أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نارت اسماعيل - صارت عندنا صفحات بيضاء














المزيد.....

صارت عندنا صفحات بيضاء


نارت اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 3283 - 2011 / 2 / 20 - 22:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


هل الوطن هو الإنسان أم هو النهر والأرض والبيت العتيق?
هذا السؤال طرحه الصديق الحكيم البابلي عندما أرسل رسالة لمجموعة من الأصدقاء وأنا منهم وكانت الرسالة تحتوي على مقطع فيديو يظهر مشاهد من مسيرة مليونية لزيارة الأضرحة في النجف، مشاهد تجعلك تصاب باليأس والاحباط لما وصل إليه الإنسان العربي من تخلف وتعلق بقشور وشعائر دينية أصبحت مضحكة مبكية بدلآ من الانصراف إلى بناء حقيقي للوطن والمجتمع، كذلك استشهد زميلنا بأبيات للشاعر الكبير جبران خليل جبران:
لا السهل والوديان والجبل - وطني، ولا الأنهار والسبل
كلا، ولا الأطلال، بل وطني - الناس، وما قالوا وما فعلوا

تلك الرسالة أوحت لي في ذلك الوقت بكتابة مقالة كئيبة لم أنشرها في حينها لانشغالي بأمور خاصة، عبرت في تلك المقالة عن تشاؤمي ويأسي لما وصل إليه حالنا، وذكرت فيها أن الوطن لم يعد بالنسبة لي هو الناس والذين فقدت الأمل فيهم ولكن الوطن صار بالنسبة لي هو النهر والحجر والحارة القديمة فأنا عندما أذهب إلى وطني أحرص على زيارة أحياء دمشق القديمة ، ومشواري المفضل هو ذلك الطريق الضيق الذي يصل مقهى النوفرة خلف المسجد الأموي بباب توما، ومتعتي هي بمراقبة وجوه الناس وكذلك بقرائة الأسماء على أبواب البيوت وكيف تتحول تدريجيآ من أسماء اسلامية قرب المسجد الأموي إلى أسماء مسيحية كلما اقتربنا من باب توما
مشواري الآخر المفضل هو زيارة الجولان مسقط رأسي لأستمتع بالمناظر الخلابة خاصة تلك الصخور الجولانية المميزة والتي تنمو عليها الطحالب فتمنحها أشكالآ وألوانآ مميزة ورائعة، وكذلك الاستمتاع باللوحات البديعة التي تشكلها تجمعات المياه بعد هطول المطر، ومتعتي الكبيرة هي بقطف بعض الأعشاب البرية مثل الرشاد والحميض والخبيزة، وفي الصيف قطف ثمار التين البري عسلية المذاق
ما زالت تلك الصخور والأشجار معطاءة وهي تعطي ثمرها وتمنح ظلها لأي إنسان ولا تسأله عن دينه أو مذهبه، أما الناس فقد تغيروا وصرت غريبآ عنهم وصاروا غرباء عني ولم يعودوا يرحبوا بي مثلما ترحب بي تلك الصخور والأشجار ولوعرف هؤلاء الناس أفكاري وأحلامي لبصقوا علي
كتبت أيضآ في تلك المقالة عن هجرتي إلى خارج الوطن بحثآ عن وطن حقيقي، وطن يشعرني بقيمتي الانسانية ويعيد لي كرامتي المسلوبة
كم أنا سعيد لأنني لم أنشر تلك المقالة، أين كنت سأخفي وجهي لو نشرتها في حينها? فالأحداث التي هزت منطقتنا العربية قلبت كل الموازين، أعادت الثقة بالإنسان العربي وأثبتت أنه لم يمت بل كان ينتظر بصبر اللحظة المناسبة لينتفض مثل المارد بوجه حكامه الظالمين
نعم الوطن هو الناس وصدق جبران، أما أنا فقد كنت مخدوعآ متسرعآ قصير النظر
كم هو رائع أن ترى ثورة هؤلاء الشباب والشابات، كل سلاحهم هاتف محمول وفيس بوك وحناجر، لم يحملوا سيوفآ ولا خناجر
كم هو رائع أن تراهم يحملون أعلام وطنهم وشعارات تنادي بالحرية والكرامة ومحاربة الفساد وليس شعارات مستوردة من سكان الكهوف والمغاور ولا شعارات شيوخ الجهل
ما أجمل هؤلاء الشباب الذين هبوا في ساحة الحريقة بدمشق ليغيثوا رجلآ أهانه شرطي حتى اضطر وزير الداخلية أن يأتي بنفسه مسرعآ لاحتواء الموقف وتهدئة الناس وتنفيذ رغباتهم ومعاقبة الشرطي المسيء
انظروا إلى الهتافات التي كان هؤلاء الرجال يرددونها ( حرامية، حرامية ) و ( الشعب السوري ما بينذل ) لكي ندرك مدى وعي هؤلاء الرجال ومدى جاهزيتهم لاسترداد حقوقهم، لقد كانوا يشيرون بكل وضوح وشجاعة إلى الفساد المستشري وسرقة أموال الشعب وكذلك يشيرون إلى عزة نفسهم وشعورهم بكرامتهم واستعدادهم للدفاع عنها وعدم تحملهم بعد اليوم لهذا الوضع المخزي الذي يعيشون فيه
عاد زمن الثورات الرائعة وهذه المرة ليست ثورات على مستعمر أجنبي بل ثورات على مستعمر داخلي، وبعدها ستأتي مرحلة تنظيف البيت الداخلي ، سيرمي هؤلاء الشباب الرائعون بكل المشعوذين من شيوخ ودعاة جهل في القمامة هم وجلابيبهم ونقابهم الغبي وبقية مهازلهم لأنهم صاروا أحرارآ والإنسان الحر فقط وليس الإنسان المستعبد هو من يهتم بتنظيف بيته
سيكتب التاريخ عن هذه الثورات الرائعة
لم تعد كل صفحات تاريخنا سوداء، صارت عندنا نحن أيضآ صفحات بيضاء



#نارت_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا واقف فوق الأهرام وقدامي بساتين الشام
- نريد رئيسنا القادم سيدة
- من ذا يطالب حاكمآ بعبده?
- الوطن الذي يسأل أبناءه رأيهم
- نادر قريط ووفاء سلطان، مشروعان متكاملان
- دعوة لتغيير كلمات العزاء
- بين زمنين
- أي الحدود أهم؟ حدود الوطن أم حدود الله؟
- أخبار سارّة من بلدي
- الطائر الحر
- أغاني وذكريات
- هل مازال الدين أفيون الشعب؟
- رد على مقالة الكاتب سعيد مضيه (لمن تقرع أجراس الليبراليين ال ...
- ترقية فتاة قبيسيّة
- العبور إلى الضفة الأخرى
- نعم، إنهم مزعجون
- مأساة تهجير الشراكس
- إصلاح القلوب أم إصلاح الجيوب؟
- جمهوريات الفيس بوك
- لا نعبد ما تعبدون


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نارت اسماعيل - صارت عندنا صفحات بيضاء