أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نارت اسماعيل - هذا ما جنيناه من الحكم الوراثي














المزيد.....

هذا ما جنيناه من الحكم الوراثي


نارت اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 3489 - 2011 / 9 / 17 - 13:43
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


أجمل ما في الحياة، الوطن والمرأة.
كم من المعاني الرائعة مختزنة فيهما، كم من الصور الجميلة مرتبطة بهما، وكم من القواسم المشتركة تجمعهما.
الوطن، بجباله ومياهه ودروبه وحاراته، بملاعب الطفولة وذكريات مغامرات الشباب الأولى
المرأة، إلهة الجمال والخصب، رمز العطاء والحب
كم من الأشعار والألحان والرسمات صنعت من أجل الوطن والمرأة؟
لا أحد نازع الوطن على قلب الرجل مثل المرأة، ولا شيء انتصرعلى المرأة في الأوقات الصعبة إلا الوطن.

حاكم فاسد يسرق الوطن، يسرق جباله وأنهاره، يسرق أشجاره وثماره. يمنع الناس من الحلم، يحرمهم من الأمل
نفس الحاكم الفاسد يدمّر المرأة، يحرق قلبها بإبنها، فلذة كبدها، بأبيها، بزوجها معيلها الوحيد، تصبحة لا شيء مثل الحطبة
بدلآ أن تكون عزيزة مكرّمة شامخة، يجعلها منكوبة كسيرة الفؤاد محطمة
ماذا يبقى في حياتنا إذا سرق الحاكم الوطن وأذلّ نساء الوطن؟
لا عاشت سوريا يومآ إن غفرت لهذا الحاكم الجائر
بدلآ أن نستمتع ببلدنا، بجباله وشواطئه ومناظره الجميلة
بدلآ أن يخرج الشباب والشابات برحلات مدرسية وجامعية وينطلقوا فرحين في ربوع وطنهم
بدلآ أن يركض الأولاد في الشوارع والساحات يلعبون فرحين ويجرون وراء طابة أو لعبة
يلاحقهم المجرمون، يمنعوهم أن ينشدوا نشيدآ للوطن، يطلقون الرصاص على من يلوح بعلم الوطن، يصادرون أحلامهم، يكتمون أنفاسهم
يجبرونهم على الخروج في مسيرات إجبارية ليمجدوا بالحاكم ويركعوا لصورته.

ما يجري في سوريا هذه الأيام لطخة على جبين الإنسانية، قتل بدم بارد، تعذيب وحشي ممنهج، إمتهان لكرامة الإنسان.
هؤلاء الوحوش يتعاملون مع المعتقل وكأنه كيس طحين، يركلونه بجزمهم، يضربونه بقبضات أيديهم، بأكعاب بنادقهم، بالعصي، بخشبات مسمّرة
لا يهمهم أين تقع ضرباتهم، على العين فيفقؤونها، على الرأس فيفقد إلى الأبد إحدى حواسه أو يصاب بالشلل، على فمه فيحطمون أسنانه.
أحد الوحوش يدخّن سيجارة وينفض رمادها على لسان المعتقل، شاب يقبضون عليه، مازال يافعآ نابضآ بالحياة، قميصه نظيف مكوي، بنطاله أنيق وتسريحته جميلة وشعره مصفف، يخرج بعد شهر من المعتقل جثة مشوهة منتفخة مليئة بالكدمات والكسور والطعنات
كان المتوحشون يتدربون على كيس طحين!!
أم تغسل إبنها الشهيد، وحيدها، وثقب كبير في بطنه من أثر رصاصة عملاقة كانت تكفي لإسقاط طائرة
الطقس حار والكهرباء مقطوعة والثلاجة لاتعمل، يجب الاسراع بدفن الشاب قبل أن تتفسخ جثته، لا وقت للبكاء، المجرمون في الشارع يطاردون الجنازة، يطلقون النار على الجثمان ويقتلونه مرتين
لا تجد الأم وقتآ لكي تودع إبنها، لا تجد الزوجة الشابة الوقت لكي تودع زوجها، رفيق دربها، يجب الاسراع قبل أن تتفسخ الجثة.

عندما يقتل مجرم أربعة أو خمسة أشخاص يسمونه قاتلآ متسلسلآ، ويقبضون عليه ويجرون عليه الإختبارات النفسية لمعرفة الخلل النفسي الذي يعاني منه.
ماذا نسمي حاكمآ يقتل خمسين من أبناء وطنه في أيام ابتهاجه، ويقتل مئة وأكثر في أيام إكتآبه واسوداد مزاجه؟
هذا ما جنيناه من الحكم الوراثي، هذا ما جنيناه من حافظ الأسد وما جنينا على أحد.
الحكم الوراثي مثل اليانصيب، فرصتك بالحصول على حاكم وراثي محترم مثل فرصتك بالفوز بالجائزة الكبرى باليانصيب.
من الواضح أننا في سوريا لم نحصل على الجائزة الكبرى، ولا حتى على أية جائزة فرعية أو جائزة ترضية.
حصلنا على أكفان بيضاء وشواهد قبور، لم يبق في وطني شبر إلا وفيه شاهد قبر لشهيد أو شهيدة من خيرة أبناء الوطن.
صار الناس يعودون من جنازة ليلتحقوا بجنازة أخرى، صاروا ينتقلون من عزاء إلى عزاء، من قبر إلى قبر.

لم تتجلى يومآ ثنائيات بهذا الشكل الصارخ مثل هذه الثنائيات التي نراها اليوم ما بين الحاكم وشعبه.
علموه الوطنية وهو الخائن الذي يستمد الدعم من الخارج من إيران وحزب الله وروسيا.
علموه الشجاعة وهو الجبان الذي يهرب من المعارك الحقيقية مع العدو الحقيقي ويوجه دباباته ومدافعه لقتل أناس عزل لا يحملون إلا علم وطنهم.
علموه الإنسانية وهو المتوحش الهمجي الذي لا يوفر طفلآ صغيرآ ولا شيخآ طاعنآ في السن ولا إمرأة، يجهز على الجرحى في المستشفيات، يعذب المعتقلين حتى الموت، يحرق المستشفيات التي تستقبل الجرحى ويطارد الأطباء الشرفاء الذين يقدمون العلاج للمصابين.
ولكني متفائل بأنه كلما زاد الألم وكلما كبرت المأساة، كبرت سوريا الجديدة، وكلما كبرت التضحية، كبر الحلم وكبر المرتجى.
سيكون هذا آخر حاكم وراثي فاسد يحكم سوريا.



#نارت_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أراغون ومحور الشر
- مزّقي ياابنة الشام الحجابا
- نريد سورية حديقة أزهار
- الجمهورية السورية
- قلق ما بعد الثورة
- كيف يكره إنسان شعبه؟
- شكرآ لكم أيها الحكام المجرمون
- مغالطات الدكتورة وفاء سلطان
- غرسة الوطن
- الطيبات للطيبين في زمن الثورة السورية
- أضواء على خطاب الرئيس السوري
- دكتور أم دكتاتور؟
- فرقة البرلمان السوري للفنون الاستعراضية
- رد على مقال السيد نضال نعيسة
- نريد أن يعود اسم بلدنا سورية
- لن يشفي غليلي إلا سقوط شيوخ الجهل
- زينغا  زينغا
- رأي في الثورات العربية  الحالية
- صارت عندنا صفحات بيضاء
- أنا واقف فوق الأهرام وقدامي بساتين الشام


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نارت اسماعيل - هذا ما جنيناه من الحكم الوراثي