للدولة عام 391 ميلادي. غير ان سلطة الربات الاغريقيات ومركزهن لم تكن تتناسب مع سلطة النساء في المجتمع ومركزهن إذ ان الاغريقيات كن اقل مركزا اجتماعيا من الرجال وكن يفتقدن للحق في التصويت في الديمقراطية الاغريقية.

الربات الهندوس
لازالت الربات تحيا وتعظم في بعض المناطق حتى اليوم، مثل الهند. في الديانة الهندوسية توجد الكثير من الربات واهمهن زوجة شيفا الربة بارفاتي و ربة الحرب الربة دورغا والربة كالي التي تطار الخوف وفي يدها رأس انسان. كالي ودورغا ينتصرات على مجموعة كبيرة من العفاريت والجن. عند معابد كالي يجري ذبح الاضاحي من العنز، ولكن يقال انه في السابق كانت تقدم الاضاحي من البشر. وتوجد ايضا ربات الافاعي وربات للولادة وربات وجميع متطلبات الوجود اليومي، عند تقديم الاضاحي للربة، يطمع المرء في الحصول على المساعدة المطلوبة.

الهنود الحمر


اللاهوتيين النسوين (*) : لاتعني بالضرورة النساء فقط وانما يمكن ان تتضمن رجال ممن يدافعوا عن حقوق النساء ويطالبوا بمساواتهن بالرجل ومنع الفصل والتخصيص والتمييز على اساس الجنس



#طريف_سردست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموديل الهلوغرامي: التخاطر ومعرفة الماضي والمستقبل
- الموديل الهلوجرامي: الوعي وتزامن الاحداث
- الموديل الهلوجرامي: الوعي واللاوعي
- الموديل الهلوجرامي للكون - الدماغ الهلوجرامي
- الموديل الهلوجرامي للكون - فيزياء الوهم
- حقيقة الكوارث العشرة وخروج شعب اسرائيل
- هل اسس القرآن لدونية ووضاعة الانثى في العقل الاسلامي؟
- هل يؤثر اللعان الالهي المقدس على سلوك واخلاق المسلمين؟
- التكليف بالعقل، فهل يخاطب الله العقل المعرفي؟
- شهادة ان لا إله الا الله، هل هي شهادة زور؟
- من اجل اجتثاث الاحزاب الطائفية
- حواء من الرببوية في الوثنية الى الاستلاب في الاديان 3
- حواء من الرببوية في الوثنية الى الاستلاب في الاديان الابراهي ...
- كردستان موقع نشوء الزراعة الاولى 2
- كردستان موقع نشوء الزراعة الاولى
- اسباب نشوء الالهة في الحضارة السومرية
- ماهو المقدس في القرآن؟
- التحالف بين السحرة والشيطان
- العقل البشري يسعى للايمان
- لماذا نسعى للايمان بالخرافات والاديان، من وجهة نظر بيلوجيا ا ...


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طريف سردست - الربات التي انتصر عليهن الله