أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - واثق غازي عبدالنبي - أبناء مدينتي .. كيف يعملون؟ وكيف يحبون؟ وكيف يموتون؟














المزيد.....

أبناء مدينتي .. كيف يعملون؟ وكيف يحبون؟ وكيف يموتون؟


واثق غازي عبدالنبي

الحوار المتمدن-العدد: 3484 - 2011 / 9 / 12 - 10:11
المحور: كتابات ساخرة
    


في روايته (الطاعون) كتب البير كامو قائلاً: (لعل من أسهل الطرق التي يتعرف بها المرء على مدينة ما هي أن يبحث: كيف يعمل الناس فيها؟ وكيف يحبون؟ وكيف يموتون؟). ولقد حاولت أن أكتشف مدينتي وفقاً لهذه المقولة، لكني حقيقة أصبت بالذعر. فأبناء مدينتي لا يعملون إنهم يسخرون ويضحكون ويتحايلون. أبناء مدينتي لا يحبون لأنهم يخافون. أبناء مدينتي لا يموتون لأنهم موتى بالأساس. لست متشائماً، ولا أريد أن أبث فيكم اليأس، ولكن هذه هي صورة أبناء مدينتي. على الأقل هذه هي مدينتي في نظري.

أبناء مدينتي يستنكفون من العمل، ويرونه عيباً. هم لا يصرحون بذلك، ولكنهم به يشعرون. ويمكنك أنت أيضاً أن تشعر به إذا زرت مدينتي. إنهم يريدون أن يكسبوا المال دون أن يعملوا؟ فماذا يفعلون؟ ابتكروا حيلة بارعة وهي أن يتحايلوا، ولكن على من؟ على أنفسهم أولاً وعلى صاحب العمل ثانياً. أبناء مدينتي إذا عملوا فإنهم يعملون بما لا يفيد الآخرين، لأن منفعة الآخرين نوع من الجبن والتخاذل. ولكن أبناء مدينتي يتكلمون، إنهم يبحون الكلام. خصوصاً في التاريخ. أبناء مدينتي كلهم موظفون. وهم لا يزرعون، فطعامهم من عند أعدائهم كما يقولون. أبناء مدينتي يأكلون النفط. لا تتعجبوا فجميعهم يرفعون شعار (النفط مقابل الغذاء). أبناء مدينتي لا يصنعون لكنهم يستهلكون. أبناء مدينتي متدينون، وأغلبهم مسلمون، ويحبون القرآن، يختمونه على الأقل في كل شهر رمضان. أبناء مدينتي يحفظون أن (اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى)، لكنهم دائماً يمدون أيديهم ليأخذوا، لتكون أيديهم هي السفلى وأيدي الآخرين هي العليا. أبناء مدينتي جياع لولا النفط.

أبناء مدينتي لا يحبون. إنهم يحتقرون ويكرهون. المواطنون يكرهون الحكام. الحكام يحتقرون الشعوب. المثقفون يستهزئون بالبسطاء. الأغنياء يتحايلون على الفقراء. الرجال يضحكون على النساء. والنساء يعتقدن أنهن الضاحكات. عجيب أمر مدينتي في الحب. الحب في مدينتي أما خداع أو خداع.

أبناء مدينتي موتى فهم لا يموتون. أبناء مدينتي قبور تمشي على الأرض. أبناء مدينتي يعيشون في التاريخ. ويحلمون بمذابح التاريخ. ويموتون، رغم أنهم موتى، مع موتى الفتوحات في التاريخ. أبناء مدينتي يخاطبون موتاهم بالقول: (ياليتنا كنا معكم)، فهل تتصورون؟. لذلك، فابناء مدينتي موتى، لكنهم يتنفسون. أما ما نسمعه من قتل مئتي شخص في حادث تفجير بالعراق، أو غرق العشرات في عبارة مصرية في خليج العقبة، أو احتراق الناس في حفل زفاف في الخليج، أو غير ذلك الكثير، فهو يا سيدي، أمر طبيعي، في نظر المسؤولين على الأقل.

هذه هي اوضاع مدينتي. هكذا يعملون. هكذا يحبون. وهكذا يموتون. هل عرفت مدينتي الآن يامن كتبتَ رواية (الطاعون).



#واثق_غازي_عبدالنبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث كُتب للشباب
- كُتب الدين الفايروسية
- مهزلة الفتاوى الجنسية
- الصراع بين الدين والعلم في أمريكا
- قصة المفهوم المعاصر لكلمة (حجاب)
- الحياة هي الوجدان
- الحاضر مفتاح الماضي
- المحتكرون
- الله لا يحب العبيد
- كُلنا نتبرك بروث البقر
- ديني أم دين آبائي؟
- احذروا من تدين الأبناء
- المبدعون مصيرهم جهنم
- عقدة الزواج الطائفي
- مأساة الثقة العمياء
- جرائم جيش الله المسيحي
- جرائم عقيدة المخلص
- توليستوي والمسيحية
- حزام الكتاب المقدس .. ثلاث حكايات عن أحتكار الحقيقة في أمريك ...
- نقد فكرة المقدس


المزيد.....




- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...
- بمناسبة أربعينيّته.. “صوت الشعب” تستذكر سيرة الفنان الراحل أ ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - واثق غازي عبدالنبي - أبناء مدينتي .. كيف يعملون؟ وكيف يحبون؟ وكيف يموتون؟